الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مطلقه على مقيده جمعاً بين كلاميه ".
وكذا التخريج -من الحافظ ابن حجر- يكون الحبر ابن عباس رضي الله عنهما قائلاً بأن الذنوب تننوع إلى صغائر وكبائر، ولكنها تتفاوت فيما بينها ذاتاً وأثراً.
أما الرواية المقيدة التي حمل عليها الحافظ هذه الرواية المطلقة توحيداً لكلام ابن عباس رضي الله عنهما فهو ما رواه الطبري عنه بسنده إليه أنه قال: " الكبائر كل ذنب ختمه الله بنار، أو غضب، أو لعنة، أو عذاب ".
* * *
الاستدلال بالقرآن والسنة على تنوع الذنوب إلى صغائر وكبائر
وهذا هو الذي يتمشى مع مقتضى ظاهر الآيات القرآنية، وما ورد في السنة المطهرة الصحيحة، فالآيات القرآنية الكريمة صريحة في انقسام الذنوب إلى صغائر، وكبائر، ومن أصرح الآيات في ذلك ما يلي:
1 -
قول الله تعالى: (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا (31).
يدل بمقتضى المقابلة أن من الذنوب صغائر وكبائر، وأن اجتناب الكبائر مكفر للصغائر التي سميت في الآية سيئات، ولا شك في أن تسميتها بذلك يعطيها وصف الذنب وحقيقته، فتكفر السيئات المشروط باجتناب كبائر ما نُهُو عنه يقتضي أنها ليست من الكبائر، وقد سماها الله تعالى سيئات، فهي ذنوب وليست بكبائر قطعاً.
وقد ورد هذا التفسير عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه السيوطي إذ يقول:
" أخرج النسائي، وابن ماجه، وابن جرير، وابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم وصححه، والبيهقي في سننه عن أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم جلس على المنبر ثم قال: " والذي نفسي بيده ما من عبد يصلي الصلوات الخمس، ويصوم رمضان، ويؤدي الزكاة، ويجتنب الكبائر السبع إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية، يوم القيامة حتى أنها لتصطفق، ثم تلا:(إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا (31).
فهذا تفسير منه صلى الله عليه وسلم للآية الكريمة وتبيين للمراد منها من أن من الذنوب صغائر يكفرها الله تعالى باجتناب الكبائر وليس بعد تفسير رسول الله صلى الله عليه وسلم تفسير، ولا بعد قوله قول لقائل.
2 -
قول الله تعالى: (وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ (37)).
ذكرها الله تعالى في سياق مدح المؤمنين المتصفين باجتناب كبائر الإثم والفواحش، وهي تدل بمفهومها على أن هناك صغائر لا تمنع المدح، كما تدل هذه الآية -أيضاً على أن من الذنوب فواحش- هي أكبر من الكبائر بدليل عطف الفواحش على كبائر الإثم، وهو دليل قاطع على تفاوت الكبائر فيما بينها.
3 -
قول الله تعالى (وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ) وهو يدل بذكر الأمور الثلاثة (الكفر والفسوق والعصيان) على أن الذنوب تتنوع إلى كفر وهو أعظمها وأغلظها، وإلى فسوق وهو أقل من الكفر، فيكون المراد به كبائر الذنوب، مع وجود أصل الإيمان.
والعصيان ويراد به مطلق المعصية بعد الفسوق وليس ذلك إلا صغائر الذنوب.
فالآية الكريمة بمنطوتها صريحة في تقسيم الذنوب إلى صغائر وكبائر مع الإشارة إلى تفاوت الكبائر فيما بينها.
ويؤكد هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: " ألا أنبئكم بأكبر الكبائر -ثلاثاً-؟ قالوا:
بلى يا رسول الله. قال: الإشراك بالله " فعد الإشراك بالله أكبر الكبائر، ثم ذكر بعده من الكبائر أشياء أخرى تدخل في الفسوق وهي " عقوق الوالدين وقول الزور ".
4 -
قول الله تعالى: (الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ) يدل بمقتضى بيان قوله (وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى) في الآية قبلها على أن المحسنين بأعمالهم من المكلفين هم (الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ) فاستثناء اللمم من كبائر الإثم والفواحش