الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المقدمة وفيها عرض إجمالي
قال تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} (1).
أي فريضة مؤقتة بوقت، لذلك وللسنة المتواترة أجمع المسلمون على أن الصلوات الخمس مؤقتة بمواقيت معلومة محدودة، وتجب الصلاة بأول الوقت وجوباً موسعاً إلى أن يبقى من الوقت ما يسعها فيضيق الوقت، ويفترض مباشرةُ أعمال الصلاة، وفي المناطق القطبية ونحوها يقدرون الأوقات بحسب أقرب البلاد إليهم.
ووقت الفجر يبدأ من طلوع الفجر الصادق إلى طلوع الشمس، والفجر الصادق هو البياض المنتشر ضوؤه معترضاً في الأفق ويقابله الفجر الكاذب وهو الذي يطلع مستطيلاً متجهاً إلى الأعلى في سوط السماء، ثم تعقبه ظلمة.
والفجر الصادق هو الذي تتعلق به الأحكام الشرعية كلها من بدء الصوم ووقت الصبح وانتهاء وقت العشاء.
ووقت الظهر من زوال الشمس إلى مصير ظل كل شيء مثله سوى ظل أو فيء الزوال، وزوال الشمس هو ميلها عن وسط السماء ويسمى بلوغ الشمس إلى وسط السماء حالة الاستواء، وغذا تحولت الشمس من جهة المشرق إلى جهة المغرب حدث الزوال، وعندئذ يبدأ وقت الظهر، وينتهي وقته عند الجمهور بصيرورة ظل الشيء مثله في القدر والطول مع إضافة مقدار ظل أو فيء الاستواء أي الظل الموجود عند الزوال، ويعرف الزوال بالنظر إلى عمود منتصب في أرض مستوية، فإذا كان الظل ينقص فهو قبل الزوال وإن وقف لا ينقص ولا يزيد فهو وقت الاستواء وإذا أخذ الظل في الزيادة علم ان الشمس زالت.
ووقت العصر يبدأ من خروج وقت الظهر وينتهي بغروب الشمس.
ووقت المغرب يبدأ من غروب الشمس بالإجماع إلى مغيب الشفق الأحمر عند الشافعية وبعض الحنابلة، أما عند أبي حنيفة فيستمر وقت المغرب حتى غياب الشفق
(1) النساء: 103.
الأبيض الذي يستمر بعد غياب الشفق الأحمر باثنتي عشرة دققة.
ووقت العشاء يبدأ من مغيب الشفق الأحمر إلى طلوع الفجر الصادق.
وللصلاة في أول وقتها فضل على تفصيلات للفقهاء: فقد استحب الحنفية الإسفار بصلاة الصبح للرجال وتأخير العصر حتى يصير ظل كل شيء مثليه سوى فيء الزوال، والإبراد بالظهر أثناء الحر مستحب عند عامة الفقهاء، واستحب المالكية التأخير عن أول الوقت رجاء إدراك الجماعة واستحب الحنابلة وآخرون تأخير العشاء إلى ثلث الليل أو نصفه.
وإذا أدرك المصلي جزءاً من الصلاة في الوقت وقعت أداء عند المالكية والشافعية إن وقعت ركعة بسجدتيها في الوقت، وإلا فهي قضاء.
وقال الحنفية والحنابلة في أرجح الروايتين عن أحمد تدرك الفريضة أداء كلها بتكبيرة الإحرام في الوقت المخصص لها وعند الحنفية بالنسبة لصلاة الفجر خاصة تبطل الصلاة إذا طلعت الشمس أثناء الصلاة، وعليه والقضاء بعد ارتفاع الشمس.
ومن جهل الوقت بسبب عارض اجتهد وتحرى حتى يتيقن من دخول الوقت أو يغلب على ظنه ذلك ويستحب تأخيرها قليلاً إلا ان يخشى خروج الوقت.
وثبت في السنة النهي عن الصلاة في أوقات خمسة على تفصيلات عند الفقهاء:
أولاً: ما بعد صلاة الصبح حتى ترتفع الشمس مقدار رمح في رأي العين وذلك بمقدار ثلث ساعة بعد طلوع الشمس.
ثانياً: وقت طلوع الشمس حتى ترتفع قدر رمح.
ثالثاً: وقت الاستواء إلى أن تزول الشمس أي يدخل وقت الظهر.
رابعاً: وقت اصفرار الشمس حتى تغرب.
خامساً: بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس.
وقد حرم الحنابلة النافلة في هذه الأوقات الخمسة، وحرم المالكية النفل عند الشروق والغروب والاستواء وكرهوا تنزيهاً التنفل بعد صلاة الصبح وبعد صلاة العصر إلى أن تصفر الشمس، وكره الحنفية كراهة تحريمية الصلاة في الأوقات الخمسة إلا قضاء الفريضة بعد صلاة الفجر والعصر وهناك تفصيلات واستثناءات عند بعض الفقهاء في هذا المقام ستمر معنا.
(انظر: حاشية ابن عابدين 1/ 238) و (الشرح الصغير 1/ 219 وما بعدها) و (المهذب 1/ 51) و (المغني 1/ 370 وما بعدها والفق الإسلامي 1/ 507 وما بعدها).
أما الجمع فقد أجاز جمهور الفقهاء في حالات الجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، وهناك حالتان أجمعت المذاهب الأربعة على جواز الجمع فيهما، وهي الظهر والعصر جمع تقديم يوم عرفة للمحرم بالحج، والجمع بين المغرب والعشاء جمع تأخير للمحرم بالحج في مزدلفة.
وأسباب الجمع عند المالكية بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء هي السفر والمطر والوحل مع الظلمة والمرض، وجمع عرفة ومزدلفة على تفصيلات عندهم.
وأجاز الشافعية الجمع في السفر مطلقاً والمطر جمع تقديم، الحج بعرفة ومزدلفة على تفصيلات عندهم، وأجاز الحنابلة الجمع في السفر والمرض والإرضاع والعجز عن الطهارة والعجز عن معرفة الوقت، والاستحاضة ونحوها، والعذر أو الشغل على تفصيلات عندهم، ولا يجوز الجمع عند الحنفية أبداً إلا يوم عرفة للمحرم ومزدلفة، ولكل أدلته المعتبرة.
انظر (الشرح الصغير 1/ 487 فما بعدها)، (المهذب 1/ 104)، (المغني 2/ 271 وما بعدها)، (الفقه الإسلامي 2/ 349 وما بعدها).
وقد رُبط دخول أوقات الصلوات الخمس بالأذان الذي هو قول مخصوص يعلم به وقت الصلاة المفروضة أو افعلام بوقت الصلاة بألفاظ مخصوصةن وقد دل عليه القرآن والسنة المتواترة والإجماع.
قال تعالى: (وإذا ناديتم إلى الصلاة)(1).
كما ربطت الصلوات الخمس بالإقامة.
والأذان والإقامة سنتان مؤكدتان للرجال جماعة في كل مسجد للصلوات الخمس والجمعة، ولا يشرعان لنافلة أو منذورة أو وتر أو صلاة جنازة أو عيد أو كسوف أو تراويح أو استخارة أو غير ذلك من الصلوات.
ولكون الأذان من شعائر الإسلام قال الحنابلة: الأذان والإقامة فرضاً كفاية للصلوات الخمس المؤداة والجمعة، وبناء عليه يقاتل أهل بلد تركوهما.
والحنفية يفتون بقتال أهل بلدة أو قرية تركوا الأذان.
ويشترط في الأذان والإقامة أن يكونا بعد دخول الوقت، وأجاز الجمهور أن يؤذن للصبح قبل طلوع الفجر الصادق، ثم يؤذن بعد دخول الوقت، وأن يكونا باللغة العربية، وأن يكونا مسموعين لبعض الناس، إلا المنفرد فيكفيه إسماع نفسه، وينبغي الترتيب والموالاة بين ألفاظ الأذان والإقامة، وألا يتعاور جمل الأذان والإقامة أكثر من شخص، أما الأذان الجماعي فغير مكروه وينبغي أن يكون المؤذن مسلماً عاقلاً، ويسن في المذاهب الأربعة أن يتولى الإقامة من تولى الأذان فإن أقام غير المؤذن جاز.
وصيغة الأذان وكيفيته منقولة تواتراً فينبغي الالتزام به ومن سنن الأذان أن يكون المؤذن حسن الصوت مرتفعه، وأن يؤذن على مكان مرتفع بقرب المسجد، وأن يكون المؤذن متوضئاً طاهراً صالحاً عالماً بأوقات الصلاة، وأن يجعل أصبعيه في أذنيه أثناء الأذان، وأن يتأنى في الأذان ويسرع في الإقامة، وأن يستقبل القبلة في الأذان والإقامة، ويستحب في حي على الصلاة أن يحول وجهه يميناً وفي حي على الفلاح أن يحول وجهه شمالاً من غير أن يحول قدميه، ويستحب أن يكون المؤذن محتسباً، ويستحب أن يؤذن في أول الوقت، ويستحب ألا يقوم الإنسان قبل فراغ المؤذن للصلاة أو للتوجه إليها.
(1) المائدة: 58.
وإجابة المؤذن والمقيم كما ورد في المأثور، والدعاء المأثور بعد ذلك والدعاء فيما بين الأذان والإقامة، والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الأذان ودعائه المأثور، كل ذلك مما ينبغي أن يراعيه المسلم.
ويندب الأذان في أذن المولود اليمنى عن دولادته كما تندب الإقامة في أذنه اليسرى، ويندب الأذان وقت الحريق ووقت الحرب، وخلف المسافر ومنها الأذان حيث أراد الإنسان طرد الشيطان عن نفسه وعن غيره.
انظر (حاشية ابن عابدين 1/ 256 وبعدها)، (الشرح الصغير 1/ 246 فما بعدها)، (المهذب 1/ 51)، (المغني 1/ 402 وما بعدها)، (الفقه الإسلامي 1/ 535 وما بعدها).
وإلى فقرات هذا الفصل.