الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والسنة، وفيه ما يدل على أن براهما قد أنزل عليه كتاب، فإذا صح النقل فإن براهما يكون رسولًا قد غلا فيه قومه، ألهوه كما فعل النصارى بالمسيح ابن مريم عليه السلام.
ويؤكد (فريد وجدي) في دائرة معارفه ما ذكره (البيروني) مستدلًا بذلك على أن فكرة التثليث الموجودة حاليًا عند البراهمة ليس لها وجود في الكتب البرهمية القديمة.
ب- الديانة البوذية:
ومن الديانات الهندية القديمة: (الديانة البوذية) التي جاءت كما يبدو لتصحيح ما حدث من انحراف في الديانة البرهمية، والمتكلمون عن بوذا يصفونه بصفات الأنبياء ابتداء بنزول الوحي عليه، ثم يغلون فيه غلو النصارى في المسيح ابن مريم عليه السلام حتى إن أبا زهرة في كتابه (مقارنات الأديان) أثبت التوافق بين كثير من عبارات البوذيين في بوذا وعبارات النصارى في المسيح ابن مريم ولا نستطيع أن نعتمد على الروايات المأثورة عن بوذا لأنها كما قلنا سجلت بعد وفاته بفترة طويلة ولا نستطيع أن نجزم بشيء في أمره لكن بعض ما نسب إليه يتفق مع الوحي الذي أنزله الله عز وجل على رسولنا ومن ذلك مثلًا:
أن من تعاليم بوذا: أن على الإنسان أن يكون مقيدًا نفسه بثمانية أمور:.
(أ) الاتجاه الصحيح المستقيم: بأن يتجه إلى أي أمر يريده اتجاهًا صحيحًا مستقيمًا خاليًا من كل سلطان للشهوة واللذة وما تبعثه من أماني وأحلام فاسدة، فيجتهد عند الاتجاه إلى أي أمر في أن يخلص إرادته من شائبة اللذات أو الشهوات، وما يتصل بها من آمال تبعثها وأحلام تثيرها، وفي الجملة ينقي نفسه من كل ما يتصل باللذة عند الاتجاه.
(ب) الإشراق الصحيح المستقيم: وذلك أن الإنسان عند الاتجاه إلى أمر من الأمور اتجاهًا مستقيمًا خاليًا من شوائب اللذات، تعتريه نورانية تجعله يستطيع الوصول إلى حقائق الأشياء من غير أن يرنق نظره أي درن من أدران اللذة، ولا يرين على عقله ما تثيره من أهواء.
(ج) التفكير الصحيح المستقيم: وذلك أن العقل إن خلا من شوائب اللذة، ونال الإشراق الصحيح كان تفكيره مستقيمًا، وكانت العمليات العقلية التي يقوم بها في التفكير في
هذا الأمر مستقيمة لا تؤثر فيها نزعة هوى، ولا جموح شهوة، ولا اضطراب الأماني والأحلام في قلبه.
(د) ولا شك أن هذه المستقيمات الثلاثة السابقة: الاتجاه المستقيم والإشراق المستقيم، والتفكير المستقيم يترتب عليها أمر رابع مستقيم، وهو اطمئنان العقل والقلب إلى فكرة خاصة من بين ما يعرض لها من الأفكار والآراء والأنظار. وذلك هو الإيمان المستقيم، أو الاعتقاد المستقيم الذي يصحبه ارتياح واطمئنان، وبه يصير القلب في روح وريحان من النعيم المعنوي.
(هـ) والذي يتمم الأمور الأربعة السابقة لفظ مستقيم، وذلك بأن يكون نطق الإنسان بما انتهى إليه من فكره مطابقاً تمام المطابقة لاعتقاده، ولما ارتاح إليه، وعمر قلبه بالسرور به.
(و) السلوك المستقيم: وذلك هو الأمر السادس الذي لابد منه لسلوك الممر الوسط، والسلوك المستقيم ما يكون مطابقاً لكل ما قام بالقلب من اعتقاد فيكون العمل على وفق العلم، فلا مجافاة بينهما، ولا مناقضة، بل يكون كل منهما مؤكداً للآخر أو متمماً له.
(ز) الحياة الصحيحة: بأن يكون قوامها هجر اللذات هجراً تاماً وأن يكون كل ما يجري فيها متطابقاً مع السلوك القويم، والعلم الصحيح، ولا يشذ فيها شيء عن مقتضى هذا السلوك وأحكامه.
(ح) الجهد الصحيح: وذلك بأن تكون كل الجهود التي يبذلها الإنسان في سبيل أن تكون الحياة مستقيمة سائرة على مقتضى السلوك، والعلم والحق، ومنع كل ما له صلة باللذات، أو من شأنه أن يثير دواعيها. ويحفز إليها.
هذه هي الأمور التي لو تمت على وجه مستقيم سار الشخص على الجادة، وسلك الممر الوسط الذي يوصل إلى حياة سعيدة خالية من الآلام خلوها من دواعيها، وهي الشهوات واللذات. ا. هـ. (مقارنات الأديان لأبي زهرة).
ومن وصايا بوذا:
(أ) لا تقتل أحداً؛ ولا تقض على حياة حي.
(ب) لا تأخذ مالاً لا يقدم إليك، فلا تسرق ولا تغصب.
(ج) لا تكذب، ولا تقل قولاً غير صحيح.
(د) لا تشرب خمراً، ولا تتناول مسكراً ما.
(هـ) لا تزن، ولا تأت أي أمر يتصل بالحياة التناسلية إذا كان محرماً.
(و) لا ترقص، ولا تحضر مرقصاً ولا حفل غناء. أ. هـ (مقارنات الأديان - لأبي زهرة).
ومن الروايات عنه كما نقل ذلك فريد وجدي في دائرة معارفه:
(كما أنه لا فرق بين جسم الأمير وجسم المتسول الفقير كذلك لا فرق بين روحيهما كل منهما أهل لإدراك الحقيقة والانتفاع بها في تخليص نفسه
…
).
(ومما يريك مذهب البوذية في صورته الحقيقية ما حدث من المحاورة بينه وبين أحد تلامذته، وكان ذلك التلميذ أراد التحول إلى قبيلة (سرونا بارانتا) للمكث بين طهرانيهم ودعوتهم للبوذية، فعلم البوذة أن تلك القبيلة المشهورة بالشراسة وسوء الجوار لا يلينها إلا الثابت الضليع فأراد أن يحول تلميذه عن عزمه، فقال له:
إن رجال قبيلة (سرونا بارانتا) الذين تود أن تسكن بين ظهرانيهم متحمسون قساة سريعو الغضب، وأهل حمية وجحود، فإذا اتفق يابورنا ووجه إليك أولئك الناس ألفاظاً بذيئة خشنة وقحة ثم غضبوا عليك وسبوك فماذا كنت قائلاً؟
فأجابه: أقول لا شك أن هؤلاء قم طيبون لينو العريكة لأنهم لم يضربوني بأيديهم ولم يرجموني بالأحجار.
فقال البوذة: وإن ضربوك بأيديهم ورجموك بالأحجار فماذا كنت قائلاً؟