الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفقرة الرابعة
في:
بعض أحداث المرحلتين: الراشِدة والأمويَّة
مما أخبرنا عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كائن بين يدي الساعة.
889 -
روى البخاري ومسلم عن حذيفة بن اليَمانِ رضي الله عنهما، قال: كنا عند عُمَر، فقال أَيُّكم يَحفظُ حديثَ رسول الله صلى الله عليه وسلم في الفتنة؟ فقلت: أنا أَحْفَظُهُ كما قال. قال: هاتِ، إِنَّكَ لَجَرِيءٌ، وكيف قال؟ قلتُ: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "فِتْنَةُ الرجل في أهلِه ومالِه ونفسٍه وولدِه وجارِه، يكفِّرها الصيامُ والصلاةُ والصدقةُ، والأمرُ بالمعروفِ والنهي عن المنكرِ". فقال عُمَر: ليسَ هذا أريدُ، إنما أريدُ التي تموجُ كموج البحر. قال: قلتُ: مالكَ ولها يا أميرَ المؤمنين؟ إن بينك وبينها باباً مُغْلَقَاً. قال: فَيُكْسَرُ الباب أو يُفْتَح؟ قال: قلتُ: لا، بل يُكْسَر، قال: ذاك أَحْرَى أن لا يُغْلَق أبداً. قال: فقلنا لحُذَيْفة: هل عمر يَعْلَم مَنِ البابُ؟ قال: نعم، كما يعلم أن دُون غَدٍ الليلة، إنِّي حَدَّثته حديثاً ليس بالأغاليطِ. قال: فَهِبْنا أن نسألَ حذيفة: مَنِ البابُ؟ فقلنا لمسروقٍ: سَلْهُ. فسأله، فقال: عُمَر.
ورواه الترمذي (1) إلى قوله: بل يُكْسَرُ. قال: إذاً لا يُغْلَق إلى يوم القيامة. قال أبو وائل: فقلت لمسروق، سَلْ حُذَيْفة عن الباب. فسأله فقالَ: عُمَر.
أقول: هذا الحديث من معجزاته عليه الصلاة والسلام، إذ فيه تصريح باستشهاد عمر وما سيحدث بعد ذلك من فِتَن.
889 - البخاري (2/ 8) 9 - كتاب مواقيت الصلاة، 4 - باب الصلاة كفَّارة.
مسلم (1/ 128) 1 - كتاب الإيمان، 65 - باب بيان أن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً
…
(1)
الترمذي (4/ 524) 24 - كتاب الفتن، 71 - باب حدثنا محمود بن غيلان ..
وقال: هذا حديث صحيح.
(لَجريء) الجرأة: الإقدام على الأمر العظيم.
(بالأغاليط) جمع أغلوطة، وهي المسائل التي يغلَّط بها، والأحاديث التي تذكر للتكذيب.
890 -
* روى الحاكم عن كعب بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا افْتَتَحْتُمُ مِصْرَ فاسْتَوْصُوا بالقِبْطِ". وفي رواية: "فَاستَوصُوا بِأَهلِهَا خَيْرَاً فإنَّ لهم ذِمَّة وَرَحِماً".
891 -
* روى مسلم عن أبي ذر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنكم سَتَفْتَحُونَ أرضاً يُذكَر ُ فيها القِيراطُ فاسْتَوصوا بأهلها خيراً فإن لهم ذمةً ورحماً".
وقال صلى الله عليه وسلم فيما ثبت عنه في الصحيحين (1): "إذا هَلَكَ قَيْصَرُ فلا قَيْصَرَ بعده وإذا هلك كِسْرَى فلا كسرى بعده والذي نفسي بيده ليُنْفِقُنَّ كنوزهما في سبيل الله".
أقول: استؤصلت دولة الأكاسرة سنة اثنتين وثلاثين للهجرة ولم تعد ولن تعود بإذن الله تعالى، واستؤصلت دولة القياصرة بفتح القسطنطينيَّة على يد محمد الفاتح رحمه الله، فبعد أن سقط كسرى لم يظهر كسرى بعده، وبعد أن سقط قيصر لم يظهر قيصر بعده.
892 -
* روى مسلم عن عامر بنِ سعدِ بنِ أبي وقَّاص: كتبتُ إلى جابرِ بن سَمُرةَ مع غلامي نافعٍ: أن أخبرني بشيءٍ سمعتَهُ من رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم. فكتب إليَّ: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في يوم جمعة، عَشِيَّةَ رَجِمَ الأسلميُّ، قال:"لا يزال الدِّين قائماً حتى تقوم الساعةُ، أو أن يكونَ عليكُم اثنا عَشَرَ خليفةً؛ كُلُّهم مِن قُرَيشٍ". وسمعته يقول: "عُصَيبة من المسلمين يفتتحون البيتَ الأبيضَ: بَيْتَ كِسرى- أو آل كِسرى". وسمعتُه يقول: إنَّ بينَ يدي الساعة كذَّابِين، فاحذروهم". وسمعته يقول: "إذا أعطى اللهُ
890 - المستدرك (2/ 553). وقال: صحيح على شرط الشيخين.
ومجمع الزوائد (1/ 62). وقال: رواه الطبراني بإسنادين ورجال أحدهما رجال الصحيح.
(ذمة): الحق والحُرمة، وهي هنا بمعنى الذمام.
(رَحِماً) الرَّحِم: لكَوْنِ هاجر أم إسماعيل منهم.
وقد افتتحها عمرو بن العاص في سنة عشرين أيام عمر بن الخطاب رضي الله عنهما.
891 -
مسلم (4/ 1970) 44 - كتاب فضائل الصحابة، 56 - باب وصية النبي صلى الله عليه وسلم بأهل مصر.
(1)
البخاري (6/ 625) 61 - كتاب المناتب، 25 - باب علامات النُّبوَّة في الإسلام.
مسلم (4/ 2226) 52 - كتاب الفتن وأشراط الساعة، 17 - باب لا تقوم الساعة
…
892 -
مسلم (2/ 1453) 33 - باب الإمارة، 1 - باب الناس تبع لقريش
…
=
أحدَكم خَيْرَاً فليبدأَ بنفسهِ وأهلِ بيته". وسمعته يقول: "أنا الفَرَطُ على الحوضِ".
وفي رواية سِماكِ بن حربٍ (1) عن جابرِ بنِ سَمُرةَ: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لَتَفْتَحَنَّ عِصابةٌ من المسلمين أو المؤمنين كَنْزَ آلِ كِسْرى الذي في الأبيض".
وفي رواية أخرى (2) قال: "لَنْ يَبْرَح هذا الدِّين قائماً يقاتِل عليه عِصابةٌ من المسلمين حتى تقوم الساعةُ".
أقول: قد وجد من خلفاء أمته القريشين الكثير، فالخلفاء الراشدون والخلفاء الأمويون والخلفاء العباسيون كلهم قرشيون، وتخصيص الإثنى عشر خليفة بالذكر إشارة إلى خلفاء يكون لقيام الدين في عصرهم شان خاص، فإذا كان المراد بالحديث الإثنى عشر خليفة الأوَّل في تاريخ لأمَّة الإسلاميَّة، والذين يستكملون بعمر بن عبد العزيز رحمه الله، فالمراد بذلك قيامُ الدِّينِ بسبب من قوَّة اليقين عند الصحابة وكبار التابعين، وفي الرواية أكثر من مُعْجِزةٍ وقَعتْ كفتحِ المدائِن وبعضها قائمٌ، وهو أن هذا الدين لا تزال طائفة تحمله.
893 -
* روى البخاري ومسلم عن أَبي هُرَيرَة رضي الله عنه أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: "لَاتَقُومُ السَّاعةُ حَتَّى تَقْتَتِل فِئَتَانِ مِنَ المُسْلِمِينَ، فَيَكُونَ بَيْنَهُمَا مَقتلَةٌ عَظِيمَةٌ دَعْوَاهُمَا وَاحِدَةٌ".
أقول: الظاهر أن في الحديث إشارة إلى ما وقع بين علي رضي الله عنه من جهة وبين عائشة وطلحة والزبير من جهة أخرى، فكل من الجهتين كانت دعواه نصرة الحق، فالجهتان مجتهدات والصواب مع علي رضي الله عنه، أو ما جرى بين علي ومعاوية رضي الله عنهما
= (الفَرَط): الذي يتقدَّم الورَّاد، فيهيئ لهم الجبال والدِّلاء والحياض ويستقي لهم، وهو فَعَل بمعنى فاعل، يقال: رجل فَرَطٌ، وقوم فرط.
(1)
مسلم (4/ 2227) 52 - كتاب الفتن وأشراط الساعة، 18 - باب لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل
…
إلخ.
(2)
مسلم (3/ 1524) 33 - كتاب الإمارة، 53 - باب قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق
…
" إلخ.
893 -
البخاري (13/ 81) 92 - كتاب الفتن، 25 - باب حدَّثنا مسدد حدثنا يحيى
…
إلخ.
مسلم (4/ 2214) 52 - كتاب الفتن وأشراط الساعة، 4 - باب إذا تواجه المسلمان بسيفيهما.
فكلاهما كان يدعي نصرة الحق، والصواب كان مع علي، وما جرى بين علي والآخرين وردت فيه نصوص كثيرة وكلها من معجزاته عليه الصلاة والسلام، وقد ذكرناها في القسم الأول من هذا الكتاب.
894 -
* روى الترمذي عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده لا تقومُ السَّاعةُ حتى تَقْتُلُوا إِمَامكم، وتَجتَلِدُوا بأَسْيَافكم، ويَرِثُ دُنياكم شِرارُكم".
أقول: في الحديث إشارة إلى قتل عثمان رضي الله عنه، وقد وردت في ذلك نصوص صريحة ذكرناها في القسم الأول، وكلها من معجزاته عليه الصلاة والسلام.
895 -
* روى أبو داود عن سعيد بنِ زيدٍ رضي الله عنه، قال: كنَّا عندَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر فتنةٌ عَظُمَ أَمْرَهَا، فقلنا- أو قالوا-: يا رسولَ الله، لئن أّدْرَكَتْنَا هذه لَنَهْلِكنَّ. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"كَلَّا إنّ بِحَسْبِكم القتل".
قال سعيد: فرأيت إخواني قُتِلوا.
896 -
* روى أبو يعلي عن معاوية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تَزْعُمون أني من آخِرِكم وفاةً ألا وإني من أولكم وفاة وَلَتتَّبِعُني أفناداً يَضْرِبُ بعضُكم رقابَ بعض".
وفي لفظ الطبراني عن معاوية بن أبي سفيان، قال: كنا جلوساً في المسجد إذ خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "إنكم تتحدثون أني من آخركم وفاة ألا وإني من أولكم وفاة وَلَتتَّبِعُني أفناداً يَضْرِبُ بعضُكم بعضاً" ثم نَزَع بهذه الآية: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ
894 - الترمذي (4/ 468) 34 - كتاب الفتن، 9 - باب ما جاء في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وقال: هذا حديث حسن.
وابن ماجه (2/ 1394) 29 - كتاب الفتن، 25 - باب أشراط الساعة.
895 -
أبو داود (4/ 105) -كتاب الفتن والملاحم، باب ما يرجى في القتل. إسناده صحيح.
(بحسْبكم القتلَ) أي: إنَّ القتل كافيكم ومقنعكم.
896 -
مجمع الزوائد: (7/ 206). وقال: رواه أبو يعلي والطبراني في الأوسط والكبير ولفظه فيه عن معاوية .. ، ورجالهما ثقات.
(أفناداً): جماعات متفرقين قوماً بعد قوم.
يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ * وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ * لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ} (1). ثم قال: "لا تبرح عِصابة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين لا يبالون خُذلان من خَذَلهم ولا من خالَفهم حتى يأتي أمر الله على ذلك". ثم نَزَع بهذه الآية: {يَاعِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} (2).
897 -
* روى مسلم عن نافع بن عتبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "تغزون جزيرة العرب فيفتحُها الله ثم فارسَ فيفتحها الله ثم تغزون الرومَ فيفتحها اللهُ ثم تغزون الدجالَ فيفتحه الله".
أقول: في الحديث أكثر من معجزة، منها الإشارة إلى فتح قبرص، وقد كان ذلك، وافتتحها المسلمون في زمن عثمان رضي الله عنه.
898 -
* روى البخاري عن سعيد بن المسيِّب رحمه الله قال: وَقَعَتِ الْفِتْنَةُ الأولى- يعني مقتلَ عثمانَ- فلم يبقَ ن أصحاب بدرِ أحدٌ، ثم وقعت الفتنةُ الثانية- يعني الحرةَ، فلم يبق من أصحاب الحُديْبِيَّة أحدٌ، ثم وقعت الفتنة الثالثة، فلم ترتفعُ وبالناس طَبَاخٌ.
899 -
* روى أحمد عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تَدُورُ رَحَى الإسلام لخمسٍ وثلاثين- أو سِتٍّ وثلاثين، أو سبعٍ وثلاثين- فإن يَهْلِكُوا
(1) الأنعام: 65، 66، 67.
(2)
آل عمران: 55.
897 -
مسلم (4/ 2225) 52 - كتاب الفتن وأشراط الساعة، 12 - باب ما يكون من فتوحات المسلمين قبل الدجال.
898 -
البخاري (7/ 213) 64 - كتاب المغازي، 12 - باب حدثني خليفةُ حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري
…
إلخ.
(طَبَّاخ) أصل الطَّبَّاخ: القوَّة والسِّمَنُ، ثم استعمل في غيره، فقيل: فلان لا طباخ له، أي لا عقل له ولا خير عند، المراد: أنها لم تبقِ في الناسِ من الصحابة أحداً.
899 -
أحمد (1/ 390).
وأبو داود (4/ 98) - أول كتاب الفتن والملاحم، باب ذكر الفتن ودلائلها. وإسناده صحيح. وابن حبان (8/ 231). وصححه في المستدرك (4/ 521). وقال هذا حديث الإسناد. ووافقه الذهبي.
فسبيلُ مَنْ هَلَكَ، وإن يَقُم لهم دينهم: يَقُمْ لهم سَبعين عاماً". قال: قلت: أَمِمَّا بقى، أو مما مضى؟ قال: "مما مضى".
قال ابن الأثير:
تدور رَحى الإسلام، يُقال: دارت رَحى الحرب: إذا قامت على ساقها، والمعنى فيما قيل: إن الإسلام عند قيام أمره على سُنن الإستقامة، والبعد من أحداث الظُّلمة إلى أن تنقضي هذه المدة التي ذكرها وهي خمس وثلاثون سنة، ووجهه: أن يكون قاله وقد بقي عمره صلى الله عليه وسلم خمس سنين أو ست سنين، فإذا انضمَّت إلى مدَّة خلافة الخلفاء الراشدين- وهي ثلاثون سنة- كانت بالغة ذلك المبلغ، وإن كان أراد خمس وثلاثين سنة من الهجرة، ففيها خرج أهل مصر وحصروا عثمان، وإن كانت سنة ست وثلاثين، ففيها كانت وَقْعَة الجمل، وإن كانت سنة سبع وثلاثين، ففيها كانت وَقْعَة صِفِّين. أ. هـ.
أقول:
وأما قوله: (يقم لهم سبعين عاماً): فقد يكون المراد به قيام الدين على سنن الاستقامة، وغلبة أهل الحق على أهل الأهواء والبِدع، حتى تقوم الحجَّة وتوجد الأسس التي يستمر بها الدين الحق على كثرة أهل الضلالة والمنحرفين.
900 -
* روى أحمد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تعوذوا بالله من رأس السَّبعينَ ومن إمارةِ الصبيانِ". وقال: "لا تذهبُ الدنيا حتى تصيرَ لِلُكَعٍ ابنِ لُكَعٍ".
أقول:
وكان أبو هريرة رضي الله عنه يستعيذ من أن تدركه سنة ستين وإمرة الصبيان، وسنة ستين هي السنة التي تأمَّر فيها يزيد بن معاوية، وبعد وفاته أمَّر ابنه معاوية وكان صغيراً
900 - أحمد (2/ 329). ورجاله رجال الصحيح غير كامل بن العلاء وهو ثقة وقال في التقريب: صدوق يخطئ. وكشف الأستار (4/ 126).
مجمع الزوائد (7/ 220). وقال: رواه احمد والبزار ورجال أحمد رجال الصجحيح غير الكامل بن العلاء وهو ثقة. وقال في التقريب: صدوق يخطئ.
(اللُكَع): العبد، واستعمل في الحمق والذم.
ولكنه استقال واعتزل، ثم كانت الفتنة والقتال بين ابن الزبير وبني أُميَّة، فسنة سبعين كانت سنة سبقتها إمرة الصبيان.
901 -
* روى ابن ماجه عن أبي موسى؛ حدَّثَنَا رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ بَيْنَ يَدَي السَّاعة لَهَرْجَاً". قال: قلتُ: يا رسولَ الله، ما الهَرْجُ؟ قال:"القَتْلُ". فقال بعضُ المسلمين: يا رسول الله، إِنَّا نَقتُل الآن في العام الواحد من المشركين كذا وكذا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ليس بقتل المشركين ولكن يقتل بعضكم بعضاً، حتى يقتل الرجل جاره وابن عمه وذا قرابته". فقال بعض القوم: يا رسول الله، ومعنا عقولنا، ذلك اليوم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا. تنزع عقول أكثر ذلك الزمان. ويخلف له هباء من الناس لا عقول لهم".
ثم قال الأشعري: وأيْم الله، إنِّي لأظنها مدركتي وإيَّاكُم. وأيم الله، مَا لي ولكم مِنْها مخرج، إن أدركتنا فيما عَهِد إلينا نبينا صلى الله عليه وسلم، إلا أن نخرج كما دخلنا فيها.
أقول: في الحديث إشارة إلى وقعة الحرة، وما بعدها من قتال على الملك والعصبيَّة دون تعقُّل. والله أعلم.
902 -
* روى ابن ماجه عن أبي ذرِّ؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كيف أنت يا أبا ذرّ، وموتاً يُصيب الناسَ حتى يقومَ البيتُ بالوصيفِ؟ ". (يعني القبر).
901 - ابن ماجه (2/ 1309) كتاب الفتن، 10 - باب التثبيت في الفتنة. والحديث صحيح. ونحوه أحمد (2/ 294).
(لا) أي لا عقل معكم ذلك اليوم، ثمَّ بين ذلك بقوله: تنزع: أي لا يكون ذلك مع عقولكم بل تنزع عقول أكثر ذلك ذلك الزمان، لشدة الحرص والجهل.
(هباء) الهباء الذرات التي تظهر في الكوة بشعاع الشمس. والمراد: الحثالة مع الناس.
(إني لأظنها) أي تلك الحالة.
902 -
ابن ماجه (2/ 1308) 36 - كتاب الفتن، 10 - باب التثبيت في الفتنة.
وأبو داود (4/ 101) كتاب الفتن والملاحم، باب في النهي عن السعي في الفتنة. وهو حسن.
(حتى يقوِّم): من التقويم، أي يقوم البيت بالوصيف.
(بالوصيف): المراد بالبيت القبر، وبالوصيف الخادم والعبد. أي يكون العبد قيمة القبر بسبب كثرة الأموال. وقيل: المراد بالبيت المتعارف. والمعنى أن البيوت تصير رخيصة لكثرة الموت وقلَّة من يسكنها، فيباع البيت بعبدٍ. =
قُلْتُ: مَا خَارَ اللهُ لِي وَرَسُولُهُ. (أَوْ قَالَ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ). قَالَ: "تَصَبَّرْ" قَالَ: "كَيْفَ أَنْتَ وَجُوعَاً يُصِيبُ النَّاسَ حَتَّى تَأْتِي مَسْجِدَكَ فَلَا تَسْتَطِيعَ أَنْ تَرْجِعَ إِلَى فِرَاشِكَ، وَلَا تَسْتَطِيعَ أَنْ تَقُومَ مِن ْ فِرَاشِكَ إِلَى مَسْجِدِك؟ " قَالَ: قُلْتُ اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. (أَوْ مَا خَارَ اللهُ لِي وَرَسُولُهُ). قَالَ: "عَلَيْكَ بِالْعِفَّةِ". ثُمَّ قَالَ: "كَيْفَ أَنْتَ وَقَتْلَاً يُصِيبُ النَّاسَ حَتَّى تَغْرَقَ حِجَارَةُ الزَّيْتِ بِالدَّمِ؟ " قُلْتُ: مَا خَارَ اللهُ لِي وَرَسُولُهُ. قَالَ: "الحَقْ بِمَنْ أَنْتَ مِنْهُ". قَالَ؛ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَفَلَا آخُذُ سَيْفِي فَأَضْرِبَ بِهِ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ؟ قَالَ شَارَكْتَ الْقَوْمَ إِذَاً! فَإِنْ دَخَلَ بَيْتِي؟ قَالَ:"إِنْ خَشِيتَ أَنْ يَبْهَرَك شُعَاعُ السَّيْف، فَأَلْقِ طَرَف رِدَائِكَ عَلَى وَجْهِكَ فَيَبُوءَ بِإِثْمِه وإِثْمِكَ، فَيَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ".
أقول: في الحديث إشارة إلى الطاعون الذي أصاب جيش الصَّحابة في الشَّام، وفيه إشارة إلى المجاعة التي حدثت في زمن عُمَر وسُمِّي عامها عام الرمادة، وفيه إِشارة إلى وقعة الحرة. وكل ذلك قد وقع، ففي الحديث معجزات متعددة وفي الحديث التالي ذِكر لبعض مما مر في هذا الحديث.
9.
3 - * روى أبو داود عن أبي ذر الغِفاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أبا ذَرٍّ". قلتُ: لَبَّيْك يا رسول الله وسعديك
…
فذكر الحدث. كذا قال أبو داود، ولم يذكر لفظه، وقال فيه:"كيف أنت إذا أَصابَ الناسَ موتٌ يكون البيت فيه بالوَصيف؟ " قلتُ: الله ورسوله أعلم- أو قال: ما خارَ اللهُ لي ورسولُه- قال: "عليك بالصبر"- أو قال: "تَصَبَّر"- ثم قال لي: "يا أَبا ذَرٍّ". قلت: لبيك
= (حجارة الزيت) موضع بالمدينة في الحرة سمي بها لسواد الحجارة، كأنها طُلِيَّت بالزيت، أي الدم يعلو حجارة الزيت ويسترها لكثرة القتلى وهذا إشارة إلى وقعة الحرة التي كانت في زمن يزيد.
(بمن أنت منه) أي بأهلك وعشيرتك.
(إن خشيت أن يُبْهِرك شعاع السيف) أي إن غلبك ضوء السيف وبريقه، فَغَطِّ وجهك حتى يقتلك.
(يبوء) باء بالإثمِ يبوء: إذا رجع حاملاً له.
903 -
أبو داود (4/ 101) كتاب الفتن باب النهي عن السَّعي في الفتنة، وهو حديثٌ حسن.
وسعديك. قال: "كيف أنتَ إذا رأيتَ أحجارَ الزيت قد غَرِقَتْ بالدَّم؟ " قلت: ما خار الله لي ورسوله. قال: "عليك بمن أنتَ منه". قلتُ: يا رسول الله، أفلا آخذ سيفي فأضَعْهُ على عاتقي؟ قال:"شاركتَ القومَ إذاً". قلت: فما تأمُرْني؟ قال: "تَلْزَمُ بَيْتَكَ". قُلت: فإن دَخل عليَّ بيتي؟. قال: "إن خشيت أن يَبْهَرَك شعاعُ السَّيف، فألقِ ثوبك على وجهك، يبوء بإثمِكَ وإثمِهِ".
904 -
* روى البخاري عن سعيد بن عَمْرو بن سعيد ين العاص، قال: كنتُ مع مَرْوَانَ وأبي هُريرة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، فسمعتُ أبا هُريرة يقول: سمعتُ الصادقَ الصدوقَ يقول: "هَلاكُ أُمَّتي على يَدَي أُغَلْلِمةٍ من قريش". فقال مروان: غِلْمَةٌ. قال أبو هريرة: إن شئت أن أُسَمِّهم بني فلانٍ وبني فلان.
وفي رواية (2): قال عَمرو بن يحيى بنِ سعيد: أخبرني جدِّي قال: كنتُ جالساً مع أبي هُريرة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة ومَعَنا مروانُ، فقال أبو هريرة: سمعتُ الصادق الصدوق يقول: "هَلَكَةُ أُمَّتي على يَدَيِّ غِلْمَةٍ من قُرَيْشٍ". قال مروانُ: لعنةُ الله عليهم غِلْمَةً؟ فقال أبو هريرة: لو شئتُ أن أقولَ: بنو فلانٍ لَفَعَلْتُ. قال: فكنتُ أخْرُجُ مع جدي سعيد إلى الشام، حين مَلَكَهُ بنو مروانَ، فإذا رآهم غِلماناً أحداثاً، قال لنا: عسى هؤلاء الذين عَنى أبو هُريرة، فقلت: أنتَ أعلمُ.
905 -
* روى الطبراني عن عُمَيْرِ بنِ سعيدٍ، قال: كنا جلوساً مع ابن مسعود، وأبو موسى عندَه، وأخذ الوالي رجلاً فَضَرَبَهُ وحَمَلَهُ على جملٍ. فجعل الناسُ يقولون الجملُ الجملُ. فقال رجلٌ: يا أبا عبدِ الرحمن هذا الجملُ الذي كنَّا نسمعُ. قال: فأينَ البَارقةُ.
904 - البخاري (6/ 612) 61 - كتاب المناقب، 25 - باب علامات النبوة في الإسلام.
(الصادق الصدوق): هو النبي صلى الله عليه وسلم، وصَدَق في قوله وما أخبر به، وصدَّق فيما جيء به إليه من الوحي.
(أَغْيْلِمة) تصغير: أغلمة في التقدير
(1)
البخاري: (13/ 9) 93 - كتاب الفتن، 3 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم:"هلاك أمتي على يدي أغيلمة سفهاء".
905 -
مجمع الزوائد (7/ 327). وقال: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
أقول:
تشير الرواية إلى أن الصحابة كان عندهم علم عن رسولهم عليه الصلاة والسلام بأن أمراءَ سيستعملون أنواعاً من العقوبات؛ منها عقوبة التشهير بإركاب المعاقَب على جملٍ والتشهير به. والبارقة: السيوف.
906 -
* روى الترمذي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "في ثَقِيفٍ كَذَّابٌ وَمُبِيرٌ".
قال الترمذي: ويقال: الكذَّاب: المختارُ بن أبي عُبَيْد، والمبير: الحجَّاج بن يوسفَ.
907 -
* روى البخاري عن الزبير بن عُدَي، قال: دَخَلْنا على أنس بن مالك فَشَكَوْنا إليه ما نَلْقي من الحَجَّاجِ، فقال:"اصْبِرُوا، لا يأتي عليكم زمانٌ إلا الذي بعدَه شرٌّ منه، حتى تَلْقَوْا ربَّكم". سمعتُ هذا من نبيكم.
أقول:
قوله: "حتى تلقوا ربكم": هل المراد جيل الصحابة أو المراد الأمة الإسلامية بإطلاق؟ أرجع الأول للحديث الحسن: "أُمَّتي كالمطر لا يُدرى أوَّله خيرٌ أم آخره".
وقد حمله بعضهم على العموم، واعتبر ما يحدث من تجديد في القرون، وما يحدث من انتعاشات وانتصارات للإسلام لا يتنافى مع إطلاق الحديث، فالحديث لا ينفي أنه لا يوجد خير بعد الزمن الأول، ولكن الخيريَّة نسبيَّة فهي تتضاءل بمجموعها في الزمن اللاحق بالنسبة للزمن السابق. وأرجح أن الحديث خاص بجيل الصحابة.
906 - الترمذي (4/ 499) 24 - كتاب الفتن، 44 - باب ما جاء في ثقيف كذاب ومبير. وهو حديث صحيح.
(المبير): المهلك، من البوار: الهلاك.
907 -
البخاري (13/ 19) 92 - كتاب الفتن، 6 - باب لا يأتي إلا بعده شر منه.
والترمذي (4/ 492) 24 - كتاب الفتن، 25 - باب "منه". وقال: هذا حديث حسن صحيح.
908 -
* روى أحمد عن الشعبي قال: سمعت عبد الله بن الزبير وهو مستند إلى الكعبة، وهو يقول: ورب الكعبة لقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلاناً وما ولد من صلبه.
أقول:
اللعنة تنصبُّ على الكافرين من أبناء الحكم، وهذا التخصيص لا بد منه؛ لأن من أسلم من ذريَّة الحكم لا تنصب عليه اللعنة إلا إذا كان في قلبه نفاق أو عمل أعمالاً يستحق بها اللعنة.
909 -
* روى البزار عن عبد الله البَهيِّ مولى الزبير قال: كنتُ في المسجد ومروان يَخطبُ فقال عبد الرحمن بن أبي بكر: والله ما استخلف [أي رسول الله صلى الله عليه وسلم] أحداً من أهله. فقال مروان: أنت الذي نزلت فيك: {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا} (1). فقال عبد الرحمن: كَذّبْتَ ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لَعَنَ أباك.
910 -
* روى احمد عن عبد الله بن عمرو قال: كنا جلوساً عند النبي صلى الله عليه وسلم وقد ذهب عمرو بن العاص يلبس ثيابه ليلحقتي فقال ونحن عنده: "ليدخلن عليكم رجلٌ لعين". فوالله ما زلت وجلاً أتشوف خارجاً وداخلاً حتى دخل فلان (يعني الحكم).
وعن أبي هريرة (2) أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في منامِهِ كأنَّ بني الحكم يَنْزَونَ على مِنْبَرِهِ
908 - أحمد (4/ 5). وكشف الأستار (2/ 947). والمعجم الكبير (4/ 481).
مجمع الزوائد (5/ 241) وقال: رواه أحمد والبزار إلا أنه قال: لعن الله الحكم وما ولد على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم، والطبراني
…
بنحوه وعنده رواية كرواية أحمد، ورجال أحمد رجال الصحيح.
909 -
كشف الأستار (2/ 247). مجمع الزوائد (5/ 241) وقال: رواه البزار وإسناده حسن.
(1)
الأحقاف: 17.
910 -
أحمد (2/ 163). وكشف الأستار (2/ 247).
مجمع الزوائد (5/ 241) وقال: رواه أحمد والبزار إلا أنه قال: دخل الحكم بن أبي العاص، والطبراني في الأوسط ورجال أحمد رجال الصحيح.
(2)
مجمع الزوائد (5/ 243). وقال: رواه أبو يعلي ورجاله رجال الصحيح غير مصعب بن عبد الله بن الزبير وهو ثقة.
ويَنزِلون، فأَصْبَحَ كالْمُتَغَيِّظِ، وقال:"مالي رأيتُ بني الحكم يَنْزَونَ على منبري نَزَوُّ القِرَدَةِ". فما رأيته صلى الله عليه وسلم مُسْتَجْمِعَاً ضاحِكاً بعدَ ذلك حتى مات.
911 -
* روى الترمذي عن هشام بن حسَّان، قال: أُحْصِي ما قَتلَ الحجَّاج صَبْرَاً، فَوُجِدَ مائةَ ألفٍ وعشرين ألفاً.
912 -
* روى أحمد عن عمر بن الخطاب قال: وُلِدَ لأخي أم سلمةَ زوج النبي صلى الله عليه وسلم غلامٌ فسَمَّوْهُ الوليدَ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "سميتُموه باسم فَراعِنَتِكُم لِيَكونَنَّ في هذه الأمة رجل يقال له الوليدُ لهو أشرُّ على هذه الأمةِ من فرعون لِقومِهِ"
أقول: لعل المراد بالحديث هو الوليد بن يزيد بن عبد الملك، وكان من شأنه أن استغرق باللهو وظهرت عليه أمارات الجبروت، وقد قتله بنو أُميَّة أخيراً.
وكان الأوزاعي يحمل هذا الحديث على ما ذكرناه كما أورده ابن الحجر في الفتح. وذكر له ابن حجر شاهداً عن أم سلمة أخرجه إبراهيم الحربي في "غريب الحديث" من رواية محمد ابن إسحق عن محمد بن عمرو عن عطاء عن زينب بنت أم سلمة عن أمها قالت: دخل عليَّ النبي صلى الله عليه وسلم وعندي غلام من آل المغيرة اسمه الوليد، فقال:"من هذا؟ " قلت: الوليد، قال:"قد اتخذتم الوليد حنانا، غيروا اسمه فإنه سيكون في هذه الأمة فرعون يقال له الوليد"(1).
= (يَنْزَوْن): يُقَال نَزَوْتُ عَلَى الشَّيْءِ أَنْزُو نَزْوَاً، إذا وَثَبْتُ عليه.
ويقال: نَزَا يَنْزُو نَزَاءٌ ونَزْوَاً ونَزْوَاناً.
911 -
الترمذي (4/ 499) 24 - كتاب الفتن، باب ما جاء في ثقيف .. إلخ. وإسناد الترمذي إلى هشام بن حسَّان صحيح (صبراً) قتلته صبراً: إذا حبسته على القتل، فكل من فتل في غير حرب ولا اختلاس- كمن يُضرب عنقه، أو يُحبَس إلى أن يموت، أو يُصلَب، أو نحو ذلك من هيئات القتل- فهو مقتول صبراً.
912 -
أحمد (1/ 18). مجمع الزوائد (7/ 313). وقال: رواه أحمد ورجاله ثقات.
(1)
انظر فتح الباري (10/ 580/581).
913 -
* روى أحمد عَنْ أَبِي بُرْدَةَ؛ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ مَسْلَمَةَ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: "إِنَّهَا سَتَكُونُ فِتْنَةٌ وفُرْقَةٌ واخْتِلَافٌ. فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ، فَاتِ بِسَيْفِكَ أُحُدا، فَاضْرِبْهُ حَتَّى يَنْقَطِعَ. ثمَّ اجْلِسْ فِي بَيْتِكَ حَتَّى تَأْتِيكَ يَدٌّ خَاطِئَةٌ، أَوْ مَنِيَّةٌ قَاِضيَةٌ".
فَقَدْ وَقَعَت. وَفَعَعلْتُ مَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
أقول: ما أخبر عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم قد وقع وشارك بعض الصحابة في قتال مجتهدين وبعضهم اعتزل، وكان ممن اعتزل محمد بن مسلمة، والسؤال كيف لم يعتزل بقية الصحابة مع وجود مثل هذه الروايات؟ والجواب أنه بالإمكان حمل مثل هذه الرواية على أنها فتوى خاصة لأناس مخصوصين.
914 -
* روى البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو على المنبر: "ألا إن الفتنةَ هاهُنا" ويُشِيرُ إلى المشرق. "من حيثُ يطلَع قَرْنُ الشَّيْطَانِ" وفي رواية قال- وهو مستقبِل المشرق: "هَا، إن الفتنة هاهنا" ثلاثاً- وذكره. وفي أخرى (1) أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم وهو مستقبِل المشرق- يقول: "ألا إن الفتنة هاهنا من حيث يطلعُ قرنُ الشيطان".
وللبخاري (2) قال: قام النبي صلى الله عليه وسلم خطيباً، فأشار نحو مسكنِ عائشةَ، فقال:"هنا الفتنة- ثلاثاً- من حيث يطلع قرن الشيطان".
وللبخاري (3) بزيادة في أوله: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اللهم بارِكْ لنا في شامِنا، اللهم بارِك لنا في يَمنِنا". قالوا: وفي نَجْدِنا، قال: " اللهم بارِكْ لنا في شامِنا،
913 - أحمد (3/ 493). وابن ماجه (2/ 1310) 36 - كتاب الفتن، 10 - باب التثبيت في الفتنة. وهو حديث صحيح.
914 -
البخاري (12/ 45) 92 - كتاب الفتن، 16 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم:"الفتنة من قِبَل المشرق".
مسلم (4/ 2228)، 52 - كتاب الفتن وأشراط الساعة، 16 - باب الفتنة من المشرق
…
(1)
البخاري (13/ 45) 92 - كتاب الفتن، 16 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم:"الفتنة من قِبَل المشرق".
(2)
البخاري (6/ 210) 57 - كتاب فرض الخمس، 4 - باب ما جاء في بيوت أزواج النبي
…
(3)
البخاري (13/ 45) 92 - كتاب الفتن، 16 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم:"الفتنة من قِبَل المشرق"
اللهم بارِك لنا في يَمنِنا". قالوا: وفي نجدِنا؟ قال: "اللهم بارِكْ لنا في شامِنا، اللهم بارِك لنا في يَمنِنا". قالوا: يا رسول الله، وفي نجدِنا؟ فأظنه قال في الثالثة:"هنالك الزَّلازِلُ والفِتَنُ، ومنها يطلِعُ قَرْنُ الشَّيطَان". وقد اختُلف على ابن عَوْنٍ فيهِ، فروى عنه مسنداً، وروى عنه موقوفاً على ابن عمر من قوله.
وله في رواية أخرى (1) قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يشير إلى المشرق، ويقول:"ألا إن الفتنة ها هنا من حيث يطلع قرن الشيطان".
ولمسلم (2) قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيت عائشة، فقال:"رأسُ الكُفْرِ من ها هنا، من حيث يطلع قرن الشيطان".
وفي أخرى له (3) عن سالم: أنه قال: يا أهل العراق، ما أَسْأَلَكُم عن الصغيرة، وأَرْكَبَكُم للكبيرة!! سمعتُ أبي عبد الله بن عمر يقول: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الفتنة تجيء من ها هنا"- وأومأَ بيده نحو المشرق- "من حيث يطلعُ قَرْنُ الشيطان". وأنتم يَضرِبُ بعضكم رِقابَ بعضٍ، وإنما قَتَل موسى الذي قَتَلَ من آل فرعون خطأً، فقال الله له:{وَقَتَلْتَ نَفْسًا فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا} طه: 40.
وفي أخرى (4) له أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قام عند باب حفصةَ- وقال بعض الرواة: عند باب عائشةَ- فقال بيده، نحو المشرق:"الفتنة ها هنا، من حيث يطلع قرن الشيطان"- قالها مرتين أو ثلاثاً.
915 -
* روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رأسُ الكُفْرِ نَحْو المَشرقِ، والفَخْرُ والخُيلاءُ في أهل الخيْلِ والإبلِ: الفَدَّادينَ
(1) البخاري (6/ 226) 59 - كتاب بدء الخلق، 11 - باب صفة إبليس وجنوده.
(2)
مسلم (4/ 2229) 52 - كتاب الفتن وأشراط الساعة، 16 - باب الفتنة من المشرق من حيث يطلع قرن الشيطان
(3)
مسلم: الموضع السابق.
(4)
مسلم: الموضع السابق.
915 -
البخاري (6/ 250) 59 - كتاب بدء الخلق، 15 - باب خير مال المسلم غنم يتبع بها شغف الجبال.
مسلم (1/ 72) 1 - كتاب الإيمان، 21 - باب تفاضل أهل الإيمان. =
أهلِ الوبرِ، السكينةُ في أهل الغنم".
ولمسلم (1) أنه قال: "الإيمانُ يمانٍ، والكفرُ قِبَلُ المشرق، والسكينةُ في أهل الغنم، والفخر والرياءُ في الفدَّادين أهلِ الخير والوبر".
916 -
(2) اري عن ابن مسعودٍ البَدْري رضي الله عنه، يبلُغُ به النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من ها هنا جاءتِ الفتنُ نحو المَشرقِ، والجَفاءُ والقسوةُ وغِلَظُ القلوبِ في الفدَّادين، أهلِ الوبَر عند أصولِ أذناب الإبل والبقر، في ربيعةَ ومُضَرَ".
أقول: في النصوص التي مرَّت آنفاً ذِكر المشرق بإطلاق، وذكرت نجد والعراق: إن كان المراد بنجد نجداً المعروفة ففي النص إشارة إلى مسليمة الكذَّاب وفتنة القرامطة وأمثال ذلك، وأمَّا العراق فقد ظهرت فيها الخارجيَّة وفتنة الحجَّاج، وفي كل الأحوال ففي النصوص معجزة وقعت.
تعقيب: لقد كثرت الأحاديث التي تتحدَّت عما سيكون بعده عليه الصلاة والسلام في جيل الصحابة، وعن مرحلة الخلافة الراشدة والأمويَّة، فإنك تجد مئات المعجزات أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها كائنة ووقعت.
ولقد مرَّ معنا في هذا القسم الكثير منها أثناء الكلام عن الفرق والفتن خاصة فتنة الخوارج، أمَّا القسم الأكبر منها فقد مرَّ معنا في قسم السيرة النبويَّة أثناء الكلام عن النبوءات وعن تراجم الأزواج والآل والخلفاء الراشدين وبعض الصحابة مما يعتبر كله جزءاً من هذه الفقرة، فليراجع رسالته عليه الصلاة والسلام، فكيف وأعلام رسالته أكثر من أن يُحاط بها.
* * *
=والموطأ (2/ 970) 54 - كتاب الاستئذان، 6 - باب ما جاء في أمر الغنم.
(1)
مسلم (1/ 72) 1 - كتاب الإيمان، باب تفاضل أهل الإيمان.
916 -
البخازي (6/ 526) 61 - كتاب المناقبظن 1 - باب قول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى} .
(الجفاء): الغِلظة والقسوة والصلابة.