المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الثالثمن سنته عليه الصلاة والسلام في الدعوة والنصح والموعظة - الأساس في السنة وفقهها - العبادات في الإسلام - جـ ١

[سعيد حوى]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌تمهيد في:العِبَادات في الإسلام

- ‌الجزء الأولفي العلم والأمر بالمعروف والنهي عنالمنكر والدعوة إلى الخير والنصيحة

- ‌المقدمةفي: الجامع بين موضوعات هذا الجزء

- ‌الباب الأولفي العلم

- ‌المقدمة

- ‌الفصل الأولفيفضل العلم بدين الله

- ‌فائدة:

- ‌الفصل الثانيفي: الترغيب في إكرام العلماء وإجلالهم وتوقيرهموالترهيب من إضاعتهم وعدم المبالاة بهم

- ‌الفصل الثالثفي: الترهيب من تعلم العلم لغير وجه الله تعالى

- ‌الفصل الرابعفي: الترغيب في نشر العلم والدلالة على الخير

- ‌الفصل الخامسفي: الترغيب في سماع الحديث وتبليغه

- ‌الفصل السادسفي: الترهيب من الدعوى في العلمِ والقرآنِ

- ‌الفصل السابعفي الترهيب من كتم العلم

- ‌الفصل الثامنفي وجوب التعلّم والتعلم

- ‌الفصل التاسعفي الترهيب من أن يَعْلم ولا يعمل بعلمه ويقول ولا يفعله

- ‌الفصل العاشرفي الترهيب من المراء والجدال والمخاصمة والمحاججة والقهر والغلبة

- ‌الفصل الحادي عشرفيبعض آداب التعليم والتعلم

- ‌1 - التَّخَوُّلُ بالموعظةِ:

- ‌2 - في أدب السؤال والاختبار:

- ‌3 - في حسن التلقي والإلقاء والمدارسة:

- ‌4 - في مجال العلم والعلماء وأدبهما:

- ‌5 - من الأدب عدم التكلف:

- ‌6 - في الاقتداء:

- ‌7 - من آداب أهل العلم، التواضع والخوف من الله:

- ‌8 - في العلم بالسنن وآداب الرواية:

- ‌9 - في حفظ الحديث:

- ‌10 - الترهيب من رد حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم:

- ‌11 - في آداب الفتوى والتثبت والمشاورة فيها:

- ‌12 - في فرضية تحصيل العلوم الضرورية:

- ‌13 - الأدب في تغير اجتهاد العالم:

- ‌14 - في اجتناب أهل الهوى والابتداع:

- ‌15 - الاغتباط في العلم والحكمة من الأدب:

- ‌الفصل الثاني عشرفي رفع العلم وذهاب العلماء

- ‌الفصل الثالث عشرفي كتابة الحديث ونسخ النهي عن ذلك

- ‌الباب الثانيفي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكروفي النصيحة والدعوة إلى الخير

- ‌المقدمة

- ‌الفقرة الأولى في وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌الفقرة الثانية: في فضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌الفقرة الثالثة: في الأخذ بالرخصة أو العزيمة في الأمر بالمعروف والنهي عنالمنكر

- ‌الفقرة الرابعة: في الغضب لله والشدة في النهي عن المنكر

- ‌الفقرة الخامسة: في وجوب امتثال ما يأمر به والانتهاء عما ينهى عنه

- ‌الفصل الثانيفي الدعوة إلى الخير قولاً وعملاً وفي النصيحة

- ‌الفصل الثالثمن سنته عليه الصلاة والسلام في الدعوة والنصح والموعظة

- ‌المقدمة

- ‌الباب الأولفي نصوص مذكرة ببعض الأصول في الصلاة

- ‌الفصل الأول: وجوب الصلاة وفرضيتها والمحافظة عليها، وتعجيلها وما يتصل بذلك

- ‌الفقرة الأولى: في وجوب الصلاة وفرضيتها

- ‌الفقرة الثانية: في فضل الصلاة مطلقاً

- ‌الفقرة الثالثة: في الترغيب في المحافظة على الصلاة والترهيب من تركها وفضلالنوافل

- ‌الفقرة الرابعة: في فضل صلاة الفجر

- ‌الفقرة الخامسة: في فضل صلاتي الفجر والعصر

- ‌الفقرة السادسة: في ما ورد في العشاء والفجر

- ‌الفقرة السابعة: في فضل صلاة العصر وهل هي الصلاة الوسطى

- ‌الفقرة الثامنة: في تعجيل الصلاة إذا أخر الإمام

- ‌الفقرة التاسعة: في الراحة بالصلاة

- ‌الفقرة العاشرة: في السَّمَر بعد العشاء

- ‌الفقرة الحادية عشر: في تسمية الصلوات

- ‌مسائل وفوائد

- ‌الفصل الثانيفيقضاء الفائتة

- ‌مسائل وفوائد حول قضاء الفائتة

- ‌الفصل الثالثفيصلاة الصبي

- ‌مسائل وفوائد

- ‌الفصل الرابعفيذكر بعض من لا تُقبل صلاتهم

- ‌الباب الثانيفي شروط الصلاة

- ‌مقدمة

- ‌الفصل الأول: في الطهارة وهي الشرط الأول من شروط الصلاة

- ‌مقدمة

- ‌الفقرة الأولى: في أهمية الطهارة

- ‌الفقرة الثانية: أحكام المياه

- ‌طهارة ماء البحر وأنواع المياه:

- ‌أنواع المياه:

- ‌حد الماء القليل والكثير:

- ‌أحكام الأسآر والآبار:

- ‌النهي عن البول في الماء:

- ‌الماء المستعمل وحكمه:

- ‌كيفية الاغتسال من الماء الدائم:

- ‌الاغتسال والوضوء بالماء الحار:

- ‌مسائل وفوائد

- ‌الفقرة الثالثة: في الأعيان الطاهرة والنجاسات والمطهرات

- ‌نجاسة البول وكيفية تطهيره:

- ‌من أنواع المطهرات:

- ‌حكم المني:

- ‌فائدة:

- ‌حكم الفأرة وتطهير ما وقعت فيه ونحوها:

- ‌حكم الحيوان المذَكَّى:

- ‌حكم الدباغة والإهاب المدبوغ:

- ‌حكم جلود السباع:

- ‌مسائل وفوائد

- ‌من النجاسات المختلف فيها:

- ‌الفقرة الرابعة: في قضاء الحاجة والاستنجاء والاستبراءعرض إجمالي

- ‌التنزه من البول:

- ‌الاستتار عند قضاء الحاجة وعدم الكلام:

- ‌الأذكار المأثورة لمن يريد قضاء الحاجة:

- ‌وسائل الاستنجاء وكيفيته:

- ‌مسائل وفوائد

- ‌الفقرة الخامسة: في الوضوء ونواقضه

- ‌عرض عام لأحكام الوضوء:

- ‌ في مقدار الماء:

- ‌ آداب تتعلق بالوضوء:

- ‌1 - استعمال الطيب:

- ‌2 - إحسان الوضوء:

- ‌3 - التوضؤ لكل صلاة:

- ‌4 - التيامن:

- ‌5 - كراهة الكلام في الوضوء:

- ‌نواقض الوضوء:

- ‌ من النواقض: الصوت والريح:

- ‌ المذي والوضوء منه:

- ‌فائدة:

- ‌ القيء والدم وحكم الوضوء منهما:

- ‌ حكم القبلة واللمس:

- ‌حكم الوضوء من مس الذكر:

- ‌ الوضوء من النوم:

- ‌الوضوء مما مست النار:

- ‌ مما يستحب له الوضوء:

- ‌ آداب الانصراف من الصلاة لمن انتقض وضوؤه:

- ‌حكم الشك في الوضوء:

- ‌مسائل وفوائد

- ‌الفقرة السادسة: في المسح على الخفينعرض إجمالي

- ‌ أدلة مشروعيته:

- ‌مسائل وفوائد

- ‌الفقرة السابعة: في الغسل وموجباته وأنواعهعرض إجمال

- ‌الجنابة والغسل منها:

- ‌ تعميم الجسد بالماء:

- ‌عدم نقض الضفائر للنساء:

- ‌فائدة:

- ‌اغتسال المرأة وزوجها:

- ‌إذا أراد الرجل العود ماذا يفعل

- ‌ حكم الوضوء بعد الغسل:

- ‌حرمة قراءة القرآن للجنب:

- ‌حكم النوم والأكل للجنب:

- ‌مصافحة الجنب ومخالطته:

- ‌ الاغتسال بالماء والخطْمِي ونحوه:

- ‌في الحمام وغُسل الإسلام:

- ‌الحيض والنفاس والاستحاضةعرض إجمالي

- ‌ كيف تتطهر الحائض:

- ‌ما يحلُّ من الحائض:

- ‌مخالطة الحائض ومؤاكلتها ونحو ذلك:

- ‌ حكم من واقع الحائض:

- ‌ترك الحائض الصلاة والصوم وقضاؤها الصوم:

- ‌فائدة:

- ‌مسائل تتعلق بالحائض والنفساء:

- ‌ أحكام المستحاضة:

- ‌فائدة:

- ‌مسائل وفوائد

- ‌الفقرة الثامنة: في التيممعرض إجمالي

- ‌فائدة:

- ‌مسائل وفوائد

- ‌الفقرة التاسعة: في الأوضاع الاستثنائية التي لها أحكام خاصة في الطهارة

- ‌1 - المعذور

- ‌2 - أحكام الجبيرة وما يشبهها

- ‌الفصل الثاني: في دخول الوقت وهو الشرط الثاني من شروط الصلة وما يتعلق بذلك

- ‌المقدمة وفيها عرض إجمالي

- ‌الفقرة الأولى: في مواقيت الصلاة:

- ‌وقت صلاة الظهر:

- ‌وقت العصر:

- ‌وقت المغرب:

- ‌مسائل وفوائد

- ‌الفقرة الثانية في: أوقات الكراهة

- ‌مسائل وفوائد

- ‌الفقرة الثالثة: في الجمع بين صلاتين

- ‌مسائل وفوائد

الفصل: ‌الفصل الثالثمن سنته عليه الصلاة والسلام في الدعوة والنصح والموعظة

‌الفصل الثالث

من سنته عليه الصلاة والسلام في الدعوة والنصح والموعظة

228 -

* روى الشيخان عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كلكم راعٍ وكلكم مسئولٌ عن رعيته، الإمام راعٍ ومسئولٌ عن رعيته، والرجل راعٍ في أهله ومسئولٌ عن رعيته، والمرأة راعيةٌ في بيت زوجها ومسئولةٌ عن رعيتها، والخادمُ راعٍ في مال سيده ومسئولٌ عن رعيته، وكلكم راعٍ ومسئولٌ عن رعيته".

229 -

* روى الشيخان عن عليٍّ رضي الله عنه قال: كنا في جنازةٍ في بيقعِ الغرْقَدِ، فأتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقعد وقعدنا حولَهُ، ومعه مخصرةٌ فنكس وجعل ينكُتُ بمخصرتِه ثم قال:"ما منكم من أحد إلا وقد كُتبَ مقعدهُ من النار ومقعده من الجنة، فقالوا: يا رسول الله، أفلا نتكِلُ على كتابنا؟ فقال: اعملوا فكلٌ ميسرٌ لما خُلقَ له. وذكر تمام الحديث".

230 -

* روى الإمام أحمد عن ابن عباس قال: لما مرض أبو طالب دخل عليه رهط من قريش فيهم أبو جهلٍ فقالوا: إن ابن أخيك يشتمُ آلهتنا ويفعلُ ويفعل ويقول ويقولُ فلو بعثت إليه فنهيتهُ، فبعث إليه فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فدخل البيت وبينهم وبين أبي طالب قدرُ مجلس رجلٍ قال: فخشي أبو جهل لعنه الله إن جلس إلى جنب أبي طالب أن يكون أرقَّ له عليه فوثب فجلس في ذلك المجلس ولم يجدْ رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلساً قُربَ عمه فجلس عند الباب فقال له أبو طالب: أي ابن أخي! ما لقومك يشكونك؟ يزعمون أنك تشتم آلهتهم وتقول وتقول، قال: وأكثروا عليه من القول، وتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال (1):

228 - البخاري (5/ 178) 49 - كتاب العتق، 17 - باب كراهية التطاول على الرقيق.

مسلم (3/ 1459) 33 - كتاب الإمارة، 50 - باب فضيلة الإمام العادل، وعقوبة الجائر.

229 -

البخاري (11/ 494) 82 - كتاب القدر، 4 - باب وكان أمر الله قدراً مقدوراً.

مسلم (4/ 2039) 46 - كتاب القدر، 1 - باب كيفية الخلق الآدمي في بطن أمه.

230 -

أحمد (1/ 227، 362) الترمذي (5/ 365) 48 - كتاب تفسير القرآن، 39 - باب من سورة "ص"، وقال الترمذي: حديث حسن.

الحاكم (2/ 432) بمعناه، وقال: حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقال الذهبي: صحيح.

ص: 171

"يا عم! إني أريدُهم على كلمةٍ واحدة يقولونها تدين لهم بها العربُ وتؤدي إليهم بها العجمُ الجزية، ففزعوا لكلمته ولقوله، فقال القومُ: كلمةً واحدةً نعم أيبك عشراً، فقالوا: وما هي؟ وقال أبو طالب: وأيُّ كلمةٍ هي يا ابن أخي؟ قال صلى الله عليه وسلم: "لا إله إلا الله"، فقاموا فزعين ينفضون ثيابهم وهم يقولون: "أجعلَ الآلهة إلهاً واحداً إن هذا لشيء عُجاب"، قال: ونزلت من هذا الموضوع -إلى قوله: {بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ} (1).

231 -

* روى البخاري عن ابن المسيب عن أبيه أن أبا طالب لما حضرته الوفاةْ دخل عليه النبي صلى الله عليه وسلم وعنده أبو جهلٍ فقال: "أي عم! قل: "لا إله إلا الله" كلمةً أحاجُّ لك بها عند الله"، فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية: يا أبا طالبٍ! أترغبُ عن ملة عبد المطلب؟ فلم يزالا يكلمانه حتى قال آخِرَ ما كلمهم به: على ملة عبد المطلب؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لأستغفرنَّ لك ما لم أنه عنك"، فنزلت {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} (2) ونزلت {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} (3).

232 -

* روى أحمد عن عدي بن حاتم قال: جاءت خيلُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا بعقربٍ فأخذوا عمتي وناساً، فلما أتوا بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"فصُفُّوا له". قالت: يا رسول الله! بان الوافد وانقطع الولد وأنا عجوزٌ كبيرةٌ ما بي من خدمة فُمنَّ عليَّ مَنَّ الله عليك، فقال:"ومن وافدُك؟ " قالت: عديُّ بن حاتمٍ، قال:"الذي فر من الله ورسوله؟ " قالت فمُنَّ عليَّ، فلما رجع ورجلٌ إلى جنبه - نرى أنه عليٌّ- قال:"سليه حُملاناً"، قال: فسألته فأمر لها. قال عديٌّ: فأتتني فقالت: لقد فعلت فعلةً ما كان

(1) ص: 5: 8.

231 -

البخاري (7/ 193) 63 - كتاب مناقب الأنصار، 40 - باب قصة أبي طالب.

(2)

التوبة: 113.

(3)

القصص: 56.

232 -

أحمد (4/ 378).

الترمذي (5/ 201) 48 - كتب تفسير القرآن، 2 - باب "ومن سورة الفاتحة" وقال: حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث سماك.

وقال ابن كثير في التفسير: وقد روي حديث عدي هذا من طرق وله ألفاظ كثيرة يطول ذكرها.

(الحُمْلان): مصدر حمل يحمل حُملانا: ما يركب عليه.

ص: 172

أبوك يفعلها وقالت: ايته راغباً أو راهباً فقد أتاه فلانٌ فأصاب منه وأتاه فلانٌ فأصاب منه، قال: فأتيته فإذا عنده امرأةٌ وصبيانِ - أو صبي - فذكر قربهم منه، فعرفتُ أنه ليس مُلك كسرى وقيصر. فقال له: يا عديُّ بن حاتم! ما أفرَك؟ أفرَّك أن يقال: "لا إله إلا الله؟ ما أفرك؟ أفرك أن يقال: "الله أكبر"، فهل شيءٌ هو أكبر من الله عز وجل؟ فأسلمتُ فرأيتُ وجهه استبشر وقال: إن المغضوب عليهم اليهودُ، وإن الضالين النصارى. قال: ثم سألوه، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد فلكم أيها الناس! أن تَرْضخوا من الفضل، ارتضخ امرؤٌ بصاعٍ، ببعض صاعٍ، بقبضةٍ، ببعض قبضةٍ - قال شعبة: وأكثر علمي أنه قال: بتمرة بشق تمرة - وإن أحدكم لاقى الله فقائلٌ ما أقول: ألم أجعلك سميعاً بصيراً؟ ألم أجعل لك ما لا وولداً؟ فماذا قدمتَ؟ فينظرُ من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله فلا يجدُ شيئاً، فما يتقي النار إلا بوجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمرةٍ فإن لم تجدوه فبكلمة لينةٍ، إني لا أخشى عليكم الفاقة لينصرنَّكم الله وليعطينكم - أو ليفتحن عليكم - حتى تسير الظعينةُ بين الحيرة ويثرب، إن أكثر ما يُخاف السرقُ على ظعينتها.

قال ابن كثير في التفسير: وقد روي حديث عدي هذا من طرق وله ألفاظ كثيرة يطول ذكرها.

233 -

* روى ابن عبد البر عن معاوية بن حيدة القُشيري قال: أتيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله! ما أتيتك حتى حلفتُ أكثر من عدد الأنامل - وطبقَ بين كفيه إحداهما على الأخرى - أن لا آتيك ولا آتي دينك أمراً لا أعقلُ شيئاً إلا ما علمني الله، وإني أسألك بوجه الله العظيم بم بعثك ربُّنا إلينا؟ قال: "بدين الإسلام، قال: وما دينُ الإسلام؟ قال أن تقول: أسلمتُ وجهي لله وتخليتُ، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وكل مسلمٍ على كل مسلم محرمٌ أخوان نصيران، لا يقبل الله ممن أشرك بعد ما أسلم عملاً حتى يُفارق المشركين، ما لي أمسكُ بحُجَزِكم عن النار! ألا! وإن ربي داعيَّ وإنه سائل هل بلغت عبادي؟ فأقولُ: ربّ! قد بلغتُ، ألا (1)!

= (أن ترضخوا): أن تعطوا.

(السِّرَق): أي السرقة.

233 -

ابن عبد البر في الاستيعاب (1/ 323) وصححه.

ص: 173

فليبلغ شاهدكم غائبكم، ألا! ثم إنكم تُدعون مقدمةً أفواهكم بالقدام، ثم إن أوَّل شيء يُنبيء عن أحدكم لفخذهُ وكفُّهُ، قال: قلتُ: يا رسول الله! هذا ديننا؟ قال: هذا دينك وأينما تُحسن يكفكَ".

234 -

* روى أحمد عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل الحِجْرَ في غزوة تبوك قام فخطب الناس فقال: "يا أيها الناسُ! لاتسألوا نبيكم عن الآيات! هؤلاء قوم صالح سألوا نبيهم أن يبعث لهم ناقةً، ففعل، فكانت ترِدُ من هذا الفج فتشرب ماءهم يوم وردها ويحلبون من لبنها مثل الذي كانوا يُصيبون عن غِبِّها ثم تصدرُ من هذا الفج فعقروها، فأجَّلهم الله ثلاثة أيامٍ - وكان وعد الله غير مكذوبٍ - ثم جاءتهم الصيحة فأهلك الله من كان منهم بين السماء والأرض إلا رجلاً كان في حرم الله فمنعه حرم الله من عذاب الله؛ قيل: يا رسول الله! من هو؟ قال: أبو رِغالٍ".

235 -

* روى مسلم عن معاوية بن الحكم السُّلَمي رضي الله عنه قال: بينا أنا أُصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ عطس رجلٌ من القوم، فقلت: يرحمُك الله، فرماني القومُ بأبصارهم، فقلت: واثكل أماهُ!! ما شأنكم تنظرون إليَّ؟ فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم، فلما رأيتهم يُصمتونني لكني سكتُّ، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبأبي هو وأمي، ما رأيتُ معلماً قبله ولا بعده أحسن تعليماً منه - فوالله ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني ثم قال: "إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيءٌ من كلام الناس (1)، إنما هي التسبيحُ

= (مقدمة أفواهُكم بالفِدام): هو ما يشد على فم أبريق وكوز من خرقة لتصفية الشراب، أي يمنعون من الكلام بأفواههم حتى تتكلم جوارحهم.

234 -

كشف الأستار (2/ 356) باب غزوة تبوك.

مجمع الزوائد (6/ 194) وقال الهيثمي: رواه البزار والطبراني في الأوسط، وأحمد بنحوه، ورجال أحمد رجال الصحيح.

(الفج): الطريق الواسع.

(الغب): من إيراد الإبل أي أن ترد الماء يوماً وتدعه يوماً ثم تعود.

(عقروها): نحروها، وأصل العقر ضرب قوائم البعير أو الشاة بالسيف وهو قائم.

235 -

مسلم (1/ 381) 5 - كتاب المساجد ومواضع الصلاة، 7 - باب تحريم الكلام في الصلاة.

(الشكل): بضم الثاء المثلثة المصيبة والفجيعة.

(ما كهرني): أي ما نهرني.

ص: 174

والتكبيرُ، وقراءةُ القرآن"، أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: يا رسول الله إني حديث عهد بجاهلية، وقد جاء الله بالإسلام، وإن منا رجالاً يأتون الكُهَّانَ، قال: "فلا تأتهم"، قلت: ومنا رجالٌ يتطيرون، قال: "ذاك شيء يجدونه في صدورهم فلا يصدنَّهم".

* * *

ص: 175

العبادات في الإسلام

الجزء الثاني

من قسم العبادات الرئيسية وهو في الصلاة وما يحيط بها

ص: 177