المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفقرة الرابعة عشرةفي:أعلام وأشراط متفرقة تكون بين يدي الساعة وقد وقعت - الأساس في السنة وفقهها - العقائد الإسلامية - جـ ٢

[سعيد حوى]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الثانيفي:الإيمان بالغيب

- ‌المقدمة

- ‌الفصل الأولفي:بدء الخلق

- ‌المقدمة

- ‌النصوص

- ‌إنسان هايدلبرغ

- ‌ الإنسان الكبير

- ‌التلخيص

- ‌الفصل الثانيفي:معرفة الله والإيمان به

- ‌المقدمة

- ‌خلاصة ما جاء به الكتاب والسنة:

- ‌النصوص

- ‌التلخيص

- ‌الوصل الأولفي:الوثنية في التاريخ

- ‌المقدمة

- ‌تعريف عن الوثنية في بعض الأديان

- ‌1 - الوثنية في الديانات المصرية القديمة

- ‌2 - وثنية الرومان

- ‌3 - وثنية اليونان

- ‌4 - وثنية الهندوس

- ‌5 - وثنية الصين

- ‌7 - وثنية العرب

- ‌الوصل الثانيفي:التثليث ونسبة الولد إلى اللهتعالى الله عن ذلك علواً كبيراً

- ‌الوصل الثالثفي:"إن الدين عند الله الإسلام

- ‌الوصل الرابعفي:"ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه

- ‌المقدمة

- ‌النقول

- ‌1 - نقول عن البرهمية

- ‌2 - نُقولٌ عن الجينية وهى إحدى الديانات الهندية

- ‌3 - نقول عن البوذية

- ‌4 - نُقولٌ عن ديانات الفرس

- ‌5 - نقولٌ عن اليهودية

- ‌الفصل الثالثفي:الإيمان بالقدر

- ‌المقدمة

- ‌المسائل

- ‌النصوص

- ‌التلخيص

- ‌الفصل الرابعفي الإيمان بالملائكة

- ‌المقدمة

- ‌بعض النصوص القرآنية في شأن الملائكة

- ‌بعض النصوص النبوية

- ‌الفصل الخامسفي:الجن والشياطين

- ‌المقدمة

- ‌بعض نصوص القرآن في الجن والشياطين

- ‌ النصوص النبوية

- ‌التلخيص

- ‌فائدة:

- ‌نقول في ما قاله بعض العلماء في الجن

- ‌الوصل الأولفي:ظاهرة ابن صياد

- ‌المقدمة

- ‌النقول

- ‌النصوص النبوية في ابن صياد

- ‌الوصل الثانيفي:تحضير الأرواح

- ‌الفصل السادسفي:الإيمان بالكتب

- ‌المقدمة

- ‌الوصلفي:التعريف على كتب بعض أهل الأديان

- ‌المقدمة

- ‌أ - التعريف بكتب الهند الدينية

- ‌ب- التعريف ببعض كتب الصين الدينية

- ‌ج- التعريف ببعض كتب الفرس الدينية

- ‌د- التعريف ببعض الكتب اليهودية الدينية

- ‌أولًا: أسفار العهد القديم

- ‌ثانيًا: التلمود

- ‌هـ- التعريف ببعض كتب النصارى الدينية

- ‌و- التعريف ببعض كتب الصابئة الدينية

- ‌فائدة:

- ‌(النصوص)

- ‌الفصل السابعفي:الإيمان بالأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام

- ‌المقدمة

- ‌النصوص النبوية في ذكر الأنبياء

- ‌المسائل والفوائد

- ‌الوصل الأولفي:رفع خطأ التوهم بأن الرسل لم يبعثوا إلا فيبقعة من الأرض وإلى بعض الأمم

- ‌المقدمة

- ‌النقول

- ‌1 - الديانات المصرية القديمة

- ‌2 - بعض الديانات الهندية

- ‌أ- الديانة البرهمية:

- ‌ب- الديانة البوذية:

- ‌3 - الديانة الزرادشتية:

- ‌الدعوة إلى الصراط المستقيم:

- ‌4 - الديانات الصينية

- ‌5 - ديانات ما بين الرافدين

- ‌أ- بعض ما تذكره الحفريات عن نوح عليه السلام وقصة الطوفان:

- ‌ب- الصابئة:

- ‌الوصل الثانيفي:وراثة الأنبياء وكرامات الأولياء

- ‌المقدمة

- ‌النصوص

- ‌الفصل الثامنفي:القصص النبوي

- ‌المقدمة

- ‌الفقرة الأولىفي:الموقف من القصص بإطلاق وما يراد به

- ‌المقدمة

- ‌النصوص

- ‌الفقرة الثانيةفي:القصص النبوي

- ‌الفصل التاسعفي:الإيمان باليوم الآخر

- ‌المقدمة

- ‌الوصول

- ‌الوصل الأولبين يدي الساعة

- ‌المقدمة

- ‌الفقرات

- ‌الفقرة الأولىفي:أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر عما سيكون بين يدي الساعة

- ‌الفقرة الثانيةفي:قُرب الساعة نسبيّاً

- ‌الفقرة الثالثةفي:مُدَّة قرن النُّبُوَّة

- ‌الفقرة الرابعةفي:بعض أحداث المرحلتين: الراشِدة والأمويَّة

- ‌الفقرة الخامسةحديث جامع

- ‌الفقرة السادسةفي:فتح القسطنطينيَّة الأول

- ‌الفقرة السابعةفي:قتال التتار والمغول والأتراك قبل إسلامهم

- ‌الفقرة الثامنةفي:تمزقات الأمة الإسلاميَّة وصراعاتها

- ‌الفقرة التاسعةفي:التجديد والمجددين

- ‌الفقرة العاشرةفي:نار الحجاز

- ‌الفقرة الحادية عشرفي:استقلالية أقطار الأمة الإسلامية عن بعضهاوانفراط عقد الوحدة الإسلامية

- ‌الفقرة الثانية عشرةفي:غربة الإسلام

- ‌الفقرة الثالثة عشرةفي:مدعي النبوة والدجالين

- ‌الفقرة الرابعة عشرةفي:أعلام وأشراط متفرقة تكون بين يدي الساعة وقد وقعت

- ‌الفقرة الخامسة عشرةفي:أشراط صغرى لم تقع بعد

- ‌الفقرة السادسة عشرةفي:انحسار الفرات عن جبل من ذهب

- ‌الفقرة السابعة عشرةفي:أشراط الساعة الكبرى إجمالًاوفي:بعض أشراط أخرى تكون بينيدي الساعة

- ‌المقدمة

- ‌النصوص

- ‌الفقرة الثامنة عشرةفي:المهدي عليه السلام

- ‌مقدمة

- ‌النصوص

- ‌المسائل والفوائد

- ‌الفقرة التاسعة عشرةفي:الدّجَال

- ‌مقدمة

- ‌نصوص

- ‌فوائد ومسائل

- ‌الدَّجَّال في سطور

الفصل: ‌الفقرة الرابعة عشرةفي:أعلام وأشراط متفرقة تكون بين يدي الساعة وقد وقعت

‌الفقرة الرابعة عشرة

في:

أعلام وأشراط متفرقة تكون بين يدي الساعة وقد وقعت

946 -

* روى البخاري ومسلم عن زينب بنت جحش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا إله إلا الله، ويل للعرب، من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه" وخلق بإصبعه الإبهام والتي تليها، فقلت: يا رسول الله: أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: "نعم إذا كثر الخبث".

أقول: قد وقع هذا بموجتي التتار والمغول وما أحدثاه من آثار مدمرة في الأرض الإسلامية عامة والأرض العربية خاصة، وكارثة بغداد معروفة.

947 -

* روى الترمذي عن عمران بن حصين رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "في هذه الأمة خسف ومسخ وقذف". فقال له رجل من المسلمين: يا رسول الله، ومتى ذلك؟ قال:"إذا ظهرت القيان والمعارف وشربت الخمور".

948 -

* روى الترمذي عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يكون في آخر هذه الأمة خسف ومسخ وقذف" قالت: قلت: يا رسول الله، أنهلك وفينا الصالحون؟ قال:"نعم، إذا ظهر الخبث".

أقول: قد وقع بعض هذا في الأمة، وأشهر أحداث الخسف في عصرنا خسف أغادير في المغرب إذ خسف بها كاملة خلال أربع ثوان، وما حدث في منطقة الأصنام في الجزائر وما حدث في منطقة ذمار في اليمن وأشهر أحداث القذف في عصرنا ما حدث في بعض القرى

946 - البخاري (13/ 11) 92 - كتاب الفتن، 4 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: ويل للعرب من شر قد اقترب

مسلم (4/ 2207) 52 - كتاب الفتن وأشراط الساعة، 1 - باب اقتراب الفتن، وفتح ردم يأجوج ومأجوج.

947 -

الترمذي (4/ 495) 34 - كتاب الفتن، 38 - باب ما جاء في علامة حلول المسخ والخسف.

وقال: حديث غريب. وهو حديث حسن يشهد له الذي بعده.

948 -

الترمذي (4/ 479) 34 - كتاب الفتن، 21 - باب ما جاء في الخسف.

وقال: حديث غريب. وهو حديث حسن يشهد له الذي قبله.

ص: 967

التركية إذ جاءها عذاب من فوقها ومن تحتها.

أما المسخ الباطني فما أكثره فلقد شهدنا قلوب الشياطين في جثمان إنس، وقلوب الذئاب في لبوس الضأن، وكلها معان تحدثت عنها النصوص.

949 -

* روى البخاري ومسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال -عند قرب وفاته: ألا أحدثكم حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا يحدثكم به أحد عنه بعدي؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"لا تقوم الساعة" -أو قال: "إن من أشراط الساعة -: أن يرفع العلم، ويظهر الجهل، ويشرب الخمر، ويفشو الزنا، ويذهب الرجال، ويبقى النساء حتى يكون لخمسين امرأة قيم واحد".

وفي رواية (1): "يظهر الزنا، ويقل الرجال، ويكثر النساء".

أقول: قوله عليه الصلاة والسلام (أن يرفع العلم): يفسره الحديث الذي يذكر أن رفع العلم يكون بموت العلماء فإذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤوساً جهالاً فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا، وقد ظهر مثل هذا في عصرنا والمراد بالعلم: العلم الشرعي، ولكن المرجو أن نكون على أبواب نهضة علمية يتلافى فيها مثل هذا، وقد يتكرر ظهور مثل هذا الشأن.

وقوله عليه الصلاة والسلام (حتى يكون لخمسين امرأة قيم واحد): ذكرنا أن مثل هذا وقع في بعض الأقطار أثناء الحرب العالمية الأولى ويحتمل أن ذلك كائن فيما بعد.

وقد قلت بمناسبة هذا الحديث بمناسبة ما يلي: لقد أصبح الخمر في أكثر بلدان الإسلام مرخصاً به من أكثر الحكومات وأصبحت قوانين أكثر البلدان الإسلامية تعتبر الزنا جريمة من النوع الثالث أو الرابع، وأصبح الزنا بالتراضي كثيراً شائعاً، بل وجد المتخصصون في المتاجرة بالزنا.

949 - البخاري (1/ 178) 3 - كتاب العلم، 21 - باب رفع العلم وظهور الجهل.

مسلم (4/ 2056) 47 - كتاب العلم، 5 - باب رفع العلم وظهور الجهل والفتن في آخر الزمان.

والترمذي: (4/ 491) 34 - كتاب الفتن، 34 - ما جاء في أشراط الساعة. وقال حديث: حسن صحيح.

(قيم واحد) قيم المرأة: زوجها، لأنه يقوم بأمرها، وبما يحتاج إليه من نفقة وغيرها.

(1)

البخاري (12/ 113، 114) 86 - كتاب الحدود، 20 - باب إثم الزناة.

ص: 968

وفي الحرب العالمية الأولى لم يبق إلا القليل من الرجال في كثير من بلدان العالم الإسلامي حيث سحب الرجال إلى الحرب وشهدت تلك الفترة نفسها ندرة العلم حتى إنك لا تجد في الحي الواحد من يحسن الكتابة، ولا زالت الأمية بالإسلام وانتشار الزنا وشرب الخمر وفشو الربا مما نعاني منه حتى كتابة هذه السطور.

950 -

* روى البخاري ومسلم عن عبد الله بن مسعود وأبي موسى الأشعري رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن بين يدي الساعة أياماً ينزل فيها الجهل، ويرفع فيها العلم، ويكثر فيها الهرج، والهرج: القتل".

وللبخاري (1)، أن أبا موسى قال لعبد الله: أتعلم الأيام التي ذكر فيها النبي صلى الله عليه وسلم أيام الهرج؟

فذكر نحوه.

وقال عبد الله: سمعت رسول الله صلى الله علي وسلم يقول

.

ورواه الترمذي (2) عن أبي موسى وحده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن من ورائكم أياماً يرفع فها العلم، ويكثر فيها الهرج" قالوا: يا رسول الله، وما الهرج؟ قال:"القتل".

أقول: قوله عليه الصلاة والسلام (ويكثر فيها الهرج، والهرج: القتل): قد مر منه كثيراً، وفي كل عام تسمع عن مذابح المسلمين، لقد ذهب في عصرنا في الجزائر حوالي مليون شهيد، وفي أفغانستان لا نعرف إلى أي حد سيبلغ عدد القتلى، ومذبحة حماة وغيرها من المدن السورية ومذابح لبنان عامة وطرابلس خاصة، ومذابح الصراع في المغرب، ومن قبل صراعات المسلمين الكثيرة فيما بينهم، ومذابح التتار والصليبيين والمستعمرين.

951 -

* روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

950 - البخاري (13/ 13) 92 - كتاب الفتن، 5 - باب ظهور الفتن.

مسلم (4/ 2056) 47 - كتاب العلم، 5 - باب رفع العلم وقبضته وظهور الجهل والفتن ف آخر الزمان.

(1)

البخاري (13/ 14): الموضع السابق.

(2)

الترمذي (4/ 489) 34 - كتاب الفتن، 31 - باب ما جاء في الهرج والعبادة فيه. وقال: حديث صحيح.

951 -

البخاري (2/ 521) -15 - كتاب الاستسقاء، 27 - باب ما قيل في الزلازل والآيات. =

ص: 969

"إن من أشراط الساعة أن يقارب الزمان، وينقص العلم، وتظهر الفتن، ويلقى الشح، ويكثر الهرج" قالوا: يا رسول الله، وما الهرج؟ قال:"القتل القتل".

وفي رواية (1)"أن يرفع العلم، ويثبت الجهل"- أو قال: "ويظهر الجهل".

وفي رواية أبي داود (2) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يتقارب الزمان، وينقص العلم، وتظهر الفتن، ويلقى الشح، ويكثر الهرج" قيل: يا رسول الله أيم هو؟ قال: "القتل، القتل".

أقول: قوله عليه السلام (يتقارب الزمان): قد يكون فيه إشارة إلى المواصلات الحديثة ووسائل الاتصال حتى ليقضى في الزمان القليل ما كان يحتاج إلى أزمنة متطاولة.

952 -

* روى الطبراني عن أبي أمية الجمحي رفعه: "إن من أشراط الساعة أن يلتمس العلم عند الأصاغر".

أقول: إن جيلنا شهد حالة عجيبة وهي أنه قد غلب اليأس على كثير من العلماء فلم يعودوا يتصدرون للدعوة والإرشاد والتعليم، ونشط للدعوة الشباب فأصبحوا هم الذين يتصدرون لمثل هذه الشؤون، والتف الكثيرون حولهم حتى إذا ما جلس كبار العلماء لم يجدوا من يسمع منهم، وللمسألة استثناءاتها.

953 -

* روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يوشك إن طالت بك مدة أن ترى قوماً في أيديهم مثل أذناب البقر يغدون في غضب الله، ويروحون في سخط الله".

= مسلم (/ 4/ 2057) 47 - كتاب العلم، 5 - باب رفع العلم وظهور الجهل والفتن، في آخر الزمان.

(1)

مسلم (4/ 2056): الموضع السابق.

(2)

أبو داود (4/ 99) كتاب الفتن والملاحم، باب ذكر الفتن ودلائلها.

952 -

مجمع الزوائد (1/ 135) وقال: رواه الطبراني في الأوسط والكبير وفيه ابن لهيعة وهو ضعيف.

953 -

مسلم (4/ 2193) 51 - كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، 13 - باب النار يدخلها الجبارون، والجنة يدخلها الضعفاء.

ص: 970

وفي رواية: (1)"إن طالت بك مدة أوشكت أن ترى قوماً يغدون في سخط الله ويروحون في لعنته، في أيديهم مثل أذناب البقر".

أقول: إن من عرف ما يجري في دوائر المخابرات في كثير من بلدان العالم الإسلامي عرف مضمون هذا الحديث.

954 -

* روى أحمد عن طارق بن شهاب قال: كنا عند عبد الله بن مسعود جلوسا فجاء رجل فقال: قد أقيمت الصلاة، فقام وقمنا معه فلما دخلنا المسجد رأينا الناس ركوعاً في مقدم المسجد فكبر وركع وركعنا ومشينا وصنعنا مثل الذي صنع، فمر رجل يسرع فقال: عليك السلام أبا عبد الرحمن فقال: صدق الله ورسوله وبلغت رسله. فلما صلينا ورجعنا ودخل إلى أهله جلسنا فقال بعضنا: أما سمعتم رده على الرجل: صدق الله ورسوله وبلغت رسله أيكم يسأله؟ فقال طارق: أنا أسأله فسأله حين خرج، فذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم:"إن بين يدي الساعة تسليم الخاصة وفشو التجارة حين تعين المرأة زوجها وقطع الأرحام وشهادة الزور وكتمان شهادة الحق وظهور العلم".

وفي رواية (2) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن من أشراط الساعة أن يسلم الرجل لا يسلم إلا للمعرفة". والبزار (3) ببعضه وزاد "وأن يجتاز الرجل بالمسجد فلا يصلي فيه" والطبراني (4) إلا أنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تقوم الساعة حتى يكون السلام على المعرفة" وإن هذا عرفني من بينكم فسلم علي "وحتى تتخذ المساجد طرقاً فلا يسجد لله فيها وحتى يبعث الغلام الشيخ بريداً بين الأفقين وحتى يبلغ التاجر بين الأفقين فلا يجد ربحاً" وفي رواية (5) عنده: "وأن تغلو النساء والخيل ثم ترخص فلا تغلوا إلى يوم القيامة وأن يتجر الرجل والمرأة جميعاً".

(1) مسلم (4/ 2193): الموضع السابق.

954 -

أحمد (1/ 407).

(2)

أحمد: الموضع السابق.

(3)

كشف الأستار (4/ 147).

(4)

، (5)، مجمع الزوائد (7/ 329). وقال: رواه أحمد، والبزار ببعض والطبراني إلا أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تقوم الساعة

" وفي رواية عنده "وأن تغلو النساء

". ورجال أحمد والبزار رجال الصحيح.

ص: 971

أقول: في الحديث معجزات كثيرة منها: (حتى يبعث الغلام الشيخ بريداً بين الأفقين) وكأن في ذلك إشارة إلى الطيران واستخدام الأصغر سناً من هو أكبر منه.

ومنها:

(وفشو التجارة حين تعين المرأة زوجها).

(وأن يتجر الرجل والمرأة جميعاً).

ومن رأى في عصرنا كثرة المحلات التي تشارك في أعمالها المرأة رأى مصداق ذلك.

955 -

* روى أحمد عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عصابتان من أمتي أحرزهما الله من النار عصابة تغزو الهند وعصابة تكون مع عيسى ابن مريم".

أقول: وقد غزا المسلمون الند وحكموها حوال ثمانمائة سنة وها هي دولة باكستان ودولة البنغال قائمتان والمسلمون في الهند كثيرون والحمد لله.

956 -

* روى البزار عن عمرو بن عوف قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم: "إن بين يدي الساعة سنين خداعة يصدق فيها الكاذب ويكذب فيها الصادق ويؤمن فيها الخائن ويخون فيها الأمين وينطق فيها الرويبضة" قيل: يا رسول الله وما الرويبضة؟ قال: "الامرؤ التافه يتكلم في أمر العامة" قال ابن إسحاق وحدثني عبد الله بن دينار عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال بنحوه.

أقول: وهذا عصرنا يشهد ما ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم تفصيلاً.

955 - أحمد (5/ 278).

والنسائي (6/ 42) كتاب الجهاد، 41 - باب غزوة الهند.

مجمع الزوائد (5/ 282). وقال: رواه الطبراني في الأوسط وسقط تابعيه والظاهر أنه راشد بن سعد، وبقية رجاله ثقات.

956 -

كشف الأستار (4/ 132).

مجمع الزوائد (7/ 284). وقال: رواه البزار. وقد صرح ابن إسحاق بالسماع من عبد الله بن دينار وبقية رجاله ثقات.

ص: 972

957 -

* روى الطبراني عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا مشت أمتي المطيطاء وخدمتهم فارس والروم تسلك بعضهم على بعض".

958 -

* روى أحمد عن أبي موسى الأشعري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن بين يدي الساعة فتنا كقطع الليل المظلم يصبح الرجل فيها مؤمناً ويمسي كافراً ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً، القاعد فيها خير من القائم والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي فكسروا قسيكم وقطعوا أوتاركم واضربوا بسيوفكم الحجارة فإن دخل على أحدكم فليكن كخير ابني آدم".

أقول: إن دقة الوصف في هذا الحديث لمعجزة، فقد مرت عصور في الماضي كان الرجل يمسى مؤمناً ويصبح كافراً بسبب كثرة دعاة الباطل كالزنادقة والقرامطة والباطنية، ولقد شهد عصرنا كذلك مثل هذه المرحلة إذ تجد المسلم يصبح على إسلام ويمسى على مذهب حزب كافر وفكرة كافرة، وقد مر معنا من قبل موقف المسلم من الفتن، فالأحاديث التي تطالب المسلم بالاستسلام لقاتله أو بالعزلة الكاملة محمولة على أوضاع لها خصوصياتها كأن يكون القاتل مسلماً، والفتنة تدفعه إلى القتل.

أما إذا غزيت دار الإسلام فقد وجب على المسلم القتال، وعلى كل الأحوال فالمسلم تحكمه الفتوى البصيرة من أهلها في كل ظروفه وأحواله، فلا يصح لمسلم أن يعتمد على بعض النصوص العامة، فيعطل واجباً تفرضه الفتوى من أهلها.

959 -

* روى الطبراني عن عبد الله بن يزيد الحطمي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عذاب أمتي في دنياها".

957 - مجمع الزوائد (10/ 237). وقال: رواه الطبراني في الأوسط وإسناده حسن.

(المطيطاء): وهي مشية بتبختر ومد اليدين، ومططت بمعنى: مددت.

أقول: وقد خدمت هذه الأمة فارس والروم، ووقعت الحروب فيما بين هذه الأمة.

958 -

أحمد (/ 4/ 772).

وأبو داود (4/ 100) كتاب الفتن والملاحم، باب في النهي عن السعي في الفتنة.

وابن ماجه (2/ 1310) 36 - كتاب الفتن، 10 - باب التثبيت في الفتنة.

والمستدرك (4/ 440). وقال: هذا حديث صحيح الإسناد. ولم يخرجاه.

959 -

الروض الداني (2/ 123).=

ص: 973

960 -

* روى الطبراني عن عبد الله بن عمرو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من اقتراب الساعة أن ترفع الأشرار ويوضع الأخيار ويقبح القول ويخزن العمل وتتلى في القوم المثناة". قلت: وما المثناة؟ قال: "ما كتب سوى كتاب الله".

قال ابن الأثير في النهاية:

(المثناة): قيل: هي أن أحبار بني إسرائيل وضعوا كتاباً فيما بينهم على ما أرادوا من غير كتاب الله. ا. هـ.

أقول: والمعروف أن عند اليهود أكثر من كتاب ضم كلام علمائهم وأشهر هذه الكتب هو التلمود.

وقد ذكر العقاد في كتابه: "إبراهيم عليه السلام" أن أهم الراجع الإسرائيلية بعد التوراة هي كتب المشنا القديمة. ومن المشنا التلمود في نشأته الأولى.

وأصل مادة الكلمة من شنا: أي كرر. وهي تقابل في العربية مادة ثني أي: أعاد ثانية (1).

أقول: وفي الحديث أكثر من معجزة يشهدها عصرنا من علو الأشرار على الأخيار، ومن عرف ما يدعو إليه التقدميون عرف بعض مضمونات هذه المعجزة، ومن عرف تساتير الأحزاب الكافرة والمواثيق السياسية المحاربة للإسلام وكثرة الكتب المضللة التي تنشر في أرض الإسلام رأى مصداق ما ورد في الرواية:

وما المثناة؟ قال: ما كتب سوى كتاب الله.

= والمستدرك (/ 1/ 50).

مجمع الزوائد (7/ 224). وقال: رواه الطبراني في الصغير والأوسط ورجاله ثقات.

960 -

مجمع الزوائد (7/ 326) ولفظه "

ويحسن العمل وتفري في القوم المساءة" قلت وما المساءة؟ قال: "ما كتب سوى كتاب الله". وقال: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.

(1)

انظر: كتاب (إبراهيم أبو الأنبياء) ص: 36.

ص: 974

961 -

* روى أحمد عن حذيفة قال: ذكر الدجال عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "لأنا لفتنة بعضكم أخوف عندي من فتنة الدجال ولن ينجو أحد مما قبلها إلا نجا منها، وما صنعت فتنة منذ كانت الدنيا صغيرة ولا كبيرة إلا لفتنة الدجال".

962 -

* روى البزار عن سمرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول لنا: "إنكم توشكون أن تكونوا في الناس كالملح في الطعام ولا يصلح الطعام إلا بالملح".

963 -

* روى الترمذي عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا تقوم الساعة حتى يكون أسعد الناس بالدنيا لكع بن لكع".

964 -

* روى الطبراني عن معاوية قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يزداد الأمر إلا شدة ولا يزداد الناس إلا شجاً ولا تقوم الساعة إلا على شرار الناس".

965 -

* روى البخاري عن واقد بن محمد رحمه الله عن أبيه عن ابن عمر -أو ابن عمرو -قال: شبك النبي صلى الله عليه وسلم أصابعه، وقال:"كيف أنت يا عبد الله بن عمرو، إذا بقين في حثالة قد مرجت عهودهم وأماناتهم، واختلفوا فصاروا هكذا"، قال: فكيف أصنع يا رسول الله؟ قال: "تأخذ ما تعرف، وتدع ما تنكر، وتقبل على خاصتك، وتدعهم وعوامهم".

961 - أحمد (5/ 389).

وكشف الأستار (4/ 140).

مجمع الزوائد (7/ 335). وقال: رواه أحمد والبزار ورجاله رجال الصحيح.

962 -

كشف الأستار (3/ 291).

والمعجم الكبير (7/ 268).

مجمع الزوائد (10/ 18). وقال: رواه البزار والطبراني وإسناد الطبراني حسن.

963 -

الترمذي (4/ 493) -34 كتاب الفتن، 37 - باب منه. وقال: حديث حسن غريب.

(لكع بن لكع): الحقير التافه، وهي في الأصل: العبد أو اللئيم أو القذر.

964 -

مجمع الزوائد (8/ 13، 14). وقال: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.

965 -

البخاري (1/ 564) 8 - كتاب الصلاة، 88 - باب تشبيك الأصابع في المسجد وغيره.

قال ابن حجر .. "وقد ساقه الحميدي في الجمع بين الصحيحين نقلاً عن أبي مسعود، وزاد هو "قد مرجت عهودهم وأماناتهم واختلفوا فصاروا هكذا". وهذه الزيادة ليست في أحاديث الباب.

ص: 975

وفي (1) حديث عاصم بن محمد بن زيد قال: سمعت هذا من أبي، فلم أحفظه، فقومه لي واقد عن أبيه، قال: سمعت أبي وهو يقول: قال عبد الله: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا عبد الله بن عمرو، كيف أنت إذا بقيت" .. وذكر الحديث.

وفي رواية أوردها رزين (2)، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"كيف بكم وبزمان تغربل الناس فيه غربلة، ثم تبقى حثالة من الناس قد مرجت عهودهم وأماناتهم، واختلفوا هكذا" -وشبك بين أصابعه -قالوا: كيف بنا يا رسول الله؟ قال: "تأخذون ما تعرفون، وتذرون ما تنكرون، وتقبلون على أمر خاصتكم، وتذرون أمر عامتكم".

وفي أخرى (3)، بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ ذكر الفتنة، فقال:"إذا رأيتم الناس مرجت عهودهم، وخفت أماناتهم، وكانوا هكذا" -وشبك بين أصابعه -قال ابن عمرو: فقمت إليه، فقلت: كيف أفعل عند ذلك، جعلني الله فداك؟

قال: "ألزم بيتك، واملك عليك لسانك، وخذ ما تعرف، ودع ما تنكر، وعليك بأمر خاصة نفسك ودع عنك أمر العامة".

966 -

* روى الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كيف أنت يا عبد الله بن عمرو وإذا كنت في حثالة من الناس" قال: فذاك ما هو يا رسول الله؟

(1) البخاري: (1/ 564) الموضع السابق.

قال محقق الجامع: قال الحافظ في الفتح: وصلة إبراهيم الحربي في غريب الحديث له، أقول:[أي المحقق] واللفظ الذي أورده المصنف رواه أحمد في المسند وهو حديث صحيح. ا. هـ.

(حثالة): الحثالة: ما يسقط من قشر الشعير والأرز والتمر، وكل ذي قشر إذا نقي، وحثالة الدهن، وكأنه الرديء من كل شيء.

(المرج): الاختلاط والاختلاف، مرجت عهودهم: إذا اختلفت.

(غربلة): الناس: إماتة الأخيار، وبقاء الأشرار، كما ينقي الغربال من حثالة ما يغربله ورديئه.

(2)

قال محقق الجامع: هذه الرواية عند ابن ماجه ورواه أيضاً أحمد في المسند. وهو حديث صحيح. ا. هـ.

(3)

قال محقق الجامع: هذه الرواية رواها أبو داود وأحمد والحاكم وصححها ووافقه الذهبي وهو كما قالا. ا. هـ.

966 -

مجمع الزوائد (7/ 283). وقال: رواه الطبراني في الأوسط بإسنادين، رجال أحدهما رجال الصحيح.

وابن ماجه (2/ 1307) -36 كتاب الفتن -10 باب التثبيت في الفتنة. وهو عنده بلفظ "كيف بكم وبزمان .. " والباقي نحوه.

ص: 976

قال: ذاك إذا مرجت أماناتهم وعهودهم فصاروا هكذا" وشبك بين أصابعه، قال: كيف أصنع يا رسول الله؟ قال: "تعمل بما تعرف وتدع ما تنكر وتعمل بخاصة نفسك وتدع عوام الناس".

أقول:

في عصرنا كل حزب يأخذ عهداً ومن يتصدر لإمرة الجماعات الإسلامية والمشيخة يأخذون عهوداً، وكل حكم جديد يأخذ عهداً وتختلط العهود ويصبح العهد وكأنه لا قيمة له، ففي الأحاديث معجزة وقعت وتقع، وفيها تعريف للمسلم كيف يتصرف في مثل هذه الأحوال وعلى علماء المسلمين أن يكثروا دائرة الخواص، وأن يكون فيما بينهم تواص وتواصل وتشاور فيما ينبغي.

967 -

* روى البزار عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض الله الله، وحتى يمطر الناس مطراً ولا تنبت الأرض وحتى يكون للخمسين امرأة القيم الواحد وحتى تمر المرأة بالنعل فتقول لقد كان لها مرة رجل".

أقول:

القسم الأول من الحديث يكون بعد وفاة المسيح عليه الصلاة والسلام ووفاة المؤمنين جميعاً، ولقد مرت على بعض المسلمين في الحرب العالمية الأولى الصورة التي ذكرتها تتمة الحديث إذ حشر الرجال للحرب ولم يبق إلا النساء. وقوله عليه السلام:(وحتى تمر المرأة بالنعل): معناه أن المرأة ترى نعال الرجال ولا تجد أصحابها فتذكر أن هذه النعال كان يلبسها ناس ذهبوا.

968 -

* روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

967 - كشف الأستار (4/ 150).

مجمع الزوائد (7/ 331). وقال: في الصحيح بعضه. رواه البزار ورجاله رجال الصحيح.

968 -

مسلم (4/ 2228) 52 - كتاب الفتن وأشراط الساعة -15 - باب سكنى المدينة وعمارتها قبل الساعة.

ص: 977

"ليست السنة بأن لا تمطروا، ولكن السنة أن تمطروا وتمطروا، ولا تنبت الأرض شيئاً".

أقول: من المظاهر التي شهدناها أن ينزل مطر غزير ثم يكون جفاف كثير ثم ينزل مطر غزير ثم يكون جفاف كثير، فلا كثير، فلا تستفيد الأرضون من هذا المطر.

969 -

* روى أحمد عن حذيفة قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الساعة، قال:"علمها عند ربي ولا يجعلها لوقتها إلا وهو ولكن أخبرك بمشاريطها وما يكون بين يديها إن بين يديها فتنة وهرجاً" قالوا يا رسول الله الفتنة قد عرفناها فما الهرج؟ قال: "بلسان الحبشة القتل" قال: ويلقى بين الناس التناكر فلا يكاد أحد يعرف أحداً".

أقول: من مظاهر التناكر في عصرنا أنك تجد أصحاب البناية الواحدة لا يعرف بعضهم بعضاً ولا يزور بعضهم بعضاً.

970 -

* روى مسلم عن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة قال: دخلت المسجد، فإذا عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما جالس في ظل الكعبة، والناس مجتمعون إليه، فأتيتهم، فجلست إليه، فقال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فنزلنا منزلاً، فمنا من يصلح خباءه، ومنا من ينتضل، ومنا من هو في جشره، إذ نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصلاة جامعة، فاجتمعنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "إنه لم يكن نبي قبلي، إلا كان حقاً عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم، وينذرهم شر ما يعلمه لهم، وإن أمتكم هذه جعل عافيتها في أولها، وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها، وتجيء فتنة فيزلق بعضها بعضاً، وتجيء الفتنة، فيقول المؤمن: هذه مهلكتي، ثم تنكشف، وتجيء الفتنة، فيقول المؤمن: هذه هذه، فمن أحب أن يزحزح

= (السنة): الجذب والقحط.

969 -

أحمد (5/ 389).

مجمع الزوائد (7/ 309) وقال: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.

970 -

مسلم (3/ 1473) 33 - كتاب الإمارة، 10 - باب وجوب الوفاء ببيعة الخلفاء، الأول فالأول.

ص: 978

عن النار، ويدخل الجنة، فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم والآخر، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه، ومن بايع إماماً فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه، فليطعه ما استطاع، فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر" قال: فدنوت منه، فقلت: أنشدك الله، أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فأهوى إلى أذنيه وقلبه بيديه، وقال: سمعته أذناي، ووعاه قلبي، فقلت له: هذا ابن عمك معاوية يأمرنا أن نأكل أموالنا بيننا بالباطل وتقتل أنفسنا، والله تعالى يقول:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: 29] فسكت عني ساعة، ثم قال: أطعه في طاعة الله، واعصه في معصية الله.

(ينتضل) الانتضال: الرمي بالسهام.

(جشره) الجشر: المال بمن المواشي التي ترعى أمام البيوت والديار، وقال:"حشر يرعى في مكانه لا يراجع إلى أهله" يقال: جشرنا دوابنا: أخرجناها إلى المرعى نجشرها جشراً، ولا نروح إلى أهلنا.

(فيزلق) أزلقت بعضها بعضاً: دفع بعضها بعضاً، كأن الثانية تزحم الأولى، لسرعة ورودها عليها، ويزلق بعضها بعضاً: يعجلها، والإزلاق: الإعجال. اهـ.

971 -

* روى أبو داود عن أبي البختري رحمه الله قال: أخبرني من سمع النبي صلى الله عليه وسلم -وفي رواية: حدثني رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لن يهلك الناس، أو يعذروا من أنفسهم".

972 -

* روى ابن ماجه عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نذكر الفقر ونتخوفه. فقال "الفقر تخافون؟ والذي نفسي بيده لتصبن

971 - أبو داود (4/ 125) -كتاب الملاحم، باب الأمر والنهي. وإسناده حسن. وفيه:"لن يهلك الناس حتى يعذروا أو يعذروا من أنفسهم".

972 -

ابن ماجه (1/ 4) المقدمة، 1 - باب اتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

(لتخوفه): أي نظهر الخوف. (الفقر) بمد الهمزة على الاستفهام. وهو مفعول مقدم. =

ص: 979

عليكم الدنيا صباً حتى لا يزيغ قلب أحدكم إزاعة إلا هيه، وأيم الله لقد تركتكم على مثل البيضاء، ليلها ونهارها سواء".

قال أبو الدرداء: صدق، والله، رسول الله صلى الله عليه وسلم تركنا، والله، على مثل البيضاء، ليلها ونهارها سواء.

973 -

* روى البزار عن بريدة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما نقض قوم العهد إلا كان القتل بينهم، ولا ظهرت فاحشة في قوم إلا سلط الله عليهم الموت، ولا منع قوم قط الزكاة إلا حبس الله عنهم القطر".

974 -

* روى أحمد عن سمرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يوشك أن يملأ الله عز وجل أيديكم من العجم ثم يكونون أسداً لا يفرون، فيقتلون مقاتلتكم ويأكلون فيئكم".

أقول:

لقد حدث هذا بعد موجات كثيرة من الفتح، يظهر ذلك في مثل معركة بواتيه التي قتل فيها عبد الرحمن الغافقي رحمه الله، وفي استعصاء أوروبا على الغزو العثماني، ثم مقاومة هذا الغزو حتى انحسر، ثم انتقال الكافرين من دور الدفاع إلى الهجوم فأخذوا إسبانيا، واستولوا على أقسام من الأرض في موجات، نشهد في هذا العصر منها الكثير.

975 -

* روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمناً ويمشي كافراً، ويسمي

(إلا هيه): هي، ضمير الدنيا. والهاء في آخره للسكت. أي لا يميل قلب أحدكم إلا الدنيا.

(على مثل البيضاء): المعنى: على قلوب بيضاء نقية عن الميل إلى الباطل، لا يميلها عن الإقبال على الله تعالى السراء والضراء.

973 -

كشف الأستار (4/ 104).

مجمع الزوائد (7/ 269). وقال: رواه البزار. ورجاله رجال الصحيح غير رجاء بن محمد، وهو ثقة.

974 -

أحمد (5/ 11).

وكشف الأستار (4/ 128).

مجمع الزوائد (7/ 310). وقال: رواه أحمد والبزار والطبراني. ورجال أحمد رجال الصحيح.

975 -

مسلم (1/ 110) 1 - كتاب الإيمان، 51 - باب الحث على المبادرة بالأعمال قبل تظاهر الفتن.

ص: 980

مؤمناً ويصبح كافراً، يبيع دينه بعرض من الدنيا".

976 -

* روى الترمذي عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يكون بين يدي الساعة فتن كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمناً، ويمسي كافراً، ويمسي مؤمناً، ويصبح كافراً، يبيع أقوام دينهم بعرض من الدنيا".

أقول:

إن ظهور ما ورد في هاتين الروايتين في عصرنا بين فإنك تجد الإنسان مؤمناً في الصباح ويمسي على شيوعية أو وجودية أو قومية جاهلية أو حزبية كافرة أو ولاء كافر أو انتساب لأنواع من الكفر وأهله، ونجده مؤمناً في المساء ويصبح على شيء مما ذكرناه في الصباح من أجل مصلحة أو منفعة لا تساويان شيئاً.

977 -

* روى البزار عن نهيك بن صريم السكوني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لتقاتلن المشركين حتى يقاتل بقيتكم الدجال على نهر الأردن أنت شرقيه وهم غربيه ولا أدري أين الأردن يومئذ".

أقوال: الظاهر أن الدجال الوارد في هذا الحديث ليس هو الدجال الأكبر، لأن الدجال الأكبر يقتله المسيح في باب لد بفلسطين نفسها وتكون القدس عاصمة الخلافة فلا يتصور وقتذاك أن يكون المسلمون شرقي النهر والدجال غربيه، فالحديث فيه إشارة إلى الوضع الحالي للمسلمين حيث سيطر اليهود وهم جند الدجاجلة على فلسطين فأصبحوا غرب النهر والمسلمون شرقية، وقد حدثت معركة الكرامة بين المسلمين واليهود عندما تجاوز اليهود النهر واندحروا.

= والترمذي (4/ 487) 34 - كتاب الفتن، 30 - باب ما جاء ستكون فتن كقطع الليل المظلم. وقال: هذا حديث حسن صحيح.

976 -

الترمذي (4/ 488) 34 - كتاب الفتن، 30 - باب ما جاء ستكون فتن كقطع الليل المظلم. وقال: هذا حديث غريب، (كقطع): قطع الليل: طائفة منه.

977 -

كشف الأستار (4/ 138).

مجمع الزوائد: (7/ 348). وقال: رواه الطبراني والبزار ورجال البزار ثقات.

ص: 981

978 -

* روى أحمد عن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها" فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ؟ قال: "بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن في قلوبكم الوهن" قيل: وما الوهن يا رسول الله؟ قال: "حب الدنيا، وكراهية الموت".

979 -

* روى أحمد عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لثوبان: "كيف بك يا ثوبان إذا تداعت عليكم الأمم كتداعيكم على قصعة الطعام تصيبون منه". قال ثوبان: بأبي أنت وأمي يا رسول الله أمن قلة بنا؟ قال: "لا أنتم يومئذ كثير ولكن يلقى في قلوبكم الوهن" قالوا: وما الوهن يا رسول الله؟ قال: "حبكم الدنيا وكراهيتكم القتال".

أقول: في هذا الحديث معجزة كبرى من معجزاته عليه الصلاة والسلام، ومن عرف مرحلة وقوع العالم الإسلامي في براثن الاستعمار حتى أصحبت لكثير من الدول الكافرة مستعمراتها، ولا زالت بعض البلدان الإسلامية مستعمرة، ومن عرف موقف الدول الكافرة مما أمسى بمسألة الرجل المريض ويريدون بذلك الدولة العثمانية أدرك مصداق ذلك، وقد ذكر الحديث العلاج، فالعلاج للخلاص من الغثائية: العلم والذكر والخصائص والتخصص، ومن أهم الخصائص الزهد في الدنيا وحب الشهادة في سبيل الله.

980 -

* روى أحمد عن أبي مويهبة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "يا أبا مويهبة إني قد أمرت أن أستغفر لأهل البقيع فانطلق معي"،

978 - أحمد (5/ 278).

وأبو داود (4/ 111) كتاب الملاحم، باب في تداعي الأمم على الإسلام. وهو حديث صحيح.

(تداعى): التداعي: التتابع، أي: يدعو بعضها بعضاً فتجيب.

(الأكلة): جمع آكل.

(غثاء): الغثاء: ما يلقيه السيل.

979 -

أحمد (2/ 359).

مجمع الزوائد (7/ 287). وقال: رواه أحمد والطبراني في الأوسط بنحوه. وإسناد أحمد جيد.

980 -

أحمد (3/ 489).=

ص: 982

فانطلقت معه فلما وقف بين أظهرهم قال: "السلام عليكم يا أهل المقابر ليهنكم ما أصبحتم فيه مما أصبح الناس فيه لو تعلمون ما نجاكم الله منه، أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم يتبع آخرها أولها الآخرة شر من الأولى". ثم أقبل علي فقال: "يا أبا مويهبة: إني قد أوتيت خزائن الدنيا والخلد فيها ثم الجنة وخيرت بين ذلك وبين لقاء ربي عز وجل والجنة" قال: قلت بأبي أنت وأمي فخذ مفاتيح الدنيا والخلد فيها ثم الجنة قال: "لا والله يا أبا مويهبة: لقد اخترت لقاء ربي ثم الجنة" ثم استغفر لأهل البقيع ثم انصرف، فبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجعه النذي قبضه الله عز وجل حين أصبح وفي رواية (1) عنه أيضاً قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي على أهل البقيع فصلى عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات فلما كانت الثالثة قال: "يا أبا مويهبة أسرج لي دابتي" قال فركب ومشيت حتى انتهى إليهم فنزل عن دابته وأمسكت الدابة.

981 -

* روى مسلم عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما، قال: أخبرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بما هو كائن إلى أن تقوم الساعة، فما منه شيء إلا وقد سألته إلا أني لم أسأله: ما يخرج أهل المدينة من المدينة؟

أقول: لقد جلا أهل المدينة المنورة عنها في الحرب العالمية الأولى.

982 -

* روى الطبراني عن ميمونة قالت قال نبي الله صلى الله عليه وسلم لنا ذات يوم: "ما أنتم إذا مرج الدين وسفك الدماء وظهرت الزينة وشرف البنيان واختلف الإخوان وحرق البيت العتيق" وفي رواية: "واختلف الأحبار" بدل الإخوان.

= (1) أحمد الموضع نفسه.

مجمع الزوائد: (9/ 24). وقال: رواه أحمد والطبراني بإسنادين ورجال أحدهما ثقات إلا أن الإسناد الأول عن عبيد بن حنين عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن أبي مويهبة، والثاني عن عبيد بن حنين عن أبي مويهبة.

981 -

مسلم (4/ 2217) 52 - كتاب الفتن وأشراط الساعة -6 باب إخبار النبي صلى الله عليه وسلم فيما يكون إلى قيام الساعة.

982 -

المعجم الكبير (24/ 10).

مجمع الزوائد (7/ 310). وقال: رواه الطبراني ورجاله ثقات.

ص: 983

أقول:

إن بعضاً مما ورد في الحديث نراه في عصرنا عياناً. وقد رمي البيت العتيق يوم حاصر الحجاج ابن الزبير.

983 -

* روى أبو داود عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: كنا قعوداً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر الفتن، فأكثر في ذكرها، حتى ذكر فتنة الأحلاس، فقال قائل: يا رسول الله، وما فتنة الأحلاس؟ قال:"هي هرب وحرب، ثم فتنة السراء، دخنها من تحت قدمي رجل من أهل بيتي، يزعم أنه مني، وليس مني، وإنما أوليائي المتقون، ثم يصطلح الناس على جل كورك على ضلع، ثم فتنة الدهيماء، لا تدع أحداً من هذه الأمة إلا لطمته لطمةً، فإذا قيل انقضت تماذت، يصبح الرجل فيها مؤمناً ويمسي كافراً، حتى يصير الناس إلى فسطاطين، فسطاط إيمان لا نفاق فيه وفسطاط نفاق لا إيمان فيه، فإذا كان ذاكم فانتظروا الدجال من يومه، أو من غده".

أقول: (الدهيماء): تصغير الدهماء، وقد أصبحت تطلق كلمة الدهماء على العامة، وبين كلمة العامة والدهماء صلة واضحة، فلم تزل كلمة سواد الناس تطلق على العامة.

الظاهر أن فتنة الدهماء هو ما نحن فيه، فإنها هي الفتنة التي لم يسلم أحد من ضربة من

983 - أبو داود (4/ 94) كتاب الفتن، باب ذكر الفتن ودلائلها.

(الأحلاس): قال ابن الأثير في النهاية: الأحلاس: جمع جلس، وهو الكساء الذي يلي ظهر البعير تحت القتب، شبهها به للزومها ودوامها. ا. هـ.

(وحرب): الحرب بفتح الراء: ذهاب المال والأهل، يقال: حرب الرجل، فهو حريب: إذا سلب أهله وماله.

(دخنها): إثارتها وهيجها، شبهها بالدخان الذي يرتفع، أي أن أصل ظهورها من هذا الرجل. وقوله "من تحت قدمي رجل" يعني: أنه يكون سبب إثارتها.

(كورك على ضلع): مثل، أي أنه لا يستقل بالملك، ولا يلائمه، كما أن الورك لا تلائم الصلع.

(فتنة الدهيماء): أراد بالدهيماء: السوداء المظلمة.

(فسطاطين): الفسطاط: الخيمة الكبيرة، وتسمى مدينة مصر: الفسطاط، والمراد به في هذا الحديث: الفرقة المجتمعة المنحازة عن الفرقة الأخرى، تشبيهاً بانفراد الخيمة عن الأخرى، أو تشبيهاً بانفراد المدينة عن الأخرى، حملاً على تسمية مصر بالفسطاط، ويروى بضم الفاء وكسرها.

ص: 984

ضرباتها بشكل من الأشكال، إما فكرياً وإما روحياً وإما اقتصادياً وإما سياسياً، وإما أخلاقياً وإما اضطهاداً إلى آخر ما يحسه كل فرد من أفراد هذه الأمة في هذا العصر أنه قد ضرب ضربة من هذه الفتنة. ولكن بعض الناس تكون ضربتهم مميتة وبعضهم تكون ضربتهم طويلة، وبعضهم يصحو بسرعة. وإني لأعرف خياراً من الناس قد فتنوا بشيء ما، ثم فاؤوا.

ولم أذكر شيئاً عن فتنة السراء مع غلبة الظن أنها وقعت، لأن تعيين القائم بها مختلف فيه. فقد كان شيخنا الحامد رحمه الله يعينه، وكنت أرى رأياً آخر، وكلا الرأيين أحتفظ به لأسباب شتى.

984 -

* روى البخاري عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء".

أقول:

لم تظهر فتنة النساء كما ظهرت في عصرنا، إذ ظهرت النساء الكاسيات العاريات المائلات المميلات اللواتي ذكرهن الحديث الصحيح الذي هو من أعلام نبوته عليه الصلاة والسلام.

985 -

* روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صنفان من أهل النار، لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر، يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات، مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها، وإن ريحها لتوجد من مسيرة كذا وكذا.

984 - البخاري (9/ 137) 67 - كتاب النكاح، 17 - باب ما يتقى من شؤم المرأة وقوله تعالى:{إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ} .

مسلم (4/ 2097) 48 - كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، 26 - باب بيان أكثر أهل الجنة ..... إلخ.

والترمذي (5/ 103) 44 - كتاب الأدب، 31 - باب ما جاء في تحذير فتنة النساء. وقال: حديث حسن صحيح.

985 -

مسلم (3/ 1680) 37 - كتاب اللباس والزينة، 34 - باب النساء الكاسيات العاريات المائلات المميلات.

ص: 985

قال ابن الأثير: (كاسيات عاريات): المعنى: أنهن يكشفن بعض أجسامهن، ويسدلن الخمر من ورائهن، فيكشفن صدورهن، فهن كاسيات عاريات، إذ بعض ذلك منكشف، وقيل: هو أن يلبسن ثياباً رقاقاً تصف ما تحتها، فهن كاسيات في ظاهر الأمر، عاريات في الحقيقة.

(مائلات مميلات): مائلات، أي: زائغات عن طاعة الله وعما يلزمهن من حفظ الفروج، ومميلات: يعلمن غيرهن: الدخول في مثل فعلهن، وقيل: مائلات، أي: متبخترات في مشيهن، مميلات، أي: يملن أعطافهن وأكتافهن وقيل: مائلات إلى الشر، مميلات للرجال إلى الفتنة.

(رؤوسهن كأسنمة البخت): أراد تشبيه رؤوسهن بأسنمة البخت بما يكبرن رؤوسهن به من المقانع والخمر والعمائم، أو بصلة الشعور. ا. هـ.

أقول:

ما ذكرناه من شرح للحديث هو بعض ما شرحه به ابن الأثير رحمه الله، ولكن الشرح الحقيقي للحديث هو ما نراه في عصرنا هذا، سواء في ذلك وجود رجال مهمتهم تعذيب خلق الله بالباطل ووجود نساء يتصفن بما ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث حتى إن دقة الوصف في الحديث لما نشاهده عند كثير من نساء عصرنا لهو وحده معجزة من أكبر المعجزات فلقد تفنن كثير من النساء بأنواع من اللباس يظهر معه عري الجميل من الجسد، كما تفنن في أنواع تسريحات الشعر وتقليعات الرؤوس، حتى إن بعض التقليعات سميت في عصرنا بتسريحة السد العالي إشارة إلى نوع من تسريحات الشعور يرتفع بها شعر المرأة فوق رأسها كسنام الجمل، وكل ذلك تفعله الكثيرات وتخرج به أو تظهر به أمام أجهزة الإعلام.

أما المشاهد الأكثر ابتذالاً من ظهور المرأة "بالمايوه" الذي يكشف ما سوى السوأتين في كثير من الأحوال وعرض ذلك في وسائل الإعلام فحدث عنه ولا حرج، فالواقع: الأمر أكبر من أن يصور بالكلمة.

ص: 986

986 -

* روى مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء؛ فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء".

987 -

* روى أحمد عن عبد الله بن بسر قال: لقد سمعت حديثاً منذ زمان إذا كنت في قوم عشرين رجلا أو أقل أو أكثر فتصفحت وجوههم فلم تر فيهم رجلاً يهاب في الله عز وجل فاعلم أن الأمر قد رق.

988 -

* روى أحمد عن أبي أمامة الباهلي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لتنتقضن عرى الإسلام عروة عروة فكلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها وأولهن نقضاً الحكم وآخرهن الصلاة".

989 -

* روى أحمد عن سلمة بن نفيل السكوني قال: كنا جلوساً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال قائل: يا رسول الله هل أتيت بطعام من السماء؟ قال: "نعم، أنزل علي طعام في مسخنة". قال: فهل كان فيها فضل عنك؟ قال: "نعم". قال: فما فعل به قال: "رفع وهو يوحى إلى أني مكفوت غير لابث فيكم ولستم لابثين بعدي إلا

986 - مسلم (4/ 2098) 48 - كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار -26 باب أكثر أهل الجنة الفقراء

إلخ.

وابن ماجه (2/ 1325) 36 - كتاب الفتن، 19 - باب فتنة النساء.

(مستخلفكم فيها): أي: جاعلكم خلفاء من القرون الذين قبلكم، فينظر هل تعلمون بطاعته، أم بمعصيته وشهواتكم. (فاتقوا الدنيا واتقوا النساء): أي احذروا الافتتان بهما.

987 -

أحمد (4/ 188).

مجمع الزوائد (7/ 276). وقال: رواه أحمد والطبراني، وإسناد أحمد جيد.

988 -

أحمد (5/ 251). ورجاله رجال الصحيح.

مجمع الزوائد (7/ 281). وقال: رواه أحمد والطبراني ورجالهما رجال الصحيح، إلا أن في الأصل عن حبيب بن سليمان عن أبي أمامة وصوابه سليمان بن حبيب المحاربي فإنه روى عن أبي أمامة وروى عنه عبد العزيز بن إسماعيل بن عبيد الله.

989 -

أحمد (4/ 104).

والمستدرك (4/ 447) وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. وقال الذهبي: لم يخرجا لأرطاة وهو ثبت والخبر من غرائب الصحاح.

مجمع الزوائد (7/ 206) وقال: رواه أحمد والطبراني والبزار وأبو يعلي ورجاله ثقات.

(مسخنة): قدر كالتور، يسخن فيها الطعام -والتور: إناء يشرب فيه.

ص: 987

قليلاً حتى تقولوا متى وستأتوني أفناداً يفني بعضكم بعضاً وبين يدي الساعة موتان شديد وبعده سنوات الزلازل".

أقول:

قوله عليه الصلاة والسلام (بين يدي الساعة موتان شديد وبعده سنوات الزلازل) يحتمل أن يكون فيه إشارة إلى الحربين العالميتين الأولى والثانية وما أعقبهما من كثرة الزلازل حتى إنك كثيراً ما تسمع عن وقوع زلزلة في مكان ما، وقد يكون فيه إشارة إلى حرب عالمية أخرى يكثر فيها الفناء والبلاء والاحتمال الأكبر إذا وقعت حرب عالمية ثالثة ألا يبقى في الأرض أحد إلا قليلاً.

990 -

* روى أحمد عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد".

991 -

* روى أبو داود عن يزيد بن عميرة، وكان من أصحاب معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه قال: كان لا يجلس مجلساً للذكر، إلا قال حين يجلس: الله حكم قسط، هلك المرتابون، فقال معاذ بن جبل يوماً: إن وراءكم فتناً يكثر فيها المال، ويفتح فيها القرآن حتى يأخذه المؤمن والمنافق، والرجل والمرأة، والعبد والحر، والصغير والكبير، فيوشك قائل أن يقول: ما للناس لا يتبعوني وقد قرأت القرآن؟ وما هم بمتبعي حتى أبتدع لهم غيره، فإياكم وما ابتدع، فإنما ابتدع ضلالة، وأحذركم زيغة الحكيم، فإن الشيطان قد يقول كلمة الضلالة على لسان الحكيم، وقد يقول المنافق كلمة الحق، قال: قلت لمعاذ: وما تدري رحمك الله أن الحكيم قد يقول كلمة الضلالة، وأن المنافق يقول كلمة

= (موتان): بضم الميم، موتان على وزن بطلان،: وهو الموت الكثير الوقوع.

990 -

أحمد (3/ 134).

وابن ماجه (1/ 244) 4 - كتاب المساجد والجماعات، 2 - باب تشييد المساجد. والحديث صحيح.

991 -

أبو داود (4/ 202) كتاب السنة، باب لزوم السنة.

(القسط): العدل.

(زيغة الحكيم): الزيغ، وأراد به: الميل عن الحق، والحكيم: العالم العارف، أراد به: الزلل والخطأ الذي يعرض للعالم العارف، أو يتعمده لقلة دينه.

ص: 988

الحق؟ قال: بلى: اجتنب من كلام الحكيم المشتهرات التي يقال: ما هذه؟ ولا يثنينك ذلك عنه، فإنه لعله يراجع، وتلق الحق إذا سمعته، فإن على الحق نورا.

وفي أخرى قال: بلى، ما تشابه عليك من قول الحكيم، حتى تقول: ما أراد بهذه الكلمة؟

992 -

* روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلس يحدث القوم، إذ جاءه أعرابي، فقال؛ متى الساعة؟ فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه، فقال بعض القوم: سمع ما قال، فكرة ما قال، وقال بعضهم: بل لم يسمع، حتى إذا قضى حديثه، قال:"أين السائل عن الساعة؟ " قال: هاأنا ذا يا رسول الله، قال:"إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة" قال: وكيف إضاعتها؟ قال: "إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة".

993 -

* روى البخاري عن أبي مالك -أو أبي عامر -الأشعريين رضي الله عنهما قال عبد الرحمن بن غنم الأشعري: حدثني أبو عامر -أو أبو مالك الأشعري -والله ما كذبني، سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول:"ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف، ولينزلن أقوام إلى جنب علم تروح عليهم سارحة لهم، فيأتيهم رجل لحاجة، فيقولن: ارجع إلينا غداً، فيبيتهم الله، ويضع العلم، ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة".

وفي رواية أبي داود (1): أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير" .. وذكر كلاماً، قال: "يمسخ منهم آخرين قردة

992 - البخاري (1/ 142) 3 - كتاب العلم، 2 - باب من سئل علماً وهو مشتغل

إلخ.

(وسد الأمر إلى غير أهله): إذا أسند إليه، هذا كناية عن استقامة الناس وانقيادهم إليه واتفاقهم عليه وهو غير أهل لذلك.

993 -

البخاري (10/ 51) 74 - كتاب اللباس، 6 - باب ما جاء فيمن يستحل الخمر ويسميه بغير اسمه.

(الحر): الفرج.

(العلم): الجبل وما يهتدي به في البرية، من بناء أو جدار أو غير ذلك.

(1)

أبو داود (4/ 46) كتاب اللباس، باب ما جاء في الخز. وهو حديث صحيح، ومن ضعفه كابن حزم في المحلى وغيره فما أصاب.

ص: 989

وخنازي إلى يوم القيامة".

أقول:

لقد ظهر استحلال الفروج والحرير والخمر والمعازف في هذه الأمة بأكثر من صورة، فالقائلون بسقوط التكليف يستحلون ذلك، وبعض طوائف الباطنية يستحلون ذلك، وكثير من العامة لا يبالون في ارتكاب هذه المحظورات، وبعضهم يتكلم كلام المستحل.

أما ما ورد من تهديد لأمثال هؤلاء فلا نعرف أنه وقع حتى الآن، وإن كان المسخ المعنوي حاصلاً.

994 -

* روى الطبراني عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يأتي على الناس زمان يتمنون فيه الدجال". قلت يا رسول الله بأبي وأمي مم ذاك قال: "مما يلقون من العناء والعناء".

أقول: لقد مرت على الأمة الإسلامية أحداث ولا زالت تمر تجعل المسلم يتمنى قيام الساعة، ولا تقوم الساعة قبل أن يظهر الدجال لذلك يتمنون ظهور الدجال وما يكون بين يديه من ظهور المهدي عليه السلام وما يعقب ظهوره من نزول المسيح عيسى بن مريم عليه السلام، وهانحن اليوم نجد كثيراً من المسلمين يتطلعون إلى ظهور المهدي عليه السلام كمخرج للإنقاذ، ولكن الظاهر من النصوص أن بيننا وبين ظهوره أمداً كما سنرى والله أعلم.

995 -

* روى ابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا وقعت الملاحم بعث الله بعثاً من الموالي هم أكرم العرب فرساً وأجوده سلاحاً يؤيد الله بهم الدين.

994 - مجمع الزوائد (7/ 284) وقال: رواه الطبراني في الأوسط ورجاله ثقات، ورواه البزار بنحوه ورجاله ثقات. وكشف الأستار (4/ 140).

995 -

ابن ماجه (2/ 1369) 36 - كتاب الفتن، 35 - باب الملاحم.

وفي الزوائد: إسناده حسن، وعثمان بن أبي العاتكة مختلف فيه.

والمستدرك (4/ 548). وقال: هذا حديث صحيح على شرط البخاري، وقال الذهبي: على شرط مسلم وضعفه بعضهم وفي رواية الحاكم: "بعثاً من الموالي من دمشق".

ص: 990

أقول:

الظاهر أن المراد بالملاحم هنا ما حدث من غزو الصليبيين والتتار، فلقد قام أيام هذه الملاحم وبعدها بنصرة الإسلام شعوب غير عربية كالأكراد والأتراك والبربر فيوسف بن تاشفين بربري وصلاح الدين كردي ونور الدين الشهيد تركي، ثم ظهرت دولة آل عثمان فقامت بدور كبير، وهؤلاء وأمثالهم قاموا بحق الله عليهم وبعضهم كان مقره دمشق وبعضهم كان مقره في غيرها، ولا ننسى أن قطزاً صاحب معكرة عين جالوت وبيبرس الذي كان له دور كبير في الجهاد من الموالى، ولا ننسى أن دمشق كانت حاضرة لنور الدين وصلاح الدين وبيبيرس.

969 -

* روى مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تبلغ المساكن إهاب أو يهاب".

قال زهير: قلت لسهيل وكم ذلك من المدينة قال: كذا وكذا مثلاً.

997 -

* روى مسلم عن موسى بن علي عن أبيه، قال: قال المستورد القرشي عند عمرو ابن العاص سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "تقوم الساعة والروم أكثر الناس" فقال له عمرو: أبصر ما تقول قال: أقول ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال لئن قلت ذاك فإن فيهم لخصالاً أربعاً: إنهم لأحكم الناس عند فتنة، وأسرعهم إفاقة بعد مصيبة؛ وأوشكهم كرةً بعد فرة، وخيرهم لمسكين ويتيم وضعيف وخامسة حسنة جميلة: وأمنعهم من ظلم الملوك.

أقول: تطلق كلمة الروم ويراد بها النصارى، والمعروف أن روسيا القيصرية وأوروبا وأمريكا الشمالية والجنوبية كلها واستراليا كلها نصارى، ولا زالت خريطة العالم فيها أكثرية من الروم إذا اعتبرنا سكان أوروبا والقسم الآسيوي من الاتحاد السوفياتي وأمريكا الشمالية والجنوبية يشكلون بالنسبة للعالم حجماً لا بأس به.

966 - مسلم (4/ 2228) 52 - كتاب الفتن، 15 - باب في سكنى المدينة وعمارتها قبل الساعة.

(إهاب): اسم مكان قريب من المدينة.

أقول: ومن رأى النهضة العمرانية الموجودة في زمننا في المدينة المنورة، وامتداد العمران المتصاعد فيها رأى مصداق الحديث.

997 -

مسلم (4/ 2222) 52 - كتاب الفتن وأشراط الساعة، 10 - باب تقوم الساعة والروم أكثر الناس.

ص: 991