الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المقدمة
الإيمان بالملائكة يأتي في ترتيب الأركان الستة كما وردت في الحديث الصحيح الركن الثاني، وهذا يشعر بأهميته بالنسبة لأركان الإيمان عند الذين يرون أن الواو لا تقتضي مطلق الجمع، وعند الذين يعتبرون التقديم مُشعِراً بالأهمية أو بالفضل.
* * *
وأركان الإيمان كلها فطلها القرآن تفصيلاً كاملاً حتى لا يبقى لبس في شأنها، ومن ههنا كان للتفصيل القرآني حول الملائكة ما يكفي ويشفي، ومع ذلك فقد جاء في السُّنة كثير من التفصيلات عن الملائكة وبعض وظائفهم.
* * *
وإذا عرفنا أن كل ما خلقه الله عز وجل إنما خلقه ليتعرف المكلفون به على الله عز وجل، فإنه من المناسب أن نعرف بعض الحكم في خَلْقِهِ جل جلاله الملائكة.
وأول هذه الحكم: أن يعرف الخلق مظاهر قدرته جل جلاله، فالله قادر على أن يخلق: ما هو خير ولا يفعل إلا خيراً كالملائكة. وقادر على أن يخلق: ما هو شرٌّ ولا يفعل إلا شراً كالشياطين. وقادر على أن يخلق: ما هو قابل لفعل الخير والشر كالإنسان، وفي ذلك كله أنت تتعرف على الله عز وجل.
وثاني هذه الحكم: أن يعرف المكلفون عظمة مُلْكِه ومَمْلَكَتِه، وكثرة جنوده، الذين من أعظمهم وأكثرهم الملائكة:{وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ} (1)، {وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} (2).
وثالث هذه الحكم: أن يعرف المكلفون لله تعالى الترتيب والطاعة والنظام فيتطلعون للارتقاء والاقتداء.
ورابع هذه الحكم: أن يعرف المكلفون استغناء الخالق عن طاعتهم فإنه مهما عصى من
(1) المدثر: 31.
(2)
الفتح: 4.
عصى فإن هناك من يطيع.
وخامس هذه الحكم: أن يعرف المكلفون رعاية الله عز وجل لأهل الإيمان ولأهل الأرض من خلال معرفتهم لوظائف بعض الملائكة.
وسادس هذه الحكم: أن يعرف المكلفون جلال الربوبية وعظمة الإلهية.
هذا بالإضافة إلى حِكمٍ كثيرة في السموات والأرض والدنيا والآخرة والتكليف والمكلفين تعرفها من خلال النصوص.
ونصوص القرآن التي تحدثت عن الملائكة أو عن بعضهم كثيرة، ونصوص السنة كذلك كثيرة تجدها في أبواب متعددة؛ ففي سياق الطهارة والذكر والصلاة والدعاء وقراءة القرآن والجهاد والإنفاق والسفر والصور والبيوت والليل والنهار والفلك والملكوت والموت والجنائز، وغير ذلك تجد كلاماً عن الملائكة، ولذلك خص بعض المؤلفين هذا الركن من أركان الإيمان بالتأليف، ولو أراد الإنسان أن يجمع نصوص الكتاب والسنة مع تعليقات وتحقيقات العلماء في شأن الملائكة لجع الكثير الذي يحتاج إلى أكثر من مجلد، وقد اعتمدنا في هذا الكتاب أن نضع في كل فصل من فصوله ما هو ألصق بمضمون الفصل دون استقصاء، تاركين كثيراً من الأمور لسياقها في مواطن أخرى ومن قرأ هذه السلسلة كلها لا يفوته التكامل في الموضوعات وإن فاته الجمع تحت العنوان الواحد.
وفي هذا الفصل سننقل بعض النصوص القرآنية في شأن الملائكة ثم نتبع ذلك بذكر بعض النصوص من السنة.
* * *