الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يحقق الشكر، ومن ثم نجد التناقض الكبير الذي عليه أكثر الخلق.
ولنعد إلى السياق:
فَإِنْ تَوَلَّوْا أي أعرضوا عن الدخول في الإسلام كله فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ أي فلا تبعة عليك في ذلك، لأن الذي عليك هو التبليغ الظاهر الواضح الكامل البيان، وقد كان
يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ أي يعرفون أن الله تعالى هو المسدي إليهم ذلك، وهو المتفضّل به عليهم ثُمَّ يُنْكِرُونَها بأفعالهم حيث يرفضون الدخول في الإسلام كله وَأَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ أي وأكثرهم الجاحدون أي غير المعترفين، فهم بين اثنين: إما إنسان يعترف بالنعم ولا يبني عليها الدخول الكامل في الإسلام، أو إنسان يجحد أصلا نعمة الله كهؤلاء الملحدين الذين لا يؤمنون بالله أصلا، فضلا عن أن يدخلوا في دينه، وفي سبب نزول هذه الآية يذكر ابن أبي حاتم بسنده إلى مجاهد أن أعرابيا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله فقرأ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً فقال الأعرابي: نعم، قال وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعامِ بُيُوتاً الآية قال
الأعرابي نعم، ثم قرأ عليه، كل ذلك يقول الأعرابي: نعم. حتى بلغ كَذلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ فولّى الأعرابي فأنزل الله يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها
ولنعد إلى الكلام عن السياق:
رأينا كيف خدم هذا المقطع حتى الآن موضوع الدخول في الإسلام كله، وهو الموضوع الذي تخدمه هذه السورة، وتخدمه الآية التي هي محور هذه السورة من سورة البقرة، ومضمونها التذكير باليوم الآخر، كطريق لإيصال الإنسان إلى الدخول في الإسلام كله، ومن ثم نلاحظ أن هذا المقطع يختتم بمجموعة آيات: أول آية فيها مبدوءة بقوله تعالى: وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً
…
وآخر آية فيها مبدوءة بنفس المطلع وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً ونلاحظ أن الآية الأخيرة قد ختمت بقوله تعالى: وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ وفي هذا الختام الذي يذكر الله فيه أنه ما من قضية من قضايا الوجود إلا ولله فيها الحكم الحق- وما خالفه ضلال وقد بيّنه في كتابه، أو بيّن الطريق إلى الوصول إليه في كتابه، ومجموع هذه الأحكام هي الإسلام الذي أمر الله بالدخول فيه، ومن هذا ندرك أن
المجموعة الآتية تخدم بشكل مباشر محورها من سورة البقرة وهو آية هَلْ يَنْظُرُونَ .... وبما يحقق حيّزها وهو ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً
…
بشكل مباشر.
فلنر المجموعة الأخيرة من هذا المقطع:
وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً يشهد عليها وهو رسولها، أي: واذكر يوم نحشر من كل أمة نبيا يشهد لهم وعليهم بالتصديق والتكذيب، والإيمان والكفر ثُمَّ لا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا أي في الاعتذار لأنهم يعلمون بطلانه وكذبه، والمعنى أنّه لا حجة لهم ولذلك لا يؤذن لهم بالاعتذار، دلّل بعدم الإذن على أنه لا حجة لهم ولا عذر وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ أي ولا يسمح لهم بالاسترضاء، أي لا يقال لهم أرضوا ربكم لأن الآخرة ليست بدار عمل، وذلك مقام رهيب، الأنبياء هم الشهود على الكافرين، والكافرون يمنعون الكلام، فلا يؤذن لهم في إلقاء معذرة، ولا بالإدلاء بحجة
وَإِذا رَأَى الَّذِينَ ظَلَمُوا أي الذين كفروا وأشركوا الْعَذابَ بأن يدخلوا النار فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ أي لا يفتر عنهم ساعة واحدة وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ أي ولا هم يمهلون قبله لا يؤخر عنهم ولا يفتر
وَإِذا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكاءَهُمْ أي الذين يعبدونهم في الدنيا قالُوا رَبَّنا هؤُلاءِ شُرَكاؤُنَا أي آلهتنا التي جعلناها شركاء الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوا أي نعبد مِنْ دُونِكَ فتبرأت منهم آلهتهم أحوج ما يكونون إليها فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكاذِبُونَ أي قالت لهم الآلهة: كذبتم ما نحن أمرناكم بعبادتنا كذّبتهم آلهتهم لأنها كانت جمادا لا تعرف من عبدها، أو كذبوهم في تسميتهم شركاء وآلهة؛ تنزيها لله عن الشرك
وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ إلقاء السلم يعني: الاستسلام لأمر الله وحكمه بعد الإباء والاستكبار في الدنيا، أي وألقى الذين كفروا يومئذ السلم لله بأن استسلموا لله جميعهم، فلا أحد إلا سامع مطيع، أسلموا حيث لا ينفعهم إسلامهم، وتركوا الإسلام حين كانوا مكلفين به وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ أي وبطل عنهم ما كانوا يفترون، من أن لله شركاء، وأنهم ينصرون ويشفعون، لقد ذهب واضمحل ما كانوا يعبدونه افتراء على الله، فلا ناصر لهم ولا معين ولا مجير، ثم بين الله عز وجل جزاء الذين جمعوا بين الكفر والصد عن سبيل الله فقال:
الَّذِينَ كَفَرُوا في أنفسهم. وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أي وحملوا غيرهم على الكفر ومنعوهم من الدخول في الإسلام زِدْناهُمْ عَذاباً فَوْقَ