الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الرابع عشر: ما جاء في الاستواء
57 -
حدثنا عمرو بن العباس الأهوازي قال: سمعت عبد الرحمن ابن مهدي
(1)
وقيل له: إن أصحاب جهم
(2)
يقولون: القرآن مخلوق؟
= قال الشيخ العلامة السعدي في تفسيره (ص 946): (("العلي الأعلى": وهو الذي له العلو المطلق من جميع الوجوه، علو الذات، وعلو القدر والصفات، وعلو القهر. فهو الذي على العرش استوى، وعلى الملك احتوى. وبجميع صفات العظمة والكبرياء والجلال والجمال وغاية الكمال اتصف، وإليه فيها المنتهى)).
وقد أفرد بعض السلف مؤلفات خاصة في إثبات علو الله تعالى على خلقه، مثل كتاب "العلو" للذهبي، وكتاب "إثبات صفة العلو" لابن قدامة المقدسي، وكتاب "اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية" لابن القيم الجوزية وغيرها.
(1)
عبد الرحمن بن مهدي بن حسان العنبري مولاهم، أبو سعيد البصري، الإمام، الناقد، المجود، سيد الحفاظ، ثقة، ثبت، حافظ، عارف بالرجال والحديث، مات سنة (198). السير (9/ 192)، والتقريب (ص 293).
(2)
هو الجهم بن صفوان أبو محرز السمرقندي، قال الذهبي عنه: الضال المبتدع، رأس الجهمية. هلك في زمان صغار التابعين، وما علمته روى شيئا، لكنه زرع شرًا عظيمًا. ميزان الاعتدال (1/ 426)، وقال عبد القاهر البغدادي في الفرق بين الفرق (ص 212): "وكان جهم -مع ضلالاته التى ذكرناها- يحمل السلاح =
فقال عبد الرحمن: إنما أرادوا أن ينفوا أن يكون القرآن كلام الله، وأرادوا أن ينفوا أن يكون الرحمن على العرلش استوى
(1)
، وأرادوا أن ينفوا أن يكون الله كلم موسى، ولقد ذكرها الله في كتابه فقال:{وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: 164]، أرى أن يستتابوا، فإن تابوا وإلا ضربت أعناقهم
(2)
.
58 -
سمعت أبا جعفر أحمد بن سعيد
(3)
- قال أبو محمد: هذا أحمد ابن سعيد الدارمي خراساني، وليس هذا الرباطي، وقد كتبت عن
= ويقاتل السلطان، وخرج مع شريح بن الحارث على نصر بن يسار، وقتله سلم بن أحوز المازني في آخر زمان بني مروان".
(1)
معنى "استوى" كما فسره السلف: أي: علا وارتفع. انظر فتح الباري لابن حجر (13/ 498).
(2)
مسائل الإمام أحمد برواية حرب الكرماني (ص 424).
وفيه عمرو بن العباس: وهو صدوق ربما وهم. التقريب (ص 360).
وأخرجه أبو نعيم في الحلية (9/ 7)، والبيهقي في الأسماء والصفات (1/ 386)، وصحح إسناده الذهبي في العلو (ص 159)، وابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية (ص 164).
(3)
أحمد بن سعيد بن صخر الدارمي، ثقة حافظ. التقريب (ص 19).
الرباطي أيضًا- يقول: سمعت أبي يقول: سمعت خارجة بن مصعب يقول: الجهمية كفار، لا تنكحوا إليهم، ولا تنكحوهم، ولا تعودوا مرضاهم، ولا تشهدوا جنائزهم، وبلغوا نسائهم أنهن طالق، وأنهن لا يحللن لأزواجهن، ثم قرأ:{طه (1) مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى} إلى قوله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: ا-5] وهل يكون الاستواء إلا الجلوس
(1)
.
(1)
مسائل الإمام أحمد برواية حرب الكرماني (ص 414).
إسناده ضعيف جدًا: لجهالة سعيد الدارمي والد أحمد بن سعيد. انظر لسان الميزان (3/ 34).
وخارجة بن مصعب: متروك، وكان يدلس عن الكذابين ويقال إن ابن معين كذبه. التقريب (ص 126).
وأخرجه عبد الله بن الإمام أحمد في السنة (1/ 105) والخلال في السنة (1691) كلاهما من طريق أحمد بن سعيد به، وأورده ابن القيم في الصواعق المرسلة (4/ 1303).
قلت: تفسير خارجة بن مصعب الاستواء بالجلوس، جاء نحوه عن عمر رضي الله عنه. انظر السنة لعبد الله بن أحمد (1/ 301 - 302) إلا أنه لم يثبت.
وأما ما ذكره الذهبي في السير (20/ 87 - 88) في ترجمة شيخ الإسلام أبي =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= القاسم إسماعيل بن محمد التيمي، حيث قال:"قال أبو موسى المديني: سألت إسماعيل يوما: أليس قد روي عن ابن عباس في قوله: استوى: قعد؟ قال: نعم. قلت له: إسحاق بن راهويه يقول: إنما يوصف بالقعود من يمل القيام، قال لا أدري أيش يقول إسحاق".
فقد أورد هذا التفسير -عن ابن عباس رضي الله عنهم ابن القيم في "جيوشه"(ص 189) فقال: "وفي تفسير السدي، عن أبي مالك، وأبي صالح عن ابن عباس: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5]، قال: قعد". وتفسير السدي عن ابن عباس رضي الله عنهم فيه انقطاع، كما قال ذلك ابن تيمية في "الرد على البكري"، وأبو صالح: متروك، كما ذكر ذلك البيهقي.
فلا يصح نسبة هذا الكلام إلى ابن عباس رضي الله عنهم، والله أعلم". وانظر الرد على البكري (1/ 74).
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات (2/ 155 - 156) من طريق محمد بن مروان عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما: "في قوله {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ} [الأعراف: 54] قال: استقر على العرش". ثم قال البيهقي: "وأبو صالح هذا والكلبي ومحمد بن مروان كلهم متروك عند أهل العلم بالحديث، لا يحتجون بشيء من رواياتهم لكثرة المناكير فيها، وظهور الكذب منهم في رواياتهم". فتنبه.
التعليق: استواء الله على عرشه من الصفات الفعلية الاختيارية التي ورد ثبوتها =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= بالكتاب والسنة وإجماع السلف. أما القرآن الكريم فقد أثبتها في سبعة مواضع: قال تعالى: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف: 54].
وقال تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5].
وقال تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} ، [جاءت هذه الَاية في سورة يونس: 3، وسورة الر عد: 2، وسورة الفرقان: 59، وسورة السجدة: 4، وسورة الحديد: 4].
ومن السنة النبوية قوله صلى الله عليه وسلم: "لما قضى الله الخلق كتب في كتابه، فهو عنده فوق العرش: إن رحمتي غلبت غضبي". رواه البخاري (3194)، ومسلم (2751).
وقد أجمع سلف هذه الأمة على أن الله مستو على عرشه استواء يليق بجلاله وعظمته، من غير تحريف لمعناه ولا تعطيل للفظه، فمعناه معلوم لديهم وكيفيته مجهولة عندهم.
وقد بين هذا إمام دار الهجرة مالك بن أنس حينما سئل عن كيفية الاستواء، فقال:"الاستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة". أخرجه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (664).
قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (5/ 520): "وقول مالك من أنبل جواب وقع في هذه المسألة وأشده استيعابًا؛ لأن فيه نبذ التكييف وإثبات الاستواء المعقول، وقد ائتم أهل العلم بقوله واستجودوه واستحسنوه".
قال إسحاق بن راهويه: "إجماع أهل العلم أنه تعالى على العرش استوى، =