الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كلمة في السياق: [حول صلة المجموعة الخامسة بمقدمة القسم الثاني وبالمحور]
صلة هذه المجموعة بمقدمة هذا القسم واضحة: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ وما أمر الله به في هذه المجموعة من اتباع إبراهيم عليه السلام، ومن طرق الدعوة إلى الله، والمماثلة بالعقوبة أو الصبر، والحض على الصبر، كلها من نوع الأمر بالعدل والإحسان.
وصلة هذه المجموعة بمحور السورة من البقرة واضحة ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً فإبراهيم عليه السلام هو قدوة الداخلين في الإسلام كله وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ، ونحن مأمورون باتباعه، وليس السبت جزءا من الإسلام.
والدعوة إلى الإسلام لها طريقها الخاص بها، ومقابلة الاعتداء بمثله جائزة، والصبر أجود، ومع الصبر لا ينبغي أن يكون حزن أو ضيق من مواقف الآخرين وعليهم، هذه كلها مرتبطة ارتباطا وثيقا بموضوع الدخول في الإسلام كله، إن في وعد الله بتأييد المتقين المحسنين ونصرتهم، أو بالبشارة بمعيته لمن يدخل في دينه الذي هو عدل وإحسان وإيتاء ذي القربى، والذي هو ترك للفحشاء والمنكر والبغي.
وهكذا نلاحظ من خلال المجموعات الخمس التي مرت معنا، وارتباطها بمقدمة القسم الثاني، ونهاية القسم الأول، وصلة القسم الثاني كله بمحور السورة من سورة البقرة، نلاحظ من خلال هذا كله كيف أن الإنسان إذا لم يدرك السياق الخاص للسورة، وارتباط السورة بمحورها، لا يستطيع أن يعرف محلّ الآية، أو المجموعة في الوحدة العامة للسورة، وضمن الوحدة القرآنية العامة. وإن حرصنا على إبراز هذا المعنى جعلنا نؤخّر الكلام عن بعض فوائد ما مرّ معنا حتى لا ينقطع الكلام عن السياق، وقد آن الأوان لنتكلم عن فوائد حول القسم الذي مرّ معنا:
الفوائد:
1 - [حديث بمناسبة الآية وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى]
بمناسبة قوله تعالى: وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى يروي ابن كثير الحديث «ما من ذنب أجدر أن يعجّل الله عقوبته في الدنيا، مع ما يدخر لصاحبه في الآخرة، من البغي، وقطيعة الرحم» .
2 - [أجمع آية في القرآن إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ
.. ]
الكلام عن آية إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ
…
كثير، إذ هي أجمع
آية في القرآن، ولهذا يقرؤها كل خطيب على المنبر في آخر خطبته لتكون عظة جامعة، وقد نقل ابن كثير في هذا المقام أحاديث وآثارا ننقلها مع حذف الأسانيد:
روى الشعبي عن شتير بن شكل: سمعت ابن مسعود يقول: إن أجمع آية في القرآن في سورة النحل إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ الآية. وقال سعيد عن قتادة قوله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ الآية ليس من خلق حسن- كان أهل الجاهلية يعملون به ويستحسنونه- إلا أمر الله به، وليس من خلق سيئ، كانوا يتعايرونه بينهم إلا نهى الله عنه وقدم فيه، إنما نهى عن سفاسف الأخلاق ومذامها (قلت) القائل ابن كثير ولهذا جاء في الحديث:«إن الله يحب معالي الأخلاق ويكره سفاسفها» وقال الحافظ أبو نعيم في كتاب (معرفة الصحابة)
…
عن علي بن عبد الملك بن عمير عن أبيه قال: بلغ أكثم بن صيفي مخرج النبي صلى الله عليه وسلم فأراد أن يأتيه فأبى قومه أن يدعوه وقالوا: أنت كبيرنا لم تكن لتخف إليه! قال: فليأته من يبلغه عني ويبلغني عنه، فانتدب رجلان فأتيا النبي صلى الله عليه وسلم فقالا: نحن رسل أكثم بن صيفي، وهو يسألك من أنت وما أنت؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«أما من أنا، فأنا محمد بن عبد الله، وأما ما أنا فأنا عبد الله ورسوله» . قال: ثم تلا عليهم هذه الآية: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ الآية. قالوا: ردّد علينا هذا القول، فردده عليهم حتى حفظوه، فأتيا أكثم فقالا: أبى أن يرفع نسبه، فسألناه عن نسبه، فوجدناه زاكي النسب، وسطا في مضر- أي شريفا- وقد رمى إلينا بكلمات قد سمعناها، فلما سمعهن أكثم قال: إني أراه يأمر بمكارم الأخلاق، وينهى عن ملائمها. فكونوا في هذا الأمر رؤساء ولا تكونوا فيه أذنابا. وقد ورد في نزولها حديث حسن رواه الإمام أحمد
…
عن ابن عباس قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم بفناء بيته جالس إذ مر به عثمان بن مظعون فكشر (1) إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا تجلس؟» فقال:
بلى. قال: فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم مستقبله، فبينما يحدثه إذ شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم ببصره إلى السماء، فنظر ساعة إلى السماء، فأخذ يضع بصره حتى وضعه على يمينه في الأرض فتحرّف رسول الله صلى الله عليه وسلم على جليسه عثمان إلى حيث وضع بصره، فأخذ ينغض رأسه كأنه يستفقه ما يقال له وابن مظعون ينظر، فلما قضى حاجته واستفقه ما يقال له شخص بصر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السماء كما شخص أول مرة، فأتبعه بصره حتى توارى
(1) - كشّر: أي تبسّم حتى بدت أسنانه.