الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة السادسة: ما جاء في النهي عن الذبح لغير اللّه
25 -
حدثنا قال: حدثني أبي قال: سئل سفيان
(1)
عن العَتِيرة؟ فقال:
= أن يخرج من الإسلام إلى الكفر، والعياذ باللّه!
ولا شك أن الصحابة رضوان اللّه عليهم لم يأمروا بقتل الساحر إلا وعندهم حجة من الكتاب والسنة.
قال ابن أبي العز في شرح الطحاوية (ص 519): "وجمهور العلماء يوجبون قتل الساحر، كما هو مذهب أبي حنيفة ومالك وأحمد في المنصوص عنه، وهذا هو المأثور عن الصحابة، كعمر وابنته وعثمان وغيرهم".
وهل يقتل الساحر باستتابة أم بغيرها؟
قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن في فتح المجيد (ص 323): "وظاهره -أي: ظاهر أمر عمر رضي الله عنه بقتل السحرة- أنه يقتل من غير استتابة. وهو كذلك على المشهور عن أحمد، وبه قال مالك؛ لأن علم السحر لا يزول بالتوبة. وعن أحمد: يستتاب. فإن تاب قبلت توبته، وبه قال الشافعي؛ لأن ذنبه لا يزيد عن الشرك، والمشرك يستتاب وتقبل توبته، ولذلك صح إيمان سحرة فرعون وتوبتهم".
وللتوسع في موضوع السحر، انظر: كتاب "السحر بين الحقيقة والخيال" لأحمد ابن ناصر آل حمد.
(1)
سفيان بن عيينة بن أبي عمران: ميمون الهلالي، أبو محمد الكوفي، المكي، ثقة، حافظ، فقيه، إمام حجة، إلا أنه تغير حفظه بأخرة، وكان ربما دلس لكن عن =
كان أهل الجاهلية يذبحونها في رجب مكان الأضحية فلما جاء الإسلام قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا فَرَع ولا عَتيرة"
(1)
. قال أبي: والفَرَع: أول شيء ينتج يذبحونه
(2)
.
= الثقات، وكان أثبت الناس في عمرو بن دينار. مات سنة (198). التهذيب (2/ 59)، والتقريب (ص 184).
(1)
أخرجه البخاري في صحيحه (كتاب العقيقة: باب الفرع ح رقم 5473، وباب العتيرة ح رقم 5474)، ومسلم (كتاب الأضاحي: باب الفرع والعتيرة ح رقم 1976).
والعَتِيرَة: هي الرجبية. وهي ذبيحة كانت تذبح في رجب يتقرب بها أهل الجاهلية، ثم جاء الإسلام فكان على ذلك حتى نسخ بعد. غريب الحديث للقاسم ابن سلام (1/ 195).
والفَرَع: هو أوّل ما تَلده الناقة كانوا يَذْبَحونه لآلهتهم فَنُهيَ المسلمون عنه.
وقيل: كان الرجُل في الجاهلية إذا تمَّت إبلُه مائةً قدّم بكرا فنَحَره لصَنَمه وهو الفَرَع. وقد كان المسلمون يَفْعلونه في صَدْر الإسلام ثم نُسِخ. النهاية لابن الأثير (3/ 436). وانظر فتح الباري (9/ 738 - 740).
(2)
مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله (3/ 1330 - رقم 1842).
وجاء تفسير الفرع والعتيرة عن ابن شهاب الزهري كما هو عند أحمد في المسند (2/ 490). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= التعليق: لقد جاءت الشريعة بتحريم الذبح لغير الله، لأنه من الإشراك به سبحانه وتعالى في ألوهيته، ولأن فيه تعظيم للمذبوح له، والذبح من أعظم القربات عند الله، ومن أجلّ العبادات البدنية والمالية، فلا يجوز صرفها إلا لله عزَّوجلَّ، وصرفها لغيره هو من اتخاذ الأنداد معه تبارك وتعالى.
وقد دلت نصوص الكتاب والسنة على أنه لا يجوز الذبح لغير الله، وأنه من الشرك.
فمن الكتاب العزيز: قوله تعالى: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ} [البقرة: 173]. وقوله تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام: الآيات 162 - 163].
قال ابن كثير في تفسير القرآن (3/ 381): "يأمره تعالى أن يخبر المشركين، الذين يعبدون غير الله، ويذبحون لغير اسمه، أنه مخالف لهم في ذلك، فإن صلاته لله، ونسكه على اسمه وحده لا شريك له، وهذا كقوله تعالى {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2)} [الكوثر: 2]، أي: أخلص له صلاتك وذبيحتك، فإن المشركين كانوا يعبدون الأصنام ويذبحون لها، فأمره الله تعالى بمخالفتهم، والانحراف عما هم فيه، والإقبال بالقصد والنية والعزم على الإخلاص لله تعالى".
- ومن السنة المطهرة: ما جاء عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لعن الله من ذبح لغير الله". رواه مسلم (1978).