المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المسألة الثانية: ما جاء في التسبيح - الآثار الواردة عن السلف في العقيدة من خلال كتب المسائل المروية عن الإمام أحمد - جـ ١

[أسعد بن فتحي الزعتري]

فهرس الكتاب

- ‌المقدِّمة

- ‌أسباب اختيار الموضوع:

- ‌أهمية الموضوع:

- ‌خطة البحث:

- ‌منهج البحث

- ‌شكر وتقدير

- ‌التمهيد

- ‌المبحث الأولتعريفات عامة

- ‌المطلب الأول تعريف الأثر لغة واصطلاحًا

- ‌أ - تعريف الأثر لغة:

- ‌ب - تعريف الأثر اصطلاحًا:

- ‌المطلب الثاني تعريف السلف لغة واصطلاحًا

- ‌أ - تعريف السلف لغة:

- ‌ب - تعريف السلف اصطلاحًا:

- ‌المطلب الثالث تعريف العقيدة لغة واصطلاحًا

- ‌أ - تعريف العقيدة لغة:

- ‌ب - العقيدة اصطلاحًا:

- ‌المبحث الثاني:التعريف بكتب المسائل المروية عن الإمام أحمد ورواتها

- ‌المطلب الأول التعريف بكتاب: المسائل المروية عن الإمام أحمد برواية أبي داود السجستاني صاحب السنن

- ‌المسألة الأولى: ترجمة مختصرة لأبي داود السجستاني:

- ‌طلبه للعلم وذِكْرُ بعض مَن سمع منهم:

- ‌بعض تلاميذه:

- ‌ثناء العلماء عليه:

- ‌بعض مؤلفاته:

- ‌وفاته:

- ‌المسألة الثانية: نبذة مختصرة حول كتابه المسائل:

- ‌منهج أبي داود في مسائله:

- ‌المطلب الثاني التعريف بكتاب: المسائل المروية عن الإمام أحمد برواية إسحاق بن إبراهيم بن هانئ النيسابوري

- ‌المسألة الأولى: ترجمة مختصرة للإمام إسحاق بن إبراهيم بن هانئ:

- ‌اسمه ونسبه ومولده:

- ‌شيوخه:

- ‌تلاميذه:

- ‌ثناء العلماء عليه ووفاته:

- ‌المسألة الثانية: تعريف موجز بمسائل ابن هانئ:

- ‌منهجه في كتاب المسائل:

- ‌المطلب الثالث التعريف بكتاب: المسائل المروية عن الإمام أحمد برواية إسحاق بن منصور الكوسج

- ‌المسألة الأولى: ترجمة إسحاق بن منصور:

- ‌ثناء العلماء عليه:

- ‌بعض شيوخه:

- ‌بعض تلاميذه:

- ‌مؤلفاته:

- ‌وفاته:

- ‌المسألة الثانية: التعريف بمسائل إسحاق بن منصور

- ‌منهج إسحاق بن منصور في مسائله:

- ‌المطلب الرابع التعريف بكتاب المسائل المروية عن الإمام أحمد برواية حرب بن إسماعيل الكرماني

- ‌المسألة الأولى: ترجمة حرب الكرماني:

- ‌اسمه ونسبه وولادته:

- ‌طلبه للعلم:

- ‌ذكر بعض شيوخه:

- ‌بعض تلاميذه:

- ‌ثناء العلماء عليه:

- ‌مؤلفاته:

- ‌وفاته:

- ‌المسألة الثانية: التعريف بمسائل حرب الكرماني

- ‌منهج الإمام حرب الكرماني في مسائله:

- ‌المطلب الخامس التعريف بكتاب: المسائل المروية عن الإمام أحمد برواية ابنه صالح

- ‌المسألة الأولى: ترجمة صالح بن أحمد:

- ‌اسمه وكنيته وولادته:

- ‌طلبه للعلم:

- ‌بعض شيوخ صالح غير الإمام أحمد:

- ‌مصنفاته ومروياته:

- ‌ثناء العلماء عليه:

- ‌وفاته:

- ‌المسألة الثانية: التعريف بكتابه المسائل:

- ‌منهج صالح في مسائله:

- ‌المطلب السادس التعريف بكتاب: المسائل المروية عن الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله

- ‌المسألة الأولى: ترجمة الإمام عبد الله بن أحمد:

- ‌اسمه ونسبه:

- ‌ولادته ونشأته:

- ‌طلبه للعلم:

- ‌بعض شيوخه:

- ‌بعض تلاميذه:

- ‌ثناء العلماء عليه:

- ‌مروياته ومؤلفاته

- ‌أولا: مروياته:

- ‌ثانيا: مؤلفاته

- ‌وفاته:

- ‌المسألة الثانية: التعريف بمسائله

- ‌قيمة هذه المسائل العلمية:

- ‌ميزة مسائل عبد الله:

- ‌منهج الإمام عبد الله في مسائله:

- ‌الباب الأول:الآثار الواردة من السلف في التوحيد والقَدَر ومباحث الإيمان

- ‌الفصل الأول:الآثار الواردة عن السلف في مسائل التوحيد

- ‌المبحث الأول:الآثار الواردة في توحيد الربوبية والألوهية

- ‌المطلب الأول: في توحيد الربوبية

- ‌المسألة الأولى: ما جاء في خلق السموات والأرض

- ‌المسألة الثانية: ما جاء في خلق الشمس والقمر

- ‌المسألة الثالثة: ما جاء في أخنع اسم عند اللّه يوم القيامة

- ‌المطلب الثاني: الآثار الواردة في توحيد الألوهية

- ‌المسألة الأولى: ما جاء في الإخلاص

- ‌المسألة الثانية: ما جاء في التسبيح

- ‌المسألة الثالثة: ما جاء في الاستشفاء بالقرآن

- ‌المسألة الرابعة: ما جاء في التمائم

- ‌المسألة الخامسة: ما جاء في قتل السحرة

- ‌المسألة السادسة: ما جاء في النهي عن الذبح لغير اللّه

- ‌المسألة السابعة: الحكم فيمن سبَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌المسألة الثامنة: ما جاء في النهي عن قول "ما شاء الله وشئت

- ‌المسألة التاسعة: ما جاء في قول الرجل "لعمري

- ‌المسألة العاشرة: ما جاء في الطيرة

- ‌المسألة الحادية عشرة: النهي عن سب الرِّيح

- ‌المسألة الثانية عشرة: ما جاء في التصاوير

- ‌المبحث الثاني:الآثار الواردة في توحيدالأسماء والصفات

- ‌تمهيد:

- ‌المطلب الأول: ما جاء فى بعض أسماء الله وصفاته

- ‌المطلب الثاني: صفة الوجه لله تعالى

- ‌المطلب الثالث: صفة اليدين لله تعالى

- ‌المطلب الرابع: صفة الأصابع لله تعالى

- ‌المطلب الخامس: صفة القدم لله تعالى

- ‌المطلب السادس: صفة العين لله تعالى

- ‌المطلب السابع: صفة السمع لله تعالى

- ‌المطلب الثامن: صفة العلم لله تعالى

- ‌المطلب التاسع: صفة المغفرة لله تعالى

- ‌المطلب العاشر: صفة المقت لله تعالى

- ‌المطلب الحادي عشر: هل يقال أن لله تعالى حدًا

- ‌المطلب الثاني عشر: صفة القرب لله تعالى

- ‌المطلب الثالث عشر: صفة العلو لله تعالى

- ‌المطلب الرابع عشر: ما جاء في الاستواء

- ‌المطلب الخامس عشر: ما جاء في العرش

- ‌المطلب السادس عشر: صفة النزول لله تعالى

- ‌المطلب السابع عشر: صفة المعية

- ‌المطلب الثامن عشر: ما جاء في الحُجُب

- ‌المطلب التاسع عشر ما جاء في إثبات رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة

- ‌المطلب العشرون: ما جاء في الصورة

- ‌المبحث الثالث: الآثار الواردة في القرآن، وأنه كلام الله غير مخلوق

- ‌المطلب الأول قول السلف في القرآن أنه كلام الله غير مخلوق

- ‌المسألة الأولى: ما جاء في إثبات صفة الكلام لله تعالى

- ‌المسألة الثانية: القرآن كلام الله غير مخلوق

- ‌المطلب الثاني: قول السلف فيمن زعم أن القرآن مخلوق

- ‌المسألة الأولى: ذمهم لمن قال بخلق القرآن

- ‌المسألة الثانية: ذم السلف لمن وقف في القرآن

- ‌المسألة الثالثة: ذم السلف لمن قال باللفظ

- ‌الفصل الثاني:الآثار الواردة عن السلف في القدر

- ‌المبحث الأول: قول السلف في القدر

- ‌المطلب الأول: ما جاء في إثبات القدر

- ‌المطلب الثاني: ما جاء في القلم وكتابه المقادير

- ‌المطلب الثالث: كلٌ ميسر لما خلق له

- ‌المبحث الثاني: ذم السلف للقدرية

- ‌الفصل الثالث:الآثار الواردة عن السلف في مباحث الإيمان

- ‌المبحث الأول:الآثار الواردة في أن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص

- ‌المطلب الأول: ما جاء في مسمى الإيمان

- ‌المطلب الثاني: العلاقة بين الإيمان والإسلام

- ‌المطلب الثالث: ما جاء في زيادة الإيمان ونقصانه

- ‌المبحث الثاني:الآثار الواردة في الاستتثناء في الإيمان

- ‌المطلب الأول: قول السلف فى الاستثناء في الإيمان

- ‌المطلب الثاني: حكم سؤال الرجل غيره أمؤمن أنت

- ‌المطلب الثالث: الأسماء والأحكام

- ‌المبحث الثالث:الآثار الواردة في الإرجاء

- ‌المطلب الأول: حقيقة مذهب الإرجاء

- ‌المطلب الثاني: تحذير السلف من المرجئة

- ‌الباب الثاني:الآثار الواردة عن السلف في الصحابةوالخلافة والإمامة وفي الاتباع

- ‌الفصل الأول:الأثار الواردة عن السلف في الصحابة

- ‌المبحث الأول: ما جاء في مدح الصحابة وذكر محاسنهم

- ‌المبحث الثاني: التحذير من الطعن في الصحابة وسبِّهم

الفصل: ‌المسألة الثانية: ما جاء في التسبيح

‌المسألة الثانية: ما جاء في التسبيح

9 -

قلت يُسبح الرجل بالنوى؟ قال: قد فعل ذلك أبو هريرة

(1)

وسعد

(2)

رضي الله عنهما،

= (8/ 95).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وبالجملة فمعنا أصلان عظيمان، أحدهما: أن لا نعبد إلا اللّه، والثاني: أن لا نعبده إلا بما شرع. لا نعبده بعبادة مبتدعة. وهذان الأصلان هما تحقيق شهادة أن لا إله إلا اللّه وأن محمدا رسول اللّه". مجموع الفتاوى (1/ 333).

وقد تضمن أثر سفيان الثوري كذلك إثبات صفة الوجه للّه تعالى، وسيأتي الكلام على هذه الصفة في باب الأسماء والصفات ص 189.

(1)

أبو هريرة الدوسي، الصحابي الجليل، حافظ الصحابة، اختلف في اسمه واسم أبيه، قيل: عبد الرحمن بن صخر وقيل غير ذلك. كان من أحفظ أصحاب رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وألزمهم له صحبة على شبع بطنه فكانت يده مع يده يدور معه حيث دار إلى أن مات، أسلم عام خيبر، وقدم المدينة مهاجرًا، ومات سنة سبع، وقيل: ثمان، وقيل: تسع وخمسين. الاستيعاب (4/ 1768 - 1772)، والإصابة (7/ 425)، والتقريب (ص 599).

(2)

سعد بن أبي وقاص مالك بن وهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب الزهري، أبو إسحاق، كان سابع سبعة في الإسلام، أحد العشرة، وأول من رمى بسهم في =

ص: 121

وما بأس بذلك، النبي صلى الله عليه وسلم قد عدَّ

(1)

.

= سبيل الله، ومناقبه كثيرة، مات بالعقيق سنة خمس وخمسين على المشهور وهو آخر العشرة وفاة. الإصابة (3/ 73)، والتقريب (ص 172).

(1)

مسائل الإمام أحمد برواية الكوسج (9/ 4887 - مسألة رقم 3589).

- ما نقله الإمام أحمد عن أبي هريرة، قد رواه أبو داود في سننه (كتاب النكاح، باب: ما يكره من ذكر الرجل ما يكون من إصابته أهله 3/ 61 ح 2167)، ورواه أحمد في مسنده (2/ 540) وابن أبي شيبة في المصنف (7743) مختصرا، كلهم عن إسماعيل بن عُلية، عن الجُريري، عن أبي نضرة، قال: حدثني شيخ من طفاوة قال: "تَثوَّيْتُ أبا هريرة بالمدينة، فلم أر رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أشد تشميرا، ولا أقوم على ضيف منه، فبينما أنا عنده يوما وهو على سرير له، ومعه كيس فيه حصى، أو نوى، وأسفل منه جارية له سوداء، وهو يسبح بها، حتى إذا نفِد ما في الكيس ألقاه إليها فجمعته فأعادته في الكيس، فرفعته إليه، فقال: ألا أحدثك عني وعن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم؟ قال: قلت: بلى، قال:

وذكر حديثا طويلا". هذا الإسناد فيه رجل مجهول، وهو الشيخ الذي لم يسم، فيكون الحديث بهذا ضعيفًا. وقد ضعفه الألباني كما في "إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل" (7/ 73 - 74).

- وأما ما نقله الإمام أحمد عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، فقد رواه محمد بن سعد في الطبقات الكبرى (3/ 143)، عن حكيم بن الديلمي أن سعدا كان يسبح =

ص: 122

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= بالحمى، ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه (7740، 7741) عن حكيم بن الديلم، عن مولاة لسعد، أن سعدا: كان يسبح بالحصى والنوى. وحكيم بن الديلمي: قال الحافظ ابن حجر عنه في التقريب (ص 116): صدوق من السادسة. قال الألباني رحمه الله في "الرد على رسالة التعقيب الحثيث لعبد اللّه الحبشي"(ص 62): "لم يدرك سعدًا، وقد ذكره الحافظ في (الطبقة السادسة) وهي التي لم يثبت لأصحابها لقاء أحد من الصحابة".

- وأما ما ذكره الإمام أحمد "من أن النبي صلى الله عليه وسلم قد عد"، فلم يثبت ذلك عنه صلى الله عليه وسلم، فقد روى أبو القاسم الجرجاني في "تاريخ جرجان" (ص 158) عن أبي هريرة رضي الله عنه "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسبح بالحصى". وفي إسناده عبد اللّه بن محمد بن ربيعة القدامي: قال ابن حجر في "لسان الميزان "(3/ 334): أحد الضعفاء، أتى عن مالك بمصائب، وقال ابن الجوزي في "الضعفاء والمتروكين" (2/ 138): قال ابن عدي ضعيف.

والحديث حكم عليه الشيخ الألباني بالوضع كما في السلسلة الضعيفة (1002). والذي يدل على أن التسبيح بالنوى أو الحصى ليس من هدي النبي صلى الله عليه وسلم ولا من هدي أصحابه:

ما أخرجه الدارمي في سننه (1/ 79 رقم 254) عن عمرو بن يحيى قال سمعت أبي يحدث عن أبيه قال: كنا نجلس على باب عبد اللّه بن مسعود قبل صلاة الغداة، فإذا خرج مشينا معه إلى المسجد، فجاءنا أبو موسى الأشعري فقال: =

ص: 123

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أَخرج إليكم أبو عبد الرحمن بعد؟ قلنا: لا، فجلس معنا حتى خرج، فلما خرج قمنا إليه جميعا، فقال له أبو موسى: يا أبا عبد الرحمن إني رأيت في المسجد آنفا أمرًا أنكرته، ولم أر والحمد للّه إلا خيرا، قال: فما هو؟ فقال: إن عشتَ فستراه، قال: رأيت في المسجد قوما حلقًا جلوسًا ينتظرون الصلاة، في كل حلقة رجل، وفي أيديهم حصا، فيقول: كبروا مائة، فيكبرون مائة، فيقول: هللوا مائة، فيهللون مائة، ويقول: سبحوا مائة، فيسبحون مائة، قال: فماذا قلت لهم؟ قال: ما قلت لهم شيئا انتظار رأيك أو انتظار أمرك، قال: أفلا أمرتهم أن يعدوا سيئاتهم، وضمنت لهم أن لا يضيع من حسناتهم، ثم مضى ومضينا معه، حتى أتى حلقة من تلك الحلق، فوقف عليهم فقال: ما هذا الذي أراكم تصنعون؟ قالوا: يا أبا عبد الرحمن حصا نعد به التكبير والتهليل والتسبيح، قال: فعدوا سيئاتكم، فأنا ضامن أن لا يضيع من حسناتكم شيء، ويحكم يا أمّة محمد ما أسرع هلكتكم هؤلاء صحابة نبيكم صلى الله عليه وسلم متوافرون وهذه ثيابه لم تبل، وآنيته لم تكسر، والذي نفسي بيده إنكم لعلى ملة هي أهدى من ملة محمد، أو مفتتحوا باب ضلالة، قالوا: واللّه يا أبا عبد الرحمن ما أردنا إلا الخير، قال: وكم من مريد للخير لن يصيبه، إن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم حدثنا، أن قوما يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، وأيم اللّه، ما أدري لعل أكثرهم منكم. ثم تولى عنهم فقال عمرو بن سلمة: رأينا عامة أولئك الحلق يطاعنونا يوم النهروان مع الخوارج". وإسناده صحيح، انظر السلسلة الصحيحة (2005). =

ص: 124

10 -

حدثنا محمد بن جعفر الوركاني قال: حدثنا عبد اللّه بن المبارك، عن عيسى بن عبيد، عن عكرمة

(1)

أنه قال: لا يَعِيبَنّ أحدكم دابته وثوبه، فإن كل شيء يسبح بحمده

(2)

.

= والذي ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يسبح بيده، فقد ورد من حديث عبد اللّه بن عمرو رضي الله عنه أنه قال:"رأيت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يعقد التسبيح بيمينه". أخرجه أبو داود في السنن (2/ 287 ح رقم 1497)، وفي لفظ عند ابن حبان في صحيحه (3/ 123)"يعقد التسبيح بيده".

وقد بيّن الشيخ الألباني رحمه الله أن التسبيح لا يجوز بالحصى أو بالنوى، إنما يكون باليد، كما في رسالته:"الرد على التعقيب الحثيث" فلتراجع فإنها مفيدة.

(1)

عكرمة أبو عبد اللّه مولى ابن عباس، أصله بربري، ثقة، ثبت، عالم بالتفسير، لم يثبت تكذيبه عن ابن عمر، ولا تثبت عنه بدعة، مات سنة (154) وقيل بعد ذلك. التقريب (ص 336).

(2)

مسائل الإمام أحمد برواية حرب الكرماني (ص 428).

رجاله ثقات إلا عيسى بن عبيد فهو صدوق، انظر التقريب (ص 375).

وأخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (14/ 605)، وعزاه السيوطي إلى سعيد ابن منصور وابن أبي حاتم كما في الدر المنثور (5/ 291)، وأخرج نحوه مرفوعا الطبراني في الأوسط (5/ 121) وفي إسناده محمد بن جامع العطار، وهو ضعيف. انظر مجمع الزوائد للهيثمي (8/ 105).

ص: 125

11 -

حدثنا أبو معن قال: ثنا عبد الكبير قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن إبراهيم

(1)

في قوله {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} [الإسراء: 44] قال: الطعام يسبح

(2)

.

12 -

حدثنا العلاء بن عمرو قال: ثنا الأشجعي عبيد اللّه، عن مسعر، عن الأعمش، عن ذكوان

(3)

قال: سمع صرير باب فقال: هذا

(1)

إبراهيم بن يزيد بن قيس بن الأسود النخعي، أبو عمران الكوفي، كان رجلًا صالحًا فقيهًا متوقيًا قليل التكلف، ثقة، إلا أنه يرسل كثيرا، مات سنة (96) وهو ابن خمسين أو نحوها. التهذيب (1/ 92)، والتقريب (ص 35).

(2)

مسائل الإمام أحمد برواية حرب الكرماني (ص 428).

رجاله كلهم ثقات، والإسناد صحيح.

وأخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (14/ 606)، وأبو الشيخ في العظمة (5/ 1726)، وابن أبي الدنيا في كتاب "الهواتف"(ص 94)، وأخرجه ابن حبان في صحيحه (14/ 417) عن إبراهيم عن علقمة والأسود عن عبد اللّه قال:"كنا مع رسول صلى الله عليه وسلم اللّه صلى الله عليه وسلم في سفر فدعا بالطعام وكان الطعام يسبح".

(3)

ذكوان، أبو صالح، السمّان، الزيّات، المدني، ثبت، ثقة من أجل الناس وأوثقهم، وكان يجلب الزيت إلى الكوفة، مات سنة (101). تذكرة الحفاظ (1/ 89)، والتقريب (ص 143).

ص: 126

تسبيحه

(1)

.

(1)

مسائل الإمام أحمد برواية حرب الكرماني (ص 428).

رجاله ثقات، إلا العلاء بن عمرو الحنفي، قال ابن حبان في المجروحين (2/ 176): شيخ يروي عن أبي إسحاق الفزاري العجائب لا يجوز الاحتجاج به بحال، وانظر لسان الميزان (4/ 185)، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي (2/ 188).

وأخرجه أبو الشيخ في العظمة (5/ 1741)، وعزاه السيوطي في الدر المنثور (5/ 291) إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم.

التعليق: التسبيح لغة: التَّنزيهُ والتبرئة من النَّقاَئِص، النهاية لابن الأثير (2/ 332)، وانظر العين للخليل الفراهيدي (3/ 151)، ولسان العرب لابن منظور (2/ 471).

وشرعًا: قال شيخ الإسلام: "فإن التسبيح يقتضي التنزيه والتعظيم، والتعظيم يستلزم إثبات المحامد التي يحمد عليها، فيقتضي ذلك تنزيهه وتحميده وتكبيره وتوحيده". مجموع الفتاوى (16/ 125).

وقال ابن القيم: "التسبيح ثناء عليه سبحانه يتضمن التعظيم والتنزيه". المنار المنيف (ص 27).

وقال الشوكاني: "هو تنزيه اللّه سبحانه عما لا يليق به في ذاته وصفاته وأفعاله". فتح القدير (4/ 51).

والتسبيح آثاره جليلة، وفضائله عظيمة، لا يحصي قدرها إلا اللّه عز وجل، ومما يدل =

ص: 127

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= على عظم شأنه، أن اللّه تعالى سبّح نفسه ونزهها عن كل النقائص، وأمر ملائكته ورسله وجميع خلقه أن يسبحوه ويعظموه وينزهوه عن العيوب والنقائص.

قال تعالى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ (116)} [البقرة: 116]، وقال تعالى:{يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ (20)} [الأنبياء: 20]، وقال تعالى:{فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (98)} [الحجر: 98]، وقال تعالى:{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ (41)} [النور: 41]، وقال تعالى:{وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (42)} [الأحزاب: 42].

وقد جاء في هذه الآثار أن الجمادات أيضا تسبح اللّه تعالى وتنزهه، وهذا مصداق قوله تعالى:{وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُم} [الإسر اء: 44].

والتسبيح من أعظم التجارات الأخروية، ومن أسهل الوسائل لكسب الحسنات، قال صلى الله عليه وسلم:"أيعجز أحدكم أن يكسب كل يوم ألف حسنة؟ فسأله سائل من جلسائه، كيف يكسب أحدنا ألف حسنة؟ قال: يسبح مائة تسبيحة، فيكتب له ألف حسنة أو يحط عنه ألف خطيئة". رواه مسلم (2698).

ومن فضائل التسبيح أنه ثقيل في الميزان يوم القيامة، قال صلى الله عليه وسلم: "كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن، سبحان الله العظيم سبحان اللّه =

ص: 128

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وبحمده". رواه البخاري (6406)، ومسلم (2694).

وعن يزيد بن الأصم قال: جاء رجل إلى ابن عباس رضي الله عنه فقال: لا إله إلا اللّه نعرفها لا إله غيره، والحمد للّه نعرفها أن النعم كلها منه، وهو المحمود عليها، واللّه أكبر نعرفها لا شي أكبر منه، فما سبحان اللّه؟ قال: كلمة: رضيها اللّه عز وجل لنفسه، وأمر بها ملائكته، وفزع لها الأخيار من خلقه. أخرجه الطبراني في كتاب "الدعاء" (3/ 1593 رقم 1758) وقال محققه: إسناده حسن وهو موقوف. إلى غير ذلك من فضائل التسبيح التي لا تحصى.

ولقد ضلَّ في مفهوم تسبيح اللّه وتنزيهه عن النقائص، بعض طوائف المسلمين، فظن بعضهم أن من تنزيه اللّه، أن يعطلوه عن أسمائه وصفاته، وظن البعض أن من تنزيه اللّه أن يشبهوا صفاته بصفات خلقه، وظن البعض أن من تنزيه اللّه أن يجعلوا كل شيء في الوجود هو عين وجوده، وظن الآخر أن تنزيه اللّه يستلزم أنه لا يخلق أفعال عباده، لئلا ينسب الشر إليه، وهذا كله باطل بدليل الكتاب والسنة والإجماع. فسبحان اللّه وتعالى عما يقولون علوًا كبيرًا، أما أهل السنة والجماعة فقد عرفوا للّه حقه، فعظموا اللّه تعالى ونزهوه عن كل مالا يليق به، وأثبتوا له كمال الأسماء والصفات والأفعال كما يليق بجلاله وعظيم سلطانه.

يقول ابن القيم: "فسبحان اللّه رب العالمين، تنزيها لربوبيته وإلهيته وعظمته وجلاله، عما لا يليق به من كل ما نسبه إليه الجاهلون الظالمون، فسبحان اللّه، كلمة يحاشى اللّه بها عن كل ما يخالف كماله، من سوء، ونقص وعيب، فهو المنزه التنزيه =

ص: 129