الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني عشر
في رفع العلم وذهاب العلماء
قال الله سبحانه وتعالى: (1).
قال البغوي: قِيلَ هو موتُ العلماء.
162 -
* روى الشيخان عن أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن من أشراط الساعة أن يُرفع العلمُ، ويكثر الجهلُ".
163 -
* روى الشيخان عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله لا يقبضُ العلم انتزاعاً ينتزعه من الناس - وفي رواية: من العباد - ولكن يقبضُ العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالماً: اتخذ الناس رؤوساً جُهالاً، فسئلُوا، فأفتوا بغير علمٍ، فضلُّوا وأضلُّوا".
زاد في رواية (2)، قال عروة:"ثم لقيتُ عبد الله بن عمرو على رأس الحوْل، فسألته؟ فردَّ عليَّ الحديث كما حدث، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول".
164 -
* وللبخاري عن عروة: "حجَّ علينا عبد الله بن عمرو بن العاص، فسمعته يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله لا ينزعُ العلم بعد أن أعطاهموه [انتزاعاً]، ولكن ينتزعهُ منهم مع قبض العلماء بعلمهم، فيبقى ناس جُهَّال، فيُستفتون، فيفتون برأيهم، فيَضِلُّون ويُضِلُّون". فحدثتُ عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، ثم إن عبد الله بن عمرو حجَّ بعدُ، فقالت: يا ابن أختي، انطلقْ إلى عبد الله بن عمرو
(1) الرعد: 41.
162 -
البخاري (1/ 178) 3 - كتاب العلم، 21 - باب رفع العلم وظهور الجهل.
مسلم (4/ 2056) 47 - كتاب العلم، 5 - باب رفع العلم وقبضه وظهور الجهل والفتن في آخر الزمان.
163 -
البخاري (1/ 194) 3 - كتاب العلم، 34 - باب كيف يقبض العلم.
مسلم (4/ 2058) 47 - كتاب العلم، 5 - باب رفع العلم وقبضه وظهور الجهل والفتن في آخر الزمان.
(2)
مسلم (4/ 2058) نفس الموضع السابق.
164 -
البخاري (13/ 282) 96 - كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، 7 - باب ما يذكر من ذم الرأي وتكلف القياس.
فاستثبت لي منه الذي حدثتني عنه، فجئته. فسألته، فحدثني به بنحو ما حدثني، فأتيت عائشة فأخبرتها، فعجبت، وقالت: والله، لقد حفظ عبد الله بن عمرو".
165 -
* روى مسلم عن أبي الأسود، عن عروة قال:"قالت لي عائشة: يا ابن أختي، بلغني أن عبد الله بن عمرو مارٌّ بنا إلى الحج، فألقهُ، فسائله، فإنه قد حمل عن النبي صلى الله عليه وسلم علماً كثيراً، قال: فلقيته، فساءلته عن أشياء يذكرها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال عروة: فكان فيما ذكر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله لا ينتزعُ العلم من الناس انتزاعاً، ولكن يقبض العلماء، فيرفعُ العلم معهم، ويُبقي في الناس رؤوساً جُهالاً" - وفي أخرى (1) "ويبقى في الناس رؤوسٌ جُهالٌ- يُفْتُونهم بغير علم. فيضلون ويُضِلون". قال عروة: فلما حدثتُ عائشة بذلك أعظمتْ ذلك وأنكرته، وقالت: أحدثك أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول هذا؟ قال عروة: حتى إذا كان قابلٌ قالت له: إن ابن عمرو قد قَدِم فألقه، ثم فاتحْهُ حتى نسأله عن الحديث الذي ذكره لك في العلم، قال: فلقيته فسألته، فذكره على نحو ما حدثني به في مرَّته الأولى، قال عروة: فلما أخبرتها بذلك قالت: ما أحسبه إلا قد صدق، أراهُ لم يزدْ فيه شيئاً ولم ينقُص.
وله في رواية (2) عمر بن الحكم عن عبد الله بن عمرو، بمثل حديث هشام بن عروة.
166 -
* روى الترمذي عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم، فشخَصَ ببصره إلى السماء، ثم قال:"هذا أوانٌ يُختلسُ العلم م الناس حتى لا يقدروا منه على شيءٍ"، فقال زيادُ بن لبيد الأنصاري: كيف يُختلسُ منا وقد قرأنا
165 - مسلم (4/ 2059) 47 - كتاب العلم، 5 - باب رفع العلم وقبضه وظهور الجهل والفتن في آخر الزمان.
الترمذي (5/ 31) 42 - كتاب العلم 5 - باب ما جاء في ذهاب العلم.
(1)
مسلم (4/ 2059) نفس الموضع السابق.
(2)
مسلم (4/ 2058) نفس الموضع السابق.
(انتزاعاً): أي محواً من الصدور وذكر في الفتح أن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا كان في حجة الوداع.
166 -
الترمذي (5/ 31، 32) 42 - كتاب العلم، 5 - باب ما جاء في ذهاب العلم. قال: هذا حديث حسن غريب.
(شخص ببصره): إذا نظر إلى شيء دائماً، فلا يرد عنه نظره.
(يُختلس): الاختلاس: الاستلاب، وأخذ الشيء بسرعة.
القرآن؟ فوالله لنقرأنه، ولنقرئنه أبناءنا ونساءنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ثكلتك أمك زياد، إن كنت لأعدك من فقهاء أهل المدينة، هذه التوراة والإنجيل عند اليهود والنصارى، فماذا تُغني عنهم؟ " قال جُبير: فلقيت عبادة بن الصامت، فقلت: ألا تسمع ما يقول أخوك أبو الدرداء؟ فأخبرته بالذي قال أبو الدرداء، فقال: صدق أبو الدرداء، إن شئت لأحدثنَّك بأوَّلِ علم يُرفعُ، أول علم يرفع من الناس: الخشوعُ، يوشك أن تدخل المسجد الجامع فلا ترى فيه رجلاً خاشعاً".
167 -
* روى أحمد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تكثرُ الفتنُ ويكثرُ الهرجُ ويُرفع العلم" فلما سمع عمر أبا هريرة يقول يرفع العلم قال عمر: أما إنه ليس يُنزعُ من صدور الرجال ولكن تذهبُ العلماء.
أقول: إن على العلماء أن يورثوا العلم وأن يخرجوا ورّاثاً كاملين لرسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى إذا ذهب عالم وُجد من يسد مسده، والملاحظ أن تلاميذ ابن مسعود كانوا يدركون أن إظهار الإسلام بالعلم والعمل والدعوة عامل من عوامل تجديد الإسلام، وإبقائه، لذلك فإن على أهل العلم أن يتحركوا ويحركوا قضايا العلم والعمل والدعوة.
قال البغوي: وقال عبد الله بن مسعود: لا تقومُ الساعة حتى يُرفع القرآنُ، ثم يُفيضون في الشعر.
وقال عبد الله بن عمرو بن العاص: لا تقومُ الساعة حتى يرجع القرآنُ من حيث نزل، له دويٌّ حول العرش، كدويِّ النحل يقول الرب: مالك؟ فيقول: يا رب أُتلى، ولا يُعملُ بي.
قال عمر بن الخطاب: من سَوَّده قومه على الفقه، كان حياةً له ولهم، ومن سوده قومه على غير فقه، كان هلاكاً له ولهم.
= (ثكلتك أمك): الثكل: فقد الأم ولدها، وهذا الكلام يجري على ألسنة العرب ولا يريدون به الدعاء كقولهم: تربت يداك.
(يوشك): الإيشاك والوشْك: الإسراع.
167 -
أحمد (2/ 481).
وعن زياد بن جُبير، قال: قال عمر، هل تدري ما يهدمُ الإسلام؟ قلت: لا، قال: يهدمه زلة العالم، وجدال المنافق بالكتاب، وحُكْمُ الأئمة المضلين.
وقال ابن مسعود: عليكم بالعلم قبل أن يُقبَضَ، وقبضهُ: ذهابُ أهله، وعليكم بالعلم، فإن أحدكم لا يدري متى يُفتقر إليه، وعليكم بالعلم وإياكم والتنطُّعَ والتعمُّقَ، وعليكم بالعتيق.
وقال عقبة بن عامر: تعلموا قبل الظانين: يعني الذين يتكلمون بالظن.
وقال ابن مسعود: لا يزالُ الناس صالحين متماسكين ما أتاهم العلمُ من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ومن أكابرهم، فإذا أتاهم من أصاغرهم، هلكُوا.
وقال سليمان: لا يزال النسا بخير ما بقي الأول حتى يتعلم الآخرُ، فإذا هلك الأول قبل أن يتعلم الآخر هلك الناس.
وقيل لسعيد بن جبير: ما علامة هلاك الناس؟ قال: إذا هلك علماؤهم.
وقال الحسن: قال عبد الله بن مسعود: مواتُ العالِم ثُلْمةٌ في الإسلام لا يسدها شيء ما اختلف الليل والنهار.
وقال سفيان بن عيينة: وأي عقوبةٍ أشدُّ على أهل الجهل أن يذهب أهل العلم.
قال ربيعة: لا ينبغي لأحد عنده شيءٌ من العلم أن يُضيع نفسه.
قال سفيان: تعوَّذوا بالله من فتنة العابد الجاهل، وفتنة العالم الفاجر، فإن فتنتهما فتنة لكل مفتونٍ.
قال الشعبي: ما جاء من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فخُذْهُ، ودعْ ما يقول هؤلاء الصعافقةُ. قيل: الصعافقة: الذين يدخلون السوق بلا رأس مال، وقيل: هم رُذالةُ الناس، أراد الذين لا علم لهم، فهُم بمنزلة التجار الذين ليس لهم رأس مال.
= كشف الأستار للبزار (1/ 125) كتاب العلم - باب ذهاب العلم وأهله.
مجمع الزوائد (1/ 202) قال الهيثمي: رواه أحمد والبزار ورجاله رجال الصحيح.
وقال مالك بن أنس: لا تأخذ العلم من أربعةٍ، وخذه مما سوى ذلك: من مُعلن للسفه وإن كان أروى الناس، ولا من كذاب يكذب في حديث الناس وإن كنت لا تتهمُه بكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا من صاحب هوى يدعو إلى هواه، ولا من شيخ له فضل وعبادة إذا كان لا يعرفُ ما يُحدثُ به. اهـ.