الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المقدمة
إنه مع قوله تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} (1)، فقد وُجد من يزعم أنه من أسلم لله من خلال الفلسفة أو من خلال دين من الأديان القديمة، فإنه يكون قد أدى حق الله عليه، وقد قطع الله عز وجل الطريق على أمثال هذه الأوهام فقال:{وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} (2)، وقال تعالى:{فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} (3). وإنه من يعرف الأديان التي عليها الناس اليوم ويقارنها بالإسلام يعرف نعمة الله عز وجل إذ طالبنا بالإسلام وحده ولم يقبل منا غيره، فقد آل أمر الأديان إلى ما لا يطاق عقلاً أو عملاً.
ولعل دراسة بسيطة لبعض الأديان التي كانت زمن إرسال رسول الله صلى الله عليه وسلم ترينا عملياً أنها لا تستحق أن يستمر عليها الإنسان وترينا نعمة الله على البشرية إذ أرسل لها محمداً صلى الله عليه وسلم، قال تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} (4)، لقد بعث محمد صلى الله عليه وسلم ليقطع استمرارية الناس على ما هم فيه من كفر وشرك، وها نحن نجول بك جولة تأخذ بها تصوراً سريعاً عن بعض هذه الشؤون:
إن الرحمة العظمى ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم تظهر في صور كثيرة؛ من ذلك هدى الله عز وجل إلى معرفته الحق وإلى عبادته الحق وإلى صراطه الحق وجعل كتابه معجزة تحوي معجزات وذلك من مظاهر الرحمة، قال تعالى:{يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (5). ومن تأمل ضلال الخلق إلى جهلهم بالله وعدم قيامهم بحقوق عبادته وعبوديته وما يترتب على ذلك من انحراف وظلم ومظالم وأمراض وحروب عرف بعض مظاهر الرحمة الإلهية ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم.
ومن تأمل حال أهل الأديان المعروفة الآن في العالم وقارنها بالإسلام عرف رحمة الله ببعثته محمداً صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي
(1) آل عمران: 19.
(2)
آل عمران: 85.
(3)
البقرة: 256.
(4)
الأنبياء: 107.
(5)
المائدة: 16.
يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (1)، إن هذه الآية فصلت في مظاهر رحمة الله ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم:
إذ دلهم به على تقوى الله وعلى التكافل بين البشر بالزكاة وعلى الإيمان بآيات الله، ودلهم على القدوة الحق وهو رسول الله صلى لله عليه وسلم، ودلهم على ما هو خير وعلى ما هو منكر ووضع عنهم الأثقال والأغلال التي تحملها أصحاب الديانات، ودلهم على الجهة التي يجب أن ينصروها ويناصروها، ودلهم على ما يجب عليهم أن يفعلوه وما يصلحهم في أمر دنياهم وأخراهم، فهذا كله من مظاهر رحمة الله ببعثته محمداً صلى الله عليه وسلم للعالمين.
ومن تأمل الأديان التي عليها الناس اليوم عرف عظمة هذه الرحمة وقيمتها:
فالديانة الكونفوشيوسية في الصين آلت إلى الوثنية والشرك فأتباع كونفوشيوس يعبدون السماء والملائكة وأرواح الآباء ويعتقدون أن السماء عالم حي متحرك، والبقية الباقية عندهم شيء من حكم سياسية أو اجتماعية فليس فيها هداية لله ولا لتعاليمه ولا لعبادته الحق.
والديانة الطاوية في الصين آلت إلى وثنية وسلبية، والسلبية فيها كافية للقضاء على متبعيها؛ فالزهد الطلق والتسامح الطلق وعدم رد العدون كائناً ما كان كل ذلك كافٍ لخراب العالم.
والديانة البرهمية في الهند تقوم على الوثنية وتأليه كل شيء، كما تقوم على مبدأ الطبقات ونظامه القاسي؛ فهناك منبوذون وهناك حرفيون وهناك المحاربون وهناك البراهمة المقدسون، وتقوم على فكرة التناسخ الخرافية التي تدعي أن الروح تنتقل من الإنسان إلى مخلوق أحط منه إن أساء إلا إذا دخل في رياضات تعذيبية لجسده، لو أن كل إنسان طبقها لكانت كافية لخراب هذا العالم. ومن عاداتهم القديمة التي أبطلها الإنجليز أن المرأة تحرق نفسها إذا مات زوجها، ومن عبادات البرهمي أن يمسح جبينه ببول البقر صباحاً ومساءً، والفأر عندهم لا يجوز قتله والبقرة مقدسة.
(1) الأعراف: 156، 157.
والديانة البوذية آلت إلى الوثنية وتعذيب الجسد. ولوأن البوذيين طبقوا ما آلت إليه البوذية تطبيقاً حرفياً لانتهوا وفنوا، فدين هذا شأنه مآل العالم على يديه إلى الهلاك.
والديانة الجينية في الهند تقوم على تعذيب الجسد واحتقار الرأي العام.
والديانة السيخية وهي ديانة حديثة النشوء لا تؤمن بالأنبياء أصلاً فن أين يعرف الإنسان هداية الله أصلاً.
والديانة اليهودية استقرت على الحقد والكبرياء وعلى أحكام لا تقبل التطبيق، ولذلك فإنه مع قيام دولة لليهود فإنها تقوم في أكثر قوانينها على العلمانية رغم شدة حرصهم على إبراز الهوية الدينية.
والديانة النصرانية استقرت على التثليث وعبادة الرسوم والأشكال والتماثيل، وعلى صور من التعذيب للجسد وعلى محاربة الفطرة مما يكفي- لو أن طبق ما يعتبر الأفضل عندهم- إلى خراب العالم، لذلك آلت دول العالم النصراني إلى العلمانية.
والديانة المجوسية آلت إلى عبادة إلهين: أحدهما الشيطان، وإلى عبادة النيران ونكاح الأخت وتقديس الأكاسرة.
من هذا الاستعراض السريع ندرك حكة الله عز وجل ورحمته بالخلق إذ بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، وندرك حكة من الحكم: لماذا لا يقبل الله ديناً غير دين الإسلام.
تعرف على الإسلام وانظر ماذا يكون لو استجاب له كل إنسان، وتعرف على الأديان وانظر كيف يؤول إليه أمر العالم لواستجاب العالم لأي دين منها، فإنك تجد رحمة الله ببعثته محمداً صلى الله عليه وسلم:{لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ * رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً * فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ} (1).
وهاك نقولاً تصف لك صوراً عما في بعض الأديان المعاصرة لتعرف رحمة الله على العالمين ببعثته محمداً صلى الله عليه وسلم وتعرف حكمة من حكم قوله تعالى:
{وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} (2).
(1) البينة: 1 - 3.
(2)
آل عمران: 85.