الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفقرة السابعة: في الغسل وموجباته وأنواعه
عرض إجمال
قال تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} (1) وقال: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} (2).
بالغسل والوضوء وما يستتبع ذلك وما يلحقه وما يسبقه كان المسلم أطهر وأنظف إنسان في العالم.
والغسل في الإسلام على أنواع: فمنه المفروض ومنه المسنون فالأغسال المفروضة: الغسل من الجنابة: ويكون بخروج المني أو التقاء الختانين ولو من غير إنزال، والغسل من الحيض والنفاس في حق المرأة وتغسيل المسلم الميت غير الشهيد، وإسلام الكافر، سواء كان كافراً أصلياً أو مرتداً، والأخير واجب عند المالكية والحنابلة وقال الحنفية والشافعية يستحب استحباباً إذا لم يكن جنباً ويجزئه الوضوء.
والأغسال المسنونة والمندوبة: لغسل لصلاة الجمعة، والغسل لصلاة العيدين، والغسل للإحرام بالحج أو بالعمرة لصلاة، وللوقوف بعرفة بعد الزوال، ولدخول مكة وللمبيت بمزدلفة ولطواف الإفاضة وطواف الوداع، وعند المالكية للسعي، ومن الأغسال المندوبة عند الحنفية الغسل لصلاة الكسوف والخسوف وهي سنة عند الجمهور، ويسن الغسل لمن غسل ميتاً، وبعضهم جعله مستحباً، ويسن الغسل عند الشافعية والحنابلة للمستحاضة عند كل صلاة وقال المالكية إنه مستحب وقال الحنفية يندب لها إذا انقطع دمها.
ويندب الغسل للإفاقة من جنون أو إغماء أو سكر، ويندب عند حجامة ونحوها بعد
(1) المائدة: 6.
(2)
النسائي: 43.
(3)
البقرة: 222.
الشفاء من عملية جراحية مثلاً، ويندب الغسل للتائب من ذنب وللقادم من سفر ولمن أصابته نجاسة وخفي مكانها.
وكل غسل ترتبت عليه منفعة أو مصلحة واغتسل صاحبه بنية صالحة فهو مأجور عله، بل الغسل المباح إذا كان بنية صالحة فإن الإنسان يؤجر عليه.
وبسبب الغسل كان للحمامات دور كبير في حياة المسلم سواء حمامات البيوت أو الحمامات العامة، وللدخول إليها آداب وأحكام.
وفريضة الغسل تعميم الجسد بالماء الطهور ويدخل في ذلك المضمضة والاستنشاق عند الحنفية والحنابلة فقد قالوا: إنهما فريضتان في الغسل وقال المالكية والشافعية: إنهما سنتان وافترض الجمهور غير الحنفية النية عند غسل أول جزء من البدن أي نية فرض الغسل من الجنابة أو من الحدث الأكبر أو استباحة ممنوع لا يصح بدون الغسل كالصلاة والطواف، والنية عند الحنفية سنة والتسمية في ابتداء الغسل سنة عند الجمهور وفرض عند الحنابلة وأوجب المالكية دون غيرهم الدلك ولو بخرقة، ويتعاهد المغتسل بالغسل داخل القلفة إذا لم يكن مختوناً ولا عسر عليه في إيصال الماء إليها، وسُرَّة وبشْرَة الرأس من المرأة وبشرة اللحية والحاجب ولكمال الغسل يبدا المغتسل بالنية والتسمية وغسل ما به من أذى والاستنجاء والوضوء، ويحثي على رأسه ثلاثاً يروي بها أصول الشعر، ويفيض الماء على سائر جسده ويبدأ بشقه الأيمن ويدلك بدنه بيده وينتقل من موضع غسله فيغسل قدميه ويتعاهد في هذا كله الأمكنة التي يخشى ألا يصل إليها الماء.
والمرأة لا يجب عليها أن تنقض ضفائرها، ولكن لابد من إيصال الماء إلى بشرة الرأس أما ضفائر الرجال فيجب نقضها عند الحنفية ومن وافقهم وقال الإمام أحمد تنقض المرأة شعرها لغسلها من الحيض والنفاس لكن قال في المغني وقال بعض أصحابنا هذا مستحب غير واجب وهو قول أكثر الفقهاء وهو الصحيح إن شاء الله ا. هـ (1/ 226 - 227) وليس عليها نقضه من الجنابة إذا أروت أصوله.
ويكره الإسراف في صب الماء، ومهما استطاع الإنسان أن يقلل من استعمال الماء
ليصيب السنة فذلك أبعد عن الإسراف، ويسن عند الشافعية والحنابلة أن لا ينقص ماء الغسل عن صاع تقريباً ويساوي عندهم حوالي (2700) غراماً، وكما يكره الإسراف في الماء يكره التقتير فيه، وضرب الوجه به، والتكلم بكلام الناس، ويكره الاغتسال في الخلاء إذا أمكن غيره ولا يكره عند الحنابلة للجنب أو الحائض والنفساء أن يأخذ شيئاً من شعره وأظفاره قبل الاغتسال وكرهه بعضهم، ويحرم على الجنب والحائض والنفساء الصلاة ومنها سجود التلاوة، والطواف حول الكعبة، ومس القرآن وتلاوة القرآن بلسانه ولو لحرف أو دون آية على المختار عند الحنفية والشافعية بقصد القراءة فلو قصد الدعاء أو الثناء أو افتتاح أمر أو التعليم أو الاستعاذة أو الأذكار فلا يحرم، وأجاز الحنابلة للجنب قراءة بعض آية ولو كرره ما لم تكن طويلة، كما أجازوا له مع الحنفية تهجئة القرآن، واتفق الفقهاء على أن لا يحرم النظر في القرآن لحائض ونفساء وجنب، كما أن لهم أن يستعرضوا القرآن بقلوبهم لا على ألسنتهم وأن يستمعوا إلى القرآن، وعند المالكية يصح للجنب التعوذ بآية الكرسي والإخلاص والمعوذتين، وأن يرقي نفسه أو غيره ويستدل على حكمٍ، وأن للمرأة قراءة قليل من القرآن إذا كانت حائضاً أو نفساء حال استرسال الدم عليها، أما بعد انقطاعه وقبل غسلها فلا تقرأ منه شيئاً، ويحرم الاعتكاف في المسجد على الجنب والحائض والنفساء إجماعاً، وقال الحنفية والمالكية ويحرم عليهم دخول المسجد مطلقاً ولو عبوراً أو اجتيازاً وحملوا قوله تعالى:{إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} على المسافر الذي حكمه التيمم، وأباح الشافعية والحنابلة عبور المسجد دون المكث فيه، أو التردد فيه لغير عذر، إلا أن إباحة عبور المسجد للحائض والنفساء مقيد بما إذا أمنت تلويثه فإن خافت تلويثه حرم عليها الدخول فيه.
ومن كلام النووي: لو احتلم في المسجد وجب عليه الخروج منه إلا أن يعجز عن الخروج لإغلاق المسجد ونحوه، أو خاف على نفسه أو ماله، فإن عجز أو خاف جاز أن يقيم للضرورة.
(انظر حاشية ابن عابدين 1/ 102 وما بعدها)، (الشرح الصغير 1/ 160 فما بعدها)، (المهذب 1/ 29 وما بعدها)، المغني 1/ 199 وما بعدها)، (الفقه الإسلامي 1/ 359 وما بعدها).