الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الأول قول السلف في القرآن أنه كلام الله غير مخلوق
المسألة الأولى: ما جاء في إثبات صفة الكلام لله تعالى
74 -
حدثنا علي بن عبد الله قال: حدثنا سفيان بن عيينة قال: قال عثمان بن عفان: لو أن قلوبنا طهرت ما شبعت من كلام الله
(1)
.
75 -
حدثنا سعيد بن منصور قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن مسلم، عن مسروق قال: قال عبد الله: إذا تكلم الله بالوحي سمع أهل السموات للسموات صلصلة كجر السلسلة على الصفا، فيصعقون فلا يزالون كذلك حتى يأتيهم جبريل، فإذا أتاهم جبريل فُزِّع عن قلوبهم، فيقولون: يا جبريل ماذا قال ربنا؟ فيقول: الحق فينادون: الحق الحق
(2)
.
(1)
مسائل الإمام أحمد برواية حرب الكرماني (ص 422).
الإسناد فيه انقطاع بين سفيان وعثمان بن عفان رضي الله عنهم.
وأخرجه الإمام أحمد بن حنبل في كتاب "فضائل الصحابة"(1/ 479)، وفي كتاب "الزهد"(ص 106)، وأبو نعيم في الحلية (7/ 272، 300) كلاهما من طريق سفيان به.
(2)
مسائل الإمام أحمد برواية حرب الكرماني (ص 409). =
76 -
حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن الحارث قال: حدثنا موسى بن إبراهيم قال: حدثنا شريك، عن مجالد، عن الشعبي، عن عامر بن شهر، قال: وحدثني محمد بن هاشم، عن أبيه، عن أبي عقيل، عن مجالد، عن الشعبي، عن عامر بن شهر
(1)
وكان من الوفد الذين وفدوا على النجاشي من همدان قال: كنا عند النجاشي وجاء ابنٌ له من
= رجال إسناده كلهم ثقات.
وأخرجه البخاري تعليقًا (كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: {وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ} الآية).
وأخرجه عن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعًا: أبو داود في السنن (كتاب السنة، باب في القرآن، 5/ 243 رقم 4705)، وابن حبان في صحيحه (كتاب الوحي، باب: ذكر وصف أهل السماوات عند نزول الوحي، ح 37) وهو حديث صحيح. انظر السلسلة الصحيحة (1293).
والحديث مخرج عند البخاري (7481)، ومسلم (2229) بلفظ: "إذا قضى الله الأمر في السماء
…
الحديث".
(1)
عامر بن شهر الهمداني، أبو الكَنود، صحابي نزل الكوفة، وهو أول من اعترض على الأسود الكذاب باليمن. الإصابة (3/ 583)، والتقريب (ص 230).
الكتاب، فقرأ سورة من الزبور
(1)
، قال: فضحك
(2)
، فقال لي النجاشي أتضحك من كلام الرحمن
(3)
.
(1)
في مسند أحمد وسنن أبي داود "من الإنجيل".
(2)
كذا في المخطوط ل (219/ أ)، وعند مسند أحمد وسنن أبي داود "فضحكتُ".
(3)
مسائل الإمام أحمد برواية حرب الكرماني (ص 423).
الإسناد الأول: فيه إبراهيم بن الحارث بن مصعب البغدادي، صدوق. التقريب (ص 28). وموسى بن إبراهيم بن كثير الأنصاري المدني، صدوق يخطئ. التقريب (ص 481).
وشريك بن عبد الله النخعي الكوفي القاضي، صدوق يخطئ كثيرا، تغير حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة. تقدم في الأثر رقم (14). ومُجالد بن سعيد الهمداني، ليس بالقوي، وقد تغير في آخر عمره. التقريب (ص 453). والإسناد الثاني: فيه محمد بن هاشم: هو ابن سعيد القرشي الشامي، صدوق. التقريب (ص 444)، وأبوه هاشم بن سعيد القرشي: لم أقف له على ترجمة. وقد ذكره ابن حجر ضمن من روى عنهم محمد بن هاشم. انظر تهذيب التهذيب (3/ 720). وأبو عقيل: هو عبد الله بن عقيل الثقفي، صدوق. التقريب (ص 256).
وأخرجه أبو داود في السنن (كتاب السنة، باب في القرآن، 5/ 243 رقم 4703) من طريق مجالد به، وأحمد في المسند (3/ 428) من طريق محمد بن مسلم ابن أبي الوضاح عن إسماعيل بن أبي خالد و مجالد بن سعيد عن الشعبي به نحوه، وقال المحقق: إسناده صحيح على شرط مسلم من جهة إسماعيل بن أبي خالد.
77 -
حدثنا الحسن بن الصباح قال: ثنا حاجب
(1)
، عن بقية بن الوليد، عن أبي بكر بن أبي مريم، عن عطية بن قيس الكلابي
(2)
قال: ما تقرب العباد إلى الله بشيء أحب إليه من كلامه، ولا ردوا إليه كلاما أحب إليه مما خرج منه
(3)
.
(1)
هو ابن الوليد بن ميمون الأعور الشامي، صدوق. التقريب (ص 85).
(2)
عطية بن قيس الكلابي، وقيل بالعين المهملة بدل الموحدة، أبو يحيى الشامي، ثقة، مقرئ، مات سنة (121) وقد جاوز المائة. التهذيب (3/ 115 - 116)، والتقريب (ص 333).
(3)
مسائل الإمام أحمد برواية حرب الكرماني (ص 421).
الإسناد ضعيف: فيه الحسن بن الصباح: أبو علي الواسطي، صدوق يهم. التقريب (ص 101).
وأبو بكر بن عبد الله بن أبي مريم الغساني الشامي وقد ينسب إلى جده، ضعيف، وكان قد سُرق بيته فاختلط. التقريب (ص 550)، وبقية بن الوليد: صدوق كثير التدليس عن الضعفاء. التقريب (ص 65).
ولم أجد من أخرجه عن عطية بن قيس، لكن جاء عن فروة بن نوفل قال: أخذ خباب ابن الأرت بيدي فقال: "يا هناه تقرب إلى الله بما استطعت فإنك لست تتقرب إلى الله بشيء أحب إليه من كلامه". أخرجه اللالكائي في شرح الاعتقاد (558)، وعبد الله بن أحمد في السنة (1/ 137)، والحاكم في المستدرك (2/ 479) =
78 -
حدثنا عباس بن عبد العظيم قال: ثنا علي بن عبد الله وزيد بن مبارك قالا: حدثنا محمد بن عمروبن مقسم، عن عطاء بن مسلم، عن وهب بن منبه قال: كلم الله موسى في ألف مقام، كلما كلمه رُئي النور على وجهه ثلاثة أيام، وما قرب موسى امرأة منذ كلمه ربه
(1)
.
= وقال: صحيح على شرطهما، ووافقه الذهبي، وأخرجه البيهقي في الاعتقاد (ص 98)، وفي الأسماء والصفات (1/ 376) وقال: هذا إسناد صحيح.
(1)
مسائل الإمام أحمد برواية حرب الكرماني (ص 424).
الإسناد فيه: زيد بن المبارك الصنعاني، صدوق عابد. التقريب (ص 164).
ومحمد بن عمرو بن مقسم: ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (8/ 31) ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا، وأورده ابن حبان في الثقات (9/ 51).
وعطاء بن مسلم: هو الصنعاني، قال ابن حبان في كتابه مشاهير علماء الأمصار (ص 192):"عطاء بن مسلم من أصحاب وهب بن منبه قليل الحديث يُغرب".
ونقل ابن حجر في ترجمته عن البخاري أنه قال: "لا أعرفه". تهذيب التهذيب (3/ 108).
وأخرجه عبد الله بن أحمد في السنة (1/ 292)، وأبو نعيم في الحلية (4/ 50)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (61/ 114) كلهم من طريق محمد بن عمرو بن مقسم به.=
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قلت: لعل وهب بن منبه أخذ هذا عن أهل الكتاب، وقد عُرف بكثرة الأخذ عنهم كما ذكر ذلك الذهبي في الميزان (7/ 148).
التعليق: هذه الآثار الواردة عن السلف تدل على إثبات صفة الكلام لله تعالى، وهي صفة ذاتية فعلية تتعلق بالمشيئة والإرادة، وقد دل الكتاب والسنة وإجماع السلف على أن الله تعالى يتكلم متى شاء، وكيف شاء. والله يتكلم بحرف وصوت يسمع، وإن أنكر ذلك أهل الزيغ والضلال، فلا عبرة بعقولهم السقيمة مقابل النصوص الصريحة الدالة على إثبات هذه الصفة. فمن الكتاب العزيز:
قوله تعالى: {وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [البقرة: 75]. وقوله تعالى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ} [البقرة: 253]. وقوله تعالى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: 164]. وقوله تعالى: {قَالَ يَامُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي} [الأعراف: 144]. وقوله تعالى: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ} [الأعراف: 143].
وقوله تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} [التوبة: 6].
ومن السنة المطهرة:
ما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "احتج آدم وموسى، فقال له
موسى: يا آدم أنت أبونا خيبتنا وأخرجتنا من الجنة، قال له آدم: يا موسى =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= اصطفاك الله بكلامه، وخط لك بيده، أتلومني على أمر قدره الله علي قبل أن يخلقني بأربعين سنة؟ فحج آدم موسى فحج آدم موسى ثلاثًا". رواه البخاري (6614)، ومسلم (2652).
وعن عدي بن حاتم رضي الله عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما منكم من أحد إلا وسيكلمه الله يوم القيامة ليس بين الله وبينه ترجمان". رواه البخاري (6539)، ومسلم (1016). ونحو هذه النصوص من الكتاب والسنة كثير.
وأما السلف فمجمعون على إثبات صفة الكلام لله تعالى من غير أن يكون مشابها لكلام المخلوقين.
وممن نقل إجماع السلف على ذلك أبو الحسن الأشعري في كتابه رسالة إلى أهل الثغر (ص 215) حيث قال: "وأجمعوا على إثبات حياة الله عز وجل لم يزل بها حيا، وعلما لم يزل به عالمًا، وقدرة لم يزل بها قادرا، وكلاما لم يزل به متكلمًا".
قال ابن أبي زمنين في أصول السنة (ص 82): "ومن قول أهل السنة: أن القرآن كلام الله وتنزيله، ليس بخالق ولا مخلوق، منه تبارك وتعالى بدأ، وإليه يعود".
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (5/ 535): "فإن مذهب السلف: أن الله لم يزل متكلما إذا سْاء، وكلماته لا نهاية لها، وكل كلام مسبوق بكلام قبله لا إلى نهاية محدودة، وهو سبحانه يتكلم بقدرته ومشيئته".
قال ابن القيم في مختصر الصواعق (4/ 1301 - 1302): "وقد نوّع الله تعالى هذه الصفة في إطلاقها عليه تنويعا يستحيل معه نفي حقائقها، بل ليس في الصفات الإلهية أظهر من صفة الكلام والعلو والفعل والقدرة، بل حقيقة =