الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب التاسع: صفة المغفرة لله تعالى
47 -
حدثنا صالح، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال حدثنا شعبة، قال سمعت يحيى بن أبي سليم وهو أبو بَلْج يحدث عن عمرو بن ميمون، عن عبد الله بن عمرو، أنه قال: لو أن العباد لم يذنبوا، لخلق الله خلقًا يذنبون، ثم يغفر لهم، إنه هو الغفور الرحيم
(1)
.
= وجاء في قصة موسى مع الخضر عليهما السلام، أن الخضر قال له:"يا موسى ما نقص علمي وعلمك من علم الله إلا كنقرة هذا العصفور في البحر". رواه البخاري (122)، ومسلم (2380).
ونقل أبو الحسن الأشعري في رسالته إلى أهل الثغر (ص 213) إجماع الأئمة على إثبات صفة العلم لله تعالى كما يليق به، فقال رحمه الله:"وأجمعوا أنه تعالى لم يزل موجودًا حيًا قادرًا عالمًا مريدًا متكلمًا سميعًا بصيرًا على ما وصف به نفسه وتسمى به في كتابه وأخبرهم به رسوله صلى الله عليه وسلم ودلت عليه أفعاله".
(1)
مسائل الإمام أحمد برواية ابنه صالح (2/ 350 - رقم 999).
رجال إسناده ثقات إلا يحيى بن أبي سليم أبو بلج: فهو صدوق ربما أخطأ. انظر التقريب (ص 552).
وأخرجه البزار في مسنده (6/ 420)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
=
(10/ 215): رجاله ثقات وفي بعضهم خلاف.
ويشهد له ما أخرجه مسلم في صحيحه (2748) عن أبي أيوب رضي الله عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لولا أنكم تذنبون، لخلق الله خلقا يُذنبون، فيَغفر لهم".
قال العلامة الألباني: "وذلك لأنه ليس المقصود من الأحاديث -بداهة- الحض على الإكثار من الذنوب والمعاصي، ولا الإخبار فقط بأن الله غفور رحيم، وإنما الحض على الإكثار من الاستغفار، ليغفر الله له ذنوبه، فهذا هو المقصود بالذات من هذه الأحاديث". السلسلة الصحيحة (4/ 605).
التعليق: هذا الأثر عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهم فيه إثباتُ صفة المغفرة لله تعالى، وهي من الصفات الفعلية الاختيارية، الثابتة بالكتاب والسنة، وأهل السنة والجماعة يثبتون صفة المغفرة لله تعالى كما يليق بجلاله وعظمته من غير تحريف ولا تأويل ولا تعطيل ولا تمثيل ولا تشبيه.
وفي هذا الأثر أيضا إثبات اسمين من أسماء الله تعالى وهما: "الغفور"، "الرحيم".
قال تعالى: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: 53]. وقد جمعت هذه الاية إثبات "المغفرة" لله تعالى، مع إثبات اسمي "الغفور""الرحيم".
وجاء أن أبا بكر الصديق رضي الله عنهم قال للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله علمني دعاء أدعو به في صلاتي. قال: "قل اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرًا، ولا يغفر الذنوب إلا =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أنت، فاغفر لي من عندك مغفرة، إنك أنت الغفور الرحيم". أخرجه البخاري (7387 - 7388)، ومسلم (2705).
وجاء عن ابن عباس رضي الله عنهم في قوله تعالى: {وَكاَنَ اللهُ غَفُوَرَارًحِيمًا} [النساء: 96] أنه قال: "سمى نفسه بذلك، وذلك قوله، أي لم يزل كذلك، فإن الله لم يرد شيئا إلا أصاب به الذي أراد". أخرجه البخاري تعليقًا (كتاب التفسير، باب: تفسير سورة حم السجدة).
قال ابن حجر في الفتح (8/ 707): "وصله الطبري وابن أبي حاتم بإسناد على شرط البخاري في الصحة".