الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 - الديانات الصينية
لا تزال في الصين ديانتان رئيسيتان هما الكونفوشيوسية والطاوية والكونفوشوسية نسبة إلى كونفوشيوس، والطاوية؛ نسبة إلى لوتس الذي أدركه كونفوشيوس في أخريات حياته ولا نستطيع الجزم بشيء حول الرجلين هل هما تابعان لرسالة سابقة أو لهما دور آخر، ولكن الثابت أن كثيراً مما روي عن كونفوشيوس يتفق مع معان إسلامية فهل كان ذلك أثراً عن دين سماوي استفاد منه كونفوشيوس أو كان هو له وضع ما؟ لا نستطيع الجزم بشيءٍ، والمعروف من سيرته تجواله لنشر دعوته والتزامه بالعبادة وتمسكه بالعدل والفضيلة
…
وقد دون تلاميذه آراءه ولا ندري هل السند متصل أو لا، أو كانت هذه كل آرائه، وهل كان النقل دقيقاً وقد ترجم أهم الكتب التي تدرون آراءه تحت اسم الحوار إلى اللغة العربية، ترجمه محمد مكين، والمعروف أن كونفوشيوس لخص كثيراً من الكتب السابقة عليه التي تمثل معارف الصين، ومما نسب إلى كونفوشيوس:
(انصرفت إلى طلب العلم، وأنا في الخامسة عشرة من سني، وفى الثلاثين التزمت جادة الفضيلة، وفي الأربعين لم يكن في نفسي أي ريب في حقائق الأشياء وعلمت القضاء والقدر وأنا في الخمسين، وأصغت أذني إلى كل الحق عارفاً فاهماً له وأنا في الستين، ولم أتجاوز حدود السلوك القويم وأنا في السبعين).
(السياسة هي الإصلاح فإن جعلت صلاح نفسك أسوة حسنة لرعيتك، فمن الذي يجترئ على الفساد)؟.
(إن أخلاق الرؤساء كالريح، وأخلاق المرءوسين كالعشب، وإلى أية جهة هبت الريح مال العشب).
(من يعلم الحق دون من يولع بطلبه؛ ومن يولع بطلبه دون من يطمئن إليه دائماً) فالمراتب عنده ثلاث:
(1)
معرفة للحق مجردة (2) وشوق إلى الحق ومحبة له (3) وعمل به وارتياح النفس إلى العمل به، مهما يكتنفها في العمل به من صعاب وشدائد ثم يقسم الناس بالنسبة للمعرفة
إلى أربع درجات: الدرجة الأولى درجة رجل وهبته السماء المعرفة، وأوتي الإلهام، وهي أعلى الدرجات، والثانية درجة رجل لم يؤت إلهاماً ولكن فيه ذكاء؛ فتعلم ووصل إلى أقصى ما يتعلمه من لم يؤت إلهاماً، والدرجة الثالثة درجة الرجل الذي لم يؤت ذكاء، بل فيه غباء، يطلب المعرفة، وينال منها بمقدار طاقته، والدرجة الدنيا وهي الدرك الأسفل. رجل حائر بائر في غباء وبلادة فلم يعرف ولم يحاول معرفة).
(الرجل الكامل الخلق يطلب الفضيلة؛ والرجل الناقص الخلق يطلب اللذة، والرجل الكامل الخلق يفكر في اجتناب الرذيلة وأداء الواجب، والرجل الناقص يفكر في كسب المنافع
…
والرجل الكامل الخلق واقف على البر، والرجل الناقص الخلق واقف على الربح).
(الرجل غير الفاضل لا يستطيع أن يبقى في الفاقة أو الثروة طويلاً، أما ذو الفضيلة فهو مستريح في فضيلته، حريص عليها).
(ذو الفضيلة يستبشر بالماء الجاري؛ وذو الفضيلة يستبشر بالجبل الراسي؛ وذو الفضيلة نشيط، ورزين، ومعمر. فالفضيلة عنده روضة فيها الراح والريحان، والسر والاطمئنان، أما ذو الرذيلة فهو في شقاء وبلبال مستمر؛ وينزل عليه غضب السماء جزاء ما قدمت يداه واقترفت نفسه؛ ولذا يقول: (يولد الإنسان مستقيماً فمن فقد الاستقامة واستمر حياً؛ فنجاته من الموت من حسن حظه).
(انظر إلى أعمال الناس، ولاحظ بواعثها، وراقب ما إليه يستريحون فأين يخفي الناس سرائرهم!! أين يخفي الناس سرائرهم!! ..).
ولقد قال أحد تلاميذه: (أراقب نفسي وأسألها كل يوم هل خانت عندما تولت شئون الناس؟ هل كذبت عندما عاملت؟ هل كانت غافلة عن العمل بما تلقته من العلوم؟).
(إذا عزم المتعلم على طلب الطريقة الموافقة للفطرة السليمة وهو يأبى الملبس الخَلِق، والمطعم الجشب فهو خليق بأن يُحاضرَ).
(
…
ثمرة الآداب حسن العشرة، وإنما تستحسن سنة السلف الصالح لاشتمالها على هذه
الصفة التي تراعى في جميع الشئون صغيرها وكبيرها، ولكن لو روعي حسن المعاشرة من غير أن يضبط بالفضيلة ما استقامت الأمور).
(الرجل الفاضل لا يتحيز، والرجل الفاضل لا يتعصب).
(واجب الولد البر بأبويه إذا كان داخل المنزل، والاحترام لذوي الأسنان إذا كان خارجه، والصدق في أقواله، والرحمة بالناس في كل أفعال، وأن يتقرب إلى الفضلاء وإذا كان لديه فراغ من الوقت زجاه في كتب الأخلاق).
(من الناس من نستطيع محادثته في العلم، ولا يمكن أن نحمله على السير معنا بمقتضى الفطرة، ومنهم من نستطيع أن نسير بهم على الفطرة من غير أن يكونوا ذوي قدم ثابتة فيها، منهم من يكون ذا خلق قويم شديد التمسك بالفطرة والكمال الإنساني، ولكن لا يمكننا مشاورته في تقدير الشئون).
(
…
يقول في وصف آراء أستاذه وأثرها في نفسه: (إذا رفعت إلى آراء الأستاذ النظر رأيتها أعلي مما كنت أعتقد، وهي ملء نفسي، وتحيط بي، وتستغرق كل حسي، والأستاذ يرشد الناس بالتدريج إرشاداً حسناً، وقد وسع بالعلوم مجال فكري. وضبط بالآداب سلوكي، حتى أني لو رغبت في ترك آرائه ما طاوعتني نفسي).
(أتظنون أني أخفي عليكم شيئاً، ما من أمر أعمله إلا فيه إرشادكم، وهذه هي طريقتي في التربية).
(لا يمكن أن أعاشر الطيور والوحوش، فلو لم أعاشر هذه الأمة، فمن الذي أعاشره؟ لو كانت البلاد تحت سيادة عادلة ما كنت في حاجة إلى محاولة لإعادة نظامها).
(إذا كان واجب كل شخص من آحاد الأمة أن يعتزل في كهف من الكهوف، فمن الذي يبقى في المدن يعمرها، وفى الأرض يفلحها ويزرعها، وفي الصنائع يمر فيها، ومن الذي ينسل ويعمل ليبقى الكون عامراً ببني الإنسان؟ وإذا كان الاعتزال مقصوراً على الحكماء والفضلاء فمن الذي يربي الإنسان ويؤدبه؟ أم يترك الناس حائرين لا هادي ولا مرشد).
(إن في الفصل بين المتخاصمين كغيري من الناس، ولكن السياسة الحكيمة أن تهذب الرعية، حتى لا تكون مخاصمة).
(إن الحاكم إذا شغف بالآداب الفاضلة لا يجترئ أحد من رعيته على إهانة غيره، وإذا شغف بالصدق لا يجترئ أحد على الكذب، ومن هذه حاله أقبل عليه الناس حاملين أولادهم على ظهورهم).
(إن كان سلوك الرئيس مستقيماً أطاعه المرءوسون من غير أن يأمرهم، وإن كان غير مستقيم لم يطيعوه ولو أمرهم
…
).
(الرعية إذا قدتها بالأحكام الصارمة والعقوبات الزاجرة فستحاول التخلص منها وهي غير مستحية من مخالفتها، وإذا قدتها بالفضائل وأصلحتها بالآداب تستحي من ارتكاب الجرائم وهي صالحة).
سأله أحد تلاميذه عن ضروريات السياسة فقال: "من ضروريات السياسة الأقوات الكافية وذخائر الحرب الواقية، وثقة الرعية".
فقال التلميذ: (لو اضطررنا إلى حذف واحد من هذه الثلاثة فبأيها نبتدئ بالحذف؟ قال: (احذفوا ذخائر الحرب) قال: (لو اضطررنا إلى حذف أحد هذين الأمرين فأيهما تحذف؟ وأيهما تبقى؟).
قال: (احذفوا الأقوات، فإن الموت حظ الإنسان منذ الغابر من الأزمان، ولكن السياسة لا تقوم إلا بثقة الرعية).
سأله أحد تلاميذه قائلاً: كيف يجعل الحاكم رعيته يجلونه ويثقون به مخلصين ويتواصون بالخير فيما بينهم؟.
فقال مجيباً: (إذا قابلهم بالسمت والوقار أجلوه. وإذا كان باراً بوالديه شفيقاً على قومه أخلصوا له، وإذا رفع الصالحين وأعان العاجزين تواصوا بالخير).
ولقد سأله أمير مقاطعته قائلاً: (كيف تكتسب طاعة الرعية؟) فأجابه بقوله: (إذا أعلي الصالحون وأبعد الطالحون أطاعت الرعية، وإذا أقصى الصالحون، وأدنى الطالحون
عصت الرعية
…
).
(
…
لو تداولت أيدي الصالحين شئون الدولة لمدن قرن واحد لتهذب الظالمون جميعاً، ولاستغنى الحاكم عن عقوبة الإعدام
…
).
(آمن بالحق، وأحب العلم، واتبع الفطرة، ولا تقم في مملكة سادتها الفوضى واطلب المنصب إذا كانت البلاد محكومة بسياسة حكيمة، واعتزل إذا كانت تحت سياسة غاشمة، فمن العار أن تفتقر وتبتعد، والبلاد تحت سياسة عادلة، ومن العار أن تغنى وتعتز والبلاد تحت سياسة غاشمة).
(لا يكن همك أن تتولى المنصب، بل ليكن همك ما يؤهلك لهذا المنصب، ولا تهتم بجهل الناس قدرك، بل اهتم بالفضل الذي تريد أن يعرفوك به).
(من يخدم الأمراء فليجعل العناية بأداء الواجب في المحل الأول، وأمر الراتب في المحل الثاني).
ذكر أحد تلاميذه أن وزيراً من الوزراء تولى رياسة الوزارة ثلاث مرات، فلم يظهر على وجهه أمارة الابتهاج في واحدة منها، واستقال ثلاث مرات، فلم يبد في واحدة منها على وجهه الاكتئاب بل كان يخبر الوزير الجديد بجميع ما حصل في شئون الدولة في عهده، فقال كونفوشيوس:(قد كان مخلصاً).
ناقشته تلاميذه في اعتزاله مناصب الدولة قال لهم: (لماذا يهمكم أن يفقد أستاذكم منصبه!! إن البلاد قد خلت من العدل والاستقامة من زمن بعيد، وستتخذ السماء أستاذكم ناقوساً
…
).
قال فيه أحد تلاميذه: (إن رتبة الأستاذ (كونفوشيوس) لا يمكن أن يصل إليها أحدكما، إن السماء لا يمكن أن يصعد إليها أحد: لو كان للأستاذ حظ من الإمارة أو الرياسة لصدق عليه قول القائل: إن أقام الرعية قاموا سراعا وإن هداهم سارعوا وإن أراحهم آووا منه إلى ظل وارف وإن عاش عاش جليلاً وإن مات لقيت بموته النفوس حسرات فكيف يمكن أن يصل إلى رتبته غيره!!) ا. هـ. (مقارنات الأديان لأبي زهرة).