الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(تنزه كثير من أهل العلم عن أقوال القصاص)
ذهب فريق إلى أقوال تنزه بعض المفسرين والمحدثين عن حكايتها لما فيها من عبارات لا يحوطها أدب التعبير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيها فتح باب لأعداء الإسلام ونبي الإسلام لينفذوا منها - كما هى طرائقهم أن يتصيدوا من ساقط الروايات ومكذوبها ما يطعنون به على الإسلام ونبي الإسلام - إلى قالة السوء والطعن في رسالته صلى الله عليه وسلم وسمو مقامه، ولولا أن الذين تعرضوا لهذا الاتجاه -وفي مقدمتهم الإمام الطبري في تفسيره والزمخشري ومن تابعه- لهم شهرة بين الأمة ومؤلفاتهم في التفسير وغيره مقروءة، ولها اعتبارها لما أشرنا لشيء من هذا الاتجاه في فهم القصة وآياتها.
* * *
(مذهب السلف إثبات ما أثبته القرآن الكريم)
وذهب فريق من السلف - منهم علي بن الحسين " زين العابدين " والزهري والسدي وغيرهم، وتبعهم على ذلك فريق من العلماء منهم القاضي بكر بن العلاء والقاضي عياض وابن فورك
وجمع من المحدثين منهم الحافظ ابن حجر والقسطلاني في المواهب والزرقاني في شرحها والحذاق من المفسرين منهم ابن العربي والقرطبي وغيرهم ممن يعنون بفهم الآيات القرآنية في سياقها وطلب الهداية منها وتنزيه الرسل عما لا يليق بهم من الروايات البعيدة عن منطق الحق والواقع - إلى القول بأن ما أخفاه رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفسه وأبداه الله تعالى إنما هو إعلام الله له أنَّهَا ستكون من أزواجه بعد طلاق زيد لها وانقضاء عدتها منه كما ذكرناه سابقاً.
وإنما كان العتاب على إخفاء الإعلام بزواجها منه وتلبثه صلى الله عليه وسلم بعد أن عرض عليه زيد طلاقها - اجتهاداً منه صلى الله عليه وسلم استجابة لطبيعته صلى الله عليه وسلم، المجبولة على الرأفة والرحمة وأخذاً بمبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والنصيحة والإرشاد إذ لم يعين الله له وقت تزويجه منها، وليتعرف صلى الله عليه وسلم ما عند زيد بالنسبة إليها من رغبة فيها وميل إليها.
ويحتمل في فهم القصة وآياتها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استشعر منذ نزلت عليه آية إبطال التبني في قوله تعالى (مَا جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ (4) ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ)