المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب السابع عشر: صفة المعية - الآثار الواردة عن السلف في العقيدة من خلال كتب المسائل المروية عن الإمام أحمد - جـ ١

[أسعد بن فتحي الزعتري]

فهرس الكتاب

- ‌المقدِّمة

- ‌أسباب اختيار الموضوع:

- ‌أهمية الموضوع:

- ‌خطة البحث:

- ‌منهج البحث

- ‌شكر وتقدير

- ‌التمهيد

- ‌المبحث الأولتعريفات عامة

- ‌المطلب الأول تعريف الأثر لغة واصطلاحًا

- ‌أ - تعريف الأثر لغة:

- ‌ب - تعريف الأثر اصطلاحًا:

- ‌المطلب الثاني تعريف السلف لغة واصطلاحًا

- ‌أ - تعريف السلف لغة:

- ‌ب - تعريف السلف اصطلاحًا:

- ‌المطلب الثالث تعريف العقيدة لغة واصطلاحًا

- ‌أ - تعريف العقيدة لغة:

- ‌ب - العقيدة اصطلاحًا:

- ‌المبحث الثاني:التعريف بكتب المسائل المروية عن الإمام أحمد ورواتها

- ‌المطلب الأول التعريف بكتاب: المسائل المروية عن الإمام أحمد برواية أبي داود السجستاني صاحب السنن

- ‌المسألة الأولى: ترجمة مختصرة لأبي داود السجستاني:

- ‌طلبه للعلم وذِكْرُ بعض مَن سمع منهم:

- ‌بعض تلاميذه:

- ‌ثناء العلماء عليه:

- ‌بعض مؤلفاته:

- ‌وفاته:

- ‌المسألة الثانية: نبذة مختصرة حول كتابه المسائل:

- ‌منهج أبي داود في مسائله:

- ‌المطلب الثاني التعريف بكتاب: المسائل المروية عن الإمام أحمد برواية إسحاق بن إبراهيم بن هانئ النيسابوري

- ‌المسألة الأولى: ترجمة مختصرة للإمام إسحاق بن إبراهيم بن هانئ:

- ‌اسمه ونسبه ومولده:

- ‌شيوخه:

- ‌تلاميذه:

- ‌ثناء العلماء عليه ووفاته:

- ‌المسألة الثانية: تعريف موجز بمسائل ابن هانئ:

- ‌منهجه في كتاب المسائل:

- ‌المطلب الثالث التعريف بكتاب: المسائل المروية عن الإمام أحمد برواية إسحاق بن منصور الكوسج

- ‌المسألة الأولى: ترجمة إسحاق بن منصور:

- ‌ثناء العلماء عليه:

- ‌بعض شيوخه:

- ‌بعض تلاميذه:

- ‌مؤلفاته:

- ‌وفاته:

- ‌المسألة الثانية: التعريف بمسائل إسحاق بن منصور

- ‌منهج إسحاق بن منصور في مسائله:

- ‌المطلب الرابع التعريف بكتاب المسائل المروية عن الإمام أحمد برواية حرب بن إسماعيل الكرماني

- ‌المسألة الأولى: ترجمة حرب الكرماني:

- ‌اسمه ونسبه وولادته:

- ‌طلبه للعلم:

- ‌ذكر بعض شيوخه:

- ‌بعض تلاميذه:

- ‌ثناء العلماء عليه:

- ‌مؤلفاته:

- ‌وفاته:

- ‌المسألة الثانية: التعريف بمسائل حرب الكرماني

- ‌منهج الإمام حرب الكرماني في مسائله:

- ‌المطلب الخامس التعريف بكتاب: المسائل المروية عن الإمام أحمد برواية ابنه صالح

- ‌المسألة الأولى: ترجمة صالح بن أحمد:

- ‌اسمه وكنيته وولادته:

- ‌طلبه للعلم:

- ‌بعض شيوخ صالح غير الإمام أحمد:

- ‌مصنفاته ومروياته:

- ‌ثناء العلماء عليه:

- ‌وفاته:

- ‌المسألة الثانية: التعريف بكتابه المسائل:

- ‌منهج صالح في مسائله:

- ‌المطلب السادس التعريف بكتاب: المسائل المروية عن الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله

- ‌المسألة الأولى: ترجمة الإمام عبد الله بن أحمد:

- ‌اسمه ونسبه:

- ‌ولادته ونشأته:

- ‌طلبه للعلم:

- ‌بعض شيوخه:

- ‌بعض تلاميذه:

- ‌ثناء العلماء عليه:

- ‌مروياته ومؤلفاته

- ‌أولا: مروياته:

- ‌ثانيا: مؤلفاته

- ‌وفاته:

- ‌المسألة الثانية: التعريف بمسائله

- ‌قيمة هذه المسائل العلمية:

- ‌ميزة مسائل عبد الله:

- ‌منهج الإمام عبد الله في مسائله:

- ‌الباب الأول:الآثار الواردة من السلف في التوحيد والقَدَر ومباحث الإيمان

- ‌الفصل الأول:الآثار الواردة عن السلف في مسائل التوحيد

- ‌المبحث الأول:الآثار الواردة في توحيد الربوبية والألوهية

- ‌المطلب الأول: في توحيد الربوبية

- ‌المسألة الأولى: ما جاء في خلق السموات والأرض

- ‌المسألة الثانية: ما جاء في خلق الشمس والقمر

- ‌المسألة الثالثة: ما جاء في أخنع اسم عند اللّه يوم القيامة

- ‌المطلب الثاني: الآثار الواردة في توحيد الألوهية

- ‌المسألة الأولى: ما جاء في الإخلاص

- ‌المسألة الثانية: ما جاء في التسبيح

- ‌المسألة الثالثة: ما جاء في الاستشفاء بالقرآن

- ‌المسألة الرابعة: ما جاء في التمائم

- ‌المسألة الخامسة: ما جاء في قتل السحرة

- ‌المسألة السادسة: ما جاء في النهي عن الذبح لغير اللّه

- ‌المسألة السابعة: الحكم فيمن سبَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌المسألة الثامنة: ما جاء في النهي عن قول "ما شاء الله وشئت

- ‌المسألة التاسعة: ما جاء في قول الرجل "لعمري

- ‌المسألة العاشرة: ما جاء في الطيرة

- ‌المسألة الحادية عشرة: النهي عن سب الرِّيح

- ‌المسألة الثانية عشرة: ما جاء في التصاوير

- ‌المبحث الثاني:الآثار الواردة في توحيدالأسماء والصفات

- ‌تمهيد:

- ‌المطلب الأول: ما جاء فى بعض أسماء الله وصفاته

- ‌المطلب الثاني: صفة الوجه لله تعالى

- ‌المطلب الثالث: صفة اليدين لله تعالى

- ‌المطلب الرابع: صفة الأصابع لله تعالى

- ‌المطلب الخامس: صفة القدم لله تعالى

- ‌المطلب السادس: صفة العين لله تعالى

- ‌المطلب السابع: صفة السمع لله تعالى

- ‌المطلب الثامن: صفة العلم لله تعالى

- ‌المطلب التاسع: صفة المغفرة لله تعالى

- ‌المطلب العاشر: صفة المقت لله تعالى

- ‌المطلب الحادي عشر: هل يقال أن لله تعالى حدًا

- ‌المطلب الثاني عشر: صفة القرب لله تعالى

- ‌المطلب الثالث عشر: صفة العلو لله تعالى

- ‌المطلب الرابع عشر: ما جاء في الاستواء

- ‌المطلب الخامس عشر: ما جاء في العرش

- ‌المطلب السادس عشر: صفة النزول لله تعالى

- ‌المطلب السابع عشر: صفة المعية

- ‌المطلب الثامن عشر: ما جاء في الحُجُب

- ‌المطلب التاسع عشر ما جاء في إثبات رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة

- ‌المطلب العشرون: ما جاء في الصورة

- ‌المبحث الثالث: الآثار الواردة في القرآن، وأنه كلام الله غير مخلوق

- ‌المطلب الأول قول السلف في القرآن أنه كلام الله غير مخلوق

- ‌المسألة الأولى: ما جاء في إثبات صفة الكلام لله تعالى

- ‌المسألة الثانية: القرآن كلام الله غير مخلوق

- ‌المطلب الثاني: قول السلف فيمن زعم أن القرآن مخلوق

- ‌المسألة الأولى: ذمهم لمن قال بخلق القرآن

- ‌المسألة الثانية: ذم السلف لمن وقف في القرآن

- ‌المسألة الثالثة: ذم السلف لمن قال باللفظ

- ‌الفصل الثاني:الآثار الواردة عن السلف في القدر

- ‌المبحث الأول: قول السلف في القدر

- ‌المطلب الأول: ما جاء في إثبات القدر

- ‌المطلب الثاني: ما جاء في القلم وكتابه المقادير

- ‌المطلب الثالث: كلٌ ميسر لما خلق له

- ‌المبحث الثاني: ذم السلف للقدرية

- ‌الفصل الثالث:الآثار الواردة عن السلف في مباحث الإيمان

- ‌المبحث الأول:الآثار الواردة في أن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص

- ‌المطلب الأول: ما جاء في مسمى الإيمان

- ‌المطلب الثاني: العلاقة بين الإيمان والإسلام

- ‌المطلب الثالث: ما جاء في زيادة الإيمان ونقصانه

- ‌المبحث الثاني:الآثار الواردة في الاستتثناء في الإيمان

- ‌المطلب الأول: قول السلف فى الاستثناء في الإيمان

- ‌المطلب الثاني: حكم سؤال الرجل غيره أمؤمن أنت

- ‌المطلب الثالث: الأسماء والأحكام

- ‌المبحث الثالث:الآثار الواردة في الإرجاء

- ‌المطلب الأول: حقيقة مذهب الإرجاء

- ‌المطلب الثاني: تحذير السلف من المرجئة

- ‌الباب الثاني:الآثار الواردة عن السلف في الصحابةوالخلافة والإمامة وفي الاتباع

- ‌الفصل الأول:الأثار الواردة عن السلف في الصحابة

- ‌المبحث الأول: ما جاء في مدح الصحابة وذكر محاسنهم

- ‌المبحث الثاني: التحذير من الطعن في الصحابة وسبِّهم

الفصل: ‌المطلب السابع عشر: صفة المعية

‌المطلب السابع عشر: صفة المعية

66 -

حدثنا أبو بكر محمد بن يزيد قال: سمعت عبيد الله بن موسى قال: سئل سفيان عن قوله {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} [الحديد: 4] قال: علمه

(1)

.

= واحدة".

وانظر: كتاب التوحيد لابن مندة (291 - 300)، و"شرح حديث النزول" لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وهو موجود ضمن مجموع الفتاوى (5/ 312 - 585)، فلم يدع شيئًا يتعلق بهذه الصفة إلا أودعها في هذا الكتاب، فجزاه الله خيرًا.

(1)

مسائل الإمام أحمد برواية حرب الكرماني (ص 412).

الإسناد فيه: محمد بن يزيد: هو ابن عبد الملك الأسفاطي البصري: صدوق. التقريب (ص 447). وعبيد الله بن موسى بن أبي المختار باذام العبسي، وهو ثقة كان يتشيع. التقريب (ص 315). وهناك واسطة بين عبيد الله وسفيان الثوري لم تذكر في هذا الإسناد، وهو معدان فيكون هذا الإسناد منقطعًا.

والأثر أخرجه أيضا عبد الله بن الإمام أحمد في السنة (1/ 356 - 307)، واللالكائي في شرح أصول الاعتقاد (672)، وابن بطة في الإبانة -القسم الثالث- (3/ 154 - 155) كلهم من طريق عبد الله -بدل عبيد الله- بن موسى =

ص: 237

67 -

حدثنا سعيد بن نوح قال: ثنا أبي نوح بن مضروب

(1)

، قال: ثنا بكير بن معروف، عن مقاتل بن حيان، عن الضحاك بن مزاحم

(2)

في قول الله: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ} [المجادلة: 7]، قال: هو تبارك وتعالى على العرش وعلمه معهم

(3)

.

= عن معدان قال: سألت سفيان الثوري

الخ، وجاء عند الآجري في الشريعة (654) عن "عبيد الله" بن موسى عن معدان، ولعل هذا هو الصواب.

وأخرجه البخاري في خلق أفعال العباد (28) تعليقًا، وأورده الذهبي في كتاب العلو (ص 137 - 138)، وكتاب العرش (2/ 184 - 185) وقال:"وهذا الأثر ثابت عن معدان رواه غير واحد عنه".

(1)

نوح بن ميمون بن عبد الحميد البغدادي، يعرف بالمضروب، ثقة. التقريب (ص 498).

(2)

الضحاك بن مزاحم الهلالي، أبو القاسم أو أبو محمد الخراساني، صدوق كثير الإرسال، مات بعد المائة. التقريب (ص 221).

(3)

مسائل الإمام أحمد برواية حرب الكرماني (ص 412).

الإسناد فيه: مقاتل بن حيان: قال ابن حجر في التقريب (ص 476): صدوق فاضل. =

ص: 238

68 -

قال حرب الكرماني فيما ينقله عن مذهب أئمة العلم وأصحاب الأثر وأهل السنة المعروفين بها: وهو على العرش فوق السماء السابعة، ودونه حجب من نار ونور وظلمة وما هو أعلم بها، فإن احتج مبتدع أو مخالف أو زنديق بقول الله تبارك وتعالى اسمه {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} [ق: 16]

(1)

، {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} [الحديد: 4]، وبقوله {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ} [المجادلة:7]، ونحو ذلك من متشابه القران فقل: إنما يعني بذلك العلم؛ لأن الله تبارك وتعالى على العرش فوق السماء السابعة العليا يعلم ذلك

= وسعيد بن نوح الضبعي: قال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (4/ 69): "سألت أبي عنه فقال: كان صدوقًا من خيار عباد الله". وبكير بن معروف الأسدي: صدوق فيه لين. التقريب (ص 67).

وأخرجه عبد الله بن الإمام أحمد في السنة (1/ 354)، وابن بطة في الإبانة -القسم الثالث- (3/ 152 - 153)، والآجري في الشريعة (655)، والبيهقي في الأسماء والصفات (2/ 173)، كلهم من طريق نوح بن ميمون به.

(1)

قلت: والمراد بالقرب في هذه الآية على الراجح: هو قرب الملائكة. انظر مدارج السالكين لابن القيم (2/ 290)، ومجموع الفتاوى لابن تيمية (5/ 494).

ص: 239

كله وهو بائن من خلقه لا يخلو من علمه مكان

(1)

.

(1)

مسائل الإمام أحمد برواية حرب الكرماني (ص 359).

التعليق: هذه الآثار الواردة عن السلف تدل على إثبات صفة المعية لله تعالى، وقد دلت النصوص من الكتاب والسنة المطهرة وأقوال السلف الصالح على إثبات هذه الصفة، وأن الله مع خلقه بعلمه وهو مستو على عرشه.

فمن الكتاب العزيز: قوله تعالى: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [المجادلة: 7]. وقوله تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} [الحديد: 4]. وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة: 153].

ومن السنة المطهرة: ما رواه البيهقي في السنن الكبرى (4/ 95) والطبراني في المعجم الصغير (1/ 334)، وفي مسند الشاميين (3/ 93) عن عبد الله بن معاوية الغاضري رضي الله عنه:"أن رجلا قال: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم وما تزكية المرء نفسه؟ قال: أن يعلم أن الله معه حيثما كان". وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (1046).

وأخرج مسلم (2675) عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يقول الله عز وجل: أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه حين يذكرني

".

ومن أقوال السلف الصالح رحمهم الله: قال الإمام أبو عمر الطلمنكي: "وأجمع المسلمون من أهل السنة، على أن معنى {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} [الحديد: 4]، ونحو ذلك من القرآن، أن ذلك علمه، وأن الله فوق السموات بذاته، مستويًا على =

ص: 240

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= عرشه كيف شاء". نقل كلامه هذا شيخ الإسلام في بيان تلبيس الجهمية (1/ 186).

وقال ابن عبد البر في التمهيد (7/ 138 - 139): "وأما احتجاجهم بقوله عز وجل: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} [المجادلة: 7] فلا حجة لهم في ظاهر هذه الَاية؛ لأن علماء الصحابة والتابعين الذين حملت عنهم التأويل في القرآن قالوا في تأويل هذه الآية: هو على العرش وعلمه في كل مكان".

فهذه النصوص تدل على أن الله تعالى معنا بعلمه وليس بذاته كما تقوله الحلولية من الصوفية وغيرهم فهو مستو على عرشه بائن من خلقه، إذ لا منافاة بين علو الله على عرشه ومعيته لخلقه، لأن الله ليس كمثله شيء". وانظر فتح رب البرية بتلخيص الحموية (ص 52 - 53) للشيخ محمد بن عثيمين.

ومعية الله لخلقه تنقسم على قسمين:

القسم الأول: معية عامة لجميع الخلق: وهي معية العلم والإحاطة والقدرة، ودليلها قوله تعالى:{وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} [الحديد: 4].

القسم الثاني: معية خاصة: وهي معية الله تعالى لأوليائه المتقين، بنصرهم وتأييدهم وحفظهم، قال تعالى:{وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} [البقرة: 194]. وقال تعالى: {وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ} [الأنفال: 19]. وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} [النحل: 128]. =

ص: 241

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= فكلمة "مع" تدل على مطلق المصاحبة، ثم يتضح معناها بحسب السياق التي تكون فيه.

يقول ابن القيم في مختصر الصواعق (4/ 1246 - 1247): "وغاية ما تدل عليه "مع" المصاحبة والموافقة والمقارنة في أمر من الأمور، وذلك الاقتران في كل موضع بحسبه يلزمه لوازم بحسب متعلقه.

فإن قيل: الله مع خلقه بطريق العموم، كان من لوازم ذلك علمه بهم وتدبيره لهم وقدرته عليهم، وإذا كان ذلك خاصًا كقوله:{إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} [النحل: 128] كان من لوازم ذلك معيته لهم بالنصرة والتأييد والمعونة". ثم ذكر أن المعية تنقسم إلى قسمين، والأدلة على كل قسم.

يقول شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (5/ 104): "ففرق بين معنى المعية وبين مقتضاها وربما صار مقتضاها من معناها فيختلف باختلاف المواضع.

فلفظ المعية قد استعمل في الكتاب والسنة في مواضع، يقتضي في كل موضع أمورًا لا يقتضيها في الموضع الآخر؛ فإما أن تختلف دلالتها بحسب المواضع، أو تدل على قدر مشترك بين جميع مواردها -وإن امتاز كل موضع بخاصية- فعلى التقديرين ليس مقتضاها أن تكون ذات الرب عز وجل مختلطة بالخلق، حتى يقال قد صرفت عن ظاهرها".

ص: 242