الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب السابع عشر: صفة المعية
66 -
حدثنا أبو بكر محمد بن يزيد قال: سمعت عبيد الله بن موسى قال: سئل سفيان عن قوله {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} [الحديد: 4] قال: علمه
(1)
.
= واحدة".
وانظر: كتاب التوحيد لابن مندة (291 - 300)، و"شرح حديث النزول" لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وهو موجود ضمن مجموع الفتاوى (5/ 312 - 585)، فلم يدع شيئًا يتعلق بهذه الصفة إلا أودعها في هذا الكتاب، فجزاه الله خيرًا.
(1)
مسائل الإمام أحمد برواية حرب الكرماني (ص 412).
الإسناد فيه: محمد بن يزيد: هو ابن عبد الملك الأسفاطي البصري: صدوق. التقريب (ص 447). وعبيد الله بن موسى بن أبي المختار باذام العبسي، وهو ثقة كان يتشيع. التقريب (ص 315). وهناك واسطة بين عبيد الله وسفيان الثوري لم تذكر في هذا الإسناد، وهو معدان فيكون هذا الإسناد منقطعًا.
والأثر أخرجه أيضا عبد الله بن الإمام أحمد في السنة (1/ 356 - 307)، واللالكائي في شرح أصول الاعتقاد (672)، وابن بطة في الإبانة -القسم الثالث- (3/ 154 - 155) كلهم من طريق عبد الله -بدل عبيد الله- بن موسى =
67 -
حدثنا سعيد بن نوح قال: ثنا أبي نوح بن مضروب
(1)
، قال: ثنا بكير بن معروف، عن مقاتل بن حيان، عن الضحاك بن مزاحم
(2)
في قول الله: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ} [المجادلة: 7]، قال: هو تبارك وتعالى على العرش وعلمه معهم
(3)
.
= عن معدان قال: سألت سفيان الثوري
…
الخ، وجاء عند الآجري في الشريعة (654) عن "عبيد الله" بن موسى عن معدان، ولعل هذا هو الصواب.
وأخرجه البخاري في خلق أفعال العباد (28) تعليقًا، وأورده الذهبي في كتاب العلو (ص 137 - 138)، وكتاب العرش (2/ 184 - 185) وقال:"وهذا الأثر ثابت عن معدان رواه غير واحد عنه".
(1)
نوح بن ميمون بن عبد الحميد البغدادي، يعرف بالمضروب، ثقة. التقريب (ص 498).
(2)
الضحاك بن مزاحم الهلالي، أبو القاسم أو أبو محمد الخراساني، صدوق كثير الإرسال، مات بعد المائة. التقريب (ص 221).
(3)
مسائل الإمام أحمد برواية حرب الكرماني (ص 412).
الإسناد فيه: مقاتل بن حيان: قال ابن حجر في التقريب (ص 476): صدوق فاضل. =
68 -
قال حرب الكرماني فيما ينقله عن مذهب أئمة العلم وأصحاب الأثر وأهل السنة المعروفين بها: وهو على العرش فوق السماء السابعة، ودونه حجب من نار ونور وظلمة وما هو أعلم بها، فإن احتج مبتدع أو مخالف أو زنديق بقول الله تبارك وتعالى اسمه {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} [ق: 16]
(1)
، {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} [الحديد: 4]، وبقوله {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ} [المجادلة:7]، ونحو ذلك من متشابه القران فقل: إنما يعني بذلك العلم؛ لأن الله تبارك وتعالى على العرش فوق السماء السابعة العليا يعلم ذلك
= وسعيد بن نوح الضبعي: قال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (4/ 69): "سألت أبي عنه فقال: كان صدوقًا من خيار عباد الله". وبكير بن معروف الأسدي: صدوق فيه لين. التقريب (ص 67).
وأخرجه عبد الله بن الإمام أحمد في السنة (1/ 354)، وابن بطة في الإبانة -القسم الثالث- (3/ 152 - 153)، والآجري في الشريعة (655)، والبيهقي في الأسماء والصفات (2/ 173)، كلهم من طريق نوح بن ميمون به.
(1)
قلت: والمراد بالقرب في هذه الآية على الراجح: هو قرب الملائكة. انظر مدارج السالكين لابن القيم (2/ 290)، ومجموع الفتاوى لابن تيمية (5/ 494).
كله وهو بائن من خلقه لا يخلو من علمه مكان
(1)
.
(1)
مسائل الإمام أحمد برواية حرب الكرماني (ص 359).
التعليق: هذه الآثار الواردة عن السلف تدل على إثبات صفة المعية لله تعالى، وقد دلت النصوص من الكتاب والسنة المطهرة وأقوال السلف الصالح على إثبات هذه الصفة، وأن الله مع خلقه بعلمه وهو مستو على عرشه.
فمن الكتاب العزيز: قوله تعالى: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [المجادلة: 7]. وقوله تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} [الحديد: 4]. وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة: 153].
ومن السنة المطهرة: ما رواه البيهقي في السنن الكبرى (4/ 95) والطبراني في المعجم الصغير (1/ 334)، وفي مسند الشاميين (3/ 93) عن عبد الله بن معاوية الغاضري رضي الله عنه:"أن رجلا قال: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم وما تزكية المرء نفسه؟ قال: أن يعلم أن الله معه حيثما كان". وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (1046).
وأخرج مسلم (2675) عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يقول الله عز وجل: أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه حين يذكرني
…
".
ومن أقوال السلف الصالح رحمهم الله: قال الإمام أبو عمر الطلمنكي: "وأجمع المسلمون من أهل السنة، على أن معنى {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} [الحديد: 4]، ونحو ذلك من القرآن، أن ذلك علمه، وأن الله فوق السموات بذاته، مستويًا على =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= عرشه كيف شاء". نقل كلامه هذا شيخ الإسلام في بيان تلبيس الجهمية (1/ 186).
وقال ابن عبد البر في التمهيد (7/ 138 - 139): "وأما احتجاجهم بقوله عز وجل: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} [المجادلة: 7] فلا حجة لهم في ظاهر هذه الَاية؛ لأن علماء الصحابة والتابعين الذين حملت عنهم التأويل في القرآن قالوا في تأويل هذه الآية: هو على العرش وعلمه في كل مكان".
فهذه النصوص تدل على أن الله تعالى معنا بعلمه وليس بذاته كما تقوله الحلولية من الصوفية وغيرهم فهو مستو على عرشه بائن من خلقه، إذ لا منافاة بين علو الله على عرشه ومعيته لخلقه، لأن الله ليس كمثله شيء". وانظر فتح رب البرية بتلخيص الحموية (ص 52 - 53) للشيخ محمد بن عثيمين.
ومعية الله لخلقه تنقسم على قسمين:
القسم الأول: معية عامة لجميع الخلق: وهي معية العلم والإحاطة والقدرة، ودليلها قوله تعالى:{وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} [الحديد: 4].
القسم الثاني: معية خاصة: وهي معية الله تعالى لأوليائه المتقين، بنصرهم وتأييدهم وحفظهم، قال تعالى:{وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} [البقرة: 194]. وقال تعالى: {وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ} [الأنفال: 19]. وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} [النحل: 128]. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= فكلمة "مع" تدل على مطلق المصاحبة، ثم يتضح معناها بحسب السياق التي تكون فيه.
يقول ابن القيم في مختصر الصواعق (4/ 1246 - 1247): "وغاية ما تدل عليه "مع" المصاحبة والموافقة والمقارنة في أمر من الأمور، وذلك الاقتران في كل موضع بحسبه يلزمه لوازم بحسب متعلقه.
فإن قيل: الله مع خلقه بطريق العموم، كان من لوازم ذلك علمه بهم وتدبيره لهم وقدرته عليهم، وإذا كان ذلك خاصًا كقوله:{إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} [النحل: 128] كان من لوازم ذلك معيته لهم بالنصرة والتأييد والمعونة". ثم ذكر أن المعية تنقسم إلى قسمين، والأدلة على كل قسم.
يقول شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (5/ 104): "ففرق بين معنى المعية وبين مقتضاها وربما صار مقتضاها من معناها فيختلف باختلاف المواضع.
فلفظ المعية قد استعمل في الكتاب والسنة في مواضع، يقتضي في كل موضع أمورًا لا يقتضيها في الموضع الآخر؛ فإما أن تختلف دلالتها بحسب المواضع، أو تدل على قدر مشترك بين جميع مواردها -وإن امتاز كل موضع بخاصية- فعلى التقديرين ليس مقتضاها أن تكون ذات الرب عز وجل مختلطة بالخلق، حتى يقال قد صرفت عن ظاهرها".