الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقدمة السورة تبدأ السورة بمقدمة هي ثمان آيات. وهذه هي:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ 18/ 8 - 1
التفسير:
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ محمد عليه الصلاة والسلام الْكِتابَ أي القرآن وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً أي اعوجاجا، فلا اختلاف في معانيه، ولا تناقض، ولا يخرج شئ منه عن الحكمة ولا زيغ ولا ميل بل جعله
قَيِّماً أي مستقيما، بعد أن نفى عنه العوج أثبت له الاستقامة تأكيدا، فرب مستقيم مشهود له بالاستقامة ولا يخلو من أدنى عوج عند التصفح، ويحتمل أن يراد بالقيم علوه على سائر الكتب، من حيث كونه مصدقا لها شاهدا بصحتها له فضل عليها بالإعجاز والمعاني، حمد الله تعالى نفسه على إنزاله كتابه العزيز على رسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فإنه أعظم نعمة أنعمها الله على أهل الأرض، إذ أخرجهم به من الظلمات إلى النور، ولقّن الله بذلك عباده وفقّههم كيف يثنون عليه، ويحمدونه على أجزل نعمائه عليهم، وهي نعمة الإسلام،
وما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم من الكتاب الذي هو سبب نجاتهم. وبعد أن وصف كتابه بالاستقامة الكاملة ذكر الحكمة في إنزاله وهي التبشير والإنذار فقال لِيُنْذِرَ الكافرين بَأْساً عذابا شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ أي صادرا من عنده، فالله بهذا القرآن ينذر من خالفه وكذّبه بالعقوبة العاجلة في الدنيا، والآجلة في الأخرى، عقوبة من عند الله الذي لا يعذب عذابه أحد، ولا يوثق وثاقه أحد وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أي ويبشّر الله الذين جمعوا الإيمان والعمل الصالح بهذا القرآن أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً أي مثوبة عند الله جميلة وهي الجنة
ماكِثِينَ فِيهِ أي في ثوابهم عند الله وهو الجنة خالدين فيه أَبَداً أي دائما لا زوال له ولا انقطاع.
وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً من مشركي العرب الذين قالوا عن الملائكة إنهم بنات الله، وغيرهم كالنصارى
ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ أي بهذا القول الذي افتروه وائتفكوه وَلا لِآبائِهِمْ أي لأسلافهم الذين قلّدوهم يعني: أن قولهم بالولد أو باتخاذه لم يصدر عن علم، ولكن عن جهل مفرط، وانتفاء العلم بالشئ إما للجهل بالطريق الموصل إليه، أو لأنه في نفسه محال، واتخاذ الله ولدا محال ولا طريق عقليا يوصل إليه أصلا كَبُرَتْ كَلِمَةً أي ما أفظعها كلمة تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ وهذا تبشيع لمقالتهم واستعظام لإفكهم إذ اجترءوا على النطق بها وإخراجها من أفواههم فإن كثيرا مما يوسوسه الشيطان في قلوب الناس من المنكرات لا يتمالكون أن يتفوهوا به، بل يكظمون عليه، فكيف بمثل هذا المنكر؟ والتعبير يفيد أن هذا القول ليس له مستند سوى قولهم، ولا دليل عليه إلا كذبهم وافتراؤهم، ولهذا قال تعالى: إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً أي إلا قولا كذبا
فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ أي قاتل نفسك عَلى آثارِهِمْ أي على آثار الكفار، شبهه وإياهم حين تولوا عنه ولم يؤمنوا به، وما تداخله من الأسف على توليهم، برجل فارقه أنيسه، فهو يتساقط حسرات على آثارهم، ويبخع نفسه وحيدا عليهم، وتلهفا على فراقهم إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ أي القرآن أَسَفاً الأسف: فرط الحزن والغضب. والمعنى: لا تهلك نفسك أسفا عليهم بل أبلغهم رسالة الله، فمن اهتدى فلنفسه، ومن ضل فإنما يضل عليها.
ثم أخير تعالى أنه جعل الدنيا دارا فانية مزينة بزينة زائلة، وإنما جعلها دار اختبار لا دار قرار فقال: إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ من زخارف ومستحسنات ومستلذات زِينَةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا أي لنختبرهم بذلك والناجح هو الأحسن عملا، والراسب هو الأسوأ عملا.
ثم أخبر تعالى بزوالها وفنائها وفراغها وانقضائها وذهابها