الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوصل الثاني
في:
تحضير الأرواح
أخذت ظاهرة تحضير الأرواح حيزًا كبيرًا من تفكير الناس في عصرنا وفي القرن الماضي وذلك أن الناس أرادوا أن يتعلقوا بشيء غيبي بعد أن وصلت موجة الدعوة المادية إلى ذروتها وموجة التشكيك إلى غايتها، ولو أن الناس عرفوا حقيقة النبوة والرسالة وعرفوا القرآن والسنة وما فيهما من معجزات وعرفوا الولاية لأهل الولاية لما احتاجوا إلى التمسك بالظنيات والوهميات ولكن وضع العصر وما جرى فيه جعل الكثيرين يهتمون بالظواهر التي تدحض فرية المادية ومن ههنا أقبلوا على تتبع ظاهرة التلباثي وظاهرة التنويم المغناطيسي وظاهرة الأحلام وظاهرة تحضير الأرواح، وكلها ظواهر تثبت أن في الإنسان وفي الكون خفايا غيبية وإن اختلفت في الناس منازع التحليل والتعليل. والذين تحدثوا عن ظاهرة تحضير الأرواح اختلفوا فمنهم: من نفاها كلية واعتبروها شعوذة وكذبًا، ومنهم: من أثبتها وأخذ يتلقى عنها وكأنها وحي معصوم، وهؤلاء وهؤلاء أفرطوا فمن أعطى العصمة في أمر الغيب لغير الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام فقد كفر، ومن اعتبر أن هناك جهة يتلقى عنها تشريعًا غير الوحي وما بني عليه باجتهاد من أهله فقد كفر. والظاهر أن مجموع ما يجري في حوادث تحضير الأرواح يثبت أن هناك شيئًا غير عادي يحدث فما هو التعليل الصحيح؟.
يذهب الشيخ حسن أيوب في رسالته: (مع رسل الله وكتبه واليوم الآخر) أن كل ما يظهر من ظواهر في عمليات تحضير الأرواح يمكن أن تعلل بأنها من آثار عمل الجن والشياطين وينفي إمكانية أن تكون روح من أرواح الإنس يمكن أن يكون لها علاقة بهذا الشأن، والذي ذهب إليه هو الذي ترتاح له النفس ويطمئن القلب، ومن كلامه:
(يمكن للجني أن يقلد أية شخصية حية أو ميتة بعد موتها، لأن أعمار الجن تصل أحيانًا إلى مئات السنين، كما ثبت ذلك في بعض الأحاديث والآثار، كما أن تكليم الجني للإنسان على لسان إنسان آخر أمر ثابت وتحريك الجني لقلم يكتب، أو سلسلة ترسم بوساطة قلم، أو لأثاث حجرة ليكسر أو لغير ذلك مما نسمع عنه أمر ممكن وواقع فيما مضى ويقع الآن كثيرًا، والمتتبع لهذا الأمر يجد الغرائب التي لا شك فيها) ا. هـ.
ومن كلام الشيخ سعيد رمضان البوطي في كبرى اليقينيات عن تحضير الأرواح:
(وكما أن في الناس أشرارًا دأبهم الكذب والتلاعب بعقول الناس، فإن في الجن أيضًا كذلك، فمن أين لك أن الذي يناجيك أو يكتب لك جواب أسئلتك من قاع السلة، ليس شيطانًا مريدًا جاء ليلبس عليك دينك ويلهو بمخادعتك ويلتذ بالكذب عليك؟ أو لم تقرأ أن أكثر أسباب الحاقة في المنحرفين أو المجانين الذين ادعوا أنهم أنبياء أو عظماء إنما هو هواجس من هؤلاء الشياطين، إذ هتفوا في أعماق أفئدتهم أو على طبلة آذانهم أنهم أحباء الله وعظماؤه .. وأن الله قد أكرمهم بإسقاط تكاليفه عنهم، فربا الغرور في أوداجهم وثقلت رؤوسهم الفارغة بالخديعة وراحت تهتز منهم الأعطاف). اهـ.
* * *