الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثالث عشر
في كتابة الحديث ونسخ النهي عن ذلك
168 -
* روى أبو داود عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنها قال: كنتُ أكتبُ كل شيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم أريد حفظه، فنهتني قريشُ، وقالوا: تكتبُ كل شيءٍ ورسول الله صلى الله عليه وسلم بشرٌ يتكلم في الغضب والرضى؟ قال: فأمسكتُ عن الكتاب، حتى ذكرتُ ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فأومأ بإصبعه إلى فيه، وقال:"اكتبْ، فوالذي نفسي بيده، ما يُخرجُ منه إلا حقاً".
169 -
* روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب - فذكر قصةً في الحديث - فقال أبو شاهٍ: اكتبوا لي يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله لعيه وسلم:"اكتبوا لأبي شاهٍ" وفي الحديث قصة.
170 -
* روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "ما من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أحدٌ أكثرُ حديثاً عنه مني، إلا ما كان من ابن عمرو، فإنه كان يكتبُ، ولا أكتبُ".
171 -
* روى البخاري عن يزيد بن شريك بن طارقٍ التيمي رحمه الله قال: رأيتُ علياً على المنبر يخطبُ، فسمعتُه يقولك لا والله، ما عندنا من كتابٍ نقرؤهُ إلا كتاب الله وما في هذه الصحيفة، فنشرها فإذا فيها أسنانُ الإبل وأشياء من الجراحات، وفيها: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المدينةُ حرمٌ، ما بين عيرٍ إلى ثورٍ (1)، فمن أحدث فيها حدثاً أو
168 - أبو داود (3/ 318) كتاب العلم - باب في كتابة العلم.
169 -
البخاري (1/ 205) 3 - كتاب العلم، 39 - باب كتاب العلم.
الترمذي (5/ 39) 42 - كتاب العلم، 12 - باب ما جاء في الرخصة فيه.
170 -
البخاري (1/ 206) 3 - كتاب العلم -39 - باب كتابة العلم.
الترمذي (5/ 40) 42 - كتاب العلم، 12 - باب ما جاء في الرخصة فيه.
171 -
البخاري (13/ 275) 96 - كتاب الاعتصام، 5 - باب ما يكره من التعمق والغلو في الدين والبدع.
مسلم (2/ 994) 15 - كتاب الحج، 85 - باب فضل المدينة المنورة.
(حدثا): الحدث: الأمر المنكر، مما نهى عنه الشرع وحرَّمه.
آوى مُحدثاً، فعليه لعنةُ الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبلُ الله منه يوم القيامة صرفاً ولا عدلاً، ذمةُ المسلمين واحدةٌ، يسعى بها أدناهم، فمن أخفر مسلماً، فعليه لعنةُ الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبلُ الله منه يوم القيامة عدلاً ولا صرفاً، ومن والى قوماً بغير إذن مواليه - وفي رواية (1): ومن ادَّعى إلى غير أبيه، أو انتمى إلى غير مواليه - فعليه لعنةُ الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفاً ولا عدلاً".
172 -
* روى البخاري عن أبي جُحيفة - وهب بن عبد الله السوائي- قال: قلت لعليٍّ: هل عندكم شيء من الوحي مما ليس في القرآن؟ قال: لا، والذي فلق الحبَّة، وبرأ النسمة، إلا فهماً يعطيه الله رجلاً في القرآن، وما في هذه الصحيفة؟ قال: العقلُ، وفكاك الأسير، وأن لا يُقتلَ مسلمٌ بكافرٍ.
173 -
* روى مسلم عن أبي الطفيل عن علي: ما خصنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء لم يعم به الناس كافة إلا ما كان في قراب سيفي هذا، وأخرج صحيفة مكتوبٌ فيها: "لعن الله من ذبح لغير الله، ولعن الله من سرق منار الأرض، ولعن الله من لعن والده، ولعن
= (آوي محدثاً): يروى بكسر الدال، وهو فاعل الحدث، وبفتحها، وهو الأمر المحدث، والعمل المبتدع الذي لم تجر به سُنة، كأنه رضى به ولم ينكره، والأول الوجه.
(أخفر): أخفرت الذمام: إذا نقضته، وغدرت به.
(صرفاً ولا عدلاً): العدل: الفريضة، والصرف: النافلة، وقيل: العدل: الفدية، والصرف: التوبة.
(والى قوماً): واليتُ آل فلان: إذا صرتَ من مواليهم، وانتميت إليهم، ولم يكونوا مواليك.
(بغير إذن مواليه): قال الخطابي: يدل ظاهره: أنهم إذا أذنوا له جاز أن يُوالي غيهم، وليس الأمر على ذلك، فإنهم لو أذنوا له لم يجز له، ولا ينتقل ولاؤه عنهم، وإنما ذكر الإذن واشترطه تأكيداً لتحريمه عليه، ومنعه منه، فإنه إذا استأذن أولياءه في مُوالاة غيرهم منعوه من ذلك، وإذا استبدَّ به دونهم، خفي أمرُه عليهم، وربما تم له ذلك، فإذا تطاول عليه الزمانُ عُرف بولاء من انتقل إليهم، فيكون ذلك سبباً لبطلان حق مواليه.
(أو انتمى): الانتماء: الانتساب والالتجاء إلى قوم.
172 -
البخاري (12/ 246) كتاب الديات، باب العاقلة.
(فلقَ الحبة): بفتح الحاء هاهنا، وهي كالحنطة والشعير، وفلقُها: شقُّها للإنبات.
(برأ النسمة): النسمةُ: كل ذي روح، وبرأها: خلقها.
(العقل): الدية، التي تكون على عاقلة القاتل خطأ وعاقلة الرجل أهله ومن ينصره.
(فكاك الأسير): وفكُّه: إطلاقه.
173 -
مسلم (3/ 1567) 35 - كتاب الأضاحي، 8 - باب تحريم الذبح لغير الله تعالى، ولعن فاعله.
الله من آوى محدثاً".
174 -
* روى النسائي عن أبي حسان قال: قال علي: ما عهد إليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً دون الناس، إلا صحيفة في قرابِ سيفي، فلم يزالوا به حتى أخرج الصحيفة، فإذا فيها:"المؤمنون تتكافأُ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، وهم يدٌ على من سواهم، ولا يُقتل مؤمن بكافرٍ، ولا ذو عهدٍ في عهده".
قال الحافظ في "الفتح" 1/ 182: والجمع بين هذه الأحاديث أن الصحيفة كانت واحدة، وكان جميع ذلك مكتوباً فيها، فنقل كل واحد من الرواة عنه ما حفظه.
(عير إلى ثور) عير جبل بالمدينة معروف فأما "ثور" فجبيل صغير خلف أحدٍ وقد رد الجمال المطري في تاريخه على من أنكر وجود ثور وقال إنه خلف أحد شماليه صغير مدور يعرفه أهل المدينة خلفاً وسلفاً.
أقول: عند الحنفية المراد بالكافر في الحديث: الكافر الحربي.
175 -
* روى مسلم عن أبي سعيدٍ الخُدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تكتبوا عني غير القرآن، وفي رواية (1) قال: لا تكتبوا عني ومن
174 - النسائي (8/ 24) كتاب القسامة، باب تعظيم المعاهد، وسنده حسن كما قال الحافظ في الفتح 12/ 231.
(تتكافأ دماؤهم): التكافؤ: التساوي، وفلان كفء فلان: إذا كان مثله.
(يسعى بذمتهم أدناهم): الذمة: الأمان، ومنه سمى المعاهد ذمياً، لأنه أُومِنَ على ماله ودمه بالجزية، ومعنى قوله: يسعى بذمتهم أدناهم: أن أدنى المسلمين إذا أعطى أماناً لأحد فليس لأحد من المسلمين أن ينقض ذمامه ولا يخفر عهده.
(وهم يدٌ على من سواهم): أي: ذوو يد، يعني قدرةً واستيلاءً على غيرهم من أصحاب الملل.
(لا يُقتل مؤمن بكافر، ولا ذو عهد في عهده): لهذا الكلام تأويلان، أحدهما: لا يُقتل مسلم بكافر، ولا ذو عهد في حال مُعاهدته بكافر، كأنه قال: لا يقتل مسلم ولا معاهد بكافر، والآخر: لا يقتل مسلم بكافر، ولا يقتل المعاهد في حال معاهدته.
175 -
مسلم (4/ 2298) 53 - كتاب الزهد والرقائق، 16 - باب التثبت في الحديث، وحكم كتابة العلم.
(1)
مسلم (4/ 2298) نفس الموضع السابق.
قال ابن الأثير: (لا تكتبوا عني غير القرآن) الجمع بين قوله: لا تكتبوا عني غير القرآن وبين إذنه في الكتابة: أن الإذن في الكتابة ناسخ للمنع منه بإجماع الأمة على جوازه، ولا يُجمعون إلا على أمر صحيح، وقيل: إنما نهى عن الكتابة: أن يُكتب الحديث مع القرآن في صحيفة واحدة، فيختلط به، فيشتبه على القارئ.
كتب عني غير القرآن فليمْحُه - وحدثوا عني ولا حرج، ومن كذب عليَّ [قال همام: أحسبه قال]: متعمداً، فليتبوأ مقعده من النار".
176 -
* روى الترمذي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: استأذنا النبي صلى الله عليه وسلم في الكتابة، فلم يأذن لنا.
أقول: لقد رأينا أن المنع من كتابة الحديث كان أولاً ثم نسخ إلا أن هذا المنع يجعلنا أن نفهم أن لكتاب الله أولوية وخصوصية تقدمه على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن كانت السنة وحياً كذلك.
قال النووي: قال القاضي: كان بين السلف من الصحابة والتابعين اختلاف كثير في كتابة العلم فكرهها كثيرون منهم وأجازها أكثرهم ثم أجمع المسلمون على جوازها وزال ذلك الخلاف واختلفوا في المراد بهذا الحديث الوارد في النهي فقيل هو في حق من يوثق بحفظه ويخاف اتكاله على الكتابة إذا كتب وتحمل الأحاديث الواردة بالإباحة على من لا يوثق بحفظه كحديث اكتبوا لأبي شاه وحديث صحيفة علي رضي الله عنه وحديث كتاب عمرو بعث به أبو بكر رضي الله عنه أنساً رضي الله عنه حين وجهه إلى البحرين وحديث أبي هريرة أن ابن عمرو بن العاص كان يكتب ولا أكتب وغير ذلك من الأحاديث وقيل إن حديث النهي منسوخ بهذه الأحاديث وكان النهي حين خيف اختلاطه بالقرآن فلما آمن ذلك أذن في الكتابة وقيل إنما نهي عن كتابة الحديث مع القرآن في صحيفة واحدة لئلا يختلط فيشتبه على القارئ في صحيفة واحدة والله أعلم ا. هـ.
177 -
* روى البخاري عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله "كتب إلى أبي بكر بن حزمٍ: انظر ما كان من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فاكتبه، فإني خفتُ دروس العلم، وذهاب العلماء، ولا يُقبل إلا حديث النبي صلى الله عليه وسلم، وليُفشوا العلم (1)، وليجلسوا حتى يُعلَّمَ من لا
176 - الترمذي (5/ 38) 42 - كتاب العلم، 11 - باب ما جاء في كراهية كتابة العلم، وهو حديث حسن.
177 -
البخاري (1/ 194) 3 - كتاب العلم، 34 - باب كيف يقبض العلم.
(وليفشوا العلم): فشا الشيء يفشو: إذا ظهر.
يعْلَمُ، فإن العلم لا يهلك حتى يكون سراً.
قال العيني في شرح البخاري: لم يقع وصل هذا التعليق عند الكشميهني ولا كريمة ولا ابن عساكر، ووقع وصله للبخاري عند غيرهم، وهو بقوله في بعض النسخ: حدثنا العلاء بن عبد الجبار، قال: حدثنا عبد العزيز بن مسلم عن عبد الله بن دينار بذلك، يعني حديث مر بن عبد العزيز، ولكن إلى قوله: ذهاب العلماء، قال الحافظ في "الفتح": وهو محتمل لأن يكون ما بعده ليس من كلام عمر أو من كلامه، ولم يدخل في هذه الرواية، والأول أظهر، وبه صرح أبو نعيم في "المستخرج"، ولم أجده في مواضع كثيرة إلا كذلك، وعلى هذا فبقيته من كلام المصنف أورده تلو كلام عمر ثم بين أن ذلك غاية ما انتهى إليه كلام عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى.
* * *