الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما تحمَّله عليه السلام من الأذى بعد موت عمه
وأخرج البيهقي عن عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما قال: لمَّا مات أبو طالب عرض لرسول الله صلى الله عليه وسلم سفيه من سفهاء قريش فألقى عليه تراباً، فرجع إلى بيته فأتت إمرأة من بناته تمسح عن وجهه التراب وتبكي، فجعل يقول:«أي بنية، لا تبكي، فإن الله مانعٌ أباك» ويقول ما بين ذلك: «ما نالت قريش شيئاً أكرهه حتى مات أبو طالب، ثم شرعوا» . كذا في البداية. وأخرج أبو نعيم في الحلية: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال: لما مات أبو طالب تجهَّموا بالنبي صلى الله عليه وسلم فقال: «ي عمّ، أسرع ما وجدت فقدك» .
ما لقيه عليه السلام من الأذى من قريش ما أجابهم به
وأخرج الطبراني عن الحارث بن الحارث قال: قلت لأبي: ما هذه الجماعة؟ قال: هؤلاء القوم الذين اجتمعوا على صابىء لهم. قال: فنزلنا فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو الناس إلى توحيد الله عز وجل والإِيمان، وهم يردُّون عيه ويؤذونه، حتى انتصف النهار وانصدع الناس عنه، أقبلت إمرأة قد بدا نحرها تحمل قَدَحاً ومِنديلاً، فتناوله منها فشرب وتوضأ ثم رفع رأسه فقال:«يا بنية، خِّمري عليك نحرك، ولا تخافي على أبيك» . قلنا من هذه؟ قالوا: هذه زينب إبنتُه. قال الهيثمي: رجله ثقات،
وعنده أيضاً عن مَنبِت الأزدي قل: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجاهلية وهو يقول: «يا أيها الناس، قولوا لا إله إلا الله تفلحوا» فمنهم من تفل في وجهه، ومنهم من حثا عليه التراث، ومنهم من سبَّه، حتى انتصف النهار، فأقبلت جارية بِعُسّ من ماء، فغسل وجهه ويديه وقال:«يا بنية، لا تخشيَ على أبيك غِيلَة، ولا ذلّة» . فقلت: من هذه؟ قالوا: زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي جارية وضيئة. قال الهيثمي: وفيه مَنبِت بن مُدْرك، ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات.
وأخرج البخاري عن عروة رضي الله عنه قال: سألت ابن العاص رضي الله عنه فقلت: أخرني بأشدِّ شيء صنعه المشركون برسول الله صلى الله عليه وسلم قال: بينما النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في حِجْر الكعبة؛ إذ أقبل عليه عقبة بن أبي مُعَيط فوضع ثوبه على
عنقه خنقه خنقاً شديداً، فأقبل أبو بكر رضي الله عنه حتى أخذ بمنكبه ودفعه عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال:{فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنتَ وَمَن مَّعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ للَّهِ الَّذِى نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} (المؤمنون: 28) . الآية؛ كذا في البداية.
وعند ابن أبي شَيْبة عن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: ما رأيت قريشاً أرادوا قتل النبي صلى الله عليه وسلم إلا يوماً ائتمروا به وهم جلوس في ظل الكعبة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلِّي عند المقام، فقام إليه عقبة بن أبي مُعَط، فجعل رداءه في عنقه ثم جذبه حتى وجب لركبتيه ساقطاً، وتصايح الناس، فظنوا أنه مقتول. فأقبل أبو بكر رضي الله عنه يشتد حتى أخذ بِضَبُعَي رسول الله صلى الله عليه وسلم من ورائه ويقول:«أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله؟» ثم انصرفوا عن النبي صلى الله عليه وسلم فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلّى فلما قضى صلاته مرَّ بهم - وهم جلوس في ظلِّ الكعبة - فقال: يا معشر قريش، أما والذي نفس محمد بيده، ما أرسلت إليك إلا بالذبح» وأشار بيده إلى حَلْقه. فقال له أبو جهل: ما كنت جهولاً. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم «أنت منهم» - كذا في كنز العمال. وأخرجه أيضاً أبو يَعْلى والطبراني بنحوه، قال الهيثمي: وفيه محمد بن عمرو بن علقمة، وحديثه حسن، وبقية رجال الطبراني رجال الصحيح. انتهى. وأخرجه أيضاً أبو نُعيم في دلائل النبوة (ص 67) .
وأخرج أحمد عن عروة بن الزبير عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قلت له: ما أكثرَ ما رأيتَ قريشاً أصبت من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما كانت تظهر من عداوته؟ قال: حضرتهم - وقد اجتمع أشرافهم في الحِجْر - فقالوا: ما رأينا مثل ما صبرنا عليه من هذا الرجل قط سفّه أحلامنا، وشتم آباءنا، وعاب ديننا، وفرَّق جماعتنا، وسبّ آلهتنا. لقد صبرنا منه على أمر عظيم - أو كما قالوا -. قال: فبينما هم في ذلك إذ طلع عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل يمشي حتى استقبل الركن، ثم مرّ بهم طائفاً بالبيت. فلما مرَّ بهم غمزوه ببعض ما يقول. قال: فعرفت ذلك في وجهه، ثم مضى. فلما مر بهم الثانية غمزوه بمثلها، فعرفت ذلك في وجهه، ثم مضى. فل مرَّ بهم الثالثة فغمزوه بمثلها، فقال:«أتسمعون يا معشر قريش؟ أما والذي نفس محمد بيده، لقد جئتكم بالذَّبح» . فأخذتِ القومَ كلمتُه حتى ما منهم رجل إلا على رأسه طائر واقع، حتى إنَّ أشدهم فيه وضاءة قبل ذلك ليرفؤه بأحسن ما يجد من القول، حتى إنَّه ليقول: إنصرف يا أبا القاسم، إنصرف راشداً. فوالله ما كنت جهولاً. فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم
حتى إذا كان الغد إجتمعوا لي الحِجْر - وأنا معهم - فقال بعضهم لبعض؛ ذكرتم ما بلغ منكم وما بلغكم منه، حتى إذا باداكم بما تكرهون تركتموه؟ فبينما هم في ذلك إذ طلع عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فوثبوا إليه وثبة رجل واحد، فأطافوا به يقولون: أنت الذي تقول كذا وكذا؟ - لما كان
يبلغهم من عيب آلهتهم ودينهم - قال فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم «نعم، أنا الذي أقول ذلك» قال: فلقد رأيت رجلاً منهم أخذ بمجمع ردائه، وقام أبو بكر رضي الله عنه دونه يقول وهو يبكي: أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله؟ ثم انصرفوا عنه، فإن ذلك لأشدُّ ما رأيت قريشاً بلغت منه قط. قال الهيثمي: وقد صرَّح ابن إسحاق بالسَّمع، وبقية رجاله رجال الصحيح انتهى.
وأخرجه أيضاً البيهقي عن عروة رضي الله عنه قال: قلت لعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: ما أكثر ما رأيتَ قريشاً - فذكر الحديث بطوله نحوه كما ذكر في البداية.
وأخرج أبو يَعْلى عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما أنهم قالوا لها: ما أشد ما رأيت من المشركين بلغوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: كان المشركون قعدوا في المسجد يتذاكرون رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يقول في آلهتهم، فبينما هم كذلك إِذ أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقاموا إِليه فأجمعهم، فأتى الصريخ إلى أبي بكر رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنه، فقالوا: أدرك صاحبك. فخرج من عندنا وإنَّ له لغدائرَ أربع، وهو يقول: ويلكم/ «أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله وقد جاءك بالبينات من ربكم؟» . فَلَهوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقبلوا على أبي بكر. قالت: فرجع إِلينا أبو بكر فجعل لا يمسُّ شيئاً من غدائره إِلا جاء معه، وهو يقول: تباركتَ يا ذا الجلال والإِكرام. قال الهيثمي وفيه: تَدْروس جدّ أبي
الزبير، ولم أعرفه؛ وبقية رجاله ثقات. انتهى. وذكره ابن عبد البر في الإستيعاب عن ابن عيينة، عن الوليد بن كثير، عن ابن عبدوس، عن أسماء رضي الله عنها فذكره بنحوه، وبهذا الإِسناد أخرجه أبو نعيم في الحِلْية - مختصراً، وفيه: ابن تدروس عن أسماء. وأخرج أبو يعلى عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: لقد ضربوا