الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أنس بمعناه، وفي حديثه: واحتبس على النبي صلى الله عليه وسلم خبرهم، فكان يخرج يتوكف عنهم الخبر. فجاءته إمرأة فأخبرته. قال الهيثمي: وفيه الحسن بن زياد البُرجُمي ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات. انتهى.
هجرة علي بن أبي طالب رضي الله عنه
أخرج ابن سعد عن علي رضي الله عنه قال: لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة في الهجرة أمرني أن أقيم بعده حتى أؤدّي ودائع كانت عنده للناس؛ ولذا كان يسمى الأمين. فأقمت ثلاثاً، فكنت أظهر ما تغيّبتُ يوماً واحداً. ثم خرجت فجعلت أتبع طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قدمت بني عمرو بن عوف ورسول الله صلى الله عليه وسلم مقيم، فنزلت على كُلثوم بن الهِدْم وهنالك منزل رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا في كنز العمال.
هجرة جعفر بن أبي طالب والصحابة رضي الله عنهم إلى الحبشة ثم إلى المدينة إذنه عليه السلام لأصحابه بالهجرة إلى الحبشة وهجرة حاطب وجعفر إليها
أخرج أحمد، والطبراني - ورجاله رجال الصحيح - عن محمد بن حاطب رضي الله عنهما، قال: قالت: «إنِّي رأيت أرضاً ذات نخل فأخرجوا» . قال: فخرج حاطب وجعفر رضي الله عنهما في البحر. قال: فولدت أنا في تلك السفينة. كذا في مجمع الزوائد للهيثمي. وأخرج الطبراني
والبزار عن عُمير بن إسحاق قال: قال جعفر رضي الله عنه: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إئذن لي أن آتي أرضاً أعبد الله فيها لا أخاف أحداً، قال: قال فأذن له فيه، فأتى النجاشي - فذكر الحديث بطوله كما سيأتي. قال الهيثمي: وعمير بن إسحاق وثَّقه ابن حِبّان وغيره، وفيه كلام لا يضرّ، وبقية رجاله رجال الصحيح. انتهى.
إرسال قريش عمرو بن العاص إلى النجاشي ليرد الصحابة إليهم
وأخرج ابن إسحاق عن أُم سَلَمة رضي الله عنها أنها قالت: لما ضاقت مكة، وأُذي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وفُتنوا، ورأَوا ما يُصيبهم من البلاء والفتنة في دينهم، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يستطيع دفع ذلك عنهم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في مَنَعَةٍ من قومه ومن عمِّه لا يصل إليه شيء ممّا يكره ومّا ينال أصحابَه - فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم «إنَّ بأرض الحبشة ملكاً لا يُظلم أحد عنده، فألحقوا ببلاده حتى يجعل الله لكم فرجاً ومخرجاً ممَّا أنتم فيه» فخرجنا إليها أرسالاً حتى اجتمعنا بها، فنزلنا بخير دار إلى خير جار آمنين على ديننا، ولم نخش فيها ظلماً. فلمّا رأت قريش أنّا قد أصبنا داراً وأمناً، غارُوا منا، فاجتمعوا على أن يبعثوا إلى النجاشي فينا ليخرجونا من بلاده وليردّنا عليهم. فبعثوا عمرو بن العاص وعبد الله بن أبي ربيعة، فجمعوا له هدايا ولبطارقته، فلم يدَعُوا منهم رجلاً إلا هيؤوا له هدية على حدة، وقالوا لهما: إدفعوا إلى كل بطريق هديته قبل أن تتكلّموا فيهم، ثم إدفعوا إليه هداياه، فإن استطعتم أن يردّهم عليكم قبل أن تتكلّموا فافعلوا. فقدما إِليه فلم يبقَ بِطْريق من بطارقته إلا قدَّموا إِليه هديته،
فكلَّموه فقالوا له: إنما قدمنا على هذا الملك في سفهائنا، فارقوا أقوامهم في دينهم ولم يدلوا في دينكم. فبعثَنا قومُهم ليردّهم الملك عليهم، فإذا نحن كلمناه فأشيروا عليه بأن يفعل، فقالوا: نفعل. ثم قدّموا إلى النجاشي هداياه، وكان من أحبِّ ما يُهدون إليه من مكة الأدَم. فلما أدخلوا عليه هداياه قالوا له: أيها الملك، إنَّ فتيةً منا سفهاء فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دينك، وجاؤوا بدين مبتدع لا نعرفه، وقد لجؤوا إلى بلادك، وقد بعثَنا إليك فيهم عشائرهُم، آباؤهم وأعمامهم وقومهم لتردّهم عليهم، فإنهم أعلى بهم عيناً، فإنهم لن يدخلوا في دينك فتمنعهم لذلك. فغضب ثم قال: لا،
لعمر
الله، لا أردّهم عليهم حتى أدعوهم، فأكلمهم وأنظُرَ ما أمرُهم؛ قوم لجؤوا إلى بلادي واختاروا جواري على جوار غيري، فإن كانوا كما يقولون رددتم عليه، وإن كانوا على غير ذلك منعتهم، ولم أدخل بينهم وبينهم، ولم أنعم عيناً.
خبر الصحابة مع النجاشي وقوله في الإِسلام
وفي عيسى بن مريم عليهما السلام
فلما دخلوا عليه سلّموا ولم يسجدوا له. فقال: أيها الرهْطُ، ألا تُحدُثُوني ما لكم لا تحيوني كما يحييني من أتانا من قومكم؟ فأخبروني ماذا تقولون في عيسى؟ وما دينكم؟ أنصاري أنتم؟ قالوا؛ لا. قال: أفيهود أنتم؟ قالوا: لا. قال: فعلى دين قومكم؟ قالوا: لا. قال: فما دينكم؟ قالوا: الإِسلام. قال: ما الإِسلام؟ قالوا: نعبد الله، لا نشرك به شيئاً. قال: من جاءكم بهذا؟ قالوا: جاءنا به رجل من أنفسنا، قد عرفنا وجهه ونسبه، بعثه الله إلينا كما بعث الرسل إلى من قبلَنا، فأمرنا بالبر، والصدقة، والوفاء، وأداء الأمانة؛ ونهانا أن نعبد
الأوثان، وأمرنا بعبادة الله وحده لا شريك له، فصدَّقناه، وعرفنا كلام الله، وعلمنا أنَّ الذي جاء به من عند الله. فلما فعلنا ذلك عادانا قومنا وعادوا النبيَّ الصادقَ وكذَّبوه وأرادوا قتله، وأرادونا على عبادة الأوثان، ففررنا إليك بديننا ودمائنا من قومنا. قال: والله، إنَّ هذا لمن المشكاة التي خرج منها أمر موسى. قال جعفر رضي الله عنه: وأما التحية، فإنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرنا أن تحية أهل الجنة: السلام، وأمرَنا بذلك، فحيّيناك بالذي يحيّي بعضنا بعضاً. وأما عيسى بن مريم عليهما السلام: فعبد الله، ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم، وروحٌ منه، وابن العذراء البتول. فأخذ عوداً وقال: والله، ما زاد ابن مريم على هذا وزن هذا العود. فقال عظماء الحبشة: والله، لئن سمعتِ الحبشة لتخلعنّك. فقال: والله، لا أقول في عيسى عليه السلام غير هذا أبداً، وما أطاع الله الناسَ فيَّ حين ردَّ علي
ملكي فأطيع الناس في دين الله معاذ الله من ذلك. كذا في البداية.
وأخرجه أيضاً أحمد عن أُم سلمة - زوج النبي صلى الله عليه وسلم بطوله، وفي حديثه: قالت: ثم أرسل إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاهم. فلما جاءهم رسوله إجتمعوا، فقال بعضهم لبعض: ما تقولون في الرجل إذا جئتموه؟ قالوا: نقول - والله - ما علمنا ما أمرنا به نبينا صلى الله عليه وسلم كائناً في ذلك ما هو كائن. فلما جاؤوه - وقد دعا النجاشي أساقفته فنشروا مصاحفهم حوله - سألهم فقال: ما هذا الدين الذي قد فارقتم فيه قومكم، ولم تدخلوا في ديني ولا في دين أحد من هذه الأمم؟ - قالت: وكان الذي كلّمه جعفر بن أبي طالب قال: أيها الملك، كنّا قوماً أهل جاهليّة، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، ويأكل القويُّ منا الضعيف، فكنَّا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولاً منّا نعرف نسبه، وصدقه، وأمانته، وعفافه. فدعانا إلى الله عز وجل لنوحده، ونعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دون
الله من الحجارة والأوثان. وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصِلَة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء. ونهانا عن الفواحش، وشهادة الزور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنة. وأمرنا أن نعبد الله، لا نشرك به شيئاً، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة. - قالت: فعدّد عليه أُمور الإِسلام - فصدّقناه، وآمنا به واتّبعناه على ما جاء به، فعبدنا الله وحده لا نشرك به شيئاً، وحرّمنا ما حرم الله علينا، وأحللنا ما أحلَّ لنا، فعدا علينا قومنا، فعذّبونا، وفتنونا عن ديننا ليردّونا إلى عبادة الأوثان من عبادة الله عز وجل، وأن نستحلّ ما كنا نستحلُّ من الخبائث. فلمَّا قهرونا وظلمونا وشقُّوا علينا وحالوا بيننا وبين ديننا؛ خرجنا إِلى بلدك، واخترناك على من سواك، ورغبنا في جوارك، ورجونا أن لا نظلم عندك أيها
الملك.
قالت: فقل النجاشي: هل معك ما جاء به عن الله من شيء؟ قالت: فقال له جعفر رضي الله عنه: نعم. قالت: فقال له النجاشي: فاقرأه. فقرأ عليه صدراً من «كَهاياعص» . قالت: فبكى النجاشي حتى أَخْضَلَ لحيته، وبكت أساقفته حتى أخضلوا مصاحفهم حين سمعوا ما تُلي عليهم. ثم قال النجاشي: إنَّ هذا والذي جاء به موسى ليخرج من مشكاة واحدة، إنطلقا، فوالله لا أسلمهم إليكم أبداً ولا أكاد.
قالت أم سلمة: فلمَّا خرجا من عنده قال عمرو بن العاص: والله لآتينّهم غداً أُعيِّبهم عنده بما استأصل به خضراءهم، فقال له عبد الله بن أبي ربيعة - وكان أتقى الرجلين فينا -: لا تفعل، فإن لهم أرحاماً وإِن كانوا قد خالفنا. قال: والله لأخبرنَّه أنهم يزعمون أن عيسى بن مريم عَبْدٌ. قالت: ثم غدا عليه، فقال: يا أيها الملك، إنهم يقولون في عيسى بن مريم قولاً عظيماً فأرسل إليهم فسلهم عما يقولون فيه. قالت: فأرسل إليهم يسألهم عنه. قالت: ولم ينزل بنا مثلُها؛ واجتمع القوم فقال بعضهم لبعض: ما تقولون في عيسى بن مريم؟
فقال له جعفر بن أبي طالب: نقول فيه الذي جاء به نبينا صلى الله عليه وسلم هو عبد الله، ورسوله، وروحه، وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول. قالت: فضرب النجاشي يده إلى الأرض فأخذ منها عوداً ثم قال: (والله) ما عَدَا عيسى بن مريم ما قلت هذا العود فتناخرت بطارقة حوله حين قال ما قال، (فقال) : وإن نخرتم والله إذهبوا فأنتم سيوم بأرضي - والسيوم الآمنون -؛ من سبَّكم غرم، ثم (قال) : من سبَّكم غَرِم، ثم (قال) من سبَّكم غَرِم، ما أحبُّ أن لي دَبْراً ذهباً وأني آذيت رجلاً منكم - والدَّبْر بلسان الحبشة: الجبل - رُدّوا عليهما هداياهما فلا حاجة لي بها، فوالله ما أخذ الله مني الرشوة حين ردّ عليّ ملكي فآخذ فيه الرشوة، وما أطاع الناس فيّ فأطيعهم فيه. فخرجا من عنده مقبوحَيْن مردوداً عليهما ما جاءا به.
وأقمنا عنده في خير دار مع خير جار، فوالله إنه لَعَلى ذلك إذ نزل به مَنْ ينازعه في ملكه. قالت: والله ما علمتنا حَزِنَّا (حزناً) قط كان أشد من حزن حزّناه عند ذلك؛ تخوفاً أن يظهر ذلك (الرجل) على النجاشي؛ فيأتي رجل لا يعرف من حقِّنا ما كان النجاشي يعرف. قالت: وسار النجاشي وبينهما عرضُ النِّيل. قالت: فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مَنْ رجلٌ خرج حتى يحضر وقيعة القوم، ثم يأتينا (بالخبر) ؟ قالت: فقال الزبير بن العوام: أنا. (قالوا: فأنت) قالت: وكان من أحدث القوم سنّاً. قالت: فنفخوا له قِربة فجعلها في صدره، فَسَبح عليها حتى خرج إلى ناحية النيل التي بها ملتقى القوم، ثم انطلق حتى حضرهم. قالت: ودعونا الله عز وجل للنجاشي بالظهور على عدوّه والتمكين له في بلاده (قالت: فوالله إن لَعَلَى ذلك متوقعون لما هو كائن إذ طلع الزبير وهو يسعى فلمع بثوبه،
وهو يقول: ألا أبشروا فقد ظفر النجاشي، وأهلك الله عدوه، ومكّن له في بلاده، قالت: فوالله ما علمتنا فرحنا فرحة قطّ مثلها. قالت ورجع النجاشي وقد أهلك الله عدوه ومكن له في بلاده: واستوسق عليه أمر الحبشة فكنّا عنده، في خير منزل حتى قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة. قال الهيثمي: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير إسحاق، وقد صرّح بالسماع. انتهى. كذا في الأصل، والظاهر أنه ابن إسحاق، وقد تقدّم الحديث من طريقه. وأخرجه أيضاً أبو نُعيم في الحلية من طريق ابن إسحاق نحوه مطوّلاً؛ والبيهقي ذكر صدر الحديث من طريق ابن إِسحاق بسياقه، ثم قال وذكر الحديث بطوله، وذكر الحديث في السِيَر.
وأخرج الإِمام أحمد عن غبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي - ونحن نحوٌ من ثمانين رجلاً - فيهم: عبد الله بن مسعود، وجعفر، وعبد الله بن عُرْفُطَة، وعثمان بن مظعون، وأبو موسى، فأتَوا
النجاشي، وبعثت قريش عمرو بن العصا، وعُمارة بن الوليد بهدية، فلما دخلا على النجاشي سجداً له، ثم ابتدراه عن يمينه وعن شماله، ثم قالا له: إنَّ نفراً من بني عمنا نزلوا أرضك ورغبوا عنا وعن ملّتنا. قال: فأين هم؟ قالا: في أرضك فابعث إليهم؛ فبعث إليه. فقال جعفر رضي الله عنه: أن خطيبكم اليوم، فاتّبعوه، فسلّم ولم يسجد. فقالوا له: ما لك لا تسجد للملك؟ قال: إنا لا نسجد إلا الله عز وجل. قال: وما ذاك؟ قال: إنَّ الله بعث إلينا رسولاً، ثم أمرنا أن لا نسجد لأحد إِلا لله عز وجل، وأمرنا بالصلاة والزكاة. قال عمرو: فإنهم يخالفونك في عيسى بن مريم. قال: فما تقولون في عيسى بن مريم وأمه؟ قال: نقول كما قال الله: هو كلمته، وروحه، ألقاها إلى العذراء البتول التي لم يمسها بشر لم يفرضها ولد. قال: فرفع عوداً من الأرض ثم قال: يا معشر الحبشة والقسّيسين والرهبان والله ما يُزيدون على الذي نقول فيه ما سوى هذا، مرحباً بكم وبمن جئتم من عنده أشهد أنه رسول الله، وأنه الذي نجد في الإِنجيل، وأنه الرسول الذي بشَّر به عيسى بن مريم. أنزلوا حيث شئتم، والله لولا ما أنا فيه من الملك لأتيته حتى أكون أنا الذي أحمل نعليه؛ وأمر بهدية الآخرين فردّت إليهما. ثم تعجّل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه حتى أدرك بدراً. وهذا إسناد جيد قوي، وسياق حسن - قاله ابن كثير في البداية. وحسَّن إسناده الحافظ ابن حجر في فتح الباري. وقال الهيثمي - بعدما ذكر الحديث -: رواه الطبراني وفيه حديج بن معاوية، وثَّقه أبو حاتم، وقال في بعض أحاديثه ضعف، وضعَّفه ابن مَعِين وغيره؛ وبقية رجاله ثقات.e وأخرجه الطبراني
أيضاً عن أبي موسى رضي الله عنه قال: أمرنا رسول
الله صلى الله عليه وسلم أن ننطلق مع جعفر بن أبي طالب إلى النجاشي، فبلغ ذلك قريشاً، فبعثوا عمرو بن العاص، وعُمارة بن الوليد - فذكره بمعنى حديث ابن مسعود، وفي حديثه: ولولا ما أنا فيه من الملك لأتيته حتى أقبّل نعليه، أمكثوا في أرضي ما شئتم، وأمر لنا بطعام وكسوة. قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح. اهـ. وأخرج حديث أبي موسى أيضاً أبو نُعيم في الحلية، والبيهقي قال: هذا إسناد صحيح - كما في البداية.
وأخرج ابن عساكر عن جعفر بن أبي طلب رضي الله عنه قال: بعثت قريش عمرو بن العاص، وعمارة بن الوليد بهدية من أبي سفيان إِلى النجاشي. فقالوا له - ونحن عنده -: قد صار إليك ناس من سَفِلتنا وسفهائنا، فادفعهم إلينا. قال: لا، حتى أسمع كلامهم. قال: فبعث إلينا. فقال: ما يقول هؤلاء؟ قال قلنا: هؤلاء قوم يعبدون الأوثان، وإن الله بعث إلينا رسولاً فآمنا به وصدَّقناه. فقال لهم النجاشي؛ أَعبيدٌ هُمْ لكم؟ قالوا: لا. فقال: فلكم عليهم دَيْن؟ قالوا: لا. قال: فخلُّوا سبيلهم. قال: فخرجنا من عنده. فقال عمرو بن العاص: إن هؤلاء يقولون في عيسى غير ما تقول. قال: إن لم يقولوا في عيسى مثل قولي لم أدعهم في أرضي ساعة من نهار. فأرسل إلينا، فكانت الدعوة الثانية أشدّ علينا من الأولى. قال: ما يقول صاحبكم في عيسى بن مريم؟ قلنا: يقول: هو روح الله، وكلمته ألقاها إلى عذراء بتول. قال: فأرسل، فقال: أدعوا لي فلان القَسّ، فلان الراهب. فأتاه ناس منهم فقال: ما تقولون في عيسى بن مريم؟ فقالوا: أنت أعلمنا، فما تقول؟ قال النجاشي - وأخذ شيئاً من الأرض - قال: ما عدا عيسى ما قال هؤلاء مثل هذا، ثم قال: أيؤذيكم أحد؟