الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
5 - ديانات ما بين الرافدين
لقد بعث نوح عليه السلام في بلاد ما بين الرافدين، وبعث إبراهيم عليه السلام في مدينة أور من بلاد الرافدين ثم هاجر إلي بلاد الشام، وقد بعث يونس عليه السلام في الموصل من بلاد ما بين الرافدين، ولا زال في بلاد ما بين الرافدين أصحاب دين يسمون الصابئة، وهم يزعمون أنهم ينتسبون إلى إدريس عليه السلام، وإدريس كان قبل نوح عليه السلام ولذالك فغن من المستبعد أن تسلم لهم هذه النسبة، على أن القرآن ذكر الصابئة القدماء في جملة أهل الأديان السماوية ابتداء، قال تعالى:
على أن العلماء التفسير مختلفون هل المراد بالصابئة هنا قدماء صابئة أهل العراق ممن كانوا على دين صحيح، أو المراد بهم كل من ترك الدين الباطل إلى الدين الحق، ولعله من المفيد استكمالاً لأخذ تصور عام أن نذكر شيئًا قدمته الحفريات الأثرية عن رسالة نوح علية السلام وعن بعض ما قيل في الصابئة كأهل دين:
أ- بعض ما تذكره الحفريات عن نوح عليه السلام وقصة الطوفان:
إن كثيرًا من الكتب الدينية السابقة قد تحدثت عن قصة نوح عليه السلام وقصة الطوفان، كما أن قصة الطوفان ذكرت في الكثير من الألواح التي عثر عليها أثناء التنقيب عن الآثار ولا زالت المحاولات حتى يومنا هذا جادة في محاولة الثور على بقايا سفينة نوح على جبل أرارات.
ولكن الألواح التي تحدثت عن الطوفان كتبت بعد آلاف السنين من حادثة الطوفان. وقد رأينا أن الحفريات تثبت أن بين ساراجون الملك ونوح عليه السلام قد حكم بعض الأسر في بلاد الرافدين خمسة وعشرين ألفاً من السنين، ومع عدم الثقة فى دقة ما تقدمه لنا ألواح الحفريات، فإن هناك قاسماً مشتركاً بينهم وهو إثبات حادثة الطوفان، كنموذج على ذلك ننقل ما كتبه العقاد في كتابه إبراهيم عليه السلام قال:
(1) البقرة: 62.
(وتؤلف قصة الطوفان البابلية من اثني عشر فصلاً على حسب البروج: وراوي القصة يسمى (اسدبار) وقد عبر بحر الموت ليصعد إلى السماء ويلقى زستور الذي ارتفع إليها بعد نجاته من الطوفان، والباقي من ألواح هذه القصة في المتحف البريطاني يحكيها على هذا المثال:
(ابن بيتاً واصنع سفينة تحفظ النبات والحيوان، واخزن البذور واخزن معها بذور الحياة من كل نوع تحمله السفينة، وليكن طولها ستمائة قدم في ستين عرضاً .. وتدخل السفينة وتحكم وإغلاقها، وتضع في وسطها الحبوب المتاع والأزواد والخدم والجند، وتضع فيها كذلك أجناس الوحش لحفظ ذريتها
…
وقال الله ليلاً: إني سأرسل السماء مدراراً، فادخل إلى جوف السفينة، وأغلق عليها بابها. وتغطي وجه الأرض وهلك كل ما عليه من الأحياء، وفار الماء حتى بلغ السماء، ولم ينتظر أخ أخاه ولم يعرف جار جاره. ستة أيام وست ليال، والرياح تعصف والأنواء تطغى، ثم كان اليوم السابع فانقطع المطر وسكنت العاصفة التي ماجت كموج الزلزال. سكنت العاصفة وانحسر البحر وانتهى الطوفان، وحج البحر بعد ذلك عجيجة، واستحال الناس طينا وطفت أجسادهم على وجه الماء.
ثم استوت السفينة على جبل نيزار .. وأرسلت أنا الحمامة فذهبت وعادت ولم تجد من مقر تهبط عليه، فأرسلت عصفور السمانة فعاد وما هبط على مكان، وأرسلت الغراب فراح ينهش الجثث الطافية فلم يرجع، ثم أطلقت الحيوانات في الجهات الأربعة وبنيت على رأس الجبل مذبحا فقربت لدية قربانا وفرقته في أنية سبعة وفرشت حوله الريحان ..).
وقد علم المنقبون أن هذه القصة منسوخة من مصدر قديم أقدم منها، فهذه الألواح لا يقل تاريخها عن ألفين وخمسمائة سنة، والمصدر الذي نقلت منه يرجع إلى أوائل الألف الثالثة قبل الميلاد.
وعلم المنقبون في جميع آثار الأرض التي كشفت في العالم القديم أو العالم الجديد إن قصة الطوفان عامة لا تنفرد بها الآثار البابلية، ولا يقل تاريخها في القدم عن تاريخه) اهـ. العقاد (إبراهيم أبو الأنبياء).