المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المسألة الثانية: ما جاء في خلق الشمس والقمر - الآثار الواردة عن السلف في العقيدة من خلال كتب المسائل المروية عن الإمام أحمد - جـ ١

[أسعد بن فتحي الزعتري]

فهرس الكتاب

- ‌المقدِّمة

- ‌أسباب اختيار الموضوع:

- ‌أهمية الموضوع:

- ‌خطة البحث:

- ‌منهج البحث

- ‌شكر وتقدير

- ‌التمهيد

- ‌المبحث الأولتعريفات عامة

- ‌المطلب الأول تعريف الأثر لغة واصطلاحًا

- ‌أ - تعريف الأثر لغة:

- ‌ب - تعريف الأثر اصطلاحًا:

- ‌المطلب الثاني تعريف السلف لغة واصطلاحًا

- ‌أ - تعريف السلف لغة:

- ‌ب - تعريف السلف اصطلاحًا:

- ‌المطلب الثالث تعريف العقيدة لغة واصطلاحًا

- ‌أ - تعريف العقيدة لغة:

- ‌ب - العقيدة اصطلاحًا:

- ‌المبحث الثاني:التعريف بكتب المسائل المروية عن الإمام أحمد ورواتها

- ‌المطلب الأول التعريف بكتاب: المسائل المروية عن الإمام أحمد برواية أبي داود السجستاني صاحب السنن

- ‌المسألة الأولى: ترجمة مختصرة لأبي داود السجستاني:

- ‌طلبه للعلم وذِكْرُ بعض مَن سمع منهم:

- ‌بعض تلاميذه:

- ‌ثناء العلماء عليه:

- ‌بعض مؤلفاته:

- ‌وفاته:

- ‌المسألة الثانية: نبذة مختصرة حول كتابه المسائل:

- ‌منهج أبي داود في مسائله:

- ‌المطلب الثاني التعريف بكتاب: المسائل المروية عن الإمام أحمد برواية إسحاق بن إبراهيم بن هانئ النيسابوري

- ‌المسألة الأولى: ترجمة مختصرة للإمام إسحاق بن إبراهيم بن هانئ:

- ‌اسمه ونسبه ومولده:

- ‌شيوخه:

- ‌تلاميذه:

- ‌ثناء العلماء عليه ووفاته:

- ‌المسألة الثانية: تعريف موجز بمسائل ابن هانئ:

- ‌منهجه في كتاب المسائل:

- ‌المطلب الثالث التعريف بكتاب: المسائل المروية عن الإمام أحمد برواية إسحاق بن منصور الكوسج

- ‌المسألة الأولى: ترجمة إسحاق بن منصور:

- ‌ثناء العلماء عليه:

- ‌بعض شيوخه:

- ‌بعض تلاميذه:

- ‌مؤلفاته:

- ‌وفاته:

- ‌المسألة الثانية: التعريف بمسائل إسحاق بن منصور

- ‌منهج إسحاق بن منصور في مسائله:

- ‌المطلب الرابع التعريف بكتاب المسائل المروية عن الإمام أحمد برواية حرب بن إسماعيل الكرماني

- ‌المسألة الأولى: ترجمة حرب الكرماني:

- ‌اسمه ونسبه وولادته:

- ‌طلبه للعلم:

- ‌ذكر بعض شيوخه:

- ‌بعض تلاميذه:

- ‌ثناء العلماء عليه:

- ‌مؤلفاته:

- ‌وفاته:

- ‌المسألة الثانية: التعريف بمسائل حرب الكرماني

- ‌منهج الإمام حرب الكرماني في مسائله:

- ‌المطلب الخامس التعريف بكتاب: المسائل المروية عن الإمام أحمد برواية ابنه صالح

- ‌المسألة الأولى: ترجمة صالح بن أحمد:

- ‌اسمه وكنيته وولادته:

- ‌طلبه للعلم:

- ‌بعض شيوخ صالح غير الإمام أحمد:

- ‌مصنفاته ومروياته:

- ‌ثناء العلماء عليه:

- ‌وفاته:

- ‌المسألة الثانية: التعريف بكتابه المسائل:

- ‌منهج صالح في مسائله:

- ‌المطلب السادس التعريف بكتاب: المسائل المروية عن الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله

- ‌المسألة الأولى: ترجمة الإمام عبد الله بن أحمد:

- ‌اسمه ونسبه:

- ‌ولادته ونشأته:

- ‌طلبه للعلم:

- ‌بعض شيوخه:

- ‌بعض تلاميذه:

- ‌ثناء العلماء عليه:

- ‌مروياته ومؤلفاته

- ‌أولا: مروياته:

- ‌ثانيا: مؤلفاته

- ‌وفاته:

- ‌المسألة الثانية: التعريف بمسائله

- ‌قيمة هذه المسائل العلمية:

- ‌ميزة مسائل عبد الله:

- ‌منهج الإمام عبد الله في مسائله:

- ‌الباب الأول:الآثار الواردة من السلف في التوحيد والقَدَر ومباحث الإيمان

- ‌الفصل الأول:الآثار الواردة عن السلف في مسائل التوحيد

- ‌المبحث الأول:الآثار الواردة في توحيد الربوبية والألوهية

- ‌المطلب الأول: في توحيد الربوبية

- ‌المسألة الأولى: ما جاء في خلق السموات والأرض

- ‌المسألة الثانية: ما جاء في خلق الشمس والقمر

- ‌المسألة الثالثة: ما جاء في أخنع اسم عند اللّه يوم القيامة

- ‌المطلب الثاني: الآثار الواردة في توحيد الألوهية

- ‌المسألة الأولى: ما جاء في الإخلاص

- ‌المسألة الثانية: ما جاء في التسبيح

- ‌المسألة الثالثة: ما جاء في الاستشفاء بالقرآن

- ‌المسألة الرابعة: ما جاء في التمائم

- ‌المسألة الخامسة: ما جاء في قتل السحرة

- ‌المسألة السادسة: ما جاء في النهي عن الذبح لغير اللّه

- ‌المسألة السابعة: الحكم فيمن سبَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌المسألة الثامنة: ما جاء في النهي عن قول "ما شاء الله وشئت

- ‌المسألة التاسعة: ما جاء في قول الرجل "لعمري

- ‌المسألة العاشرة: ما جاء في الطيرة

- ‌المسألة الحادية عشرة: النهي عن سب الرِّيح

- ‌المسألة الثانية عشرة: ما جاء في التصاوير

- ‌المبحث الثاني:الآثار الواردة في توحيدالأسماء والصفات

- ‌تمهيد:

- ‌المطلب الأول: ما جاء فى بعض أسماء الله وصفاته

- ‌المطلب الثاني: صفة الوجه لله تعالى

- ‌المطلب الثالث: صفة اليدين لله تعالى

- ‌المطلب الرابع: صفة الأصابع لله تعالى

- ‌المطلب الخامس: صفة القدم لله تعالى

- ‌المطلب السادس: صفة العين لله تعالى

- ‌المطلب السابع: صفة السمع لله تعالى

- ‌المطلب الثامن: صفة العلم لله تعالى

- ‌المطلب التاسع: صفة المغفرة لله تعالى

- ‌المطلب العاشر: صفة المقت لله تعالى

- ‌المطلب الحادي عشر: هل يقال أن لله تعالى حدًا

- ‌المطلب الثاني عشر: صفة القرب لله تعالى

- ‌المطلب الثالث عشر: صفة العلو لله تعالى

- ‌المطلب الرابع عشر: ما جاء في الاستواء

- ‌المطلب الخامس عشر: ما جاء في العرش

- ‌المطلب السادس عشر: صفة النزول لله تعالى

- ‌المطلب السابع عشر: صفة المعية

- ‌المطلب الثامن عشر: ما جاء في الحُجُب

- ‌المطلب التاسع عشر ما جاء في إثبات رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة

- ‌المطلب العشرون: ما جاء في الصورة

- ‌المبحث الثالث: الآثار الواردة في القرآن، وأنه كلام الله غير مخلوق

- ‌المطلب الأول قول السلف في القرآن أنه كلام الله غير مخلوق

- ‌المسألة الأولى: ما جاء في إثبات صفة الكلام لله تعالى

- ‌المسألة الثانية: القرآن كلام الله غير مخلوق

- ‌المطلب الثاني: قول السلف فيمن زعم أن القرآن مخلوق

- ‌المسألة الأولى: ذمهم لمن قال بخلق القرآن

- ‌المسألة الثانية: ذم السلف لمن وقف في القرآن

- ‌المسألة الثالثة: ذم السلف لمن قال باللفظ

- ‌الفصل الثاني:الآثار الواردة عن السلف في القدر

- ‌المبحث الأول: قول السلف في القدر

- ‌المطلب الأول: ما جاء في إثبات القدر

- ‌المطلب الثاني: ما جاء في القلم وكتابه المقادير

- ‌المطلب الثالث: كلٌ ميسر لما خلق له

- ‌المبحث الثاني: ذم السلف للقدرية

- ‌الفصل الثالث:الآثار الواردة عن السلف في مباحث الإيمان

- ‌المبحث الأول:الآثار الواردة في أن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص

- ‌المطلب الأول: ما جاء في مسمى الإيمان

- ‌المطلب الثاني: العلاقة بين الإيمان والإسلام

- ‌المطلب الثالث: ما جاء في زيادة الإيمان ونقصانه

- ‌المبحث الثاني:الآثار الواردة في الاستتثناء في الإيمان

- ‌المطلب الأول: قول السلف فى الاستثناء في الإيمان

- ‌المطلب الثاني: حكم سؤال الرجل غيره أمؤمن أنت

- ‌المطلب الثالث: الأسماء والأحكام

- ‌المبحث الثالث:الآثار الواردة في الإرجاء

- ‌المطلب الأول: حقيقة مذهب الإرجاء

- ‌المطلب الثاني: تحذير السلف من المرجئة

- ‌الباب الثاني:الآثار الواردة عن السلف في الصحابةوالخلافة والإمامة وفي الاتباع

- ‌الفصل الأول:الأثار الواردة عن السلف في الصحابة

- ‌المبحث الأول: ما جاء في مدح الصحابة وذكر محاسنهم

- ‌المبحث الثاني: التحذير من الطعن في الصحابة وسبِّهم

الفصل: ‌المسألة الثانية: ما جاء في خلق الشمس والقمر

‌المسألة الثانية: ما جاء في خلق الشمس والقمر

5 -

حدثنا صالح، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا عبد اللّه بن واقد، عن سعيد بن أبي أيوب، عن عقيل، عن ابن شهاب

(1)

قال: الشمس والقمر ثوران عقيران

(2)

، من نار خلقا، وإلى النار يصيران

(3)

.

(1)

هو محمد بن مسلم بن عبيد اللّه بن عبد اللّه بن شهاب بن عبد اللّه بن الحارث بن زهرة بن كلاب القرشي الزهري، أبو بكر المدني، الفقيه، الحافظ، متفق على جلالته وإتقانه، مات سنة (125)، وقيل قبل ذلك بسنة أو سنتين. السير (5/ 326)، وتهذيب التهذيب (3/ 698).

(2)

من العقر، وهو ضرب قوائم البعير أو الشاة بالسيف وهو قائم. النهاية في غريب الحديث والأثر (3/ 271)، وانظر نفس المصدر (3/ 276).

(3)

مسائل الإمام أحمد برواية ابنه صالح (2/ 69 - رقم 616).

إسناد هذا الأثر ضعيف، لضعف عبد اللّه بن واقد، وهو أبو قتادة الحراني، متروك. انظر: الجرح والتعديل (5/ 191)، والتاريخ الكبير (5/ 219)، والتقريب (ص 270).

لكن له شواهد يتقوى بها، منها ما أخرج أبو داود الطيالسي في مسنده (ح 2103)، وأبو الشيخ في العظمة (4/ 1159) كلاهما عن يزيد بن أبان الرقاشي عن أنس رضي الله عنه مرفوعًا نحوه. ويزيد قال فيه ابن سعد: كان ضعيفًا قدريًا. الطبقات (7/ 245)، وقال البخاري: كان شعبة يتكلم فيه. =

ص: 106

6 -

حدثنا صالح، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا عبد الملك بن عمرو، قال: حدثنا عبد الجليل، عن شهر

(1)

، قال: بينا الناس عند عبد اللّه بن عمرو رضي الله عنه

(2)

يستفتونه، فقال كعب

(3)

: هلك أخي، هكذا

= التاريخ الكبير (8/ 320)، وأخرجه الطحاوي في مشكل الآثار (1/ 66 - 67) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا.

وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (رقم: 124)، وانظر للمزيد: الفوائد المجموعة للشوكاني (ص 459). وأخرجه البخاري في صحيحه (3200) عن أبي هريرة مرفوعًا بلفظ: "الشمس والقمر مكوران يوم القيامة".

(1)

شهر بن حوشب الأشعري الشامي، مولى الصحابية أسماء بنت يزيد بن السكن، كان من كبار علماء التابعين، صدوق كثير الإرسال والأوهام، مات سنة (112). السير (4/ 372)، والتقريب (ص 210).

(2)

عبد اللّه بن عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم بن سعيد بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي القرشي السهمي يكنى أبا محمد. وقيل: يكنى أبا عبد الرحمن، أحد السابقين المكثرين من الصحابة وأحد العبادلة الفقهاء، أسلم قبل أبيه، وكان فاضلا حافظا عالما قرأ الكتاب، واستأذن النبي صلى الله عليه وسلم في أن يكتب حديثه فأذن له، وكان مجتهدا في العبادة غزير العلم. مات سنة (65). الاستيعاب (3/ 956 - 959)، والإصابة (4/ 192)، والتقريب (ص 257).

(3)

كعب بن ماتع، وهو كعب الأحبار يكنى أبا إسحاق. أدرك عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره، =

ص: 107

تكون الفتن، اذهب إليه فقل له: لا تكذبن على اللّه، فإن غضب: فدعه، وإن لم يغضب فاسأله. فأتاه فقال له: يقول لك كعب لا تكذبن على اللّه، فقال نصح لي أخي، فإنه من كذب على اللّه سوّد اللّه وجهه يوم القيامة. قال إني أسألك عن الشمس والقمر، أفي السموات السبع هما أم في سماء الدنيا، أم في الهواء، أم دون ذلك؟ قال: بل هما في السموات السبع، ووجوههما إلى العرش، وأقفيتهما إلى الأرض. قال اللّه:{وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا (16)} [نوح: 16]. قال: فإنه يسألك عن الرعد فما هو؟ قال ملَك يزجر السحاب بالتسبيح كما يزجر الحادي الحثيث الإبل، إذا اشتدت سحابة ضمها، لو يفضي إلى الأرض صعق من يبصره. قال: فإنه يسألك عن البرق ما هو؟ قال: هو من كذا وكذا من البرد. قال عبد الملك أحسبه قال: مِن اصطفاق البرد في السماء. قال اللّه: {مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ

= كان إسلامه في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وكان على دين يهود فأسلم وقدم المدينة ثم خرج إلى الشام فسكن حمص حتى توفي بها سنة (32) في خلافة عثمان رضي الله عنه. أسد الغابة في معرفة الصحابة (4/ 187)، والتهذيب (3/ 471).

ص: 108

سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ (43)} [النور: 43]. قال فإنه يسألك أين تلتقي أرواح أهل الجنة وأرواح أهل النار؟ قال: أما أرواح أهل الجنة، فتلتقي بالجابية

(1)

، وأما أرواح أهل النار، فبحضر موت

(2)

. قال فإنه يسألك عن الحشر ما هو؟ قال: نار تزوي الناس، تظهر من قبل المشرق

(3)

.

(1)

الجابية: بكسر الباء وياء مخففة وأصله في اللغة: الحوض الذي يجبى فيه الماء للإبل، وهي قرية من أعمال دمشق ثم من عمل الجيدور من ناحية الجولان، قرب مرج الصفر في شمالي حوران. معجم البلدان (2/ 91 - 92).

(2)

حضرموت: بالفتح ثم السكون وفتح الراء والميم اسمان مركبان، ناحية واسعة في شرقي عدن بقرب البحر وحولها رمال كثيرة تعرف بالأحقاف. معجم البلدان (2/ 269). وهي تقع الآن في جمهورية اليمن.

(3)

مسائل الإمام أحمد برواية ابنه صالح (2/ 61 - رقم 611).

الإسناد فيه: عبد الجليل، وهو ابن عطية القيسي، أبو صالح البصري: صدوق يهم. التقريب (ص 274)، وشهر بن حوشب كثير الإرسال والأوهام تقدم. فيكون الأثر بهذا الإسناد ضعيفًا.

وأخرجه مختصرًا: أبو الشيخ في العظمة (4/ 1286) عن عبد الجليل به، وعبد الرزاق في تفسيره (3/ 319)، وابن جرير في تفسيره (23/ 300) كلاهما من طريق معمر عن قتادة عن عبد اللّه بن عمرو.

قلت: وقتادة لم يسمع من عبد اللّه بن عمرو. انظر تهذيب التهذيب (3/ 430). =

ص: 109

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= التعليق: توحيد الربوبية: هو إفراد اللّه تعالى بالخلق والملك والتدبير، بأن يعتقد أنه لا خالق إلا اللّه تعالى، قال تعالى:{أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف: 54]، وقال تعالى:{هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} [فاطر: 3]، وأن يعتقد بأنه لا مالك لهذا الكون إلا اللّه، قال تعالى:{وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [آل عمران: 189]، وقال تعالى:{قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ} [المؤمنون: 88]، وأن يعتقد أنه لا مدبر للعالم إلا الله، كما قال تعالى:{قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (31)} [يونس: 31]، وقال تعالى {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ} [السجدة: 5]، وهو مركوز في الفطرة لا يكاد أحد ينازع فيه، حتى إن المشركين الذين بُعث فيهم النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يقرون بهذا التوحيد ولا ينكرونه، ولا يشركون مع اللّه أحدًا في ربوبيته. قال تعالى:{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (61)} [العنكبوت: 61]، فلم يجحد أحد من المخلوقين هذا النوع من التوحيد، ولم يجعل أحد لهذا الكون خالقين متساويين في الصفات والأفعال، حتى المجوس الذين يعتقدون أن للكون خالقين هما النور والظلمة، لم يجعلوهما متساويين في الصفات، فإله النور خير من إله الظلمة، لأنه يخلق الخير، والظلمة تخلق الشر، وكذلك النصارى الذين يجعلون الآلهة ثلاثة الأب والابن والروح القدس، لم يجعلوها =

ص: 110

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= متساوية، فالأب عندهم هو الأصل والمبدأ لهما. انظر: شرح الطحاوية (ص 29 - 30)، ومجموع الفتاوى (10/ 264)، والقول المفيد على كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عثيمين (1/ 9 - 13)، ودعوة التوحيد للشيخ محمد خليل هراس (ص 27 - 28).

والاستدلال بالكون وما فيه من عجائب المخلوقات على توحيد الربوبية، الذي هو مستلزم لإفراد اللّه تعالى بالعبادة، أمر دعا إليه اللّه عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم. قال اللّه تعالى:{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (164)} [البقرة: 164]. وقال تعالى: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53)} [فصلت: 53]. وقال تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (19) قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [العنكبوت: 19 - 20]. والآيات في ذلك كثيرة جدًا.

وجاء في السنة المطهرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تفكروا في آلاء اللّه ولا تفكروا في اللّه". أخرجه أبو الشيخ في العظمة (1/ 210)، والطبراني في الأوسط (6/ 250)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (رقم: 2975).

وهذه الآثار التي ذكرناها فيها إثبات ربوبية اللّه تعالى، والتي تدعو إلى التأمل =

ص: 111

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= والتفكر في آلائه وعجائب مخلوقاته الدالة على توحده بالربوبية والإلهية.

قال ابن أبي العز في شرح الطحاوية (ص 222 - 223): "فإن توحيد الربوبية لا يحتاج إلى دليل، فإنه مركوز في الفطر، وأقرب ما ينظر فيه المرء أمر نفسه لما كان نطفة، وقد خرج من بين الصلب والترائب، والترائب: عظام الصدر، ثم صارت تلك النطفة في قرار مكين، في ظلمات ثلاث، وانقطع عنها تدبير الأبوين وسائر الخلائق، ولو كانت موضوعة على لوح أو طبق، واجتمع حكماء العالم على أن يصوروا منها شيئا لم يقدروا. ومحال توهم عمل الطبائع فيها، لأنها موات عاجزة، ولا توصف بحياة، ولن يتأتى من الموات فعل وتدبير، فإذا تفكر في ذلك وانتقال هذه النطفة من حال إلى حال، علم بذلك توحيد الربوبية، فانتقل منه إلى توحيد الإلهية. فإنه إذا علم بالعقل أن له ربا أوجده، كيف يليق به أن يعبد غيره؟ وكلما تفكر وتدبر ازداد يقينا وتوحيدا".

وقال ابن القيم: "فتأمَّلْ آيات اللّه التي دعا عباده إلى التفكر فيها، وجعلها آياتٍ دالةً على كمال قدرته، وعِلةً في مشيئته وحكمته وملكه، وعلى توحُّده بالربوبية والإلهية، ثم وازن بينهما وبين ما أخبر به من أمر الآخرة والجنة والنار، تجد هذه أدلَّ شيء على تلك، شاهدة لها، وتجدهما من مشكاة واحدة، وربٍّ واحد، وخالق واحد، وملكٍ واحد، فبُعدا لقوم لا يؤمنون". حادي الأرواح (1/ 410).

وانظر: مفتاح دار السعادة (2/ 5)، ودرء تعارض العقل والنقل (3/ 393).

ص: 112