الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخاتمة
نحمد الله تعالى على فضله أن وفقنا لإتمام ما أردنا إظهاره فيما عرضنا من الآيات التي نصبت هذه الرسالة لدراستها، وتوجيه الأنظار إلى وجه الهدى فيها حفظاً لإيمان المؤمنين، وإنارة لسبيل الحق أمام المنصفين.
وبعد. . .
فقد ظهر لنا من دراستنا -في الباب الأول- لعصمة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أن جمهور العلماء على القول بعصمة الأنبياء قبل النبوة، وبعدها من الكفر إجماعاً، وأنَّهم كذلك معصومون مأمونون فيما يبلغونه عن الله تعالى.
وأنهم معصومون من جميع كبائر الذنوب بعد النبوة إجماعاً، وما يخل بالمروءة من صغائرها ترجيحاً.
ثم عرضنا -في الباب الثاني- لبحث الاجتهاد، وبينا الأدلة الدالة على الإذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم في الاجتهاد فيما لم ينزل عليه به وحي. وذكرنا من الحوادث التطبيقية ما يؤكد هذه النصوص.
وبينا -في الباب الثالث- معنى العتاب، واستطردنا منه إلى بيان معنى الذنب، ووجه إسناده في بعض الآيات إلى ضمير خطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قسمنا العتاب -بحسب ما ظهر لنا من فهم الآيات- إلى ثلاثة أنواع هي: عتاب التوجيه، وعتاب التنبيه، وعتاب التحذير.
وذكرنا ما في كل من الآيات الكريمة، وبينا وجه دخول كل آية منها في نوعها.
وقد وجدنا أن العتاب فيما قيل إنه عوتب عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنما كان على ما حكم فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالاجتهاد والاجتهاد محتمل الخطأ.
فما جاء من العتاب إنما هو من قبيل تصحيح الخطأ في الاجتهاد فوجهه الله تعالى إلى الأخذ بالأصوب فعاد الحكم بذلك إلى الوحي.
كما ظهر لنا من البحث أن بعضاً من الآيات التي قيل إن فيها عتاباً لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحتمل العتاب وغيره كما قد أوضحنا ذلك في مكانه من دراستنا للآيات الكريمة.
ومما يشرح الصدر، ويبهج النفس أن المتتبع لآيات عتابه صلى الله عليه وسلم، يرى بوضوح وجلاء أن كل موضع من ذلك يعقب بنوع من الترفق برسول الله صلى الله عليه وسلم في الخطاب طمأنة لقلبه الطاهر، تنادي بأن ما صدر منه من خطأ في الاجتهاد ووجه إلى الأخذ بالأصوب منه فيما يستقبل من حوادث، لم يؤثر على شيء مما ناله من شرف القرب والرضا عليه من الله تعالى، مما يمكن أن يقال فيه: إنه مسح بيد الرحمة على القلب الطاهر الرحيم الذي جعله الله هدى للعالمين.
وتظهر فائدة هذا البحث في بيان المراد من الخطاب بهذه الآيات لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وجلاء معناها في سياقها ردًا لبعض الشبه التي يتعلق بها أعداء الإسلام ومقلدوهم من المسلمين.
كما تظهر فائدته -أيضاً- في تثبيت إيمان المؤمنين بمعرفتهم الصحيحة لمعاني هذه الآيات، وإظهار مكانة النبي صلى الله عليه وسلم وحفاوة الله تعالى به في تربيته ومخاطباته فيما يعلمه الله إياه ليكون قدوة لأمته.
وأما فائدة هذا البحث الاجتماعية، فتظهر في توطيد إيمان المؤمنين وتقوية محبتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعرفتهم بمكانته العليا، وتفتح باباً للدراسة في مثل هذه الموضوعات ليزداد يقين الموقنين وتزول شبه الملحدين والمشككين في هذا الدين القيم.
وصلى الله على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه، ومن سار على هداه إلى يوم الدين.
وكان الفراغ من كتابة هذه الرسالة المباركة وتأليفها مساء يوم الجمعة لثلاث خلون من شهر جمادى الثاني من سنة ألف وثلاثمائة وسبع وتسعين من هجرة سيدنا محمد بن عبد الله عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والسلام، وذلك بمكة المكرمة، واسأله تعالى أن يغفر لنا ولوالدينا ومشايخنا وجميع المسلمين، والحمد لله ربِّ العالمين.
* * *