الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لقي الله وهو يُبغضه. قال الهيثمي وفيه: عبد الحميد بن سهيل ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات.
البَيْعة على النصرة
بَيْعة سبعين رجلاً من الأنصار عند شِعْب العقبة على النُّصْرة
أخرج أحمد عن جابر رضي الله عنه قال: مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة عشر سنين يتَّبع لنسا في منازلهم: عكاظ ومَجَنَّة، في المواسم يقول:«من يؤويني؟ من ينصرني؟ حتى أبلِّغ رسالة ربي وله الجنة» ، فلا يجد أحداً يؤويه ولا ينصره، حتى إنَّ الرجل ليخرج من اليمن أو من مُضرَ فيأتيه قومه وذوو رحمة فيقولون: إحذر غلام قريش لا يفتنك، ويمضي بين رحالهم هم يشيرون إليه بالأصابع. حتى بعثنا الله إليه من يَثْرب فآويناه وصدَّقنا، فيخرج الرجل منّا فيؤمن به ويقرئه القرآن، فينقلب إلى أهله فيسلمون بإسلامه، حتى لم تبقَ دار من دور الأنصار إلا وفيها رهط من المسلمين يظهرون الإِسلام.
ثم ائتمروا جمياً، فقلنا: حتى متى نترك رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف ويُطَّرد في جبال مكة ويخاف؟ فرحل إليه منا سبعون رجلاً حتى قدموا عليه في الموسم، فواعدناه شِعْب العَقَبة، فاجتمعنا عندها من رجل ورجلين حتى توافينا، فقلنا: يا رسول الله علام نبايعك؟ قال: «تبايعوني على السمع والطاعة في النشاط
والكسل، والنفقة في العُسْر واليُسْر، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن تقولوا في الله لا تخافوا في الله لومة لائم، وعلى أن تنصروني فتمنعوني إِذا قدمت عليكم مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم، ولكم الجنة» .
فقمنا إليه وأخذ بيده أسعد بن زرارة وهو من أصغرهم - وفي رواية البيهقي: وهو أصغر السبعين - إلا أنا، فقال: رويداً يا أهل يثرب، فإنّا لم نضرب إليه أكباد الإِبل إلا ونحن نعلم أنَّه رسول الله، وإن إخراجه اليوم مناوأة للعرب كافّة، وقتلُ خياركم، وتعضُّكم السيوف. فإمّا أنتم قوم تصبرون على ذلك فخذوه وأجركم على الله، وإما أنتم قوم تخافون من أنفسكم خيفة فذروه، فبيّنوا ذلك فهو أعذر لكم عند الله. قالوا: أبط عنا يا أسعد فوالله لا ندعُ هذه البَيْعة ولا نُسلَبها أبداً قال فقمنا إليه فبايعناه، وأخذ علينا وشرط، ويعطينا على ذلك الجنة. وقد رواه أحمد أيضاً والبيهقي من غير هذا الطريق أيضاً، وهذا إسناد جيِّد على شرط مسلم، ولم يخرِّجوه. كذا في البداية. وقال الحافظ في فتح الباري: إسناده حسن، وصحَّحه الحاكم وابن حبان اهـ؛ وقال الهيثمي: ورجال أحمد رجال الصحيح، وقال: ورواه البزّار وقال في حديثه: فوالله لا نذَرَ هذه البَيْعة ولا نستقيلها.
وأخرج ابن إسحاق عن كعب بن مالك رضي الله عنه قال: فلما
اجتمعنا في الشِّعْب ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جاءنا ومعه العباس بن عبد المطلب وهو يومئذٍ على دين قومه، إِلا أنّه أحبّ أن يحضر أمر ابن أخيه ويتوثَّق له. فلما جلس كان أولَ متكلم العباسُ بن عبد المطلب، فقال: يا معشر الخزرج، إنَّ محمداً منَّا حيث قد علمتم وقد منعناه من قومنا ممن هو على مثل رأينا فيه، فهو في عزّة من قومه ومَنَعة في بلده، وإنه قد أبى إلا الإنحياز إليكم واللحوق بكم، فإن كنتم تَرون أنكم وافون له با دعوتموه إِليه ومانعوه ممَّن خالفه فأنتم وما تحمَّلتم من ذلك، وإن كنتم ترون أنكم مسلموه وخاذِلوه بعد الخروج إليكم فمن الآن فدعوه فإنَّه في عزّة ومَنعَة من قومه وبلده. قال فقلنا له: قد سمعنا ما قلتَ، فتكلم يا رسول الله، فخذ لنفسك ولربِّك ما أحببت. قال: فتكلَّم رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلا القرآن، ودعا إلى الله، ورغَّب في الإِسلام. قال:«أُبايعكم على أن تمنعوني مِمَّا تمنعون منه نساءكم وأبناءكم» . قال: فأخذ البراء بن معرور بيده وقال: نعم، فوالذي بعثك بالحق لنمنعنَّك مما نمنع منه أُزُرَنا. فبايِعْنا يا رسول الله، فنحن - والله أبناء الحروب ورثناها كابراً عن كابر قال: فاعترض القول - والبراء يكلِّم رضي الله عنه أبو الهيثم بن التَّيِّهان، فقال: يا رسول الله، إنَّ بيننا وبين الرجال حبالاً وإنَّا قاطعوها - يعني - اليهود -؛ فهل عسيتَ إن فعلنا ذلك ثم أظهرك الله أن ترجع إلى قومك وتدعنا؟ قال: فتبسَّم رضي الله عنه ثم قال: «بل الدمُ الدمُ، الهَدْم الهَدْم، أنا منكم وأنتم مني؛ أحارب من حاربتم وأسلم من سالمتم» .