الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعدم قتل أحد منهم كما في حديث البخاري الذي قدمناه في قصة المطعم ابن عدي الذي يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان في نفسه عزيمة أخذ الفداء.
* * *
(إبطال عادة التبني على يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم
-)
ومن آيات هذا النوع من العتاب أيضاً قوله تعالى من سورة الأحزاب (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولًا (37)).
وهذه الآية في قصتها من أظهر آيات العتاب وأشدها وروداً فيما يتعلق بشخص سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد وردت هذه الآية الكريمة بعد أن ذكر الله تعالى -في قوله عز شأنه- (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا (36)) أنه ليس لأحد من المؤمنين والمؤمنات خيرة وراء خيرة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم له، وما على المؤمن والمؤمنة إلا الرضا والتسليم لحكم الله تعالى فيه وحكم رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذا كما قال تعالى في سورة النساء (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ
وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (65)).
وقوله تعالى في سورة النور (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) لأن (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) إذ أنه بعث هادياً وأسوة لهم ومن كان أحق بأنفسهم منهم فله -بلا شك- كامل التصرف والحكم فيهم بما قضى الله تعالى، وما عليهم إلا الانقياد له والامتثال لأمره لما فيه من ضمان السعادة لهم لأن أمره من أمر الله تعالى، وقضاءه من قضائه، ولذلك جعل قضاء الله ورسوله -في هذه الآية الكريمة- أمراً واحداً فمن لم يرض بذلك فقد عصى الله ورسوله وخرج عن سبيل الهدى والرشاد.
فكان قوله (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ. . .) الآية توطئة وتمهيد لما ستقرره الآيات التالية لها من حكم شرعي يجب على المؤمنين الانصياع له وامتثاله والعمل به وتقبله بنفس راضية وقلب مطمئن وتسليم كامل.
روى الطبري في تفسيره عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: " خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش لزيد بن حارثة فاستنكفت منه وقالت: أنا خير منه حسباً، وكانت امرأة فيها حدة فأنزل الله (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ. . .) الآية كلها
وروى نحوه عن مجاهد ونحوه عن قتادة.
وقال السيوطي في لباب النقول: " أخرج الطبراني -بسند صحيح- عن قتادة قال: خطب النبي صلى الله عليه وسلم زينب -وهو يريدها لزيد- فظنت أنه يريدها لنفسه فلما علمت أنه يريدها لزيد أبت فأنزل الله (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ. . .) الآية فرضيت وسلمت ".
ومن ثم زوّج رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش الأسدية القرشية -بنت عمته أميمة بنت عبد المطلب- هاشمية الرحم قرشية العصبية بزيد ابن حارثة مولاه، وهي في شرفها النسبي لم تر في هذا الزواج كفاءة نسبية ولكنها سلمت ورضيت بزيد بعلاً خضوعاً لأمر رسول الله من اتباعاً لقوله تعالى (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ. . . .) الآية، ولم يكن هذا الخضوع بمزيل من نفسها تعاليها بنسبها على زيد بن حارثة، وذلك التعالي بالحسب كان أكبر سبب في جعل حياة البيت بين الزوجين -زيد وزينب- حياة منغصة فقد فيها الود والسكون والتراحم وهي من الحكمة الكبرى في الزواج. فصبر زيد رضي الله عنه قدر ما واتته الطبيعة البشرية، لكن ذلك استمر ولم تنفع فيه وداعة زيد ومسالمته وتلطفه بزوجه فرأى أن لا سبيل إلي الاستمرار في هذه الحياة الزوجية القلقة المنغصة التي تتعالى فيها الزوجة عليه بحسبها ونسبها فتثير بينه وبينها نار المساءة والتنافر والعداء.