الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب العشرون: ما جاء في الصورة
73 -
قال حرب الكرماني فيما ينقله عن مذهب أئمة العلم وأصحاب الأثر وأهل السنة المعروفين بها: وخلق آدم بيده على صورته
(1)
.
= يقول ابن القيم في حادي الأرواح (2/ 605): "وهي الغاية التي شمَّر إليها المشمرون، وتنافس فيها المتنافسون، وتسابق إليها المتسابقون، ولمثلها فليعمل العاملون. إذا ناله أهل الجَنة نسُوا ما هم فيه من النعيم، وحِرْمانه والحجاب عنه لأهل الجحيم أشدَّ عليهم من عذاب الجحيم، اتفق عليها الأنبياء والمرسلون، و جميعُ الصحابة والتابعون، وأئمة الإسلام على تتابع القرون".
(1)
مسائل الإمام أحمد برواية حرب الكرمافب (ص 360).
التعليق: ما نقله حرب الكرماني عن أئمة السلف من أن الله تعالى خلق آدم على صورته، قد دل عليه صريح السنة المطهرة، فقد روى البخاري (6227)، ومسلم (2841) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خلق الله آدم على صورته طوله ستون ذراعًا
…
الحديث".
ومن عقيدة أهل السنة والجماعة كما قدمنا: إمرار أحاديث الصفات كما جاءت دون تحريف ولا تأويل ولا تمثيل ولا تعطيل.
وحديث خلق الله آدم على صورته: حصل فيه خلاف في عود الضمير، هل =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= يعود على الله تعالى، أم يعود على آدم. انظر: فتح الباري لابن حجر (5/ 226)، والبيان والتحصيل للقرطبي (16/ 403).
والصحيح أن الضمير يعود على الله سبحانه وتعالى، بدليل:
أ- أن الأصل في باب الصفات: إمرار النصوص على ظاهرها من غير تأويل ولا تحريف.
ب- الرواية الأخرى التي جاءت عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تقبحوا الوجه، فإن الله خلق آدم على صورة الرحمن".
أخرجها جمع من الأئمة: منهم ابن أبي عاصم في السنة (517)، وعبد الله بن أحمد في السنة (1/ 268)، والآجري في الشريعة (725)، والدارقطني في كتاب "الصفات"(ح 50)، وابن بطة في الإبانة -القسم الثالث- (3/ 258)، وابن خزيمة في التوحيد (ص 38)، والطبراني في المعجم الكبير (12/ 430) وغيرهم.
وقد صححها الإمامان إسحاق بن راهويه وأحمد بن حنبل كما في الفتح (5/ 226)، ويقول ابن تيمية في كتابه "بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية" (6/ 448):"أدنى أحوال هذا اللفظ أن يكون حسنا"، ومال إلى تصحيحه الذهبي في ميزان الاعتدال (2/ 420)، وانظر كتاب "عقيدة أهل الإيمان في خلق أدم على صورة الرحمن" للشيخ حمود التويجري، وكتاب "دفاع أهل السنة والإيمان عن حديث خلق آدم على صورة الرحمن "للشيخ عبد الله بن محمد الدويش. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ج- ولو كان الضمير عائدا على آدم أو ابن آدم المضروب- كما في بعض الروايات- لما كان هناك فائدة من الكلام، إذ الكل يعلم أن الله خالق كل شيء على صورته. انظر الأوجه التي ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية في إبطال عود الضمير على غير الله من كتابه بيان تلبيس الجهمية (6/ 423 - 450)، وانظر أيضا كلام الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين في الدرر السنية حول حديث الصورة (3/ 260 - 264).
ومن أقوال العلماء في هذا الحديث:
قول الإمام أحمد: "من قال إن الله خلق آدم على صورة آدم فهو جهمي، وأي صورة كانت لآدم قبل أن يخلقه". انظر إبطال التأويلات للقاضي أبي يعلى (1/ 88 - 89)، وبيان تلبيس الجهمية (6/ 416 - 417). وقول ابن عبد البر في التمهيد (7/ 148):"الذي عليه أهل السنة وأئمة الفقه والأثر في هذه السألة وما أشبهها: الإيمان بما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم فيها والتصديق بذلك، وترك التحديد والكيفية في شيء منه".
وقول الإمام ابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث (ص 221): "والذي عندي والله تعالى أعلم: أن الصورة ليست بأعجب من اليدين، والأصابع، والعين، وإنما وقع الإلف لتلك لمجيئها في القرآن، ووقعت الوحشة من هذه لأنها لم تأت في القرآن، ونحن نؤمن بالجميع، ولا نقول في شيء منه بكيفية، ولا حد".
وقول ابن تيمية في بيان تلبيس الجهمية (6/ 373): "لم يكن بين السلف من =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= القرون الثلاثة نزاع في أن الضمير عائد إلى الله، فإنه مستفيض من طرق متعددة عن عدد من الصحابة وسياق الأحاديث كلها تدل على ذلك".
وقول الذهبي في الميزان (2/ 420): "أما معنى حديث الصورة فنرد علمه إلى الله ورسوله، ونسكت كما سكت السلف مع الجزم بأن الله ليس كمثله شيء".