الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الرابعة: ما جاء في التمائم
17 -
قلت لأحمد: فتعليق التعاويذ فيه القرآن أو غيره؟ قال: كان ابن مسعود
(1)
يكرهه كراهة شديدة جدًا، وذكر أحمد عن عائشة
(2)
وغيرها أنهم سهلوا في ذلك، ولم يشدد فيه أحمد وكأنه
(3)
(4)
.
(1)
عبد اللّه بن مسعود بن غافل بن حبيب الهذلي، أبو عبد الرحمن، من السابقين الأولين، ومن كبار العلماء من الصحابة، كان سادس من أسلم، مناقبه جمة، وكان يعرف في الصحابة بصاحب السواد والسواك، شهد بدرا والحديبية، وهاجر الهجرتين جميعا، وأمَّره عمر على الكوفة، مات سنة اثنتين وثلاثين أو في التي بعدها بالمدينة. الاستيعاب (3/ 987 - 994)، والإصابة (4/ 233)، والتقريب
(ص 265).
(2)
عائشة بنت أبي بكر الصديق، أم المؤمنين، أفقه النساء مطلقا، الصادقة بنت الصديق، البريئة المبرأة، أفضل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم إلا خديجة ففيهما خلاف شهير ماتت سنة (57). الاستيعاب (4/ 1881 - 1885)، والإصابة (8/ 16)، والتقريب (ص 667).
(3)
قال المحقق: هكذا في المخطوط، والكلام لم يتم، ولعل تكملته (رخص فيه).
(4)
مسائل الإمام أحمد برواية حرب الكرماني (ص 301).
وأورده ابن مفلح في الآداب الشرعية (2/ 444) دون زيادة "وكأنه".
وأثر ابن مسعود أخرجه ابن أبب شيبة في المصنف (23924، 23925). وسنده حسن. وأثر عائشة سوف يأتي بعد هذا الأثر.
18 -
حدثنا زيد بن يزيد قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال: حدثنا عبد اللّه بن المبارك، عن طلحة بن أبي سعيد، عن بكير بن عبد اللّه، عن القاسم بن محمد، عن عائشة
(1)
قالت: التميمة ليست مما تعلق بعد البلاء إنما التميمة ما عُلق قبل البلاء لدفع المقادير
(2)
.
19 -
حدثنا سعيد بن منصور قال: حدثنا عيسى بن يونس، عن الأعمش، عن أبي ظبيان
(3)
قال: دخل حذيفة
(4)
على مريض يعوده
(1)
تقدمت ترجمتها في الأثر (17).
(2)
مسائل الإمام أحمد برواية حرب الكرماني (ص 351).
رجاله كلهم ثقات، وإسناده صحيح.
وأخرجه الحاكم في المستدرك (4/ 242) وصححه ووافقه الذهبي، وأخرجه البيهقي في السنن (9/ 350)، وابن عبد البر في التمهيد (17/ 164)، وأورده القرطبي في تفسيره "الجامع لأحكام القرآن"(15/ 274).
(3)
هو حصين بن جندب بن الحارث الجنبي، أبو ظبيان الكوفي، ثقة، مات سنة (90) وقيل غير ذلك. التقريب (ص 159).
(4)
حذيفة بن اليمان، أبو عبد اللّه العبسي، صحابي جليل من السابقين، صاحب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم، صح في مسلم عنه "أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أعلمه بما كان وما يكون إلى أن تقوم الساعة"، وأبوه صحابي أيضا، استشهد بأحد، ومات حذيفة في أول خلافة علي رضي الله عنه سنة (36 هـ). الاستيعاب (1/ 334 - 335)، والإصابة (2/ 44)، والتقريب (95).
فلمسه في يده، فرأى تعويذا على عضده فقام غضبانا، وقال: لو مت وهذه عليك ما صليت عليك
(1)
.
20 -
حدثنا سعيد قال: حدثنا أبو عوانة، عن المغيرة
(2)
قال: قلت لإبراهيم
(3)
: أُعلق على عضدي هذه الآية {قُلْنَا يَانَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ (69)} [الأنبياء: 69]؟ فكأنه كرهه
(4)
.
21 -
حدثنا سعيد قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن علقمة بن أبي
(1)
مسائل الإمام أحمد برواية حرب الكرماني (ص 301).
رجال الإسناد ثقات. وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (23928) من طريق أبي معاوية عن الأعمش به.
وأخرجه من طريق علي بن مسهر عن يزيد قال أخبرني زيد بن وهب قال: انطلق حذيفة
…
الخ، وأورده ابن كثير في تفسيره (4/ 418) عن حماد بن سلمة عن عاصم بن أبي النجود عن عروة قال: دخل حذيفة على مريض
…
الخ.
(2)
المغيرة بن مِقسم الضبي مولاهم، أبو هشام الكوفي، الأعمى، ثقة، متقن، إلا أنه كان يدلس ولاسيما عن إبراهيم، مات سنة (136). التقريب (ص 475).
(3)
هو النخعي.
(4)
مسائل الإمام أحمد برواية حرب الكرماني (ص 302).
الإسناد صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (23935) عن هشيم عن المغيرة به.
علقمة قال: سألت سعيد بن المسيب عن القرآن يلبسه الحائض والجنب؟ [قال]
(1)
: إذا كان في حرقرة فلا بأس
(2)
.
(1)
ليست في المخطوط، وإنما من المطبوع.
(2)
مسائل الإمام أحمد برواية حرب الكرماني (ص 302).
رجال الإسناد ثقات إلا عبد العزيز بن محمد وهو الدراوردي، قال ابن حجر: صدوق كان يحدث من كتب غيره فيخطئ. التقريب (ص 299). ولكنه يتقوى بما أخرجه عبد الرزاق في المصنف (1/ 345) قال أخبرني معمر قال أخبرني علقمة بن أبي علقمة قال: سألت ابن المسيب عن الاستعاذة تكون على الحائض والجنب؟ فقال: لا بأس به إذا كان في قصبة أو رقعة يجوز عليها". وأخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب "العيال" (2/ 864) بلفظ: "أن رجلا سأل سعيد بن المسيب عن التعويذ؟ فقال: لا بأس إذا كان في أديم، أو فضة". وفي إسناده مجاهيل، وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (24009) من طريق أبي عصمة قال: سألت سعيد بن المسيب عن التعويذ؟ فقال: لا بأس به إذا كان في أديم". وأبو عصمة: اسمه نوح بن أبي مريم معروف بنوح الجامع: كذبوه في الحديث، وكان يضع. انظر التقريب (ص 498)، وأورده القرطبي في التفسير (13/ 162) بلفظ:"وسئل ابن المسيب عن التعويذ أيعلق؟ قال: إذا كان في قصبة أو رقعة يُحرَز لا بأس به".
قلت: وهذه الألفاظ تفسر لنا معنى كلمة "حرقرة" التي جاءت في هذا الأثر. واللّه أعلم. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= التعليق: التمائم لغة: جمع تميمة: وهي عُوذةٌ تعلق على الإِنسان. لسان العرب (1/ 68). وقيل: هي خَرَزات كانت العرب تُعلّقها على أولادهم يَتّقون بها العين في زعْمهم فأبْطلها الإسلام. النهاية في غريب الأثر (1/ 198). وقال صاحب تيسير العزيز الحميد (ص 138): "أن ما علق لدفع العين وغيرها فهو تميمة من أي شيء كان، وهذا هو الصحيح".
ولقد جاء الإسلام بتحريم وسائل الشرك، ونهى أن يتعلق قلب الإنسان بغير خالقه ومعبوده، لأن من تعلق قلبه بغير اللّه فقد اتخذ معه شريكًا. لذا حرم الإسلام تعليق التمائم عمومًا، ولم يجعلها سببا شرعيا، لأن في تعليقها اعتقادا بأنها تجلب النفع وتدفع الضر، وهذا ينافي التوحيد، وإخلاص العبادة للّه تعالى. قال اللّه تعالى:{قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا} [المائدة: 76].
وقد جاءت أحاديث متعددة في تحريم التمائم، منها:
- عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الرقي والتمائم والتولة شرك". أخرجه أحمد في المسند (1/ 381)، وأبو داود (4/ 329 رقم 3879). وإسناده صحيح. انظر السلسلة الصحيحة (331).
- وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: "من علق تميمة فقد أشرك" أخرجه أحمد في المسند (4/ 154)، والحاكم في المستدرك (4/ 243). وسنده صحيح انظر السلسلة الصحيحة (492). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= - وعن أبي بشير الأنصاري رضي الله عنه: أنه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، فأرسل رسولًا:"أن لا تَبقيَّن في رقبة بعير قلادة من وتر أو قلادةً إلا قطعت". أخرجه البخاري (3005)، ومسلم (2115).
قال ابن القيم في الفروسية (ص 134): "أن لا يقلدها وترا من أجل العين، كما كان أهل الجاهلية تفعله، وكذلك لا يعلق عليها خرزة ولا عظما ولا تميمة فإن ذلك كله من عمل الجاهلية".
والكلام السابق كله منصب في التمائم الشركية، التي هي من عمل أهل الجاهلية، أو التي تكون من غير القرآن أو الأدعية النبوية.
أما بالنسبة للتمائم التي تكون من القرآن أو من الأدعية المأثورة، فقد اختلف السلف في حكم تعليقها، إلا أنهم متفقون على أن تعليق التمائم -سواء كان من القرآن أو من غيره- قبل البلاء لدفع الضر غير جائز، إنما وقع الخلاف في تعليقها بعد البلاء للعلاج. انظر التمهيد لابن عبد البر (17/ 161)، وزاد المعاد (4/ 327)، والجامع لأحكام القراَن للقرطبي (10/ 274)، والمجموع شرح المهذب (2/ 84).
والصحيح -واللّه أعلم- أنه لا يجوز تعليق التمائم مطلقا، سواء كانت من القرآن أو غيره، لعدم ورود الدليل الصحيح على جواز ذلك، بل جاء النهي عاما، وهذا العموم لم يخصص، والنبي صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نقرأ القرآن، ولم يأمرنا أن نعلقه. كذلك سدًا للذريعة، لأن القول بالجواز يفتح باب شرٍ عظيم، خاصة في زماننا =