الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النصوص
848 -
* روى البخاري ومسلم عن عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما قال: إن أصحاب الصفة كانوا ناساً فقراء، وإن النبي صلى الله عليه وسلم قال مرة:"من كان عنده طعام اثنين فليذهب بثالث، ومن كان عنده طعام أربعة، فليذهب بخامس، بسادس" - أو كان قال - وإن أبا بكر جاء بثلاثة، وانطلق النبي صلى الله عليه وسلم بعشرة، قال: فهو أنا وأبي وأمي - ولا أدري هل قال: وامرأتي - وخادم [بين] بيتنا وبيت أبي بكر، وإن أبا بكر تعشى عند النبي صلى الله عليه وسلم، ثم لبث حتى صلى العشاء، ثم رجع فلبث حتى تعشى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي رواية: حتى نعس رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء بعد ما مضى من الليل ما شاء الله، قالت له امرأته: ما حبسك عن أضيافك - أو قالت: ضيفك-؟ فقال أو ما عشيتيهم؟ قالت: أبوا حتى تجيء، وقد عرضوا عليهم [فغلبوهم]. قال: فذهبت أنا فاختبأت، فقال: يا غنثر. فجدع وسب، وقال: كلوا، لا هنيئا. وقال: والله لا أطعمه أبداً. قال: ويم الله، ما كنا نأخذ من لقمة إلا ريا من أسفلها أكثر منها، حتى شبعوا، وصارت أكثر مما كانت قبل ذلك، فنظر إليها أبو بكر، فإذا هي كما هي، أو أكثر، فقال لامرأته: يا أخت بني فراس، ما هذا؟ قالت: لا، وقرة عيني، لهي الآن أكثر منها قبل ذلك بثلاث مرات. فأكل منها أبو بكر وقال: إنما كان ذلك من الشيطان - يعني يمينه -. ثم أكل منها لقمة، ثم حملها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأصبحت عنده. قال: وكان بيننا وبين قوم عهد، فمضى الأجل فتفرقنا اثني عشر رجلاً، مع كل رجلٍ منهم أناس - والله أعلم كم مع كل رجل؟ - فأكلوا منها أجمعون. أو كما قال.
848 - البخاري (2/ 75) - 9 - كتاب مواقيت الصلاة - 41 - باب السمر مع الضيف.
مسلم (3/ 1627، 1628) - 36 - كتاب الأشربة - 32 - باب إكرام الضيف وفضل إيثاره.
(غنثر): روي بضم الغين وفتحها، وهو من الغثارة، وهي الجهل.
وقيل: هو من الغنثرة، وهي شرب الماء من غير عطش، وذلك من الحمق، وقيل:"غنثر" كلمة يقولها الغضب إذا ضاق صدره من شيء جرى على غير ما أراده، قال بعض أهل اللغة: أحسبه الثقيل الوخم.
وقد ذكر الزمخشري: إنها رويت بالعين المهملة مفتوحة والتاء المعجمة بنقطتين: وهو الذباب الأزرق، شبهه به تحقيراُ له، ويجوز أن يكون شبهه به لكثره أذه".
(فجدع): المجادعة: المخاصمة.
(ربا): الشيء يربو: إذا زاد وارتفع.
وفي رواية (1) قال: جاء أبو بكر يضيف له - وأضاف له - فأمسى عند النبي صلى الله عليه وسلم، فلما جاء، قالت له أمي: احتبست عند ضيفك - أو أضيافك - الليلة. فقال: أما عشيتيهم؟ فقالت: عرضنا عليه - أو عليهم - فأبوا. (أو أبى). فغضب أبو بكر، فسب وجدع، وحلف لا يطعمه، فاختبأت أنا فقال: با عنثر، فحلفت المرأة لا تطعمه، فحلف الضيف - أو الأضياف - أن لا يطعمه - أو لا يطعموه - حتى يطعمه، فقال أبو بكر: هذه من الشيطان. فدعا بالطعام فأكل وأكلوا، فجعلوا لا يرفعون لقمة إلا ربت من أسقلها أكثر منها، فقال: يا أخت بني فراس، ما هذا؟ فقالت: وقرة عيني إنها الآن لأكثر [منها] قبل أن تأكل. فأكلوا، وبعث بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر أنه أكل منها.
وفي أخرى (2): أنا أبا بكر تضيف رهطاً، فقال لعبد الرحمن: دونك أضيافك، فإني منطلق إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فافرغ من قراهم قبل أن أجيء. فانطلق عبد الرحمن، فأتاهم بما عنده، فقال: اطعموا. فقالوا: أين رب منزلنا؟ قال: اطعموا. قالوا: ما نحن بآكلين حتى يجيء رب منزلنا. قال: اقبلوا عنا قراكم، فإنه إن جاء ولم تطعموا لنلقين منه. فأبوا، فعرفت أنه يجد علي، فلما جاء تنحيت عنه، قال: ما صنعتم؟ فأخبروه، فقال: يا عبد الرحمن فسكت، فقال: يا غنثر، أقسمت عليك إن كنت تسمع صوتي لما جئت. فخرجت فقلت: سل أضيافك. فقالوا: صدق، أتانا به. فقال: إنما انتظرتموني، والله لا أطعمه الليلة. فقال الآخرون: والله لا نطعمه حتى نطعمه. قال: لم أر في الشر كالليلة، ويلكم، ما لكم لا تقبلون عنا قراكم؟ هات طعامك. فجاء به فوضع يده، فقال: بسم الله، الأولى للشيطان. فأكل وأكلوا.
زاد في رواية (3): فلما أصبح غدا على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، بروا وحنثت. قال: وأخبره، فقال:"بل أنت أبرهم وأخيرهم" قال: ولم تبلغني كفارة.
(1) البخاري (10/ 535) - 78 - كتاب الأدب - 88 - باب قول الضيف لصاحبه: والله لا آكل حق تأكل.
(2)
البخاري (10/ 534) - 78 - كتاب الأدب - 87 - باب ما يكره من الغضب والجزع عند الضيف.
ومسلم (3/ 1629) - 36 - كتاب الأشربة - 32 - باب إكرام الضيف.
(3)
مسلم: الموضع السابق.
(بر): الرجل فهو بار؛ إذا صدق.
(حنث) في اليمين: إذا نقض ما حلف عليه وخالفه.
وفي رواية أبي داود (1) قال: نزلنا بنا أضياف لنا، وكان أبو يتحدث عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: لا أرجعن إليك حتى تفرغ من ضيافة هؤلاء، ومن قراهم. فأتاهم بقراهم، فقالوا: لا نطعمه حتى يأتي أبو بكر. فجاء فقال: ما فعل أضيافكم؟ أفرغتم من قراهم؟ قالوا: لا. قلت: قد أتيتهم بقراهم، فقالوا: لا نطعمه حتى يجيء. فقالوا: صدق، قد أتانا به، فأبينا حتى تجيء. قال: فما منعكم؟ قال: مكانك. قال: فوالله لا أطعمه الليلة. قال: فقالوا: ونحن، والله لأطعمه حتى تطعمه. قال: ما رأيت في الشر كالليلة قط. قال: قربوا طعامكم. قال: فقرب طعامهم، ثم قال: بسم الله، فطعم وطعموا، فأخبرت أنه أصبح، فغدا على النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبره بالذي صنع وصنعوا، فقال:"بل أنت أبرهم وأصدقهم".
زاد في رواية (2) قال: ولم يبلغني كفارة.
* * *
(1) أبو داود (3/ 327) - كتاب الأيمان والنذور - باب فيمن حلف على طعام.
(2)
مسلم (3/ 1630): الموضع السابق.