الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حتى نزلوا بمكان يقال له «الزرقاء» ليلاً فأطاف بهم الأسد تلك الليلة، فجعل عتيبة يقول: وَيْلُ أمي، هذا - والله - آكلي كما قال محمد، قاتلي ابن أبي كبشة، وهو بمكة وأنا بالشام. فلقد غدا عليه الأسد من بين القوم، فضغمه ضغمة فقتله. قال زهير بن العلاء: فحدَّثنا هشام بن عروة عن أبيه: أن الأسد لمَّا أطاف بهم تلك الليلة إنصرف، فناموا، وجُعل عتيبة وسطهم. فأقبل السبع يتخطّاهم حتى أخذ برأس عتيبة ففدغه، وخَلَف عثمانُ بن عفان بعد رقية على أم كلثوم رضي الله عنهما: قال الهيثمي: وفيه زهير بن العلاء وهو ضعيف.
إيذاء النبي صلى الله عليه وسلم من جارَيه: أبي لهب، وعقبة بن أبي معيط
وأخرج الطبراني في الأوسط عن ربيعة بن عُبيد الدِيلي قال: ما أسمعكم تقولون إن قريشاً كانت تنال من رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنِّي أكثر ما رأيت أنَّ منزله كان بين منزل أبي لهب وعُقبة بن أبي مُعَيط؛ وكان ينقلب إلى بيته فيجد الأرحام والدِّماء والأنحات قد نصبت على بابه، فيُنحِّي ذلك بسِيَة قوسه، ويقول:«بئس الجوار هذا يا معشر قريش» قال الهيثمي: وفيه إبراهيم بن علي بن الحسين الرافقي، وهو ضعيف. انتهى.
ما تحمّله عليه السلام من الأذى في الطائف
وأخرج البخاري: عن عروة أن عائشة رضي الله عنها زوجَ النبي صلى الله عليه وسلم
حدَّثته أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم هل أتى عليكَ يوم كان أشدَّ عليك من يوم أحد؟ قال: «لقد لقيت من قومك ما لقيت، وكان أشدّ ما لقيت منهم يوم العَقَبَة، إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كُلال فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلا وأنا بقَرْن الثعالب، فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلَّتني، فنظرت فإذا فيه جبرائيل عليه السلام فناداني فقال: إنَّ الله قد سمع قول قومك لك وما ردُّوا عليك، وقد بعث الله إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم. فناداني ملك الجبال فسلَّم عليَّ ثم قال: يا محمد، فما شئت؟ إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين؟. قال النبي صلى الله عليه وسلم بل أرجو أن يُخرج الله عز وجل من أصلابهم من يعبد الله عز وجل وحده لا يشرك به شيئاً» . وأخرجه أيضاً مسلم، والنسائي.
وذكر موسى بن عقبة في المغازي عن ابن شهاب: أنّه صلى الله عليه وسلم لمّا مات أبو طالب توجه إلى الطائف رجاء أن يؤووه، فعمد إلى ثلاثة نفر من ثقيف وهم سادتهم، وهم إِخوة: عبد ياليل، وحبيب، ومسعود بنو عمرو؛ فعرض عليهم نفسه، وشكا إليهم ما انتهَكَ منه قومه فردُّوا عليه أقبح ردَ. وكذا ذكره ابن إسحاق بغير إِسناد مطوَّلاً. كذا في فتح الباري.
وأخرج أبو نُعَيم في دلائل النبوة (ص 103) : عن عروة بن الزبير رضي الله عنهما قال: ومات أبو طالب، وازداد من البلاء على رسول الله صلى الله عليه وسلم شدة، فعمد إلى
ثقيف يرجو أن يؤووه وينصروه، فوجد ثلاثة نفر منهم سادة ثقيف وهم إخوة: عبد ياليل بن عمرو، وخبيب بن عمرو، ومسعود بن عمرو. فعرض عليهم نفسه، وشكا إِليهم البلاء وما انتهك قومه منه. فقال أحدهم: أنا أسرق ثياب الكعبة إن كان الله بعثك بشيء قط. وقال الآخر: والله، لا أكلمك بعد مجلسك هذا كلمة واحدة أبداً، لئن كنت رسولاً لأنت أعظم شرفاً وحقاً من أن أكلمك. وقال الآخر: أعَجَزَ الله أن يرسل غيرك؟ وأفشَوا ذلك في ثقيف - الذي قال لهم - واجتمعوا يستهزئون برسول الله صلى الله عليه وسلم وقعدوا له صفَين على طريقه، فأخذوا بأيديهم الحجارة، فجعل لا يرفع رجله ولا يضعها إلا رضخوها بالحجارة، وهم في ذلك يستهزئون ويسخرون. فلما خلص من صفَّيْهم وقدماه تسيلان الداء عمد إلى حائط من كرومه، فأتى ظلَّ حُبْلة من الكرم فجلس في أصلها مكروباً موجعاً تسيل قدماه الدماء، فإذا في الكرم عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة، فلما أبصرهما كره أن يأتيهما لما يعلم من عداوتهم الله ولرسوله وبه الذي به، فأرسلا إليه غلامهما عدَّاساً بعنب - وهو نصارني من أهل نِينَوى - فلمَّا أتاه وضع العنب بين يديه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «بسم الله» ، فعجب عدّاس، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم «من أي أرض أنت يا عدّاس؟» قال: أنا من أهل نِينَوى. فقال النبي صلى الله عليه وسلم «من أهل مدينة الرجل الصالح يونس بن متَّى؟» فقال له عدّاس: وما يدريك مَنْ يونس بن متَّى؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم من شأن يونس ما عرف، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحقر أحداً، يبلِّغه رسالات الله تعالى. قال: يا رسول الله، أخبرني خبر يونس بن متَّى. فلمَّا أخبره
رسول الله صلى الله عليه وسلم من شأن يونس بن متى ما أُوحي إليه من شأنه خرّ ساجداً للرسول صلى الله عليه وسلم ثم جعل يقبِّل قدميه وهما تسيلان الدماء. فلما أبصر عتبة وأخوه شيبة ما فعل غلامهما سكتا. فلما أتاهما قالا له: ما شأنك سجدت لمحمد وقبّلت قدميه ولم نرك