الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تنوع الذنوب إلى صغائر وكبائر
تردد ذكر الكبائر والصغائر فيما سبق من بحثنا هذا، وإتماماً لما قدمنا نرى البحث يدعونا -قبل الكلام على عصمة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام من الذنوب صغائرها وكبائرها- إلى توضيح المراد من الكبائر والصغائر.
* * *
مسالك التكليف
أقام الله تعالى تكليف العباد على الأمر والنهي، فأمرهم بطاعته ونهاهم عن مخالفة أمره، فطاعتهم إياه لازمة لهم بأمره إياهم بالطاعة ونهيهم عن المعصية. فدواعي الإلزام بالطاعة لله تعالى تقتضي أن يكون العبد بين الرجاء لثواب الله تعالى، والخوف من عقابه.
وشدة عقابه تجعل الإقدام على المعصية أمراً مستفظعاً عند ذوي النُّهى.
ومن ثم اختلف العلماء في تقسيم الذنوب والمخالفات إلى صغائر وكبائر.
* * *
وجه القول بأن جميع الذنوب كبائر
فذهب بعض العلماء من السلف والخلف إلى أنه لا صغيرة في الذنوب، فكل الذنوب عند هؤلاء كبائر، ولكن كبيرة دون كبيرة لتفاوت المخالفات في ذاتها، وفي آثارها فيقال لبعضها صغيرة بالإضافة إلى ما هو أكبر منها، كما يقال: القُبلة المحرمة صغيرة بإضافتها إلى الزنى وكلها كبائر ".
فهولاء نظروا في المعاصي بالنسبة للمعصيِّ بها وهو الله تعالى، ولذلك قال إمام الحرمين:" المرضي عندنا أن كل ذنب كبيرة إذ لا تراعى أقدار الذنوب حتى تضاف إلي المعصيِّ بها، فرب شيء يعد صغيرة بالإضافة إلى الأقران، ولو صور في حق ملك لكان كبيرة يضرب بها الرقاب ".
وكلام إمام الحرمين هذا يشعر بأن من الذنوب كبائر ومنها صغائر ولكنه لا يسمي الصغائر باسمها إجلالاً لحق المعصي بها.
ونسب القاضي عياض -في الشفاء والنووي في شرح مسلم والحافظ ابن حجر في الفتح- القول بهذا إلى طائفة من العلماء.
والقول بأن جميع الذنوب كبائر موافق لظاهر ما رواه الطبري عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: " كل ما نهى الله عنه فهو كبيرة "، ورواه عنه أيضاً من طريق آخر بلفظ " كل شيء عصي الله فيه فهو كبيرة ".
وقد توقف القرطبي في التسليم بصحة ذلك عن ابن عباس فقال: " ما أظنه يصح عن ابن عباس أن كل ما نهى الله عز وجل عنه كبيرة، لأنه مخالف