الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفقرة الثانية
في:
القصص النبوي
وفيها:
نصوص
856 -
* روى أبو داود عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي عنهما قال: كان نبي الله صلى الله عليه وسلم يحدثنا عن بني إسرائيل حتى يصبح، ما يقوم إلا إلى عظم صلاة.
867 -
* روى أحمد عن عمران بن حصين قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدثنا عامة ليله عن بني إسرائيل لا يقوم إلا إلى عظم صلاة.
ورواه ابن خزيمة وقال: "فالنبي صلى الله عليه وسلم قد كان يحدثهم بعد العشاء عن بني إسرائيل ليتعظوا مما قد نالهم من العقوبة في الدنيا مع ما أعد الله لهم من العقاب في الآخرة لما عصوا رسولهم ولم يؤمنوا، فجائز للمرء أن يحدث بكل ما يعلم أن السامع ينتفع به من أمر دينه بعد العشاء، إذ النبي صلى الله عليه وسلم قد كان يسمر بعد العشاء في الأمر من أمور المسلمين مما يرجع إلى منفعتهم عاجلاً وآجلاً، ديناً ودنيا، وكان يحدث أصحابه عن بني إسرائيل لينتفعوا بحديثه، فدل فعله صلى الله عليه وسلم على أن كراهة الحديث بعد العشاء بما لا منفعة فيه دينا ولا دنيا، ويخطر ببالي أن كراهته صلى الله عليه وسلم الاشتغال بالسمر لأن ذلك يثبط عن قيام الليل، لأنه إذا اشتغل أول الليل بالسمر ثقل عليه النوم آخر الليل فلم يستيقظ، وإن استيقظ لم ينشط للقيام" اهـ.
858 -
* روى البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "قال سليمان بن داود عليهما السلام: لأطوفن الليلة بمائة امرأة، تلد كل امرأة غلاماً يقاتل في سبيل الله. فقال له الملك: قل إن شاء الله. فلم يقل ونسي، فأطاف بهن، ولم تلد
856 - أبو داود (3/ 222) - كتاب العلم - باب الحديث عن بني إسرائيل.
857 -
أحمد (4/ 437).
مجمع الزوائد (8/ 264). قال: وفي رواية يعني الفريضة المكتوبة. رواه أحمد وإسناده حسن.
858 -
البخاري (9/ 239) - 67 - كتاب النكاح 119 - باب قول الرجل: لأطوفن.
منهن إلا امرأة نصفه إنسان".
قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لو قال إن شاء الله لم يحنث، وكان أرجى لحاجته".
859 -
* روى مسلم عن صهيب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كان ملك فيمن كان قبلكم، وكان له ساحر، فلما كبر قال للملك: إني قد كبرت، فابعث إلي غلاماً أعلمه السحر. فبعث إليه غلاماً يعلمه، وكان في طريقه إذا سلك راهب، فقعد إليه وسمع كلامه، فكان إذا أتى الساحر مر بالراهب وقعد إليه، فإذا أتى الساحر ضربه، فشكا ذلك إلى الراهب، فقال: إذا خشيت الساحر فقل: حبسني أهلي. وإذا خشيت أهلك، فقل: حبسني الساحر، فبينما هو كذلك إذ أتى على دابة عظيمة قد حبست الناس، فقال: اليوم أعلم: الساحر أفضل، أو الراهب أفضل؟ فأخذ حجراً، فقال: اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة، حتى يمضي الناس. فرماها، فقتلها، ومضى الناس، فأتى الراهب فأخبره، فقال له الراهب: أي بني، أنت اليوم أفضل مني، وقد بلغ من أمرك ما أرى، وإنك ستبتلي، فإن ابتليت فلا تدل علي. وكان الغلام يبرئ الأكمة والأبرض، ويداوي الناس من سائر الأدواء، فسمع جليس للملك - كان قد عمي - فأتاه بهدايا كثيرة، فقال: ما هاهنا لك أجمع إن أنت شفيتني. قال: إني لا أشفي أحداً، إنما يشفي الله عز وجل، فإن آمنت بالله دعوت الله فشفاك. فآمنت بالله فشفاك. فآمن به، فشفاه الله، فأتى الملك، فجلس إليه كما كان يجلس، فقال له الملك: من رد عليك بصرك؟ قال: ربي. قال: ولك رب غيري؟ قال: ربي وربك الله. فأخذه، فلم يزل يعذبه، حتى دل على الغلام، فجيء بالغلام، فقال له الملك: أي بني، قد بلغ من سحرك ما تبرئ الأكمة والأبرص، وتفعل وتفعل؟ قال: فقال: إني لا أشفي أحداً، إنما يشفي الله. فأخذه. فلم يزل يعذبه، حتى ذل على الراهب، فجيء بالراهب، فقيل له: ارجع عن دينك. فأبى، فدعا بالمنشار، فوضع المنشار على مفرق رأسه، فشقه به حتى وقع شقاه، ثم جيء بجليس الملك، فقيل له ارجع
859 - مسلم (4/ 2299) - 53 - كتاب الزهد والرقاق - 17 - باب قصة أصحاب الأخدود.
(بالمنشار) أشرت الخشبة بالمنشار: إذا شققتها، ووشرتها بالميشار - غير مهموز - لغة فيه - والميشار والمنشار سواء. =
عن دينك. فأبى، فوضع المنشار في مفرق رأسه، فشقه به حتى وقع شقاه ثم جيء بالغلام، فقيل له: ارجع عن دينك، فأبى، فدفعه إلى نفر من أسحابه، فقال: اذهبوا به إلى جبل كذا وكذا، فاصعدوا به الجبل، فإذا بلغتم ذروته، فإن رجع عن دينه، وإلا فاطرحوه. فذهبوا به، فصعدوا به الجبل، فقال: اللهم اكفنيهم بما شئت، فرجف بهم الجبل فسقطوا، وجاء يمشي إلى الملك، فقال له الملك: ما فعل أصحابك؟ قال: كفانيهم الله. فدفعه إلى نفر من أصحابه، فقال: اذهبوا به فاحملوه في قرقور، وتوسطوا به البحر، فإن رجع عن دينه، وإلا فاقذفوه. فذهبوا به، فقال: اللهم اكفينهم بما شئت. فانكفأت بهم السفينة، فغرقوا، وجاء يمشي إلى الملك، فقال له الملك: ما فعل أصحابك؟ قال: كفانيهم الله. فقال للملك: إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به. قال: ما هو؟ قال: تجمع الناس في صعيد واحد، وتصلبني على جذع، ثم خذ سهماً من كنانتي، ثم وضع السهم في كبد القوس، ثم قل: بسم الله رب الغلام، ثم ارم، فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني، فجمع الناس في صعيد واحد، وصلبه على جذع، وأخذ سهماً من كنانته، ثم وضع السهم في كبد القوس، ثم قال: بسم الله رب الغلام. ثم رماه، فوقع السهم في صدغه، فوضع يده في صدغه، في موضع السهم، فمات فقال الناس: آمنا برب الغلام. آمنا برب الغلام، آمنا برب الغلام، فأتى الملك، فقيل له: أرأيت ما كنت تحذر؟ قد والله نزل بك حذرك، قد آمن الناش. فأمر بالأخدود بأفواه السكك، فخدت، وأضرم فيها النيران، وقال: من لم يرجع عن دينه فأقحموه فيها - أو قيل له: اقتحم. (1)
= (قرقور) القرقور: سفينة صغيرة.
(فانكفأت) السفينة، أي: انقلبت، ومنه: كفأت القدر: إذا كببتها.
(الصعيد): وجه الأرض، وأراد: أنه جمعهم في أرض واحدة منبسط ليشاهدوه.
(من كنانتي) الكنانة: الجعبة التي يكون فيها النشاب.
(كبد القوس): وسطها، والمراد به: موضع السهم من الوتر والقوس.
(بالأخدود) الأخدود: الشق في الأرض، وجمعه الأخاديد.
(السكك): جمع سكة، وهي الطريق.
(أضرمت): النار: إذا أوقدتها وأثرتها.
(اقتحم): الاقتحام: الوقوع في الشيء من غير روية ولا تثبت.
ففعلوا، حتى جاءت امرأة، ومعها صبي لها، فتقاعست أن تقع فيها، فقال لها الغلام: يا أمه، اصبري، فإنك على الحق".
وفي رواية الترمذي (1) قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا صلى العصر همس - والهمس في بعض قولهم: تحرك شفتيه، كأنه يتكلم - فقيل له: يا رسول الله، إنك إذا صليت العصر همست؟ قال:"إن نبيا من الأنبياء كان أعجب بأمته، قال: من يقوم لهؤلاء؟ فأوحى الله إليه: أن خيرهم بين أن أنتقم منهم، وبين أن أسلط عليهم عدوهم. فاختاروا النقمة، فسلط الله عليهم الموت، فمات في يوم سبعين ألفاً".
وكان إذا حدث بهذا الحديث الآخر، قال:"كان ملك من الملوك، وكان لذلك الملك كاهن يكهن له، فقال الكاهن: انظروا لي غلاماً فهما - أو قال: فطنا - لقنا فأعلمه علمي هذا، فإني أخاف أن أموت، فينقطع منكم هذا العلم، ولا يكون فيكم من يعلمه". قال: "فنظروا له على ما وصف، فأمروه أن يحضر ذلك الكاهن، وأن يختلف إليه، فجعل يختلف إليه، وكان على طريق الغلام راهب في صومعة" قال معمر [أحد رواة الحديث]: أحب أن أصحاب الصوامع كانوا يومئذ مسلمين - قال: "فجعل الغلام يسأل ذلك الراهب كلما مر به، فلم يزل حتى أخبره، فقال: إنما أعبد الله". قال: "فجعل الغلام ويمكث عند الراهب، ويبطئ عن الكاهن، فأرسل الكاهن إلى أهل الغلام: أنه لا يكاد يحضرني. فأخبر الغلام الراهب بذلك، فقال له الراهب: إذا قال لك الكاهن: أين كنت؟ فقل: عند أهلي. وإذا قال لك أهلك: أين كنت؟ فأخبرهم أنك كنت عند الكاهن". قال: "فبينما الغلام على ذلك، إذ مر بجماعة من الناس كثير، قد حبستهم دابة - فقال بعضهم: إن تلك الدابة كانت أسداً - فأخذ الغلام حجراً، فقال: اللهم إن كان ما يقول الراهب حقا فأسألك أن أقتله. ثم رمى به، فقتل الدابة، فقال الناس: من قتلها؟ فقالوا: الغان. ففزع الناس،
= (فتقاعست) التقاعس: التأخر والمشي إلى وراء.
(1)
الترمذي (5/ 437) - 48 - كتاب التفسير - 77 - باب "ومن سورة البروج".
(الهمس): الكلام الخفي الذي لا يكاد يسمع.
(اللقين): الرجل الفهم الذكي.
وقالوا: قد علم هذا الغلام علماً لم يعلمه أحد". قال: "فسمع به أعمى، فقال له: إن أنت رددت بصري، فلك كذا وكذا. قال: لا أريد منك هذا، ولكن أرأيت إن رجع إليك بصرك أتؤمن بالذي ررده عليك؟ قال: نعم". قال: "فدعا الله، فرد عليه بصره، فآمن الأعمى، فبلغ الملك أمرهم، فدعاهم، فأتي بهم، فقال: لأقتلن كل واحد منكم قتلة لا أقتل بها صاحبه. فأمر بالراهب والرجل الذي كان أعمى، فوضع المنشار على مفرق أحدهما فقتله، وقتل الآخر بقتلة أخرى، ثم أمر بالغلام، فقال: انطلقوا به إلى جبل كذا وكذا، فأبقوه من رأسه. فانطلقوا به إلى ذلك الجبل، فلما انتهوا إلى ذلك المكان الذي أرادوا أن يلقوه منه، جعلوا يتهافتون من ذلك الجبل، ويتردون، حتى لم يبق منهم إلا الغلام، ثم رجع، فأمر به الملك أن ينطلقوا به إلى البحر فيلقوه فيه، فانطلقوا به إلى البحر، فغرق الله الذين كانوا معه، وأنجاه، فقال الغلام للملك: إنك لا تقتلني حتى تصلبني وترميني، وتقول إذا رميتني: بسم الله رب هذا الغلام. قال: فأمر به فصلب، ثم رماه فقال: بسم الله رب هذا الغلام". قال: "فوضع الغلام يده على صدغه حين رمي، ثم مات، فقال الناس، لقد علم هذا الغلام علما ما علمه أحد، فإنا نؤمن برب هذا الغلام". قال:"فقيل للملك: أجزعت أن خالفك ثلاثة؟ فهذا العالم كلهم قد خالفوك". قال: "فخذ أخدودا ثم ألقى فيها الحطب والنار، ثم جمع الناس، فقال: من رجع عن دينه تركناه ومن ثم يرجع ألقيناه في النار. فجعل يلقيهم في تلك الأخدود" قال: "يقول الله تبارك وتعالى: (قتل أصحاب الأخدود، النار ذات الوقود) حتى بلغ - (العزيز الحميد) (1). قال "فأم الغالم: فإنه دفن". قال: فيذكر أنه أخرج في زمن عمر بن الخطاب وإصبعه على صدغه، كما وضعها حين قتل.
أقول: قوله: "إذا خشيت الساحر فقل: حبسني أهلي، وإذا خشيت أهلك فقل: حبسني الساحر"؛ يفيد أنه في حالة قسوة الظروف وفي الأحوال الصعبة
(التهافت): الوقوع في الشيء مثل التساقط.
(1)
البروج: 4 - 8.
الاستثنائية يتوسع في الكلام ليحمي الإنسان نفسه. وقوله: "فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دل على الراهب"، مع أن الراهب أوصاه ألا يدل عليه، يفيد أنه تحت العذاب يمكن أن يفشي أصدق الصديقين الأسرار المؤتمن عليها بما يؤدي إلى قتل الأولياء، وهو في ذلك معذور، بدليل أن الغلام لم ينقص مقامه عند الله فبقيت الكرامات تجري على يده بعد ذلك.
وفي الحديث عبر كثيرة في فقه الدعوة خاصة في مثل الظروف والأوضاع الموجودة في كثير من البلدان. اهـ.
860 -
* روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة: عيسى بن مريم، وصاحب جريج، وكان جريج رجلاً عابداً، فاتخذ صومعة، فكان فيها، فأتته أمه وهو يصلي، فقالت: يا جريج. فقال: يارب، أمي وصلاتي. فأقبل على صلاته، فانصرفت، فلما كان من الغد، أتته وهو يصلي، فقال: يا جريج. فقال: يارب، أمي وصلاتي. فأقبل على صلاته، فانصرفت، فلما كان من الغد أتته وهو يصلي، فقالت: يا جريج. فقال: يارب، أمي وصلاتي. فأقبل على صلاته، فقالت: اللهم لا تمته حتى ينظر إلى وجوه المومسات. فتذاكر بني إسرايل جريجاً وعبادته، وكانت امرأة بغي يتمثل بحسنها، فقالت: إن شئتم لأفتننه [لكم] ". قال: "فتعرضت له، فلم يلتفت إليها، فأتت راعياً كان يأوي إلى صومعته، فأمكنته من نفسها، فوقع عليها، فحملت، فلما ولدت قالت: هو من جريج. فأتوه، فاستنزلوه، وهدموا صومعته، وجعلوا يضربونه، فقال: ما شأنكم؟ قالوا: زنيت بهذه البغي، فولدت منك. فقال: أين الصبي؟ فجاءوا به، فقال: دعوني أصلي. فصلى، فلما انصرف أتى الصبي قطعن في بطنه، وقال: يا غلام، من أبوك؟ فقال: فلان الراعي". قال: "فأقبلوا على جريج يقبلونه، ويتمسحون به،
860 - مسلم (4/ 1976) - 45 - متاب البر والصلة - 2 - باب تقديم بر الوالدين على التطوع بالصلاة وغيرها.
(المومسات): الزواني: جمع موسة، وهي الفاجرة، والمياميس كذلك.
(والبغي): الزانية أيضاً.
(يتمثل بحسنها): أي يعجب به، ويقال: لكل من يستحسن: هذا مثل فلانة في الحسن.=
وقالوا: نبني صومعتك من ذهب. قال: لا، أعيدوها من لبن كما كانت. ففعلوا وبينا صبي يرضع من أمه، فمر رجل راكب على دابة فارهةٍ وشارة حسنةٍ، فقالت أمه: اللهم اجعل ابني مثل هذا. فترك الثدي وأقبل إليه، فنظر إليه، فقال: اللهم لا تجعلني مثله. ثم أقبل على ثديه، فجعل يرتضع" - قال: فكأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحكي ارتضاعه بإصبعه السبابة في فيه، فجعل يمصها قال:"ومروا بجارية وهم يضربونها، ويقولون: زنيت، سرقت. وهي تقول: حسبي الله، ونعم الوكيل. فقالت أمه: اللهم لا تجعل ابني مثلها. فترك الرضاع ونظر إليها، فقال: اللهم اجعلني مثلها. فهناك تراجعا الحديث، فقالت: حلقي! مر رجل حسن الهيئة، فقلت: اللهم اجعل ابني مثله. فقلت: اللهم لا تجعلني مثله. ومروا بهذه الأمة وهو يضربونها، ويقولون: زنيت، سرقت، فقلت: اللهم لا تجعل ابني مثلها. فقلت: اللهم اجعلني مثلها! فقالت: إ'ن ذلك الرجل كان جباراً، فقلت: اللهم لا تجعلني مثله. وإن هذه يقولون لها: زنيت، ولم تزن. وسرقت، ولم تسرق. فقلت: اللهم اجعلني مثلها".
861 -
* روى أحمد عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كان ببني إسرائيل تاجر وكان ينقص مرة ويزيد أخرى، فقال: ما في هذه التجارة خير، لألتمسن تجارة هي خير من هذه. فبنى صومعة وترهب فيها".
862 -
(2) ورى الترمذي عن أبي وائل رحمه الله عن رجل من ربيعة - وهو الحارث بن يزيد البكري - قال: قدمت المدينة، فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسجد غاص بأهله،
= (والشارة الحسنة): جمال الظاهر في الهيئة والملبس والمركب ونحو ذلك.
قوله: (فقالت: حلقى): أي أنها خطبت نفسها داعية أن يصيبها بوجع في حلقها: أي هي حلقى، وليس المراد الدعاء وإنما هو التقديم لمساءلة ابنها.
(الجبار): العاتي للتكبر القاهر للناس.
861 -
أحمد (2/ 434). مجمع الزوائد (10/ 286).
862 -
الترمذي (5/ 391) - 48 - كتاب التفسير - 52 - باب "ومن سورة الذاريات".
وهو حديث حسن.
وإذا رايات سود تخفق، وإذا بلال متقلد السيف بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: ما شأن الناس؟ قالوا: رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد أن يبعث عمرو بن العاص نحو ربيعة، فقلت: أعوذ بالله أن أكون مثل وافد عادٍ. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وما وافد عاد؟ " فقلت: على الخبير سقطت، إن عاداً لما أقحطت بعثت قيلاً يستسقى لها، فنزل على بكر ابن معاوية، فسقاه الخمر، وغنته الجرادتان، ثم خرج يريد جبال مهرة، فقال: اللهم إني لم آتك لمرضٍ فأداويه، ولا لأسير فأفاديه فاسق عبدك ما كنت مسقيه، واسق معه بكر ابن معاوية- يشكر له الخمر الذي سقاه-. فرفع له ثلاث سحائب: حمراء وبيضاء، وسوداء، فقيل له: اختر إحداهن، فاختار السوداء منهن، فقيل له: خذها رمادا رمددا لا تذر من عادٍ أحداً. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنه لم يرسل [من الريح] إلا مقدار هذه الحلقة يعني حلقة الخاتم. ثم قرأ: {وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ * مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ} الآية (1).
863 -
* روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر رجلاً من بني إسرائيل، سأل بعض بني إسرائيل أن يسلفه ألف دينار، فقال: ائتني بالشهداء أشهدهم. فقال: كفى بالله شهيداً. قال: فائتني بالكفيل. قال: كفى بالله كفيلاً. قال: صدقت. فدفعها إليه إلى أجل مسمى، فخرج في البحر، فقضى حاجته، ثم التمس مركبا يركبه يقدم عليه للأجل الذي أجله، فلم يجد مركباً، فاتخذ خشبة فنقرها، فأدخل فيها ألف دينار، وصحيفة منه إلى صاحبه، ثم زجج موضعها، ثم أتى بها البحر، فقال: اللهم إنك تعلم آني تسلفت فلاناً دينار، فسألني كفيلاً. فقلت: كفى بالله كفيلاً، فرضي
= (خفقت) الرايات: إذا حركها الهواء وجاء صوتها.
(قحط) القحط: الغلاء، وأصله من انقطاع المطر، وهو سبب الغلاء.
(رماداً): الرماد معروف، (والرمدد): أدق ما يكون منه، ويقال: رماد رمدد، أي: هالك، جعلوه صفة له.
(الريح العقيم) هي التي لا تلقح الشجر، ولا تأتي بالمطر.
(1)
الذاريات: 41، 42.
863 -
البخاري (4/ 469) - 39 - كتاب الكفالة - 1 - باب الكفالة في القرض.
(زجج): موضعها: أي، سوى موضع النقر وأصلحه، من تزجيج الحواجب، وهو حذف زوائد الشعر، ويحتمل أن يكون مأخوذاً من الزج بأن يكون النقر في طرف الخشبة، فيشد عليه زجاً ليمسكه ويحفظ ما في جوفه.
بك، وسألني شهيداً. فقلت: كفى بالله شهيداً، فرضي بك، وإني جهدت أن أجد مركباً أيعث إليه الذي له، فلم أقدر، وإني استودعتكما. فرمى بها في البحر حتى ولجت فيه، ثم انصرف، وهو في ذلك يلتمس مركباً يخرج إلى بلده، فخرج الرجل الذي كان أسلفه ينظر لعل مركباً قد جاء بماله، فإذا بالخشبة التي فيها المال، فأخذها لأهله حطباً، فلما نشرها وجد المال والصحيفة، ثم قدم الذي كان أسلفه، وأتى بألف دينار، فقال: والله مازلت جاهداً في طلب مركب لآتيك بمالك، فما وجدت مركباً قبل الذي جئت به. قال: فإن الله قد أدى عنك الذي بعثته في الخشبة، فانصرف بالألف دينار راشداً.
864 -
* روى البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "انطلق ثلاثة نفر ممن كان قبلكم، حتى آواهم المبيت إلى غارٍ، فدخلوه، فانحدرت صخرة من الجبل، فسدت عليهم الغار، فقالوا: إنه لا ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم. قال رجل منهم: اللهم كان لي أبوان شيخان كبيران، وكنت لا أغبق قبلهما أهلاً ولا مالاً، فنأى بي طلب شجرٍ يوماً، فلم أرح عليهما حتى ناما، فحلبت لهما غبوقهما، فوجدتهما نائمين، فكرهت أن أغبق قبلهما أهلاً أو مالاً، فلبثت والقدح على يدي أنتظر استيقاظهما، حتى برق الفجر" - زاد بعض الرواة: "والصبية يتضاغون عند قدمي - فاستيقظا فشربا غبوقهما، اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك، ففرج عنا ما نحن فيه من هذه الصخرة. فانفرجت شيئاً لا يستطيعون الخروج". قال النبي صلى الله عليه وسلم: "قال الآخر: اللهم كانت لي ابنة عم، كانت أجب الناس إلي فأردتها على نفسها، وامتنعت مني، حتى ألمت بنها سنة من السنين، فجاءتني فأعطيتها عشرين ومائة دينار، على أن تخلي بيني وبين نفسها،
864 - البخاري (4/ 449) - 37 - كتاب الإجازة 12 - باب من استأجر أجيراً
…
الخ.
مسلم (4/ 2099) - 48 - كتاب الذكر والدعاء - 27 - باب قصة أصحاب الغار الثلاثة.
(الغبوق): شراب آخر النهار، والمراد: إنني ما كنت أقدم عليهما في شراب حظهما من اللبن أحداً.
(يتضاعون): أي: يضجون ويصيحون من الجوع.
(السنة): الجدب والقحط.
(ألمت بها): بها: إذا قرب منها ودنا الجدب.
(فأردتها): أي راودتها وطلبت منها أن تمكنني من نفسها.=
ففعلت حق إذا قدرت عليها، قالت: لا أحل لك أن تفض الخاتم إلا بحقه. فتحرجت من الوقوع عليها، فانصرفت عنها وهي أحب الناس إلي وتركت الذهب الذي أعطيتها، اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه. فانفرجت الصخرة، غير أنهم لا يستطيعون الخروج منها". قال النبي صلى الله عليه وسلم:"وقال الثالث: اللهم استأجرت أجراء، وأعطيتهم أجرهم، غير رجل واحدٍ، ترك الذي له وذهب، فثمرت أجرة حتى كثرت منه الأموال، فجاءني بعد حين فقال: يا عبد الله، أد إلي أجري. فقلت: كل ما ترى من أجرك، من الإبل، والبقر والغنم، والرقيق. فقال: يا عبد الله، لا تستهزئ بي. فقلت: إني لا أستهزئ بك. فأخذه كله، فاستاقه، فلم يترك منه شيئاً، اللهم فإن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فأفرج عنا ما نحن فيه. فانفرجت الصخرة، فخرجوا يمشون".
وفي رواية (1): أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "بينما نفر ممن قبلكم يمشون، إذ أصابهم مطر، فأووا إلى غار، فانطبق عليهم، فقال بعضهم لبعض: إنه والله يا هؤلاء لا ينجيكم إلا الصدق، فليدع كل رجل منكم بما يعلم أنه قد صدق فيه. فقال أحدهم: اللهم إن كنت تعلم أنه كان لي أجير عمل لي على فرق من أرز، فذهب وتركه، وإني عمدت إلى ذلك الفرق فزرعته، فصار من أمره إلى أن اشتريت منه بقراً، وإنه أتاني يطلب أجره، فقلت له: اعمد إلى تلك البقر، فسقها. فقال لي: إنما لي عندك فرق من أرز. فقلت له: اعمد إلى تلك البقر، فإنها من ذلك الفرق. فساقها، فإن كنت تعلم إني فعلت ذلك من خشيتك ففرج عنا. فانساحت عنهم الصخرة
…
".
وذكر باقي الحديث بقريب من معنى ما سبق.
= (تفض الخاتم): كناية عن الجماع والوطء.
(التحرج): الهرب من الحرج، وهو الإثم والضيق.
(1)
البخاري (6/ 505) - 60 - كتاب الأنبياء - 53 - باب حديث الغأر.
(فرق): الفرق: مكيال يسع ستة عشر رطلاً. أي حوالي خمسة كيلو غرامات ونيقاً.
(فانساحت) بالحاء المهملة، أي: انفسحت وتنحت.
ولهما روايات بنحو ذلك.
ورواه أبو داود (1) مجملاً، وهذا لفظه؛ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:؟ "من استطاع منكم أن يكوم مثل صاحب فرق الأرز فليكن مثله". قالوا: ومن صاحب فرق الأرز يا رسول الله؟
…
فذكر حديث الغار حين سقط عليهم الجبل، "فقال كل واحد منهم: اذكروا أحسن عملكم". قال: "فقال الثالث: اللهم إنك تعلم أني استأجرت أجيراً بفرق أرز، فلما أمسيت عرضت عليه حقه، فأبى أن يأخذه، وذهب فثمرته له، حتى جمعت له بقرا ورعاءها، فلقيني، فقال: أعطني حقي. فقلت: اذهب إلى تلك البقر ورعائها، فخذها. فذهب فاستاقها".
865 -
* روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "إن ثلاثة من بني إسرائيل: أبرص، وأقرع، وأعمى، فأراد الله أن يبتليهم، فبعث إليهم ملكا، فأتى الأبرص، فقال: أي شيء أحب إليك؟ قال: لون حسن، وجلد حسن، ويذهب عني الذي قد قذرني الناس". قال: "فمسحه فذهب عنه قذره، وأعطى لوناً حسناً، وجلداً حسناً. قال: فأي المال أحب إليظ؟ قال: الإبل" - أو قال: "البقر" شك إسحاق: إلا أن الأبرص والأقرع قال أحدهما: الإبل. وقال الآخر" البقر - قال: "فأعطي ناقة عشراء، فقال: بارك الله لك فيها". قال: "فأتى الأقرع، فقال: أي شيء أحب إليك؟ قال: شعر حسن، ويذهب عني هذا الذي قد قذرني الناس". قال:"فمسحه فذهب عنه". قال: "وأعطي شعراً حسناً، قال: فأي المال أحب إليك؟ قال: البقر. فأعطي بقرةً حاملاً، قال: بارك الله لك فيها". قال: "فأتى الأعمى فقال: أي شيء أحب إليك. قال: أن يرد الله إلي بصري فأبصر
(1) أبو داود (3/ 256) - كتاب البيوع - باب في الرجل يتجر في مال الرجل.
والحديث في روايته مختصر.
865 -
البخاري (6/ 500) - 60 - كتاب الأنبياء - 51 - باب حديث أبرص وأعمى وأقرع.
مسلم (4/ 2275) - 53 - كتاب الزهد - 10 - باب حدثنا شيبان بن فروخ
…
الخ.
(ناقة عشراء) إذا كانت حاملا، وقيل: إذا عليها لحملها عشرة أشهر.
به الناس". قال: "فمسحه فرد الله إليه بصره، قال: فأي المال أحب إليك؟ قال: الغنم. فأعطي شاة والداً، فأنتج هذان، وولد هذا، فكان لهذا وادٍ من الإبل، ولهذا وادٍ من البقر، ولهذا وادٍ من الغنم". قال:"ثم إنه أتى الأبرص في صورته وهيئته، فقال: رجل مسكين، قد انقظعت بي الجبال، في سفري، فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك، أسألك بالذي أعطاك اللون الحسن، والجلد الحسن، والمال، بعيراً أتبلغ به في سفري. فقال: الحقوق كثيرة. فقال له: كأني أعرفك، ألم تكن أبرص يقذرك الناس، فقيراً فأعطاك الله؟ فقال: إنما ورثت هذا المال كابراً عن كابر. فقال: إن كنت كاذباً فصيرك الله إلى ما كنت". قال: "وأتى الأقرع في صورته، فقال له مثلما قال لهذا، فرد عليه مثل مارد على هذا، فقال: إن كنت كاذباً فصيرك الله إلى ما كنت". قال: "وأتى الأعمى في صورته وهيئته، فقال: رجلٌ مسكينٌ، وابن سبيل، انقطعت بي الحبال في سفري، فلا بلوغ لي اليوم إلا بالله، ثم بك، أسألك بالذي رد عليك بصرك شاة أتبلغ بها في سفري. فقال: قد كنت أعمى فرد الله إلى بصري، فخذ ما شئت، ودع ما شئت، فوالله لا أجهدك اليوم بشيء أخذته لله. فقال: أمسك مالك، فإنما ابتليتم، فقد رضي عنك، وسخط على صاحبيك".
866 -
* روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "اشترى رجل من رجلْ عقاراً له، فوجد الرجل الذي اشترى العقار في عقاره
= (شاة والدا) الشاة الوالد: هي التي قد عرف منها كثرة الولد والنتاج.
(فأنتج) أنتجها، أي: افتقدها عند الولادة - هكذا جاء لفظ الحديث "أنتج" - وإنما يقال: نتجت الناقة أنتجها، والناتج للنوق كالقابلة للنساء وقوله:"وولد هذا" أي فعل في شاته كما فعل ذلك في إبله وبقره.
(الحبال): جمع حبل، وهو العهد والذمام والأمان والوسياة، وكل ما يرجو منه خيراً أو فرجاً، أو يستدفع به ضرراً، والحبل: السبب، فكأنه قال: انقطعت بي الأسباب.
(فلا بلاغ): أي ليس لي ما أبلغ به غرضي.
(كابراً بي كابر): أي: ورثته عن آبائي وأجدادي.
(لا أجهدك): أي: لا أشق عليك في الأخذ والامتنان.
866 -
البخاري (6/ 512) - 60 - كتاب الأنبياء - 54 - باب حدثنا أبو اليمان.
مسلم (3/ 1345) - 30 - كتاب الأقضية - 11 - باب استحباب إصلاح الحاكم بين الخصمين.
وابن ماجه (2/ 839) 18 - كتاب اللقطة، 4 - باب من أصل ركازاً.=
جرة فيها ذهب: فقال له الذي اشترى العقار: خذ ذهبك مني، إنما اشتريت منك الأرض ولم أبتع منك الذهب. وقال الذي له الأرض: إنما بعتك الأرض وما فيها. فتحاكما إلى جلٍ، فقال الذي له الأرض: إنما بعتك الأرض وما فيها. فتحاكما إلى رجلٍ، فقال الذي تحاكما إليه: ألكما ولد؟ قال أحدهما: لي غلام. وقال الآخر: لي جارية. قال: أنكحوا الغلام الجارية، وأنفقوا على أنفسهما منه، وتصدقا".
867 -
* روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فقدت أمة من بني إسرائيل، لا يدرى ما فعلت؟ وإني لا أرها إلا الفأر، ألا ترونها إذا وضع لها ألبان الإبل لم تشرب، وإذا وضع لها ألبان الشاء شرت؟ " قال أبو هريرة: فحدثت كعبا بهذا، فقال: أنت سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقوله؟ قلت: نعم. فقال لي مراراً، فقلت: أأقرأ التوراة؟
قال ابن حجر:
"قوله: (وإني لا أراها إلا الفأر) فإسكان الهمزة، وعند مسلم من طريق أخرى عن ابن سيرين بلفظ "الفأرة مسخ، وآية ذلك أنه يوضع بين يديها لبن الغنم فتشربه، ويوضع بين يديها لبن الإبل فلا تشربه".
قوله: (فحدثت كعباً) قائل ذلك هو أبو هريرة، ووقع في رواية مسلم: فقال له كعب أنت سمعت هذا.
قوله: (فقلت: أفأقرأ التوراة) هو استفهام إنكار، وفي رواية مسلم: أفأنزلت علي التوراة. وفيه أن أبا هريرة لم يكن يأخذ عن أهل الكتاب، وأن الصحابي الذي يكون إذا أخير بما لا مجال للرأي والاجتهاد فيه يكون للحديث حكم الرفع، وفي سكوت كعب عن الرد على أبي هريرة دلالة على تورعه، وكأنها جميعاً لم يبلغهما حديث ابن مسعود، قال: وذكر عبد النبي صلى الله عليه وسلم القردة والخنازير فقال: "إن الله لم يجعل للمسخ نسلاً ولا عقباً، وقد كانت القردة والخنازير قبل ذلك". وعلى هذا يحمل قوله صلى الله عليه وسلم: "لا أراها إلا الفأر". وكأن كان يظن ذلك ثم أعلم بأنها ليست هي" اهـ.
817 - البخاري (6/ 350) - 59 - كتاب بدء الخلق - 15 - باب خير مال المسلم غنم.
مسلم (4/ 2294) - 53 - كتاب الزهد والرقائق - 11 - باب في الفأر وأنه مسخ.
أقول: وحديث ابن مسعود صحيح، فإن الله لم يمسخ أمة إلا أماتها بعد ذلك، فأنواع الحيوانات كلها أمم بعينها ليس منها شيء ممسوخ؛ وبعد أن تبين هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه يدل على أنه جاءه اليقين بأن الفأرة وغيرها ليست ممسوخة، لأن كلامه في الأصل مبني على قياس واجتهاد منه عليه الصلاة والسلام.
868 -
* روى أحمد عن معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "انتسب رجلان من بني إسرائيل على عهد موسى صلى الله عليه وسلم أحدهما مسلم والآخر مشرك، فانتسب المشرك فقال: أنا فلام بن فلان. حتى عد تسعة آباء، ثم قال لصاحبه: انتسب لا أم لك. فقال: أنا فلان بن فلان وأنا بريء مما وراء ذلك. فنادى موسى في الناس فجمعهم ثم قال: قد قضي بينكما، أما أنت الذي انتسبت إلى تسعة آباء فإنك توفيهم العاشر في النار، وأما أنت الذي انتسب إلى أبويه فأنت امرؤ من أهل الإسلام".
869 -
* روى عبد الله بن أحمد عن أبي بن كعب قال: انتسب رجلان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أحدهما: أنا فلان بن فلان فمن أنت لا أم لك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "انتسب رجلان على عهد موسى صلى الله عليه وسلم فقال أحدهما: أنا فلان بن فلان - حتى عد تسعة - فمن أنت لا أم لك؟ فقال: أنا فلان بن فلان ابن الإسلام" قال: "فأوحى الله تعالى إلى موسى صلى الله عليه وسلم: إن هذين المنتسبين أما أنت أيها المنتمي أو المنتسب إلى تسعة في النار فأنت عاشرهم، وأما أنت يا هذا المنتسب إلى اثنين في الجنة فأنت ثالثهما في الجنة".
870 -
* روى أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كان رجلان في بني إسرائيل متواخيان، وكان أحدهما مذنباً، والآخر مجتهداً في
868 - أحمد (5/ 241).
والمعجم الكبير (20/ 139).
مجمع الزوائد (8/ 85). وقال: رواه الطبراني، وأحمد موقوفاً على معاذ، وأحد أسانيد الطبراني رجاله رجال الصحيح، وكذلك رجال أحمد.
869 -
أحمد (5/ 128).
مجمع الزوائد (8/ 85). وقال: رواه عبد الله بن أحمد. ورجاله الصحيح، غير يزيد بن زياد بن أبي الجعد وهو ثقة.
870 -
أحمد (2/ 323).=
العبادة، وكان لا يزال المجتهد يرى على الآخر على الذنب، فيقول: أقصر. فوجده يوماً على ذنبٍ، فقال له: أقصر. فقال: خلني وربي، أبعثت علي رقيباً؟! فقال: والله لا يغفر الله لك، أو لت يدخلك الله الجنة. فقبض روحهما، فاجتمعا عند رب العالمين، فقال لهذا المجتهد: أكنت بي عالما، أو كنت على ما في يدي قادراً؟! وقال للمذنب: اذهب فادخل الجنة برحمتي، وقال للآخر: اذهبوا به إلى النار".
أقول: إنما عذب المجتهد لأنه تألى على الله وليس لأنه أنكر على المذنب، فالإنكار عليه واجب، ومن هنا نأخذ أدباً أن ننكر على المذنب ولا نفتات على الله بما سيفعله.
871 -
* روى البخاري عن خباب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كان الرجل قبلكم يؤخذ فيحفر له في الأرض، فيجعل فيه، فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه، فيشق باثنتين، ما يصده ذلك عن دينه، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظمٍ أو عصبٍ، ما يصده ذلك عن دينه، والله ليتمن الله هذا الأمر، حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضر موت، لا يخاف إلا الله، والذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون".
872 -
* روى أحمد عن عبد الله بن مسعود أن رجلاً لم يعمل من الخير شيئاً قط إلا التوحيد فلما حضرته الوفاة قال لأهله: إذا أنا مت فخذوني فاحرقوني حتى تدعوني حممه ثم اطحنوني ثم ذروني في البحر في يوم راحٍ. قال: ففعلوا به ذلك، فإذا هو في قبضة الله عز وجل. فقال الله عز وجل: ما حملك على ما صنعت. قال: مخافتك. قال: فغفر الله عز وجل له.
= وأبو داود (4/ 275) - كتاب الآداب - باب في النهي عن البغي.
وهو صحيح.
871 -
البخاري (6/ 619) - 61 - كتاب المناقب - 25 - باب علامات النبوة.
وأحمد (5/ 109).
872 -
أحمد (1/ 398).
مجمع الزوائد (10/ 194). وقال: رواه أحمد، وإسناد ابن مسعود حسن.
(حممة): فحمة.
(يوم راح): أي ذي ريح.
أقول: وقد روي هذا الحديث روايات متعددة، وبعض رواياته عند مسلم، وللعلماء كلام كثير في هذا الحديث: والظاهر أن هذا الرجل لم يبلغه من هدي الأنبياء على الكمال والتمام ما تقوم به حجة كاملة عليه، بل بلغه من بقايا هدي الأنبياء ما جعله يتوهم في حق الله عز وجل ما لا يصح، مع وجود أصل الإيمان بالله، فغفر الله عز وجل له توهمه بسبب من حسن نيته في الخوف من الله وبسبب من أنه لم يبلغه شرع الله عز وجل كاملاً عن طريق صحيح، والله أعلم. وبعض روايات الحديث لا تدل على التوهم، فليس فيها إشكال.
873 -
* روى أبو يعلى عن عبد الله قال: كان رجل كثير المال لما حضره الموت قال لأهله: إن فعلتم ما أمرتكم به أورثتكم مالاً كثيراً. قالوا: نعم. قال: إذا مت فاحرقوني ثم اطحنوني، فإذا كان يوم ريحٍ فارتقوا فوق قلة جبلٍ فاذروني، فإن الله إن قدر علي لم يغفر لي. ففعل ذلك به، فاجتمع في يدي الله فقال: ما حملك على ما صنعت. قال: يارب مخافتك. قال: فاذهب فقد غفرت لك. وفي رواية: كان الرجل نباشاً فغفر له خوفه.
أقول: إن قول الرجل وفعله يدلان علة جهل بالله، فلعله كان من أهل فترة عنده بقايا من دين صحيح، فعامله الله عز وجل برحمته على ما عنده من بقايا خيرٍ، وهو خوفه من الله عز وجل.
874 -
* روى البزار عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إن نبي إسرائيل استخلفوا خليفة عليهم بعد موسى صلى الله عليه وسلم فقام يصلي ذات ليلة فوق بيت المقدس في القمر، فذكر أموراً كان صنعها، فخرج فتدلى بسبب، فأصبح السبب معلقاً في المسجد وقد ذهب". قال: "فانطلق حتى أتى قوماً على شط البحر، فوجدهم يضربون لبنا، فسألهم: كيف تأخذون على هذا اللبن؟ " قال: "فأخبروه فلبن
873 - مجمع الزوائد (10/ 194). وقال: رواه أبو يعلى بسندين، ورجالها رجال الصحيح.
أحمد (5/ 383) وهو عنده عن معاوية بن خيدة. ورجاله ثقات.
(قلة جيل): أعلاه.
874 -
كشف الأستار (4/ 267).
والمعجم الكبير (10/ 216).
مجمع الزوائد (10/ 218). وقال: رواه البزار والطبراني في الأوسط والكبير، وإسناده حسن.
(تدلى بسبب): تدلى بحبل.=
معهم، فكان يأكل من عمل يده، فإذا كان حين الصلاة قام يصلي، فرفع ذلك العمال إلى دهقانهم، أن فينا رجلاً يفعل كذا وكذا، فأرسل إليه، فأبى أن يأتيه ثلاث مرات، ثم إنه جاء" [أي: الدهقان] "يسير على دابته، فلما رآه فر"[أي: الملك]"فاتبعه فسبقه، فقال: أنظرني أكلمك". قال: "فقام حتى كلمه. فأخبره خبره، فلما أخبره أنه كان ملكاً وأنه فر من رهبة ربه قال: إني لأظنني لاحقاً بك". قال: "فاتبعه، فعبدا الله، حتى ماتا برميلة مصر". قال عبد الله: لو أني كنت ثم لاهتديت إلى قبريهما بصفة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي وصف لنا.
875 -
* روى البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كان في بني إسرائيل رجل قتل تسعة وتسعين إنساناً، ثم خرج يسأل، فأتى راهباً فسأله، فقال له: ألي توبة؟ قال: لا. فقتله، فجعل يسأل، فقال له رجل: ائت قرية كذا وكذا، فأدركه الموت فنأى بصدره نحوها، فاختصمت فيه ملائكة الرحمة، وملائكة العذاب، فأوحى الله إلى هذه: أن تقربي، وأوحى الله إلى هذه: أن تباعدي، وقال: قيسوا ما بينهما، فوجداه إلى هذه أقرب بشبر، فغفر له".
876 -
* روى الطبراني عن أبي عبد رب أنه سمع معاوية بن أبي سفيان على المنبر يحدث أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن رجلاً أسرف على نفسه فلقي رجلاً فقال: إن الآخر قتل تسعاً وتسعين نفساً كلهم ظلما فهل لي من توبة؟ قال: لا. فقتله وأتى آخر فقال: إن الآخر قتل مائة نفسٍ كلها ظلماً فهل تجد لي من توبةٍ؟ فقال: إن حدثتك على أن الله لا يتوب على من تاب كذبتك. ههنا قوم يتعبدون فائتهم تعبد الله معهم. فتوجه إليهم فمات على ذلك. فاجتمعت ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، فبعث الله إليهم ملكاً فقال: قيسوا ما بين
= (جهقانهم): الدهقان رئيس القرية.
875 -
البخاري (6/ 512) - 60 - كتاب الأنبياء - 54 - باب حدثنا أبو اليمان.
مسلم 2119 - 49 - كتاب التوبة - 8 - باب قبول توبة القاتل.
876 -
مجمع الزوائد (10/ 211). وقال: رواه الطبراني بإسنادين، ورجال أحدهما رجال الصحيح، غير أبي عبد رب وهو ثقة، ورواه أبو يعلى بنحوه كذلك.
المكانبن فأيهم كان أقرب فهو منهم. فوجوده أقرب إلى دير التوابين بأنملة فغفر له".
أقول: ينبغي في كل حال أن يكون للمسلم إخوانه في الله، وأن يكون له انتساب للعلماء الأولياء الصادقين لتتم له فضيلة الأخوة الخالصة في الله والكينونة مع أهل الله، ويتأكد هذا المعنى حين غلبة الشر، وكثرة الفتن، فعلى المسلم في هذه الحالة أن يلجأ إلى البيئات الفاضلة العابدة، فذلك هو معتصمه بعد الله، وليحذر أن يختلط عليه الأمر، فيلجأ إلى بيئة يظنها عابدة صالحة وهي على شذوذ في الاعتقاد أو على بدعة في العمل أو على فتور في العبادة أو على دعوى عريضة في اللسان ويكذب ذلك أفعالها.
* * *