الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لرسول، فلو وجدت عندنا جائزة جوَّزناك بها، إنا سَفْر مُرْمِلون» . قال: فناداه رجل من طائفة الناس أن أجوزه، ففتح رَحْله، فإذا هو يأتي بحلَّة؟ قيل: عثمان. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من ينزل هذا الرجل؟» فقال فتى من الأنصار: أنا. فقام الأنصاري وقمت معه. فلما خرجت من طائفة المجلس ناداني رسول
الله صلى الله عليه وسلم فقال: «يا أخا تنوخ» ، فأقبلت أهوي حتى كنت قائماً في مجلسي الذي كنت فيه بين يديه، فحلَّ حبوته عن ظهره فقال:«ها هنا أمضِ لما أُمرت به» ، فجُلْتُ في ظهره، فإذ أنا بخاتم في موضع غضروف الكتف مثل الحجمة، قال الهيثمي (8235 - 236) رجال أبي يعلى ثقات، ورجال عبد الله بن أحمد كذلك. انتهى. وأخرجه أيضاً الإِمام أحمد كما في البداية، وقال: هذا حديث غريب وإسناده لا بأس به، تفرّد به الإِمام أحمد. انتهى. وأخرجه أيضاً يعقوب بن سفيان، ما في البداية أيضاً.
خبر أبي سفيان مع هرقل ملك الروم
وأخرج البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما أن أبا سفيان أخبره: أنَّ هرقل أرسل إليه في ركب من قريش - وكانوا تجّاراً بالشام - في المدة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مادَّ فيها أبا سفيان وكفار قريش، فأتَوه وهم بإيلياء.
فدعاهم في مجلسه وحوله عظماء الروم ثم دعاهم ودعا بالترجمان فقال: أيُّكم أقرب نسباً بهذا الرجل الذي يزعم أنه نبي؟ قال: أبو سفيان: فقلت: أنا أقربهم نسباً، قال: أدنُوه مني وقرِّبوا أصحابه فاجعلوهم عند ظهره. ثم قال لترجمانه قل لهم: إني سائل هذا عن هذا الرجل فإن كذبني فكذِّبوه، فوالله لولا أن يؤثروا عني كذباً لكذبتُ عنه.
ثم كان أول ما سألني عنه أن قال: كيف نسبه فيكم؟ قلت: هو فينا ذو نسب. قال: فهل قال هذا القول منكم أحد قط قبله؟ قلت: لا. قال: فهل كان من آبائه من مَلِكٍ؟ قلت: لا. قال: فأشراف الناس اتَّبعوه أم
ضعفاؤهم؟ قلت: بل ضعفاؤهم. قال: أيزيدون أم ينقصون؟ قلت: بل يزيدون. قال: فهل يرتد أحد منهم سَخْطة لدينه بعد أن يدخل فيه؟ قلت: لا. قال: فهل يغدر؟ قلت: لا، ونحن منه في مدة لا ندري ما هو فاعل فيها - قال: ولم يُمكنِّي كلمة أدخل فيها شيئاً غير هذه الكلمة - قال: فهل قاتلتموه؟ قلت: نعم. قال: فكيف كان قتالكم إياه؟ قلت: الحرب بيننا وبينه سِجَال، ينال منا وننال منه. قال: ماذا يأمركم؟ قلت: يقول: اعبدوا الله وحده ولا تشركوا به شيئاً، واتركوا ما يقول آباؤكم، ويأمرنا بالصلاة والصدق والعفاف والصِّلَة.
فقال الترجمان: قل له سألتك عن نسبه فزعمتَ أنه فيكم ذو نسب، وكذلك الرسل فتبعث في نسب قومها. وسألتك: هل قال أحد منكم هذا القول قبله، فذكرت أن لا، فقلت: لو كان أحد قال هذا القول قبله لقلتُ رجل يتأسَّى بقول قيل قبله وسألتم: هل كان من آبائه من مَلِك، فذكرت أن لا، فلو كان من آبائه نمَلِك، قلت: رجل يطلب ملك أبيه. وسألتك: هل كنتم تتَّهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال، فذكرت أن لا، قد أعرف أنه لم يكن ليذَر الكذب على الناس ويكذب على الله. وسألتك: أشراف الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم، فذكرت أنَّ ضعفاءهم اتبعوه وهم أتباع الرسل. وسألتك: أيزيدون أم ينقصون، فذكرت أنَّهم يزيدون، وكذلك أمر الإِيمان حتى يتمّ. وسألتك: أيرتد أحد منهم سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه، فذكرت أن لا، وكذلك الإِيمان حين تخالط بشاشتُه القلوبَ. وسألتك: هل يغدر، فذكرت أن لا، وكذلك الرسل لا تغدر. وسألتك: بمَ يأمركم، فذكرت أنه يأمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً، وينهاكم عن عبادة الأوثان، ويأمركم بالصلاة والصدق والعفاف، فإن كان ما تقول حقّاً فسيملك موضع قدميَّ هاتين. وقد كنت أعلم أنه خارج لم أكن أظن أنه منكم، فلو أعلم أني أخلص إليه لتجشَّمت لقاءه، ولو كنت عنده لغسلت عن قدميه.
ثم دعا بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي بعث به مع دِحْية رضي الله عنه إلى عظيم بصرى. فدفعه إلى هرقل فإذا فيه.
قال أبو سفيان: فلما قال ما قال وفرغ من قراءة الكتاب كثر عنده الصَّخَب، وارتفعت الأصوات وأُخرجنا فقلت لأصحابي - حين خرجنا -: لقد أمِرَ أمر ابن أبي كبشة، إنه يخاف مَلِكُ بني الأصفر. فما زلت موقناً أنه
سيظهر حتى أدخل الله عليَّ الإِسلام.
قال: وكان ابن الناطور صاحبَ إيلياء وهرقَل أُسْقُفَ على نصارى الشام يحدِّث أنّ هرقل حين قدم إيلياء أصبح يوماً خبيث النفس، فقال بعض بطارقته: قد استنكرنا هيئتك. قال ابن الناطور: وكان هرقل حزّاء ينظر في النجوم. فقال لهم حين سألوه: إني رأيت حين نظرت في النجوم مَلِكَ الخِتان قد ظهر فمن يختتن من هذه الأمم؟ قالوا: ليس يختتن إلا اليهود ولا يهمنَّك شأنهم، واكتب إلى مدائن ملكك فليقتلوا من فيهم من اليهود. فبينما هم على أمرهم أُتِيَ هرقل برجل أرسل به ملك غسّان فخبَّرهم عن خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما استخبره هرقل قال: إذهبا فانظروا أمختتن هو أم لا؟ فنظروا إليه فحدَّثوه أنه مختتن، وسأله عن العرب فقال هم يختتنون. فقال هرقل: هذا مَلِك هذه الأمة قد ظهر. ثم كتب إلى صاحب له برومية - وكان نظيره في العلم - وسار هرقل إلى حمص فلم يَرِم بحمص حتى أتاه كتاب من صاحبه يوافق رأي هرقل على خروج النبي صلى الله عليه وسلم وهو نبي. فأذن هرقل لعظماء الروم في دَسْكرة له بحمص، ثم أمر بأبوابها فغلِّقت، ثم اطَّلع فقال: يا معشر الروم، هل لكم في الفلاح والرشد وأن يثبَّت لكم ملككم، فتتابعوا لهذا النبي؟ فحاصوا حَيْصة حُمُرِ الوحش إلى الأبواب فوجدوها قد غُلِّقت. فلما رأى هرقل نفرتهم وأيس من الإِيمان قال: ردُّوهم عليَّ. وقال: إنِّي إنَّما قلت مقالتي آنفاً أختبر بها شدَّتكم على دينكم؛ فقد رأيت، فسجدوا له ورَضُوا عنه. فكان ذلك آخر شأن هرقل. وقد رواه البخاري في مواضع كثيرة في صحيحه بألفاظ