الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني: ما جاء في القلم وكتابه المقادير
172 -
حدثنا هشام بن عمار الدمشقي قال: حدثني الجراح بن مليح قال: ثنا أرطأة بن المنذر، عن جعفر بن أبي إياس، عن مجاهد عن ابن عباس قال: أول ما خلق الله القلم، فأخذه بيمينه وكلتا يديه يمين،
=
الأولى: الإيمان بأن الله تعالى علم ما الخلق عاملون بعلمه الأزلي.
الثانية: الإيمان بأن الله تعالى كتب مقادير الخلق في اللوح المحفوظ.
الثالثة: الإيمان بأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، وأن مشيئة الله نافذة في خلقه، لا يخرج شيء عنها مثقال ذرة.
الرابعة: الإيمان بأن الله خالق كل شيء، والعباد فاعلون حقيقة، والله خالق أفعالهم، وللعباد قدرة على أعمالهم، ولهم إرادة والله خالقهم وخالق قدرتهم وإرادتهم.
انظر هذه المراتب: "مجموع الفتاوى" لشيخ الإسلام ابن تيمية (3/ 148 - 150)، و"شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل" لابن القيم (1/ 325 - 449)، و"معارج القبول"(3/ 1086 - 1111)، وأعلام السنة المنشورة كلاهما للشيخ حافظ الحكمي (ص 78 - 89)، وتقريب التدمرية للشيخ ابن عثيمين (ص 95 - 98)، وشرح العقيدة الواسطية للشيخ الفوزان (ص 149 - 154).
ثم خلق النون وهي الدواة، ثم خلق الألواح فكتب فيها الدنيا وما يكون فيها حتى تفنى من خلق مخلوق، أو عمل معمول بر أو فجور، أو رزق من حلال أو حرام، أو أثر أو رطب، أو يابس، ثم ألزم كل شيء من ذلك شأنه وبقائه فيها وفناه متى تفنى، ثم جعل على ذلك الكتاب حفظة من الملائكة، وعلى الخلق حفظة، فتأتي ملائكة الخلق ملائكة ذلك الكتاب، فيلقون إليهم النسخ بما يكون في كل يوم وليلة من ذلك، فتهبط ملائكة الخلق إلى الخلق فيحفظونهم بأمر الله، ويسوقونهم إلى ما في أيديهم من تلك النسخ حتى إذا استكمل كل شيء من ذلك شأنه في كل يوم وليلة انقطع، فلم يكن لها مقام ولا بقاء ثم تلا:{إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الجاثية: 29] فقال رجل: يا أبا عباس، ما كنا نرى النسخ إلا فيما تحفظ علينا الملائكة في كل يوم وليلة، قال: ألستم قومًا عربًا [هل]
(1)
يكون نسخه إلا من كتاب قد سبق؟، ثم قرأ {وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [الأنعام: 59] فقال: جميع الرطب واليابس كل شيء
(2)
.
(1)
أضفتها من كتاب الإبانة ليتضح المعنى.
(2)
مسائل الإمام أحمد برواية حرب الكرماني (ص 404). =
173 -
حدثنا أبو معن الرقاشي قال: حدثنا معتمر بن سليمان قال: سمعت عصمة بن عاصم
(1)
يحدث عن عطاء بن السائب، عن مقسم، عن ابن عباس قال: أول ما خلق الله القلم من هجاء [ق ل م]
(2)
قال: فتصور قلمًا من نور طوله كما بين السماء والأرض، فقال: اجر في اللوح المحفوظ قال: رب بماذا؟ قال: بكل شيء يكون إلى قيام الساعة، فلما خلق الله الخلق، ووكل ملائكة يحفظون أعمالهم، فإذا كان يوم القيامة عُرضت أعمالهم عليهم، قيل:{هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الجاثية: 29] من اللوح المحفوظ، فعرض بين الكتابين فإذا هما سواء
(3)
.
=
هذا الأثر مكرر، انظر الأثر رقم (38).
(1)
في الشريعة والإبانة "عصمة أبو عاصم".
(2)
زيادة من المخطوط ل (207/ أ) لم يثبتها المحقق.
(3)
مسائل الإمام أحمد برواية حرب الكرماني (ص 404).
الإسناد فيه: عصمة بن عاصم: لم أقف له على ترجمة، وعطاء بن السائب: صدوق اختلط وقد تقدَّم.
ومِقْسم: هو ابن بُجْرة، صدوق وكان يرسل. التقريب (ص 477).=
174 -
حدثنا سعيد بن منصور قال: ثنا هشيم قال: أخبرنا منصور بن زادان، عن الحكم بن [عتيبة]
(1)
، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس قال: أول ما خلق الله القلم، فأمره أن يكتب ما هو كائن، فكتب فيما كتب:{تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} [المسد: 1]
(2)
.
175 -
قال حرب الكرماني فيما ينقله عن مذهب أئمة العلم وأصحاب الأثر وأهل السنة المعروفين بها: واللوح المحفوظ حق
=
وأخرجه ابن بطة في الإبانة -القسم الثاني- (1/ 340 - 341)، والآجري في الشريعة (184، 348) والدولابي في الكنى والأسماء (2/ 22)، جميعهم من طريق المعتمر بن سليمان به.
(1)
جاء في المطبوع "الحكم بن عيينة" وهو خطأ، والتصحيح من المخطوط ل (207/ أ).
(2)
مسائل الإمام أحمد برواية حرب الكرماني (ص 404).
إسناد رجاله ثقات إلا الحكم بن عتيبة: فهو ثقة إلا أنه ربما دلس. تقدم في الأثر (13).
وأخرجه عبد الله بن أحمد في السنة (2/ 401)، والخطيب في تاريخ بغداد (14/ 205) كلاهما عن هشيم به، وأخرجه اللالكائي في شرح الاعتقاد (986) عن هشيم عن منصور عن الحكم عن مجاهد عن ابن عباس نحوه.
يستنسخ منه أعمال العباد لما سبقت فيه من المقادير والقضاء، والقلم حق كتب الله به مقادير كل شيء وأحصاه في الذكر فتبارك الله وتعالى
(1)
.
(1)
مسائل الإمام أحمد برواية حرب الكرماني (ص 358).
التعليق: هذه الآثار الواردة عن السلف فيها إثبات خلق الله تعالى للقلم، وبه كتب الله مقادير الخلائق إلى أن تقوم الساعة، وقد وردت نصوص من الكتاب والسنة تدل على إثبات القلم وأنه حق.
قال تعالى: {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ} [القلم: 1].
قال ابن جرير في تفسيره (23/ 145): "وأما القلم: فهو القلم المعروف، غير أن الذي أقسم به ربنا من الأقلام: القلم الذي خلقه الله تعالى ذكره، فأمره فجرى بكتابة جميع ما هو كائن إلى يوم القيامة".
وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن أول ما خلق الله القلم، فقال: اكتب، فقال: ما أكتب؟ قال: اكتب القدر ما كان وما هو كائن إلى الأبد".
رواه الترمذي في السنن (4/ 29 رقم 2155)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (133).
وأما الكتابة: فهي المرتبة الثانية من مراتب الإيمان بالقدر، وهي أن تؤمن بأن الله تعالى كتب مقادير الخلائق قبل خلقهم، وأحصى كل شيء في اللوح المحفوظ.=
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ودليل الكتابة: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا} [التوبة: 51].
وقوله تعالى: {وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ} [يس: 12]. وقوله تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [هود: 6].
وقوله تعالى: {لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ (38) يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} [الرعد: الآيات 38 - 39]. وقوله تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [الحديد: 22].
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق
قال: "إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما. ثم يكون علقة مثل ذلك.
ثم يكون مضغة مثل ذلك. ثم يبعث الله ملكا فيؤمر بأربع كلمات، ويقال له: اكتب عمله ورزقه وأجله وشقي أم سعيد. ثم ينفخ فيه الروح. فإن الرجل منكم ليعمل حتى ما يكون بينه وبين الجنة إلا ذراع، فيسبق عليه كتابه فيعمل بعمل أهل النار. ويعمل حتى ما يكون بينه وبين النار إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة". رواه البخاري (3208)، ومسلم (2643).
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، =