الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إخفاءه، أو تجاهله أو المغالطة فيه، ويتجسم هذا المعنى في صورة الكتاب المنشور، فإذا هو أعمق أثرا في النفس وأشد تأثيرا في الحس، وإذا الخيال البشري يلاحق ذلك الطائر ويلحظ هذا الكتاب في فزع طائر من اليوم العصيب، الذي تتكشف فيه الخبايا والأسرار، ولا يحتاج إلى شاهد أو حسيب: اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً
…
الفوائد:
1 - [الدليل على تدقيق العلماء في قبول الرواية وكلام ابن كثير عند الآية وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى]
رأينا معنى قوله تعالى: وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى وفي هذا المقام يحكم العلماء على أن بعض الرواة أخطئوا في لفظة رواها البخاري وهي منسوبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم حول (إن الله يخلق للنار خلقا يعذبهم بها حتى تمتلئ) فإن هذا يتنافى مع نص الآية ويتنافى مع روايات صحيحة أخرى، وهذا دليل على أن الرجوع في كل علم للمختصين فيه هو الموقف الحق، وأن الذين يريدون أن يحقّروا لهذه الأمة تحقيقات علمائها وأئمتها مخطئون، وإذ أشرنا إلى هذه المسألة فلننقل ما قاله ابن كثير فيها قال عند الآية المذكورة: (ومن ثم طعن جماعة من العلماء في اللفظة التي جاءت معجمة في صحيح البخاري عند قوله تعالى: إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اختصمت الجنة والنار» فذكر الحديث إلى أن قال: «وأما الجنة فلا يظلم الله من خلقه أحدا، وإنه ينشئ للنار خلقا فيلقون فيها فتقول: هل من مزيد؟ ثلاثا» . وذكر تمام الحديث فهذا إنما جاء في الجنة لأنها دار فضل، وأما النار فإنها دار عدل لا يدخلها أحد إلا بعد الإعذار إليه وقيام الحجة عليه، وقد تكلم جماعة من الحفاظ في هذه اللفظة وقالوا لعله انقلب على الراوي بدليل ما أخرجاه في الصحيحين- واللفظ للبخاري- من حديث عبد الرزاق عن معمر عن همام عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «تحاجّت الجنة والنار» فذكر الحديث إلى أن قال «فأما النار فلا تمتلئ حتى يضع فيها قدمه فتقول قط قط فهناك تمتلئ وينزوي بعضها إلى بعض، ولا يظلم الله من خلقه أحدا، وأما الجنة فإن الله ينشئ لها خلقا).
2 - [كلام علماء التوحيد حول أهل الفترة بمناسبة آية وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا]
عند قوله تعالى: وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا يقف علماء التوحيد وقفة طويلة حول أهل الفترة، والذين لم تبلغهم الدعوة، هل هم مخاطبون في
الأصول والفروع، أو في الأصول دون الفروع، أو لا في الأصول ولا في الفروع؟
الأشاعرة: على أنهم ليسوا مطالبين في الأصول ولا في الفروع. والماتريدية على أنهم مطالبون بالأصول، والمعتزلة على أنهم مطالبون بالأصول والفروع، التي يحكم العقل المجرد بحسنها، وكلامهم مردود بالنصوص. ولابن كثير عند هذه الآية كلام طويل حول أولاد الكافرين وأولاد المسلمين، قال عن أولاد المؤمنين: (فأما ولدان المؤمنين فلا خلاف بين العلماء كما حكاه القاضي أبو يعلى بن الفراء الحنبلي عن الإمام أحمد قال:
لا يختلف فيهم أنهم من أهل الجنة، وهذا هو المشهور بين الناس، وهو الذي نقطع به إن شاء الله تعالى) وتحدث عن الخلاف في أطفال المشركين، وكيف أن بعض العلماء قال: هم في النار وبعضهم قال: هم في الجنة، وبعضهم توقف في هذا الموضوع ومن كلامه:(ولما كان الكلام في هذه المسألة يحتاج إلى دلائل صحيحة جيدة وقد يتكلم فيها من لا علم عنده عن الشارع كره جماعة من العلماء الكلام فيها).
وبمناسبة هذه الآية ذكر ابن كثير مجموعة من الأحاديث ومناقشات العلماء في شأنها ونحن ننقل لك هاهنا الحديث الأول والثالث والخامس مما ذكره وهذه هي:
(فالحديث الأول): عن الأسود بن سريع رواه الإمام أحمد .. أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال:
«أربعة يحتجون يوم القيامة: رجل أصم لا يسمع شيئا، ورجل أحمق، ورجل هرم، ورجل مات في فترة، فأما الأصم فيقول: رب قد جاء الإسلام وما أسمع شيئا، وأما
الأحمق فيقول: رب قد جاء الإسلام والصبيان يحذفوني بالبعر، وأما الهرم فيقول: رب لقد جاء الإسلام وما أعقل شيئا، وأما الذي مات في الفترة فيقول: رب ما أتاني لك رسول. فيأخذ مواثيقهم ليطيعنّه فيرسل إليهم أن ادخلوا النار، فو الذي نفس محمد بيده لو دخلوها لكانت عليهم بردا وسلاما». وبالإسناد عن قتادة عن الحسن عن أبي رافع عن أبي هريرة مثله غير أنه قال في آخره:«فمن دخلها كانت عليه بردا وسلاما، ومن لم يدخلها يسحب إليها» وكذا رواه إسحاق بن راهويه عن معاذ بن هشام؛ ورواه البيهقي في كتاب الاعتقاد، وكذا رواه حنبل بن إسحاق عن علي بن المديني به وقال:
هذا إسناد صحيح وكذا رواه حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن أبي رافع عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أربعة كلهم يدلي على الله بحجة» . فذكر نحوه، ورواه ابن جرير من حديث معمر عن همام عن أبي هريرة فذكره موقوفا، ثم قال أبو هريرة