الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الثامنة: ما جاء في النهي عن قول "ما شاء الله وشئت
27 -
قلت تكره أن يقول الرجل ما شئت
(1)
؟ قال: كان عثمان رضي الله عنه يكرهه
(2)
، وإن قال إن شئت، أحسن. قال إسحاق: نَهيهُما واحد إلا أنه يبدأ ما شاء الله عز وجل ثم شئت
(3)
.
= المعهودة لديه. وهذا كله إجماع من العلماء وأئمة الفتوى من لدن الصحابة رضوان الله عليهم إلى هلم جرا".
قلت: وقد دل أثر أبي برزة أيضا: على أن إقامة الحدود تكون للسلطان وبإذنه، وليس لأحد من عامة الناس فعل ذلك.
(1)
لعل السؤال هنا عن قول الرجل "ما شاء الله وشئت"، كما يُفهم من جواب إسحاق بن راهويه.
(2)
لم أجد من أخرج قول عثمان رضي الله عنه.
(3)
مسائل الإمام أحمد برواية الكوسج (9/ 4870 - مسألة رقم 3572).
التعليق: لقد جاءت الشريعة الإسلامية الغراء بسد جميع الأبواب الموصلة إلى الشرك، وذلك من أجل حماية جناب التوحيد، الذي لا يجوز أن يشوبه أي نوع من أنواع النِّدية أو المماثلة للخالق تبارك وتعالى، لأن الشيطان حريص على إغواء الخلق، ومداخل الشرك دقيقة خفية، لا يتفطن لها إلا من رحم الله.
ولقد قام نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بحماية جناب التوحيد، وحذر أمته من الوقوع في=
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الشرك، سواء في الأقوال أو الأعمال القلبية والبدنية. ومن الأمور التي حذر منها النبي صلى الله عليه وسلم: أن يقول الرجل: ما شاء الله وشئت.
فهذا القول فيه اتخاذ الشريك مع الله تعالى، حيث أنه ساوى مشيئة الله بمشيئة المخلوق.
قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (1/ 66): "وكان رسول الله يحقق عبوديته لئلا تقع الأمة فيما وقعت فيه النصارى في المسيح، من دعوى الألوهية، حتى قال له رجل ما شاء الله وشئت، فقال: أجعلتني لله ندا؟ بل ما شاء الله وحده، وقال أيضا لأصحابه: لا تقولوا ما شاء الله وشاء محمد بل قولوا ما شاء الله ثم شاء محمد". انظر: صحيح الجامع (4378).
وقد قال الله تعالى: {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 22].
قال ابن عباس رضي الله عنه في تفسير هذه الآية: "الأنداد: هو الشرك أخفى من دبيب النمل على صفاة سوداء في ظلمة الليل، وهو أن يقول: والله وحياتك يا فلان وحياتي، ويقول لولا كلبة هذا لأتانا اللصوص البارحة، ولولا البط في الدار لأتى اللصوص، وقول الرجل لصاحبه: ما شاء الله وشئت، وقول الرجل: لولا الله وفلان، لا تجعل فيها فلان هذا كله به شرك". أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير (1/ 62) وسنده حسن.
وقال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: ما شاء الله وشئت، قال: جعلت لله ندا ما شاء الله وحده.
أخرجه البخاري في الأدب المفرد (783). وسنده صحيح. انظر السلسلة
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الصحيحة (139).
وأخرج النسائي في السنن (7/ 6 رقم 3773)، وابن ماجه في سننه (1/ 684 رقم 2117): أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا حلف أحدكم فلا يقل ما شاء الله وشئت. ولكن ليقل ما شاء الله ثم شئت". وسنده صحيح. انظر السلسلة الصحيحة (137).
وإنما نهى النبي صلى الله عليه وسلم أمته عن ذلك، ليعلمهم أن المشيئة لله وحده، وأن مشيئتهم تابعة لمشيئة الله تعالى.
قال الشافعي في الأم (1/ 347): "المشيئة إرادة الله عز وجل، قال الله عز وجل: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [التكوير: 29] فأَعلمَ الله خلقَه أن المشيئة له دون خلقه وأن مشيئتهم لا تكون إلا أن يشاء الله". وأخرجه البيهقي في الاعتقاد (ص 166) وقال محققه: إسناده صحيح.
وانظر: التدمرية لابن تيمية (ص 206)، ونيل الأوطار شرح منتقى الأخبار للشوكاني (6/ 769).
وقد جعل العلماء هذا النهي من قبيل الشرك الأصغر، لأنه من اتخاذ الند مع الله تعالى.
قال عبد الرحمن بن حسن في فتح المجيد (ص 104): "واعلم أن اتخاذ الند على قسمين:
الأول: أن يجعله لله شريكا في أنواع العبادة أو بعضها
…
وهو شرك أكبر. =