الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الثالثة: ذم السلف لمن قال باللفظ
166 -
سمعت أحمد بن صالح ذكرَ اللفظية قال: هؤلاء أصحابُ بدعة ويدخل عليهم من البدعة
(1)
.
167 -
قال حرب الكرماني فيما ينقله عن مذهب أئمة العلم وأصحاب الأثر وأهل السنة المعروفين بها: واللفظية وهم الذين يزعمون أنا نقول: إن القرآن كلام الله، ولكن ألفاظنا بالقرآن وتلاوتنا وقراءتنا له مخلوقة، وهم جهمية فساق
(2)
.
وقال حرب الكرماني أيضا: ومن زعم أن ألفاظنا بالقرآن وتلاوتنا
=
قال الآجري في الشريعة (1/ 528) معقبا على كلام الإمام أحمد: "معنى قول أحمد بن حنبل في هذا المعنى يقول: لم يختلف أهل الإيمان أن القرآن كلام الله تعالى، فلما جاء جهم بن صفوان فأحدث الكفر بقوله: "القرآن مخلوق" لم يسع العلماء إلا الردّ عليه، بأن القرآن كلام الله غير مخلوق، بلا شك، ولا توقف فيه، فمن لم يقل: "غير مخلوق" سمي واقفيا، شاكا في دينه".
(1)
مسائل الإمام أحمد برواية أبي داود السجستاني (ص 363 - رقم 1751).
وأخرجه من طريق أبي داود الخلال في السنة (2169)، وابن بطة في الإبانة القسم الثالث (1/ 332 رقم 134).
(2)
مسائل الإمام أحمد برواية حرب الكرماني (ص 363).
له مخلوقة والقرآن كلام الله فهو جهمي خبيث مبتدع. ومن لم يكفر هؤلاء القوم ولا الجهمية كلهم فهو مثلهم
(1)
.
(1)
مسائل الإمام أحمد برواية حرب الكرماني (ص 360).
التعليق: مسألة اللفظ: من المسائل التي وقع فيها خلاف لدقتها واشتباهها.
وسبب ذلك، اختلافهم في مفهوم اللفظ والتلاوة، لأنها من الألفاظ المجملة المحتملة لمعنيين:
الأول: أن اللفظ قد يراد به الكلام الملفوظ به، المتلو المقروء. فهذا غير مخلوق.
الثاني: أن اللفظ قد يراد به فعل المتكلم وحركاته وصوته، وهذا مخلوق.
وقد يراد بذلك مجموع الأمرين، فلا يجوز إطلاق الجلق على الجميع، ولا نفي الخلق عن الجميع.
انظر مجموع الفتاوى (12/ 197 - 198، 306 - 307، 373 - 374).
قال الامام البخاري في خلق أفعال العباد (2/ 70): "سمعت عبد الله بن سعيد يقول: سمعت يحيى بن سعيد، يقول: ما زلت أسمع من أصحابنا يقولون: إن أفعال العباد مخلوقة.
قال أبو عبد الله: حركاتهم وأصواتهم واكتسابهم وكتابتهم مخلوقة، فأما القرآن المتلو المبين المثبت في المصاحف المسطور المكتوب الموعى في القلوب فهو كلام الله ليس بخلق".
ولما كان هذا اللفظ فيه نوع اشتباه والتباس، وذريعة لأهل البدع إلى القول بخلق القرآن، حذر الإمام أحمد من كلا الإطلاقين.=
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
=
قال محمد بن جرير في صريح السنة (ص 25 - 26): وأما القول في "ألفاظ العباد بالقرآن" فلا أثر فيه نعلمه عن صحابي مضى، ولا تابعي قضى، إلا عمن في قوله الغناء والشفاء، وفي اتباعه الرشد والهدى، ومن يقوم قوله لدينا مقام قول الأئمة الأولى: أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رضي الله عنه، فإن أبا إسماعيل الترمذي حدثني قال: سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل يقول: "اللفظية جهمية لقول الله جل اسمه: {حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} [التوبة: 6] فممن يسمع"؟ ثم سمعت جماعة من أصحابنا -لا أحفظ أسماءهم- يذكرون عنه أنه كان يقول: "من قال لفظي بالقرآن مخلوق فهو جهمي، ومن قال: هو غير مخلوق فهو مبتدع". ولا قول في ذلك عندنا يجوز أن نقوله، غير قوله، إذ لم يكن لنا إمام نأتم به سواه، وفيه الكفاية والمقنع، وهو الإمام المتبع".
قال الإمام أبو عثمان الصابوني في عقيدة السلف (ص 172 - 173) معلقا على ما قاله الإمام أحمد: "والذي حكاه عن أحمد: أن اللفظية جهمية، فصحيح عنه، وإنما قال ذلك لأن جهمًا وأصحابه صرحوا بخلق القرآن، وخافوا أهل السنة -في ذلك الزمان- من التصريح بخلق القرآن، فذكروا هذا اللفظ، وأرادوا به أن القرآن بلفظنا مخلوق، فلذلك سماهم أحمد جهمية. وحُكي عنه أيضا أنه قال: اللفظية شر من الجهمية.
وأما ما حكاه محمد بن جرير عن أحمد أن من قال: لفظي بالقرآن غير مخلوق فهو مبتدع، فإنما أراد أن السلف من أهل السنة لم يتكلموا في باب اللفظ، ولم يحوجهم الحال إليه، وإنما حدث الكلام في اللفظ من أهل التعمق، وذوي الحمق،=
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
=
الذين أتوا بالمحدثات، وعتوا عما نهوا عنه من الضلالات، وذميم المقالات، وخاضوا فيما لم يخض فيه السلف من علماء الإسلام؛ فقال الإمام هذا القول في نفسه بدعة، ومن حق المتسنن أن يدعه، ولا يتفوه به، ولا بمثله من البدع المبتدعة، ويقتصر على ما قاله السلف من الأئمة المتبعة: أن القرآن كلام الله غير مخلوق، ولا يزيد عليه إلا تكفير من يقول بخلقه".
قلت: توجيه الإمام الصابوني لما حكاه محمد بن جرير عن الإمام أحمد في أن من قال: لفظي بالقرآن غير مخلوق فهو مبتدع، إنما أراد أن السلف لم يتكلموا في ذلك
…
إلخ.
يضاف عليه كذلك: أن إطلاق الإمام أحمد على من قال: لفظي بالقرآن غير مخلوق بأنه مبتدع، لأنه يدخل في هذه العبارة أفعال المخلوقين وحركاتهم وأصواتهم وهذه مخلوقة، والقول بأنها غير مخلوقة من الإحداث في الدين. وانظر مختصر الصواعق (4/ 1351 - 1352).