الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
و
خلاصة ما جاء به الكتاب والسنة:
أن الله عز وجل موجود يدل على ذلك كل شيء؛ فظواهر الكون آياته التي تدل عليه، والقرآن آياته تدل عليه، ومعجزات الرسل صلى الله عليهم وسلم وكرامات الأولياء آياته التي تدل عليه. وأن الله عز وجل متصف بالحياة والإرادة والقدرة والعلم والسمع والبصر والكلام:
{هُوَ الْحَيُّ} (1).
{إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} (2).
{وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} (3).
{إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (4).
{وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} (5).
{أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ} (6).
{وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} (7).
{وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} (8).
وأن الله عز وجل متصف بالصفات العليا ومسمى بالأسماء الحسنى:
{وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ} (9).
وأن هذا الكون خلقه وما يجري فيه أثر مشيئته وقدرته:
{اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} (10). {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} (11).
(1) غافر: 65.
(2)
يس: 82.
(3)
الأنعام: 61.
(4)
البقرة: 20.
(5)
الأحزاب: 40.
(6)
النساء: 166.
(7)
النساء: 134.
(8)
التوبة: 6.
(9)
الأعراف: 180.
(10)
الزمر: 62.
(11)
الرحمن: 29.
وأن هذا الكون بما فيه خلقه ابتداء وهو- أي الكون- محتاج إليه لاستمراره:
{وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} (1).
{إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا} (2).
{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (3).
وأن الله عز وجل له صفات الجلال والكمال والجمال:
{وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى} (4).
{وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} (5).
وأن الله عز وجل متصف بالوحدانية وبالقدم وبالبقاء وبالقيام بالنفس وبالمخالفة للحوادث وذلك مقتضى قوله تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (6) فهو واحد في ذاته وصفاته وأفعاله.
وهو الصمد الذي يحتاجه الخلق وهو غير محتاج إليهم:
{اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} (7) فهو قائم بنفسه، وغيره قائم به، وهو الأول الذي ليس قبله شيء {وَلَمْ يُولَدْ} (8) وهو الباقي {لَمْ يَلِدْ} (9){وَالْآخِرُ} (10).
وهو الذي لا يشبه شيئا ولا يشبهه شيء: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (11)، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (12) وهو جل جلاله كما وصف ذاته فهو وحده الذي يعلم ذاته وصفاته حق العلم:
(1) الفرقان: 3.
(2)
فاطر: 41.
(3)
الفاتحة: 5.
(4)
النحل: 60.
(5)
الرحمن: 27.
(6)
الإخلاص: 1، 2، 3، 4.
(7)
البقرة: 255.
(8)
، (9) الإخلاص:3.
(10)
الحديد: 3.
(11)
الإخلاص: 4.
(12)
الشورى: 11.
{وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا} (1)، {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ} (2).
وهو جل جلاله له الألوهية والمالكية والربوبية: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ} (3) ومقتضى ربوبيته ومالكيته وألوهيته أن يقدم له الخلق العبادة والعبودية {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (4)، {لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ} (5)، {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ} (6).
والعبادة تقتضي القيام بالشعائر، والعبودية تقتضي مع العبادة القيام بالشرائع، ومن ههنا كان لله عز وجل المالكية المطلقة {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} (7){إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ} (8).
فواجب الخلق الاستسلام لله عز وجل فيما أخبر ونهى وأمر، وذلك هو الإسلام الذي بعث به رسله عليهم الصلاة والسلام وقد حاول المصنفون في العقائد خلال العصور أن يصطلحوا لبعض ما ذكرناه:
فسموا صفة الوجود للذات الإلهية صفة نفسية.
وسموا الصفات القائمة بالذات الإلهية الصفات الوجودية أو صفات المعاني وهي الصفات السبع: العلم والإدارة والقدرة والحياة والسمع والبصر والكلام.
وسموا الصفات التي وردت في سورة الإخلاص وهي التي تميز العقيدة الإسلامية تمييزاً جوهرياً بالصفات السلبية وهي: الوحدانية والقدم والبقاء والقيام بالنفس والمخالفة للحوادث.
وسموا الأسماء التي هي أثر قدرة الله عز وجل بصفات الفعل كالمعز والمذل والمحيي والمميت.
(1) طه: 110.
(2)
الأنعام: 103.
(3)
الناس: 1، 2، 3.
(4)
الذاريات: 56.
(5)
النساء: 172.
(6)
الإسراء: 1.
(7)
الأعراف: 54.
(8)
الأنعام: 57.
وسموا الأسماء التي تعبر عن الكمال بصفات الجلال والكمال والجمال:
{ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} (1) وقوله صلى الله عليه وسلم "إن الله جميل" أخرجه مسلم والترمذي.
وأثبتوا لله عز وجل الأسماء الحسني التي سمى بها ذاته، وعرفنا عليها الكتاب والسنة.
وسموا الصفات التي وردت بها نصوص الكتاب والسنة مما سوى ذلك بالصفات السمعية.
ولا حرج بالاصطلاح إلا إذا أدخل عليه ما يفسده كأن أدى إلى مفسدة أو اقتضى مفسدة.
* * *
وليس هناك شيء أهم بالنسبة للإنسان من معرفة الله عز وجل حق المعرفة والإيمان به والتسليم له، لما يترتب على ذلك من آثار دنيوية وأخروية على القلب والعقل والسلوك، لذلك كانت أعظم المعارك الفكرية والعملية وحتى السياسية والعسكرية مرتبطة بموضوع الإيمان بالله، ونقطة البداية في الهداية المعرفة والإيمان، قال جل جلاله:{وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} (2).
لذلك ينصب جهد المضلين والشياطين والكفرة والفاسقين والمنافقين على خلخلة هذا الأصل بشكل مباشر أو غير مباشر.
ومن ثم كان الكفر بالطاغوت والإيمان بالله هو المعتصم:
* * *
(1) الرحمن: 27.
(2)
التغابن: 11.
(3)
سبأ: 33.
(4)
البقرة: 256.
وهناك معارك كبرى بين أهل الإسلام وبين أهل الأديان والفلسفات حول موضوعات تتعلق بالذات الإلهية، وهناك معارك كبرى بين أهل السنة والجماعة من جهة وبين الفرق المنشفة من جهة أخرى، وهناك معارك بين من يتنازعون على اسم أهل السنة والجماعة في هذا الموضوع.
* * *
ومن أهم معارك الإسلام مع أهل الأديان والفلسفات: معركته مع النصرانية ومن واطأها في نسبة الصحابة والولد للذات الإلهية ونفي الأحدية عنه جل جلاله، ومن أهم معارك الإسلام مع أهل الأديان: معركته مع المشركين الذين يشركون مع الله في الألوهية والعبادة حجراً أو شجراً أو بشراً أو مظهراً، ومن أهم معارك الإسلام مع أهل الفلسفة: معركته مع القائلين إن الله عز وجل لا يتدخل في شؤون خلقه أو لم يخلق الخلق باختياره أو إنه لا يعلم إلا الكليات، ومن أهم معارك الإسلام مع أهل الفلسفات: معركته مع القائلين بحرية الإنسان في اتباع أهوائه كالوجوديين أو القائلين أن الله ليست له المالكية على البشر في التكليف والتشريع وهم الذين يسمون بالعلمانيين.
ومن أهم المعارك بين أهل السنة والجماعة وبين الفرق المنشقة في باب الألوهية: معركة أهل السنة والجماعة مع المعتزلة من جهة والمشبهة من جهة أخرى، ومع القائلين بوحدة الوجود كغلاة الصوفية، ومع القائلين بتجسد الإله في البشر كالدروز والإسماعيليين والنصيرية.
* * *
ونحن هنا سنقتصر على ذكر بعض الأحاديث الشريفة المتعلقة بموضوع الفصل مع ملاحظة أن يندر أن يمر باب في السنة إلا وبعض أحاديثه تتعلق بالذات الإلهية، ثم إن القرآن كله حديث عن الذات الإلهية في المآل لذلك وصفه الله عز وجل بأنه ذكر:{وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ} (1).
(1) ص: 1.