الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المقدمة
قال تعالى: {وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ} (1).
لقد ذكرت الآية التي صدرنا بها هذا البحث أنه ما من أمة إلا بعث الله لها رسولًا، وقال تعالى:{وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} (2).
وقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} (3).
فدل هذا على أن الأمة ذات اللسان الواحد أرسل لها رسول بلسانها ثم ختم الله الرسالات بمحمد صلى الله عليه وسلم الذي أرسله إلى الناس كافة بهذا القرآن المعجز ليكون حجة الله على العالمين {وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} (4)، {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} (5)، بعض هؤلاء الرسل قص الله علينا من أخبارهم وبعضهم لم يقصص علينا من أخبارهم، قال تعالى:{مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ} (6).
والأمم التي أرسل لها رسول كثيرة، قال عليه الصلاة والسلام:(إنكم تتمون سبعين أمة أنت خيرها وأكرمها على الله ((7) وعلم الآثار والحفريات الحديثة ودراسة التاريخ القديم والتعرف على الأديان البائدة والباقية كشف لنا عن بقايا من أديان حق اختلط بها باطل كثير وضلال كثير.
وليس عندنا ميزان نتعرف به على الحق في الأديان البائدة أو الباقية إلا هذا القرآن وإلا السنة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالقرآن منقول عن رسولنا تواترًا ينقله جيل عن جيل، وقد تولى الله حفظه، والسنة النبوية الثابتة منقولة لنا بنقل العدل الضابط عن العدل الضابط إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم دون انقطاع مع دقة في التحقيق تشمل السند والمتن، لذلك عرفوا
(1) فاطر: 24.
(2)
النحل: 36.
(3)
إبراهيم: 1.
(4)
الأحزاب: 40.
(5)
إبراهيم: 1.
(6)
غافر: 78.
(7)
أحمد (5/ 3).
والترمذي (5/ 226) 48 - كتاب التفسير 4 - باب: ومن سورة آل عمران.
ابن ماجه (2/ 1433) 37 - كتاب الزهد 34 - باب صفة محمد صلى الله عليه وسلم. وهو حديث حسن.
الحديث الصحيح بأنه: ما اتصل سنده بنقل العدل الضابط عن العدل الضابط إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسلم من الشذوذ والعلة. والشذوذ: هو أن يخالف الثقة من هو أوثق منه أو أن يخالف الثقة الثقات، والعلة هي عيب خفي يدركه الحذاق في الرواية وذلك شيء انفرد به دين محمد صلى الله عليه وسلم بأن نصوصه محفوظة منقولة بأسانيد متصلة، بينما لا يستطيع أهل أي دين أن يثبتوا أن لهم أسانيد متصلة إلى المصدر الأول لدياناتهم. فمن المعروف تاريخيًا أن اليهود أعادوا كتابة كتبهم من مروياتهم الشفهية بعد السبي إلى بابل، وأن الأناجيل المعتمدة عند النصارى لا يوجد منه واحد متصل السند إلى المسيح عليه السلام، وأن آثار بوذا سجلت حوالي سنة (350) قبل الميلاد، بينما كان ميلاد بوذا على القول الراجح حوالي سنة (560) قبل الميلاد (أبو زهرة - مقارنات الأديان).
والمعروف أن آثار زرادشت أحرقها الإسكندر المقدوني: (دائرة معارف البستاني)، وليس عند البراهمة أسانيد متصلة إلى رسول، وهكذا قل في كل دين من الأديان، ومن ههنا نقول: إن الميزان الذي نعرف به ما إذا كان هناك بقية من حق في دين من الأديان إنما هو القرآن والسنة النبوية، ووجود شيء من ذلك في دينٍ لا يعني بالضرورة أن هذا الدين أصوله سماوية بل قد يكون تسلل إليه من دين سماوي، والملاحظ أن الدراسة المتعمقة لكثير من نصوص الديانات المندثرة أو الباقية تثبت وجود بعض الموافقات لبعض معاني القرآن والسنة وهذا يؤكد شيئين:
الشيء الأول: أن أصول هذه الديانات كانت سماوية.
والشيء الثاني: أن كل أمة قد أرسل لها رسول، إلا أننا لا نستطيع أن نجزم برسالة أحد ونبوته إلا إذا جاءنا ذلك عن طريق الكتاب والسنة، وذلك لاحتمالات أن يكون بعض من نسب إليهم بقايا الحق هذه من المجددين أو من المتأثرين بآثار الأنبياء أو من أهل الباطل الذين حاولوا إنشاء ديانات هي مزيج من أفكار ومن بقايا أديان متوارثة قديمة.
ومن أجل أن يكون عندك تصور ما عن بقايا حق توافق بعض نصوص الكتاب والسنة في بعض الديانات المندثرة أو الباقية، فإننا ننقل لك بعض النقول عن الديانات المصرية والهندية والفارسية والصينية، أما النصرانية واليهودية فقد أكثرنا من أمثال هذه النقول عن كتبها في التفسير: