الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
محمد بن عبد الله بن كَثِير بن الصَّلْت عن ابن رومان وعبد الله بن أبي بكر وغيرهما رضي الله عنهم قالوا: جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم كِندة في منازلهم بعُكاظ، فلم يأتِ حيّاً من العرب كان ألين منهم، فلمَّا رأى لينهم وقوة جَبْههم له جعل يكلمهم ويقول «أدعوكم إلى الله وحده لا شريك له، وأن تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم، فإنْ أظهرْ فأنتم بالخيار» . فقال عامتهم ما أحسن هذا القول ولكنَّا نعبد ما كان يعبد آباؤنا. قال أصغر القوم: يا قوم، اسبقوا إلى هذا الرجل قبل أن تُسبقوا إليه، فوالله إنَّ أهل الكتاب ليُحدِّثون أنَّ نبياً يخرج من الحَرَم قد أظلَّ زمانُه. وكان في القوم إنسان أعور فقال: أمسكوا عليَّ، أخرجته عشيرته وتؤونه؟ أنتم تحملون حرب العرب قاطبة؟ لا، م لا. فنصرف عنهم حزيناً، فانصرف القوم إلى قومهم فخبروهم. فقال رجل من اليهود: والله إنَّكم مخطئون بخطئكم، لو سبقتم إلى هذا الرجل لسدتُم العرب، ونحن نجد صفته في كتابنا. فوصفه القوم الذين رأَوه كل ذلك يصدقونه بما يصف من صفته، ثم قال: نجد مخرجه بمكة ودر هجرته يثرب. فأجمع القوم ليوافوه في الموسم قابل، فحبسهم سيد لهم عن حج تلك السنة فلم يوافِ أحد منهم. فمات اليهوديُّ فسُمِعَ عند موته يُصدِّق بمحمد صلى الله عليه وسلم ويؤمن به.
عرضه عليه السلام الدعوة على بني كعب
وأخرج أبو نعيم في دلائل النبوة (ص 100) عن عبد الرحمن العامري عن أشياخ من قومه قالوا: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن بسوق عُكاظ، فقال:«مِمَّن القوم؟» قلنا من بني عامر بن صَعْصَعة. قال: «من أيِّ بني عامر؟» قلنا: بنو كعب بن ربيعة. قال: «كيف المَنَعَةُ فيكم؟» قلنا: لا يُرام ما قِبَلنا، ولا يُصطلى بنارنا. قال: فقال لهم: «إنِّي رسول الله، فإنْ أتيتكم تمنعوني حتى أُبلِّغ رسالة ربي؟
ولم أُكره أحداً منكم على شيء» . قالوا: ومِنْ أيِّ قريش أنت؟ قال: «من بني عبد المطلب» . قالوا: فأين أنت من بني عبد مناف؟ قال: «هم أول من كذَّبني وطردني» . قالوا: ولكنَّا لا نطردك ولا نُؤمن بك، ونمنعك حتى تبلغ رسالة ربك. قال: فنزل إليهم والقوم يتسوقون إذ أتاهم بُجْرة بن قيس القُشَيري فقال، من هذا الذي أراه عندكم؟ أُنْكرُه. قالوا: محمد بن عبد الله القرشي. قال: مالكم وله؟ قالوا: زعم لنا أنَّه رسول الله، يطلب إلينا أنْ نمنعه حتى يبلِّغَ رسالة ربه. قال: فماذا رددتم عليه؟ قالوا: قلنا في الرَّحب والسَّعة، نُخرجكم إلى بلادنا ونمنعك مما نمنع به أنفسنا. قال بُجْرة: ما أعلم أحداً من أهل هذه السوق يرجع بشيء أشرَّ من شيء ترجعون به. بدأتم لتنابذ الناس، وترميكم العرب عن قوس واحدة، قومه أعلم به، لو آنسوا منه خيراً لكانوا أسعد الناس به، تعمدون إلى رَهيق قوم قد طرده قومه وكذَّبوه فتؤوونه وتنصرونه، فبئس الرأي رأيتم ثم أقبل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ثُم فالحق بقومك، فوالله لولا أنَّك عند قومي لضربت عنقك. قال: فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ناقته فركبها، فغمز الخبيثُ بُجْرة شكلتها فقمصت برسول الله صلى الله عليه وسلم فألقته. وعند بني عامر يومئذٍ ضُباعة بنت عامر بن قُرط - كانت من النسوة اللاتي أسلمن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة - جاءت زائرة إلى بني عمها، فقالت: يا آل عامر، - ولا
عامر لي
- أيُصنع هذا برسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهركم لا يمنعه أحدٌ منكم؟ فقام ثلاثة نفر من بني عمِّها إلى بُجرة واثنين أعاناه، فأخذ كل رجل منهم رجلاً فجلد به الأرض، ثم جلس على صدره ثم علَوا وجوههم لطماً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «اللَّهم بارك على هؤلاء، والعن هؤلاء» . قال: فأسلم الثلاثة الذين نصروه فقتلوا شهداء؛ وهلك الآخرون لعناً. واسم الإثنين اللَّذين نصرا بُجْرة ابن فِراس؛ حزن بن عبد الله، ومعاوية بن عبادة، وأما الثلاثة الذين نصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم فغِطريف، وغَطَفان، إبنا سهل، وعُروة بن عبد الله. وأخرجه الحافظ سعيد بن يحيى بن
سعيد الأموي في مغازيه عن أبيه به، كما في البداية.
وعند ابن إسحاق عن الزُّهْري أنَّه أتى بني عمر بن صَعْصَعة، فدعاهم إلى الله وعرض عليهم نفسه. فقال له رجل منهم - يقال له بَحيرة ابن فراس -: والله لو أني أخذت هذا الفتى من قريش لأكلت به العرب، ثم قال له: أَرأيت إنْ نحن تابعناك على أمرك ثم أظهرك الله على من يخالفك أيكون لنا الأمر من بعدك؟ قال: «الأمر لله يضعه حيث يشاء» . قال: فقال له: أفنهدُف نحورنا للعرب دونك فإذا أظهرك الله كان الأمر لغيرنا؟ لا حاجة لنا بأمرك؛ فأبَوا عليه. فلما صَدَر الناس رجعت بنو عامر إلى شيخ لهم قد كان أدركه السن حتى لا يقدر أن يوافي معهم المواسم، فكانوا إذا رجعوا إليه حدَّثوه بما يكون في ذلك الموسم. فلما قدمونا عليه ذلك العام سألهم عما كان في موسمهم فقالوا: جاءنا فتى من قريش ثم أحد بني عبد المطلب يزعم أنه نبي، يدعونا إلى أن نمنعه ونقوم معه ونخرج به إلى بلادنا. قال: فوضع الشيخ يده على رأسه ثم قال: يا بني عامر، هل لها من تلاف؟ هل لذُناباها من مطلب؟ والذي نفسُ فلان بيده ما تقوَّلها إسماعيلي قط، وإنَّها لحق فأين رأيكم كان عنكم؟. كذا في البداية.
وذكره الحافظ أبو نعيم (ص 100) عن ابن إسحاق عن الزُّهْري من قوله: فلما صدر الناس رجعت بنو عمر إلى شيخ لهم. إلى آخره.
وأخرج ابن إسحاق أيضاً عن الزهري: أنَّه عليه السلام أتى كندة في