الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحال الأولى
فإن الأمر بإنذار عشيرته الأقربين -وهو أمر بالإنذار الخاص بعد تقدم درس التربية بخطاب ((يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ. . .) الآية له حكمته الخاصة، وهو أن يأنس الرسول صلى الله عليه وسلم بطبيعته البشرية إلى أنه سيجد بجانبه من يقف معه إيماناً أو حمية فيزيده ذلك إسراعاً في امتثال أمر الله تعالى إلى التبليغ، ولذلك جاء في حديث علي رضي الله عنه الذي قدمنا صدره ومن خرجه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزلت عليه (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) دعا علياً فقال له:" اصنع لي صاعاً من طعام، واجعل عليه رجل شاة، واجعل لنا عساً من لبن ثم اجمع لي بني عبد المطلب حتى أكلمهم، وأبلّغ ما أُمرت به " قال علي: ففعلت ما أمرني به ثم دعوتهم له وهم يومئذ أربعون رجلاً يزيدون رجلاً أو ينقصونه فيهم أعمامه أبو طالب وحمزة والعباس وأبو لهب فلما اجتمعوا إليه دعاني بالطعام الذي صنعت لهم فجئت به فلما وضعته تناول النبي صلى الله عليه وسلم بضعة من اللحم فشقها بأسنانه ثم ألقاها في نواحي الصحفة ثم قال: " كلوا بسم الله " فأكل القوم حتى نهلوا عنه ما ترى إلا آثار أصابعهم، والله إن كان الرجل الواحد ليأكل ما قدمت لجميعهم ثم قال:" اسق القوم يا علي " فجئتهم بذلك العس فشربوا منه حتى رووا جميعاً وايم الله إن كان الرجل منهم ليشرب مثله، فلما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يكلمهم بدره أبو لهب إلى الكلام فقال: لقد سحركم صاحبكم. فتفرق القوم ولم يكلمهم النبي صلى الله عليه وسلم. فلما كان الغد قال: " يا علي إن هذا الرجل قد سبقني إلى ما سمعت من القول فتفرق
القوم قبل أن أكلمهم فعد لنا بمثل الذي صنعت بالأمس من الطعام والشراب ثم اجمعهم لي " ففعلت ثم جمعتهم ثم دعاني بالطعام فقربته ففعل كما فعل بالأمس، فأكلوا وشربوا حتى نهلوا، ثم تكلم النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " يا بني عبد المطلب إني والله ما أعلم أحداً في العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني الله أن أدعوكم إليه. . ".
وحديث علي هذا مروي مجزأ بطرق ليس فيها طعن فقوله " ضقت بها ذرعاً " موجود في حديث أبي الأحوص، وحديث أبي هريرة، وحديث ابن عباس، وفي مرسل الحسن السابقة، وقصة صنع الطعام ومبادرة أبي لهب لرسول الله صلى الله عليه وسلم بما يكره موجودة في حديث البراء عند ابن مردويه.
وقصة اجتماع القوم لدعوتهم إلى الله تعالى موجودة في صحيح البخاري، وجمع ناس من أهله صلى الله عليه وسلم في مسند الإمام أحمد.
واعتبر الحافظ ابن كثير -في البداية والنهاية- أن في طريق ابن أبي حاتم شاهداً لحديث علي الذي سقناه آنفاً ثم قال فيها أيضاً: " وقد روى الإمام أحمد في مسنده من حديث عباد بن عبد الله الأسدي، وربيعة ابن