الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
براجمكم (1) ولا تأخذون شواربكم، ولا تستاكون؟ ثم قرأ وَما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ إلى آخر الآية. وقد روى الطبراني .... عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أن جبريل أبطأ عليه فذكر له ذلك فقال: وكيف وأنتم لا تستنون، ولا تقلمون أظفاركم، ولا تقصون شواربكم، ولا تنقون رواجبكم (2)؟». وروى الإمام أحمد
…
عن أم
سلمة قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أصلحي لنا المجلس، فإنه ينزل ملك إلى الأرض لم ينزل إليها قط» .
7 - [ذكر ابن كثير بمناسبة قوله تعالى وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا]
وبمناسبة قوله تعالى وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا يذكر ابن كثير ما أخرجه ابن أبي حاتم عن أبي الدرداء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما أحل الله في كتابه فهو حلال، وما حرّمه فهو حرام، وما سكت عنه فهو عافية، فاقبلوا من الله عافيته، فإن الله لم يكن لينسى شيئا» . ثم تلا هذه الآية: وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا.
كلمة في السياق: [حول سبب نزول آية وَما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ .. وصلتها والمجموعة بالمحور]
رأينا سبب نزول قوله تعالى: وَما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ
…
ورأينا أن قوله تعالى: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضاعُوا الصَّلاةَ
…
أنه في الأصل كلام عن الأمم السابقة بعد أنبيائها، ولكنه ينطبق على هذه الأمة، وفهمنا من السياق أن حكمة الله أن يبعث الرسل؛ ليرجع الناس عن الانحراف، كما يبعثهم ليحكموا بين الناس فيما اختلفوا فيه، كما يبعثهم ليدعوا إلى الله ابتداء، كل ذلك رأيناه، ومن خلال ما ذكرناه عند قوله تعالى: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ ومن خلال ما ذكرناه عند قوله تعالى: وَما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ ندرك أن كل آية في كتاب الله وجودها في محلها معجز.
…
ومما مرّ معنا في السورة ندرك أن السورة قد قرّرت في جملة ما قرّرت:
1 -
أن محمدا رسول الله فهو بشير ونذير كبقية الرسل.
2 -
أن الله أنزل كتابه على محمد صلى الله عليه وسلم ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه.
3 -
أن هذه الأمة عليها أن تحذر ما وقعت به غيرها من الأمم بعد رسلها
(1) البراجم: هي العقد التي في ظهر الأصابع.
(2)
الرواجب: هي ما بين عقد الأصابع من الباطن.
وإذ تتقرر هذه المعاني فإن تتمة السورة تنذر وتبشّر، وترد وتحكم، وتأتي خاتمتها لتقول: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا* فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا* وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً.
إن هذا الختام للسورة يأتي بعد ردود وإنذارات- كما سنرى- فلنتذكر الآن محور سورة مريم من البقرة: كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ أصبحوا كفارا فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين.
ويوم بعث محمد صلى الله عليه وسلم لم يبق على وجه الأرض مسلم، كما هو معلوم من قصة سلمان الفارسي فبعث الله محمدا بالقرآن بشيرا ونذيرا والسورة تقرر هذه الحقيقة.
وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ
وقد أنزل الله القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه.
وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ.
فلتحذر هذه الأمة ذلك، وخاصة الظلم، وترك الصلوات، واتباع الشهوات.
فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وهذه بشارة لأهل الإيمان وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ* والصراط المستقيم هو العبودية لله، وذلك بالدخول الكامل في الإسلام.
والسورة تسير من الآن فصاعدا مبشرة ومنذرة، والأمر الذي سبق ذلك هو فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبادَتِهِ وهو الأمر اللازم لعملية التبشير والإنذار، فبدون عبادة لله لا يستطيع الإنسان أن يقوم بواجب التبشير والإنذار فليعلم الدعاة إلى الله ذلك.
…
تتألف السورة من مقطعين: المقطع: المقطع الأول يتألف من ثلاث مجموعات مترابطة، والمجموعة التي عرضناها آنفا هي بداية المقطع الثاني، ورأينا ارتباطها بما قبلها
وسنعرض بقية المقطع الثاني عرضا واحدا مع ملاحظة أن الآية الأولى في التتمّة هي:
وَيَقُولُ الْإِنْسانُ أَإِذا ما مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا أَوَلا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً.
فما حكمة ورود هذا المعنى بعد ما مر؟
إن الاختلاف في الكتاب، وقبل ذلك الكفر، وبعد ذلك إضاعة الصلوات، واتباع الشهوات، كل ذلك علته الأساسية الكفر باليوم الآخر. ومن ثم يأتي الآن هذا الموضوع، ليجتمع في السورة أنها مبشرة ومنذرة وحاكمة في خلاف، ورادّة على ما استقر في أذهان الناس من كفر.
***