الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المقدمة
تحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم عما يكون بين يدي الساعة من أحداث كبرى وأحياناُ عن أحداث صغيرة لكنها مهمة، وذلك من معجزاته المتجددة على مدى القرون، فما من عصر تقريباً إلا ولرسول الله صلى الله عليه وسلم أخبار عن غيب تراه هذه الأمة فيه، فيكون معجزة له وعاملاً من عوامل تجديد الإيمان وتعميق اليقين وتثبيت الأفئدة.
إن بعض الأحداث التي مرت أو ستمر في تاريخ العالم أو على الأمة الإسلامية تزلزل القلوب من هولها وفظاعتها، فعندما يكون عند المسلم علم غنها فإنه يتلقاها باليقين بدلاً من أن تكون سبباً لزعزعة هذا اليقين.
وفي ذكر بعض الأحداث إيجاد نوع من الجاهزية عند المسلم للتعامل مع هذه الأحداث إذا وقعت، ثم إن بعض هذه الأحداث لها أحكام شرعية فاقتضى ذلك بياناًً، وبعض هذه الأحكام يقاس عليه أشباهه، وفي ذلك إغناء للشريعة وتنوير للمسلم.
وهناك الدعوات الكافرة أو الضالة التي يدعو إليها مرتدون أو كافرون أو ضالون، وبعض هذه الدعوات تستند إلى شبه في زعمهم، فأن تجيء في أهلها نصوص فذلك قطع لدابر التردد في شأنها عند أهل الإنصاف والهدى.
وفي كثير من الأحيان تأتي حوادث ظالمة مظلمة يظن الناس أنها أبدية، فتأتي النصوص لتوضح جليتها أو توقيتها فيكون ذلك باعثاً على الأمل والعمل.
وهناك حالات ينبغي أن تقطع الدعاوى في شأنها فأن يدعي ممر من المعمرين أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ذلك يترتب عليه ما يترتب، فجاءت النصوص لتحدد عمر الجيل الذي عايش رسول الله صلى الله عليه وسلم ورآه.
ثم إن قيام القيامة يعني نهاية نظام هذا العالم هو أعظم الأحداث بعد خلق العالم، فما هي مقدماته الكبرى أو الصغرة ليعرف ذلك للمسلمون ويبنوا عليه ما ينبغي البناء.
هذا بعض الحكم في ذكر ما يحدث بين يدي الساعة بواسطة الوحي.
* * *
إن النصوص التي تتحدث عما يكون بين يدي الساعة على أنواعها: فمنها ما يتحدث عن دعوات الكفر أو الضلال والفرق التي ستنشق عن جسم الأمة الإسلامية بكفر أو ابتداع.
ومنها ما يتحدث عن بشارات وانتصارات لهذه الأمة. ومنها ما يتحدث عن أحوال ضعف تعتري هذه الأمة. ومنها ما يتحدث عن حالات مرضية تصيب بعض أجيال هذه الأمة. ومنها ما يتحدث عن صراعات كبرى تخوضها هذه الأمة تغلب فيها أو تغلب.
ومنها نصوص تتحدث عن أشخاص بأعيانهم أو أحداث بأعيانها. ومنها النصوص التي تتحدث عن أشراط الساعة الكبرى التي تكون بين يدي الساعة مباشرة.
* * *
وقسم من هذه الشؤون قد مر معنا من قبل أو سير معنا في سياقات موضوعات هذا الكتاب، فقد ذكرنا بابا في قسم السيرة عن بعض ما أخبرنا عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم من غيوب وقعت. ومر معنا أثناء الكلام عن الفرق الإسلامية بعض مما له علاقة بهذا الموضوع. ومر معنا أثناء الكلام عن الصحابة كثير مما أخبر به صلى الله عليه وسلم ووقع. وستمر معنا بعض النصوص بمناسبة الكلام عن مكة والمدينة، أو أثناء الكلام عن الخلافة. وقد نضطر في هذه الشئون لشيء من التكرار، وفي كتابنا الرسول صلى الله عليه وسلم تحدثنا عن عدد من الحوادث المستقبلية التي ستقع بعده وقد وقعت ومنها الذي وقع في عصرنا فليراجع.
* * *
لقد ركز رسول الله صلى الله عليه وسلم بوحي من الله على معانٍ كثيرة فيما يأتي بعده، فتحدث عن الشقاق والخلاف والنزاع والقتال والفتن التي تكون بين أبناء الأمة الإسلامية، وذلك ليعرفها المسلمون فلا يشاركوا في الخطأ، وليتوبوا إذا شاركوا وليعتبروا فلا يكرروا.
وبشر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفتوحات التي ستكون بعده ليندفع المسلمون في عملية الفتح، وليعرفوا أن ذلك من الله فيشكروا، وإذا حدثت انتكاسة فلا ييأسون ولا يستسلمون.
وركز رسول الله صلى الله عليه وسلم على الدعوات الباطلة بعده، سواء جاءت من مدعي نبوة كاذبين أو دعاة ضلالة ليحذر المسلمون وليجتنبوا. وركز على ضعف الالتزام وأنواع من الانحرافات
سيقع فيها بعض المسلمين؛ ليعرفها الصالحون فيعالجوها ويتجنبوها، وليتخذوا الموقف الصحيح من أهلها إذا وقعت. وركَّز على علامات الساعة الصُّغرى ليستأنس المسلمون بذلك فيعرفوا المرحلة التي هم فيها، فعلى ضوء الأحداث التي لم تقع بعد مما أخبر عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم يستطيع المسلمون أن يعملوا ويخطِّطوا، وفي الأصل فقد ربَّانا رسول الله صلى الله عليه وسلم على العمل حتى لو علمنا أن الساعة مصبحة أو ممسية.
وركَّز على أشراط الساعة الكبرى كأهم شيء يتقدَّم تغيير نظام العالم.
وركَّز على أن الساعة تقوم على شِرار الخلق ليُعْرَف للمسلم فضله وفضيلة وجوده، فما دام في الأرض مسلم صالح فلا تقوم الساعة، فوجود المسلم أمانٌ لأهل الأرض جميعاً.
* * *