الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفقرة السادسة
في:
فتح القسطنطينيَّة الأول
918 -
* روى الدارمي عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: بينما نحن عند النبي صلى الله عليه وسلم نكتب، إِذ سُئِل: أي المدينتين تُفْتَحُ أوَّلاً: قسطنطينيَّة أو روميَّة؟ فقال: "لا بل مدينةُ هَرقَلَ أولاً".
أقول: في هذا الحديث بشارتان: بشارة بفتح القسطنطينيَّة، وبشارة بفتح روما، وقد فتحنا القسطنطينية ولم نفتح روما. وفي ذلك ما يُعْطينا أنه لا يزال بيننا وبين الساعة أمدٌّ نسبيَّاً. فهناك أمور أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حدوثها قبل قيام الساعة لم تقع بعد، ومن جملتها: ظهور الإسلام على العالم كله تحقيقاً لقوله عليه الصلاة والسلام في الحديث.
919 -
* روى أحمد عن المقداد بن الأسود يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يبقى على ظهر الأرض بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله كلمة الإسلامِ بعزِّ عزيزٍ أو ذُلِّ ذليلٍ إما يُعِزِّهم لله عز وجل فيجعلهم من أهلها أو يُذِلَّهم فَيَدِنون لها".
وفي رواية لأحمد أيضاً (1): عن تميم الداري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين بِعِزِّ عزيز أو بِذُلِّ ذليل عِزَّاً يُعِزّ الله به الإسلامَ وذُلَّاً يُذِلُّ الله به الكُفْر". وكان تميم الداري يقول: قد عرفت ذلك في أهل بيتي؛ لقد أصاب من أسلم منهم الخير والشرف والعزّ، وقد أصاب من كان منهم كافراً الذُّلّ والصغار والجزية.
فهذا الحديث يشير إلى أنَّ هذا الظهور يكون قبل نزول المسيح عليه السلام، لأن
918 - الدارمي (1/ 126) المقدمة، 42 - باب من رخص في كتابة العلم. وهو حديث صالح.
919 -
أحمد (6/ 4). وهو حديث صحيح.
(1)
أحمد (4/ 103).
المسيح لا يقبل الجزية، وفي الحديث إشارة إلى الجزية، وسنرى أن هناك نصوصاً تتحدَّث عن فتح آخر للقسطنطينيَّة يكون بين يدي ظهور الدَّجال مباشرة، وأنَّ القائمين بذلك من غير العرب، وسنرى نصوصاً تتحدَّث عن أنَّ العرب يوم ظهور الدَّجَّال يكونون قليلين، وأنَّ الخلافة الإسلاميَّة حين ظهور المسيح الدَّجَّال ونزول عيسى بن مريم تكون بالقدس، والقول المشهور عند العلماء إن المهدي عليه السلام يكون في زمن عيسى عليه السلام، وكل ذلك يشير إلى أن بيننا وبين علامات الساعة الكبرى أمداً نسبيَّاً. والله أعلم.
كما أن هذه النصوص فيها إشارات ضمنيَّة من جملة إشاراتٍ كثيرة نجدها متفرقة في النصوص تدل، على أن اليهود الذين وفدوا إلى فلسطين وقامت لهم دولة في عصرنا ليسوا هم اليهود الذين يقاتلهم المسلمون عند نزول المسيح عليه السلام، إنما هم الذين يفدون مع المسيح الدَّجال. فعاصمة الخلافة وقت ذلك تكون القدسن وقبل ذلك ستكون دولة إسلاميَّة عالميَّة، وكل ذلك يتنافى مع بقاء السلطان الحالي لليهود في فاسطين.
* * *