الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكرامة أدنى من بني الإنسان؛ لقوله تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} (1)، والجن يستطيعون الصعود إلى طبقات الجو العليا ويرصدون خبر السماء، قال تعالى على لسان الجن:{وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا} (2) ومعنى لمسنا: قصدنا كما فسرها العلماء، وللجن قدرات خارقة نتعرف عليها مما ورد في قصة سليمان عليه السلام في القرآن، ولو أن المتتبعين لبعض الظواهر الأرضية نظروا بعين الإنصاف لوجودوا أن كثيرًا من هذه الظواهر لا تعلل إلا إذ أعطينا للجن دورًا في صنعها، فقد قرأت مرة عن منطقة عبدت وصيغت صياغة لا يمكن أن تكون كذلك إلا إذا كانت هنالك جهة تشرف عليها إشرافًا علويًا، وتوجه العاملين على الأرض، ومثل هذا لا تفسير له في الماضي إلا أن يكون للجن صلة بهذا الموضوع، وقصة سليمان عليه السلام في القرآن تعطينا دليلاً قطعيًا على أن للجن دخلاً في بعض الأوابد التي أنشأها سليمان عليه السلام، وبالجملة فإنني أميل إلى أن بعض الأوابد الحاضرة التي لا تعلل بطاقة الإنسان قديمًا، ولا بإمكاناته العلمية، يمكن أن يكون للجن دخل فيها.
ولم تزل البشرية ولا تزال تحدثنا عن ظواهر ليس لها تعليل إلا بوجود عالم من الجن، ولم يزل أفراد يوجدون في كل مكان لهم صلة بالجن، ولم يزل هناك أفراد يشكون من حالات لا تعلل إلا بوجود الجن.
فائدة:
حاول بعض العلماء المربين في هذه الأمة أن يوجدوا قواعد وضوابط لتخريج الوارث الكامل أو الولي المرشد، وقد كتب كثير من العلماء في شروط المرشد الكامل، وما يجب أن يتوافر فيه من كمالات وصفات ومعارف، ولقد كان من رأي أحد شيوخنا أنه لا يكمل المرشد -حتى يكون صالحًا للإرشاد- إلا بمعرفته لآلية عمل الشيطان؛ فإن الذي يعرف أخلاق الشيطان وخطواته ومداخله على النفس البشرية هو الذي يستطيع أن يجنب نفسه وإخوانه مداخل الشيطان، ومثل هذا المرشد هو الذي يعرف الكمالات الإنسانية التي إذا تحقق بها
(1) الإسراء: 70.
(2)
الجن: 8.
الإنسان خرج من أثر الشيطان وكيف يوصل إليها {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} (1).
إن فقه مداخل الشيطان على الأنفس من أعظم أنواع الفقه، فإنما يصرف الإنسان عن الله واليوم الآخر الشيطان والنفس والهوى والدنيا.
والشيطان حادي ركب أهل النار.
ولقد حاول شيخنا الذي أشرت إلى فكرته أن يضع سلمًا لمسيرة الإنسان من الحضيض إلى الكمال، ومما ذكره أن الإنسان غير المعصوم إن استوفى كمالاته لم يبق للشيطان عليه مدخل إلا من قبل شهواته الحسية أو المعنوية.
ومن الشهوات المعنوية حب الجاه الدنيوي والتصدر الدنيوي والرئاسة التي لا يقصد بها وجه الله واليوم الآخر.
* * *
(1) الأعراف: 201.