الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة العاشرة: ما جاء في الطيرة
29 -
قال بعضهم: كانت العرب إذا أراد أحدهم أن يخرج، نَفَّر الطير، فإن أخذ -يعني- في طريقٍ أخذ منه، كأنه من الطيرة
(1)
.
(1)
مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله (3/ 1339 - مسألة رقم 1854).
جاء هذا الكلام منسوبا إلى الشافعي، وابن عيينة، والأصمعي كما هو في الحلية لأبي نعيم (9/ 94 - 95)، ومعالم السنن للخطابي (4/ 235).
التعليق: الطِّيَرَة: بكسر الطاء وفتح الياء وقد تُسَكّن هي التَّشاؤُم بالشَّيء، وهو مصدر تَطَّير. النهاية في غريب الأثر (3/ 153).
شرعًا: هي كما قال صلى الله عليه وسلم: "إنما الطيرة: ما أمضاك أو ردك". أخرجه أحمد في المسند (1/ 213).
ولقد جاءت الشريعة بتحريم الطيرة، لأن فيها اعتقاد القلب بغير الله في جلب النفع أو دفع الضر، حيث كانت تصد الناس في الجاهلية عن مقاصدهم، فكان أحدهم إذا أراد السفر نفَّر الطير، فإذا اتجهت يمنة مضى في سفره، وإن اتجهت يسرة تشاءم ورجع. فذم الله تعالى التطير، وبين أن الخير والشر من عنده سبحانه وتعالى.
قال تعالى: {فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [الأعراف: 131]. وقال: {قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (18) =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ} [يس: 18 - 19].
وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من التطير، لأنه ينافي كمال التوحيد الواجب، ويفضي إلى اتخاذ الأنداد مع الله، فقال صلى الله عليه وسلم:"لا عدوى ولا طيرة، ويعجبني الفأل. قالوا: وما الفأل؟ قال: كلمة طيبة". أخرجه البخاري في صحيحه (5776)، ومسلم في صحيحه (2224).
قال ابن القيم في مفتاح دار السعادة (3/ 280) تعليقًا على هذا الحديث:
"وهذا يحتمل أن يكون نفيا، وأن يكون نهيا، أي: لا تطيروا، ولكن قوله في الحديث: "ولا عدوى ولا صفر ولا هامة" يدل على أن المراد النفي، وإبطال هذه الأمور التى كانت الجاهلية تعانيها، والنفي في هذا أبلغ من النهي، لأن النفي يدل على بطلان ذلك وعدم تأثيره والنهي إنما يدل على المنع منه".
وقال صلى الله عليه وسلم: "من ردته الطيرة من حاجة فقد أشرك، قالوا: يا رسول الله ما كفارة ذلك؟ قال: أن يقول أحدهم: اللهم لا خير إلا خيرك ولا طير إلا طيرك ولا إله غيرك". رواه أحمد في المسند (2/ 220). وصححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة (1065).
وعن ابن مسعود رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الطيرة شرك، الطيرة شرك، الطيرة شرك" ثلاثًا، وما منا إلا، ولكن الله يذهبه بالتوكل". أخرجه أبو داود في سننه (4/ 341 رقم 3905). بإسناد صحيح. انظر السلسلة الصحيحة (429).
قيل إن جملة "وما منا إلا؛ ولكن الله يذهبه بالتوكل" ليست من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، =